الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الإنسان قضية.. 5 كتب حفرت صورة "كنفاني" على حائط المقاومة

الأديب الفلسطيني
الأديب الفلسطيني غسان كنفاني
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
غسان كنفاني أحد المؤمنين بنضال الشعب الفلسطيني وحقه في الأرض، فقد ركز في أدبه على معاناة هذا الشعب فكانت معظم قصصه عبارة عن قصص مستوحاة من الواقع، لذلك اعتبر أن العمل الصحفي هو طريق من طرق الكفاح لاسترجاع الحق، واعتبره سلاحا للدفاع عن الحقوق فكان أول من كتب عن شعراء المقاومة وعن أشعارهم، ولو نظرنا للتاريخ لوجدنا أن غسان كنفاني هو الأب الوحيد للدراسة الوحيدة الجادة عن الأدب الصهيوني التي سماها "حالة اللاحرب واللاسلم"، تغوص "البوابة" في بحر كنفاني الإبداعي بمناسبة ذكرى ميلاده الــ81.

في الأدب الصهيوني 
في كتابه "في الأدب الصهيوني"، يدرس غسان كنفاني الأدب الصهيوني الذي كُتب ليخدم حركة استعمار اليهود لفلسطين، سواء كتبه يهود أم كتّاب يعطفون، لسبب أو لآخر، على الصهيونية ويخدمونها.. وهو يشمل الأدب الذي كتب بلغات غير عبرية، ومن قبل كتّاب غير يهود طالما أنه ينضوي تحت راية الصهيونية السياسية ويخدم مخططاتها. تتبع كنفاني مسيرة الأدب الصهيوني طوال فترة واسعة من الزمن تسبق ظهور الدعوة الصهيونية المعاصرة، قسم غسان الفصل إلي عدة فصول فاهتم في الفصول الأولي بإشكالية اللغة ووولادة الصهيونية الأدبية ثم بعد ذلك يندرج إلي الروايات مثل رواية "أرض قديمة جديدة"، "اكسودس" و"لصوص في الليل"، ويكتب كنفاني في بداية كتابة أن الأدب هو محرك نحو التغيير الاجتماعي خاصة في بريطانيا.

الشيء الآخر.. من قتل سلمى الحايك
أما عمله "الشيء الآخر أو من قتل سلمي الحايك"، يبدأ روايته بكلمات علي لسان شخصية المحامي صالح، قائلا: "أنا لم أقتل ليلي الحايك، أولها لكِ أنتِ يا ديما الحبيبة الرائعة.. وأقولها لكم جميعا أيضا للمرة الأخيرة"،تمحور الرواية حول جريمة قتل ليلى الحايك، التي يتّهم فيها المحامي صالح، زوج ديما، صديقة ليلى. وبدل أن يدافع صالح عن نفسه يقرّر التزام الصمت، ليقاد إلى حبل المشنقة، ينبع قرار صالح بقبول الموت من سببٍ رئيسي، هو تفضيله لأن يخسر خسارةً واحدةً ونهائية، على أن يدافع عن نفسه، ويكشف بالتالي عن علاقته بليلى الحايك. إذ سيقود ذلك إلى سلسلة من الخسارات اللامتناهية، بدايةً من سمعته، وصولًا إلى الأهم وهو خسارة زوجته ديما؛ يبقى صالح مصرًّا على خياره هذا، لكنّه يجد في الرسالة التي سيسلمها محاميه لزوجته بعد شنقه، ضرورةً للاعتراف لديما بعلاقته بليلى، المسبّب الرئيسي لكلّ ما جرى؛ ونُشِرت هذه الرواية على حلقات في مجلة "الحوادث" قبل نكسة حزيران بفترةٍ قصيرة، ولم تنشر في كتابٍ مستقل إلا في العام 1980، بعد ثماني سنوات على استشهاد كنفاني.

القميص المسروق
وبالذهاب إلى أدبه القصصي نتوقف أمام قصة "القميص المسروق"، يضم هذا الكتاب ثماني قصص قصيرة كتبها غسان كنفاني على مدى سنوات متباعدة، وفي أماكن ومراحل مختلفة، وجمعت بعد استشهاده. أما "القميص المسروق"، فكانت من أوائل ما كتب في الخمسينات، وقد نشرت أول مرة في الكويت عام 1958، حين حازت على الجائزة الأولى في مسابقة أدبية، حيث تبرز هذه القصة صورة اللاجئ الفلسطيني بعد عام 1948 حيث يصبح اللاجئ عالة علي الأمم المتحدة يأكل من الطحين الذي توزعه عليه وكالة غوث اللاجئين. واللاجئ يقيم في الخيام، فيعاني من برد قارس، وهو إنسان له مشاعر وأحاسيس، عليه واجبات لا يستطيع أن يلبيها، فيشعر بالعجز، وقد يدفعه هذا إلى السرقة ويحوله إلى لص، ما يثير الدهشة حقا أن كنفاني حين كتب "القميص المسروق" لم يكن يتجاوز الثانية والعشرين من العمر، وتبدو لغتها عربية فصيحة.

عائدًا إلى حيفا
ولاهتمام غسان كما ذكرت سابقا بالأرض الفلسطينية وأحقيتها كتب روايته "عائدا إلى حيفا" كنوع من أنواع أدب المقاومة والتي تتحدث عن مأساة سعيد وزوجته، هذه العائلة التي اضطرّت إلى النزوح مع آلاف الأسر عن مدينة حيفا بعد غزوها من قبل الصهاينة، وتبدو مأساة النزوح عن المدينة بسيطة أمام مأساة هذه العائلة التي لم تتمكن من إحضار ابنها من المنزل وهو في الشهر الخامس من عمره، تُرك وحيدًا في المنزل، وقد قُدّم هدية ثمينة مع المنزل إلى إحدى الأسر اليهودية عندما فُتح باب العودة إلى المدينة بعد مرور عشرين عام، قرّر سعيد وزوجته العودة إلى حيفا، وعند ما عادوا إلى هناك، وجدوا أنّ منزلهم أصبح بيتًا إلى عائلة يهودية، وابنهم "خلدون" أصبح إبنًا لتلك العائلة اليهودية، وتربّى على أيديهم، وتشرّب عقائدهم إلى حد الثمالة، إلى حد رفض معه الإعتراف بأصله العربي، وتنكّر إلى جذوره مُعلنًا أنّه يقف في الجانب الآخر من المواجهة، وترك هذا الأمر صدى قويًا في نفس سعيد الذي كان يعارض انخراط ابنه الشاب الذي تركه في "رام الله" في المقاومة ضد المحتلّين، أمّا الآن فقد أصبح هذا الأمر أمنية عزيزة وبعيدة المنال،في هذه الرواية، يرسم غسان كنفاني الوعي الجديد الذي بدأ يتبلور بعد هزيمة 67، العائد إلى مدينته التي ترك فيها طفله يكتشف أنّ الإنسان هو قضية، وأنّ فلسطين ليست استعادة للذكريات، بل هي صناعة للمستقبل"مأساة سعيد ومأساة الوطن الغائب تنكشف هنا كلحظة ارتطام بالحقيقة، "فعائد إلى حيفا"، هي بحث عن الحقيقة وقد شكلته درامية الهزيمة.

عالم ليس لنا
كتبت جميع قصص مجموعة "عالم ليس لنا" بين عاني 1959 و1963، ما عدا القصة الأخيرة "الدوس" التي كتبت عام 1965، وقد نشر الكتاب للمرة الأولى في بيروت عام 1965، لذلك سوف نجد خطا متينًا يربط هذه المجموعة إلى مجموعتي كنفاني السابقتين "موت سرير رقم 12" و"أرض البرتقال الحزين"، حيث يأتلف صوتان أساسيان ليشكلا النسيج القصصي في المجموعة "الغربة عن الوطن، والغربة عن الكرامة" وكما كانت قصة "موت سرير رقم 12" مؤشرًا على محاولة كنفاني طرح أسئلة حول الموت وحول الظروف التفصيلية التي يعيشها الناس في الخليج، فإن قصة "العروس" تأتي لتطرح السؤال حول النضال الوطني الفلسطيني، وحول الرمز الذي سيتجسد في البندقية الفلسطينية حيث بطلان مهمشان في الواقع الأول يموت والثاني يصاب بالجنون. 
كان لكنفاني العديد من العطاءات الأدبية والتاريخية والثقافية والفنية، مما جعل اسم مسجلًا عبر التاريخ وفي ذاكرة الأجيال. فغسان كنفاني أثر في واقع المجتمع الفلسطيني في فكره، ونال إعجاب شعبه المقاوم، لذلك كانت نهايته استشهاده، أما اعماله فهي خالدة إلى الآن.