رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

العالم

"مكمانوس": الغارة الأمريكية على سوريا تقليدية للغاية من رئيس غير تقليدي

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

رأى الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس، أن أكثر ما ميّز قرار الرئيس ترامب الخاص بإطلاق صواريخ على سوريا تمّثل في: الطريقة التقليدية التي صبغ بها ترامب قراره.

وأوضح مكمانوس -في مقاله بصحيفة (لوس أنجلوس تايمز)- أن الرئيس ترامب "غير التقليدي" استعار قائمة من التبريرات المستهلكة من قبل أسلافه في معرض طرْحه أسباب هذا الفعل العسكري عندما أشار إلى قرارات الأمم المتحدة والمعايير الدولية والتعاطف مع المدنيين وحتى في الاقتراح بأن "أمريكا تساند العدل".

وقال مكمانوس إن الأمر بدا كما لو كان دونالد ترامب الذي خاض السباق الانتخابي بوصفه أول "انعزاليّ" يقول (أمريكا أولاً) قد تحوّل فجأة أمام خيارات الحياة الحقيقية إلى "مؤمن بالتضامن الدولي".

ونقل الكاتب عن جيمس جيفري، مستشار جورج بوش الابن، أن "هذا البيان يشبه تماما تصريحات جون كيندي أو جورج بوش (الأب أو الابن كليهما) أو معظم الرؤساء بعد الحرب العالمية الثانية".. أما الكاتبة المحافظة "آن كولتر" فقد رجحت انزعاج أنصار ترامب؛ ذلك أن الذين أرادوا تدّخلا أمريكيا في الشرق الأوسط قد صوتوا لصالح مرشح آخر (هيلاري كلينتون).

وأكد مكمانوس أن أفعال ترامب كانت في كل أجزائها تقليدية تماما ككلماته (في هذا الصدد)؛ لقد جاء الهجوم "المحدود للغاية" متماشيا تماما مع الطريقة الأمريكية التقليدية: ضربة تأديبية، تستهدف استعادة "الخط الأحمر" ضد الأسلحة الكيماوية والذي كان الرئيس السابق أوباما قد رسمه في 2010 لكن لم يتم الالتزام به مطلقا.

واعتبر الكاتب تلك الخطوة بمثابة إشارة إلى أن ترامب لا يشاطر أوباما مخاوفه من أن أي استخدام للقوة هو خطوة صوب هاوية أو مستنقع؛ كما أنها فكرة جيدة إذا هي نجحت في إقناع الرئيس السوري بشار الأسد بالتوقف عن استخدام الأسلحة الكيماوية.

ونبه مكمانوس إلى أن الضربة الأمريكية كمثيلاتها من هذا النوع تحمل في طياتها معضلة: "ماذا لو لم يمتثل الأسد؟ وإذا ما استخدمت سوريا أسلحة كيماوية مرة أخرى، فهل تُقْدم الولايات المتحدة على هجوم آخر، أم ستصعّد - أم أنها ستتراجع؟"

ولتحسين فرصة نجاح الخطوة الأمريكية، فقد أكد مساعدو ترامب على محدودية الهدف منها: "فقط ردْع المزيد من استخدام أسلحة محظورة" وليس الإجهاز التام على نظام الأسد.

وتساءل الكاتب "علامَ يرتكز ترامب؟ لقد أمر الرئيس بتحول كبير في السياسة الأمريكية، وعزا ذلك جزئيا إلى مشاهدته صُوَرا تفطر القلب للضحايا على شاشة التلفزيون، قائلا "سأخبركم، لقد هذا الهجوم على الأطفال بالأمس في نفسي أثرا كبيرا... لقد كان أمرًا مروعا، وقد كنت أشاهده".

وعلق مكمانوس قائلا إن "الرئيس ترامب على الرغم من فزعه الظاهر إلا أنه لا يزال رغم ذلك لا يملك سياسة واضحة بشأن مستقبل البلاد (سوريا)، وكان أحد كبار مستشاري ترامب قد صرح الأسبوع الماضي بأن الولايات المتحدة لم تعد مهتمة بما إذا كان الأسد سيظل في السلطة أم لا؛ فيما قال مستشارٌ آخر إن رحيل الأسد لا يزال هدفا أساسيا".

ورأى صاحب المقال أن ثمة تساؤلا آخر يطرح نفسه حول اهتمام ترامب "الحديث" بشأن قرارات الأمم المتحدة؟ وعمّا إذا كان ذلك يعكس تغيرا حقيقيا لسياسيّ قضى سنوات لا يعبأ بالمؤسسات الدولية أو يُقيم لها وزنا؟ أم أن تلك كانت مجرد استراتيجية في الحديث استخدمها للترويج لنفسه؟

وقال مكمانوس إنه "لو كان ثمة رسالة شاملة هنا لجهات عدائية أخرى مُحتمَلة، بدءًا من إيران وروسيا مرورًا بكوريا الشمالية والصين، فإن تلك الرسالة ليست تامة الوضوح.. وهل ستنصب تلك الرسالة باستعدادية ترامب لاستخدام القوة أكثر أم بالقيود الحذرة التي يضعها؟

ورأى الكاتب أن ما يحتاجه الرئيس ترامب الآن هو أن يتبع تلك الغارة التقليدية ببعض الدبلوماسية التقليدية؛ إنه بحاجة إلى إرسال مسئولين متمرسين حول العالم لكي يشرحوا للدول الأخرى ماذا يعني بتلك الغارة.

لكن إدارة ترامب لم تفعل الكثير من ذلك، بحسب الكاتب، إمّا لأنها ليست متأكدة بشأن أهدافها، أو لأنها لم تستوفِ حتى الآن عشرات الوظائف الدبلوماسية المهمة، أو للسببين معا.. وريثما تفعل الإدارة ذلك، فإن ترامب يعاني مشكلة: إنه ربما يظن أن الغموض والتقلب المزاجي هما من الفضائل، لكن أمثال تلك الصفات تُغري قادة آخرين، مثل بشار الأسد، بالعكوف على اختبار صاحب تلك الصفات حتى يقفوا على ماهية حدوده الحقيقية.