الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

الهجوم الأمريكي على سوريا.. 3 رسائل من ترامب لـ"روسيا وإيران والأسد".. على بشار الخروج من عباءة حليفه الاستراتيجي.. وقف دعم إيران للحوثيين في اليمن.. موسكو لن تغير موقفها بعد الضربة ولن تقدم تنازلات

الهجوم الأمريكي على
الهجوم الأمريكي على سوريا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للوهلة الأولى يتصور المتابع للضربة الأمريكية على مطار الشعيرات العسكري في حمص السورية، فجر أمس، أنها تأتي في إطار الرد على اتهام الجيش السوري بمهاجمة بلدة خان شيخون بالسلاح الكيميائي في محافظة إدلب، والتي أدت لوقوع 80 قتيلا وإصابة حوالي 500 آخرين، أو أن الضربة قد تمثل بداية سيناريو لإنهاء الأزمة السورية، عسكريا، وتؤدي في النهاية لإسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
المتمعن في مسببات الضربة وتوقيتها وتداعياتها يكشف أن لها أهدافا استراتيجية أخرى، فهى تحمل في طياتها أكثر من رسالة لقوى دولية وإقليمية متدخلة في الأزمة السورية، على رأس هذه القوى: روسيا، وإيران.
فمن خلال الضربة أرادت إدارة "ترامب" أن تقول للجميع: نحن هنا، وأنها ستعود بقوة للمشهد السوري لتقلب معادلة الحل التي انفردت بها روسيا وشكلت محورا جديدا موازيًا لمفاوضات جنيف التي تتم برعاية منظمة الأمم المتحدة، من خلال مفاوضات أستانة التي اضطلع فيها الدب الروسي بالدور الأبرز بالتحالف مع كل من تركيا وإيران للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين قوات الجيش السوري والمعارضة المسلحة، وإن كانت روسيا حجمت إيران في هذا الاتفاق وصار برعاية أساسية بين روسيا وتركيا.
واستغلت روسيا تراجع الدور الأمريكي في أواخر عهد الرئيس السابق أوباما وانفردت بإمساك تلابيب الأمور للأزمة السورية مما جعلها محط أنظار العالم وأصبحت تناطح أمريكا كقوة عالمية أولى تتوجه البوصلة من بيتها في واشنطن.
الضربة رسالة واضحة للرئيس بشار الأسد بأنه آن الأوان أن يخرج من عباءة حليفه الاستراتيجي (روسيا) وأن حماية روسيا له وهم زائل، وأن حق الفيتو الذي تملكه روسيا في مجلس الأمن الدولي لن ينفعه ولن يكون حائط صد يمنع من توجيه أي عمل عسكري تريد أمريكا القيام به.
على صعيد آخر مثلت الضربة إنذارا مهما لإيران بأن تتوقف عن تمدد نفوذها في المنطقة وفي المقدمة العراق التي من المرشح أن تكون مسرح المواجهة بين أمريكا وإيران في الفترة المقبلة.
كما تضمنت الرسالة وقف الدعم الإيراني لجماعة المتمردين الحوثيين في اليمن، وهنا يجب الإشارة أن الضربة الأمريكية لسوريا نبهت "الحوثيين" من إمكانية تداعياتها على المشهد اليمني؛ فقد شهدت العاصمة اليمنية، صنعاء، الواقعة تحت سيطرة المتمردين الحوثيين المتحالفين مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح، حراكا سياسيا، وصفه "مراقبون" بـ"غير اعتيادي".
وطبقا للمعلومات الواردة من صنعاء، فإن قيادات الصف الأول من جماعة أنصار الله الحوثية عقدت اجتماعا عاجلا برئاسة محمد علي الحوثي رئيس "اللجنة الثورية العليا"، لتدارس تداعيات الضربة في سوريا على الوضع في اليمن، إلا أنه لم يُعرف ما دار في الاجتماع الذي قيل أنه أحيط بقدر كبير من السرية.
تجدر الإشارة إلى أن الضربة الأمريكية في سوريا تزامنت مع تسارع الاستعدادات لشن حملة عسكرية مدعومة من التحالف العربي لاستكمال تحرير الشريط الساحلي الغربي لليمن من سيطرة الحوثيين وقوات عبدالله صالح، بما في ذلك أهم موقع بذلك الشريط، محافظة الحديدة بمينائها الاستراتيجي الذي أصبح يمثل آخر شريان لإمداد المتمردين بالسلاح والمساعدات الإيرانية المهربة عبر البحر.
وهنا، ستفهم إيران أن إدارة ترامب لا تمتلك الكثير من سعة الصدر لتصبر على أسلوبها المتحدي والذي يبالغ في اختبار صبر واشنطن مثلما جرى مع السفن الأميركية في مضيق هرمز، وسعى الحوثيون إلى استنساخه في باب المندب.
من جانبه أكد ليونيد سوكيانين، أستاذ العلاقات الدولية في المدرسة العليا للاقتصاد والسياسة بموسكو، أن روسيا لن تغير موقفها من دعم الأسد بعد الضربة الأمريكية، ولكنها ستكون حريصة على الضغط على "الأسد" للتعاون بشكل حقيقي في المفاوضات لبدء مرحلة انتقالية حقيقية تركز على الحفاظ على مؤسسات الدولة مع إمكانية حدوث تغييرات في شخصيات النظام في إطار تفاهم سوري ودولي.
وأضاف "سوكيانين": عقدة بقاء أو رحيل الأسد ستبقى قائمة حتى تحدث تفاهمات دولية لصيغة سوريا ما بعد الأسد، وهل ستكون خلال المرحلة الانتقالية أم من خلال الانتخابات، فموسكو حريصة على السماح للأسد بأن يرشح نفسه للانتخابات، ولكن هذه النقطة متروكة للتفاوض السوري – السوري والتفاهمات الدولية.
وأوضح أن الضربة لن تجبر موسكو على تقديم تنازلات، ولكنها لن تقدم غطاء بلا حدود للأسد، فروسيا تقول دائما ليتفاهم السوريون على من يحكمهم.