الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الحقيقة في نفق مظلم.. 13 لجنة تقصي حقائق والنتيجة "صفر".. فساد القمح وتعذيب الأطفال وتسمم التلاميذ أشهر اللجان.. عبدالفتاح: ليست مستقلة.. ومراقبون: بلا معايير.. وساسة: أدواتها ضعيفة في كشف الفساد

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
ويبقى السؤال، أين الحقائق في تقارير لجان تقصي الحقائق؟ لجان عديدة لتقصي الحقائق خرجت خلال أشهر معدودة والنتيجة "صفر"، فساد القمح وتعذيب الأطفال في دور الأيتام، وحرق دور العبادة، وأحداث النوبة، وتسريب الامتحانات كان أشهر اللجان، خبراء وصفوها بـ"لجان الشو"، وأكدوا أنها ينقصها الاستقلال في العمل، ومراقبون رأوا أنها بلا معايير، وساسة قالوا: أدواتها ضعيفة في كشف الفساد.
قطعا ملفات مهمة كثيرة طرحها أعضاء مجلس النواب، وتقدموا بطلبات لتشكيل لجان تقصى حقائق بها لكنها لم تأت بنتيجة تُذكر باستثناء لجنة تقصى حقائق القمح، والتي كشفت عن إهدار ما يقارب المليار و800 مليون جنيه، أما بقية اللجان منها ما بدأ ولم يكتمل، ومنها ما لم يوافق عليها رئيس المجلس، ولا حتى يرفضها، ومازالت معلقة منذ تقديمها إلى اليوم وسط غموض تحت القبة وصمت في صفوف النواب.
أكثر من 13 لجنة تقصى حقائق تم تشكيلها، أبرزها لجنة تقصى الحقائق حول فساد توريدات القمح فى الصوامع والشون فى الشون، والتى خرجت بنتائج إدانة بشكل كامل للدكتور خالد حنفي وزير التموين الأسبق، والذى تمت إقالته دون محاسبة، وجاء بتقرير اللجنة الذى كشفه النائب مجدى ملاك رئيس اللجنة، أن الفساد بلغ مليارا و800 مليون جنيه.

كما طالبت لجنة الإسكان رئيس مجلس النواب بتشكيل لجنة تقصى حقائق حول فساد المجتمعات العمرانية لكشف الفساد المهدر بالأراضي والعقارات، وقد زارت اللجنة عددا من المناطق فى مصر منها الساحل الشمالي ومارينا، وأعدت تقريرا كشف عن إهدار ما يقارب 20 مليار جنيه فى أراضى، وسلمت التقرير للأمانة العامة للمجلس ولكن لا جديد، ومازال مصير هذه اللجنة مجهولا، ولا نعرف أي قرارات تم اتخاذها حيال هذا الفساد.
كما وافق رئيس البرلمان عن تشكيل لجنة تقصى حقائق عن نقص الدواء ترأستها لجنة الصحة بالمجلس ثم تم تجميد قرار تلك اللجنة، ولم يكشف النواب عن الأسباب وراء ذلك، ولم يقوموا بالكشف عن شيء، ولا إصدار تقرير عن الأزمة التي لا تزال مشتعلة إما بغلاء أسعار الدواء أو اختفائها.
فيما أعلن عدد من نواب البرلمان امتلاكهم مستندات تدين قطاعات بوزارة الزراعة ومركز البحوث بالفساد، وتقدموا بطلب لرئيس البرلمان لتشكيل لجنة تقصى حقائق لكشف هذا الفساد، ولكن لم يبت رئيس المجلس فى تشكيل تلك اللجنة رغم تأكيد النائب مجدى ملاك على تدهور كبير فى الزراعة المصرية فى كافة القطاعات.
وتقدم عدد من النواب بطلب لرئيس مجلس النواب مطالبين بالموافقة على تشكيل لجنة تقصى حقائق حول وجود فساد فى أموال التأمينات والمعاشات لمعرفة مصير تلك الأموال، وأين ذهبت؟ ولم نر أى تقرير أصدرته اللجنة للإعلان عن أى نتائج تُذكر.

وبعد حادثة تسريب امتحانات الثانوية العامة العام الماضى، قدم عدد من نواب لجنة التعليم والبحث العلمى البرلمان طلبًا لتشكيل لجنة تقصى حقائق، ولم تعلن تلك اللجنة عن أي جديد توصلت إليه فى كشفها لفساد ولم تقم بإصدار تقرير يكشف وقائع فساد.
وتقدم وكيل اللجنة الاقتصادية بالبرلمان بطلب للدكتور على عبدالعال يطالبه بتشكيل لجنة تقصى حقائق بشأن الدعم العيني، ومنظومة الدعم بشكل عام للتحقق من وصول الدعم لمستحقيه، ووصول السلع بدون تلاعب بنظام الصرف سواء فى السلع التموينية أو الخبز ومن شهر يناير حتى اليوم لم تبت هيئة المكتب بالبرلمان عن النتائج أو إعطاء الضوء للجنة حتى تبدأ.
كما طالب وكيل لجنة النقل والمواصلات محمد عبدالله، بتشكيل لجنة تقصى حقائق حول أسباب خسائر وزارة النقل سنويا وكيفية حل هذه الأزمة، مؤكدا بلوغ خسائر المترو إلى 200 مليون جنيه سنويا والديون المتراكمة عليه بلغت 500 مليون، بينما خسائر هيئة السكة الحديد بلغت 43 مليونًا.

بينما النائبة هبة هجرس، عضو لجنة التضامن، تقدمت بطلب لتشكيل لجنة تقصى حقائق حول الانتهاكات التى يتعرض لها الأطفال والأيتام بدور رعاية الأيتام، بعد زيادة الاعتداءات التى تعرض لها الأطفال فى الآونة الأخيرة بهذه الدور، ولم يبت رئيس البرلمان في بدء عمل اللجنة حتى اليوم.
وتقدم نائب بطلب إلى رئيس المجلس بتشكيل لجنة تقصى حقائق حول تلوث مياه نهر النيل بمياه الصرف الصحي غير المعالج من القرى الواقعة على النهر، إضافة إلى مياه الصرف الصناعي غير المعالج، ولم يبت رئيس المجلس فى الطلب ومازالت عملها معلق لحين موافقة رئيس المجلس للبدء بعملها.
فى حين تقدم برلماني بلجنة الزراعة بطلب لتشكيل لجنة تقصى حقائق بشأن الثروة السمكية والفساد الموجود بالهيئة، ما أدى لارتفاع أسعار الأسماك بالأسواق متهما الهيئة بأنها لا تملك خطة تسير بها وتعانى من التخبط وعدم الوضوح، ولم يبت رئيس المجلس للبدء بأعمال اللجنة، ولجان أخرى كثيرة لكن يظل السؤال، ماذا عن القانون الذى يحكم عمل هذه اللجان المهمة ؟ 
وتكشف المادة 240 والمادة 241 من اللائحة الداخلية للبرلمان أن اللجنة تشكل من المجلس كتكليف أو بطلب تقدمه للجنة العامة أو لرئيس المجلس من 20 عضوًا على الأقل، وتكون فى موضوع عام أو فحص نشاط إحدى الجهات الإدارية أو العامة، وعلى جميع الجهات أن تستجيب لطلبها، وأن تقدم لها الوثائق والمستندات التي تطلبها ثم تقدم تقريرًا فى نهاية عملها لرئيس المجلس به العقبات والأسباب التي تسببت فى تأخيرها والتي واجهتها كما يتحمل المجلس كافة النفقات الخاصة بالزيارات الميدانية للجنة.

ويؤكد المستشار أحمد خزيم، أن لجان تقصى الحقائق رغم أنها من ضمن أدوات البرلمان إلا أنها اختراع لهروب البرلمان من استجواب الحكومة، وتابع: "بعض النواب هربوا من تقديم الاستجوابات لأنه يتطلب معلومات وبيانات واضحة وقدرة وقوة وكفاءة وجدارة فى حالة الرقابة الحقيقية ولجئوا إلى ما يسمى بلجان تقصى الحقائق على اعتبار أنها تطول وقتها"، متسائلا إلى أين وصلت لجنة تقصى حقائق القمح؟ ويرد: "لا شيء".
أضاف خزيم، أن أهم أداة من أدوات البرلماني السياسى هى الاستجواب فكان الأولى من النواب بدلا من اللجوء إلى تشكيل لجان تقصى حقائق يطول أمرها لإثارة الاستجوابات، موضحا أنه لم يتقدم نائب فى المجلس خلال دور الانعقاد الأول والثانى باستجواب واحد لأى وزير لكنهم لجئوا إلى أداة لجنة تقصى الحقائق التى تنتهى بلا شيء فى النهاية وعدم وجود ما يثبت الاتهام الذى من أجله شكلت هذه اللجان.

وأوضح الدكتور مجدى عبدالفتاح، مدير مركز البيت العربي للدراسات والبحوث، أنه من المفترض أن مجلس النواب يعبر عن مصالح الشعب وناخبيه ولجان تقصى الحقائق هى لجان مستقلة هدفها الوصول إلى كل حقيقة مرتبطة بموضوع ما به فساد للوصول إلى الحقيقة كاملة، مضيفا أن لجان تقصى الحقائق التى يقوم بها النواب تبدأ عملها وليس عندها أحكام مسبقة عن الموضوع الذى يتناولونه لأنه من المفترض أنه عند الدخول فى هذه اللجنة يبدأ النائب بالبحث فى القضية وفى كل جوانبها بعيدا عن ميوله ورغباته.
أضاف عبدالفتاح، أن أغلب النواب يدافعون عن الحكومة بشكل كبير، وبالتالي ليس لديهم استعداد ليبدءوا عملهم ككيان مستقل يعبر عن المواطنين، وتابع: "النائب أو بعضهم اعتبروا نفسهم كيان ممثلين للحكومة وبالتالي كل القضايا لا يأتى فيها الجديد فى كل لجنة يتم تشكيلها"، موضحا أن السلطة التنفيذية بالتأكيد تمنع المعلومات عن لجان تقصى الحقائق، مضيفا أنه من المفترض أن تعلن كل لجنة تم تشكيلها عن تقرير بالنتائج التى توصلت اليها وأيضا تعلن عن العراقيل التى قابلتها ودعم الحكومة وتعاونها معها، لكن لم يحدث هذا أو ذاك، والنتيجة لدينا فساد قوى فى الزراعة ومشكلة تسمم الطلاب مستمرة، ومافيا الدواء بدون قيود أو حصار، والأسعار غول ينهش المواطن.