الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة البرلمان

البرلمان يتنحى عن مواجهة الملفات الشائكة.. قوانين "الرؤية" و"الإيجار القديم" و"العدالة الانتقالية" تدخل "ثلاجة النواب".. ومحللون: الانشغال بالمشكلات الطارئة والفشل في إدارة الوقت سبب تأخيرها

البرلمان المصرى -صورة
البرلمان المصرى -صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
طالب الكثير من خبراء القانون بضرورة النظر في القوانين الحالية، لاسيما وأن الظروف الاجتماعية التي وضع في إطارها قد تبدلت من النقيض إلي النقيض، وبالتالي فإنها لم تعد تتلاءم مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي طرأت على المجتمع، خاصة أن أغلبها لم يتعرض له المشرع بالتعديل منذ عشرات الأعوام.


واجتهد بعض النواب في تقديم عدد من المقترحات، كمحاولة منهم لعلاج القصور التشريعي الحالي، خاصة تلك التي ارتبطت بمشكلات اجتماعية ملحة، وتم طرحها للنقاش داخل اللجان المعنية، إلا أن تلك المناقشات توقفت فجأة، لاسيما بعد تعرضها لحالة واسعة من الجدل، مصحوبة بضجة إعلامية، من جانب أصحاب المصلحة في الإبقاء علي الوضع الحالي، فتتوقف مناقشتها داخل لجان المجلس بحجة، أنها تحتاج إلي إعادة نظر أو مزيد من الدراسة، ويمر شهر تلو الآخر، دون إعادة طرحها، وكأن البرلمان يخشي التصدي للملفات الشائكة تجنبا للمشاكل.
قانون "الرؤية" لا يزال تائها بسبب خلافات "المطلقين"
وأهم تلك الملفات، قانون "الرؤية" الذي يأتي ضمن أحكام "قانون الأحوال الشخصية" الصادر منذ عام 1929، وفيما يعاني الاف الآباء ممن يحرمون من رؤية أبنائهم، حيث لا تجاوز فترة الرؤية المقررة في القانون الحالي، تسعين يومًا، طوال الخمسة عشر عامًا الأولى من عمر الطفل المحضون، حيث تقتصر فترة الاستضافة لغير الحاضن لثلاث ساعات فقط أسبوعيًا، بينما يتم تخيير الأطفال بعد وصولهم لسن الخمسة عشر عامًا بين الاستمرار في حضانة الأم أو انتقال الحضانة إلى الأب.
وفيما تقدمت النائبة سهير الحادي، عضو لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، بشأن بتعديل هذا القانون، مشروع آخر جديد، يقضي بحق الطرف غير الحاضن في استضافة الطفل من يوم إلى يومين كل أسبوع، وفترة أسبوع من إجازة نصف العام الدراسي، وشهر كامل من إجازة آخر العام الدراسي، ونصف فترة الإجازات خلال الأعياد، مع إضافة فقرة جديدة تعاقب غير الحاضن إذا امتنع عن تسليم الطفل لمن له الحق فى الحضانة بعد انتهاء مدة الاستضافة بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة.
تعرض القانون للعديد من الانتقادات، سواء من جانب المنظمات الحقوقية المهتمة بشؤون المرأة أو من خلال الأمهات المطلقات، وكذلك من العديد من المهتمين بشأن المجتمع المدني المصري.



“الإيجار القديم" القانون المثير للمشكلات:
ومع قرب الانتهاء من صياغته، اكتشف البرلمان فجأة أن تعديل “الإيجار القديم" يثير الارتباك في الشارع المصري، حيث يأتي مقترح تعديل قانون تنظيم العلاقة الايجارية القديم، المقدم من النائب معتز محمود، الرئيس السابق للجنة إسكان بالبرلمان في ذات سياق القوانين الشائكة.
فبينما استهدف القانون إيجاد حلول للمشكلات الناشئة عن استمرار قانون الايجار القديم، الذي تم وضعه في سبعينات القرن الماضي، وأهمها تدني القيم الايجارية للوحدات السكنية والتجارية المؤجرة وفقًا لأحكامه، والتي لا تتعدي بضع جنيهات، بينما تقدر مثيلاتها في ذات المنطقة أو الشارع نفسه، بما لا يقل عن 1000 جنيه، فضلا عن حالة "التوريث الإيجاري" لأقارب المستأجر من الدرجة الأولي، شرط ثبوت اقامتهم معه عند وفاته، الأمر الذي أضر بملايين الملاك، وورثتهم، بسبب استمرار هذا الموقف الإيجاري، والأحكام المنظمة له، دون تغيير لما يقرب من 50 عاما.
وشرعت لجنة الاسكان بمجلس النواب، قبل أشهر في مناقشة مقترح يقضي بتعديله، تحقيقا لمبدأ" أنه لا ضرر ولا ضرار". مستهدفة تحرير عقود الإيجار القديمة علي ثلاثة محاور أساسية، المحور الأول يقضي بتحرير العقود الموقعة بين المواطنين والدولة، وتنتقل ملكية العقارات أو المحال التجارية ملكية خالصة إلى المالك، والثانية تقضي بتحرير عقود المحال التجارية الموقعة مع المواطنين تحريرًا تامًا، مع منح المستأجر تعويض تحدده لجنة حكومية طبقًا لطبيعة المشروع والمنطقة، بما لا يتعدى 5% من إجمالي ثمن الوحدة.
أما المحور الثالث فتستهدف رفع القيمة الإيجاري للوحدات السكنية بما يوازى القيمة الفعلية في المنطقة، وإعادة رفع تلك القيمة بعد 10 سنوات بما يوازى 40% من القيمة المتعارف عليها في المنطقة.
وبينما كانت اللجنة علي وشك الانتهاء من مناقشة القانون، أعلنت ارجاء البت فيه، إلي أجل غير مسمي، حيث أكد النائب معتز محمود رئيس لجنة اسكان البرلمان، ومقدم المشروع أنه لن يناقش خلال دور الانعقاد الحالي، بسبب حالة الارتباك التي قد يسببها في الشارع المصري حال إقراره.، وذلك بعد الضجة التي أثارها "المستأجرين " وفق أحكام القانون القديم، حول مشروع القانون الجديد، والتهديد بالاحتجاج ضده.



"العدالة الانتقالية" قانون بشعار "اتفقنا على ألا نتفق"
أما القانون الثالث، فهو قانون "العدالة الانتقالية" فيمثل حالة فريدة، بين تلك القوانين، فقد ثارت الضجة حوله قبل وضعه، فمع بدأ الاعلان عن شروع الحكومة في وضع القانون، باعتباره أحد القوانين المكملة للدستور، الذي يلتزم البرلمان بإصدارها خلال دور الانعقاد الأول له، كان البرلمان هو المعارض الأول لإصداره.


وأكد المستشار مجدى العجاتى، وزير الشئون القانونية ومجلس النواب السابق، على أهمية القانون لما سيسهم به في تعزيز الوحدة الوطنية، وتصالح الشعب المصري مع نفسه، في كافة القضايا، وتعويض كل من أضير فى الأحداث التى وقعت فى مصر خلال فترة حكم النظامين السابق والاسبق، وأنه سيتضمن التصالح مع الجميع، ما عدا من تلوّثت أيديهم بالدماء.
واعترض الكثير من النواب علي فكرة التصالح مع "جماعة الإخوان" باعتبارها جماعة إرهابية، فأعلنت الحكومة تراجعها عن تقديم القانون، تاركة الامر للبرلمان، باعتبار أنه المكلف دستوريًا بإصداره.


وبالفعل تقدم النائب بهاء أبو شقة، رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، والنائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان،والنائب عاطف مخاليف، عضو مجلس النواب، إلي البرلمان بثلاثة مقترحات لقانون العدالة الانتقالية، وذلك في مطلع دور الانعقاد الحالي، حيث تم إحالتها جميعًا إلي لجنة مشتركة، مشكلة من لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، وحقوق الانسان، والخطة والموازنة بالبرلمان.


وأعلن النائب علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان، في اكتوبر الماضي، أن قانون العدالة الانتقالية سيصدر خلال شهرين، وفقًا لنموذج الزعيم الراحل نيلسون مانديلا، والذى تم تطبيقه بجنوب أفريقيا تحت شعار "نتسامح.. ولكن لا ننسى".
وأكد "أبو شقة" أن اللجنة لن تضع جدولا زمنيا محددا لإصدار القانون، لافتًا إلي أن هذا الامر سيتوقف الحوار المجتمعي الذي سيعقد حوله.




وقالت النائبة سهير الحادي، عضو لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، ومقدمة قانون الاستضافة، الذي تعددت الأسباب حول وقف مناقشته، بعد اعتراض الكثير من الجمعيات والمؤسسات النسائية عليه: إن البرلمان لا يتهرب من المسئولية بل يمارس دوره الحقيقي المنوط به، وأن مقترحات النواب ما زالت على أجندة اللجان المحالة اليها، في تنتظار ردود الجهات المعنية.
وفيما حاولت النائبة الدفاع عن المجلس، استشهدت بقوانين تم إرجاؤها، مثل قانون العلاقة الإيجارية، مؤكدة أن طرح بعض المشروعات الملحة والمكملة للدستور، التي تتطلب سرعة انجازها، كان سببا في ارجاء بعض المقترحات المقدمة من النواب، حتى يتم استكمال القوانين المكملة للدستور، والتي تعتبر من الحاجات الملحة.
وبالاشارة الي تراجع المجلس عن إصدار أهم القوانين المكملة للدستور، الذي ألزم المجلس باصدارها خلال دور الانعقاد الاول، وهو قانون "العدالة الانتقالية" الذي لم يتم طرحه للنقاش حتي الآن، نتيجة لحالة الجدل التي ثارت حوله بسبب فكرة المصالحة من النظام السابق، قالت "الحادي": إن ما تعرضت له مصر من أحداث الكنيسة البطرسية، فرض علي البرلمان سرعة مناقشة قانون الإجراءات الجنائية، لتحقيق العدالة الناجزة، لافتة إلى وجود قوانين متوقفة منذ الإعلان عن الشروع في تعديله، قبل أربعة اشهر، وهو قانون "الإجراءات الجنائية" انتظارًا لمشروع قانون الحكومة، الذي لم ينتهي بعد، ولم يعرف المجلس نفسه مصيره حتي الآن.
قالت "الحادي": لست منحازة لاحد، ولا أعرف أسباب توقف تلك القوانين، وجميعها حق أصيل للجنة الشئون الدستورية والتشريعية للمجلس، عازية السبب في تأجيل تلك القوانين إلي انشغال اللجان. بالموضوعات التي طرأت مؤخرا، مثل رفع الحصانة عن بعض البرلمانيين، او لضيق الوقت، فمن المعروف ان جدول المجلس، مقسم ما بين أسبوع للجلسات اخر للدوائر، ومن الأرجح أن هذا هو سبب االتاخير، لأن تلك الموضوعات تحتاج للانجاز، وبالتالي فإنها تحتاج الي عمل بومي.
وأضافت "الحادي: لا شك أننا لدينا أزمة في ادارة الوقت، وهذا الأمر ينسحب علي كل مؤسسات الدولة.
وتابعت: فعلي سبيل المثال فان المقترح الذي تقدمت به فيما بيتتعلق بقانون الاستضافة، ما زال في انتظار رد الازهر، لما يقرب من شهرين، وهو ما يؤكد أننا أمام أزمة حقيقية،تتعلق بادارة الوقت، لابد وأن نعترف بها ونواجهها. ولا نضع رؤوسنا في الرمال تجاهها.


وحول أسباب توقف مناقشة قانون "العدالة الانتقالية" قال النائب ايهاب الطماوي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية المنوطة بدراسة القانون، بالاشتراك مع لجنتي الخطة والموازنة وحقوق الإنسان بالبرلمان: من الوارد ان تقوم اللجنة باستكمال المناقشات حوله، بمجرد الانتهاء من الدراسات التي طلبها النواب.
وردا علي ما يدور حول تأجيله بسبب رفض فكرة المصالحة، قال "الطماوي" إن فلسفة القانون ترتبط بالفترات الانتقالية، المؤسسات الدستورية لمصر قد اكتملت منذ ما يقرب من عام، وبالتالي لا وجه الاستعجال، والأفضل هو التاني في دراسة القانون.
وردا علي ما اذا كانت اللجنة ستتجه الي تجاهل اصدار القانون بسبب لاكتمال مؤسسات الدولة، كما أشار النائب، قال: ان هناك نص دستوري لابد من الالتزام به، ولكن هناك فارق بين النصوص الدستورية التي تحدد جزاء علي مخالفة المواعيد الواردة بها، في التزام صارم، مثل المادة 156 من الدستور، التي ألزمت المجلس بمراجعة كافة القوانين والقرارات الصادرة في غيرته خلال مدة خمسة عشر يوما علي الاكثر من تاريخ انعقاده. والا تعتبر كان لم تكن.من تاريخ صدورها.
وأضاف اما النصوص الدستورية التي أشارت الي إصدار بعض القوانين في دور الانعقاد الاول، فإن مجلس النواب احتراما للدستور، قد بدأ في في بعض المناقشات حولها، لأنه لا توجد أي إشكالية دستورية لإصدار تلك القوانين في أدوار انعقاد لاحقة.
وأضاف ومن بين تلك القوانين قانون العدالة الانتقالية، وتسال مستنكرا، لو صدر هذا القانون الان، هل المحكمة الدستورية ستقضي بعدم دستورية لأنه لم يصدر في دور الانعقاد الاول.


من جانبه قال النائب عبد المنعم العليمي، شيخ المستقلين، عضو اللجنة الدستوربة والتشريعية بالبرلمان: إن تراجع المجلس عن استكمال مناقشة بعض القوانين، لا يعتبر انسحابا، لكن عندما يستشعر أن هناك اعتراضا من الرأي العام علي قوانين ما، يقوم بإرجاءها، حتي يستطلع الرأي الاصح حولها.
وأضاف، ولكن هذا لا يعني أن يظل الموضوع المطروح معلق لأشهر بحجة استطلاع الراي، فنهناك مدد محددة قانونا، ﻻنهاء الموضوعات المعروضة علي اللجان، ولابد من الاتزام بها، حتي نعكس جدية المجلس تجاه القضايا والموضوعات المطروحة أمامه، موضحا ان اللائحة الداخلية للمجلس تحدد مدة لا تزيد على 30 يوما لمناقشة أى مشروع قانون يُحال إلى اللجان المختصة، وعندما يرى رئيسها أن هناك أسبابًا تستدعي عدم المناقشة، فلا بد أن يكتب تقريرًا بذلك ويَعرضه على مجلس النواب.
وقال "العليمي": ان بعض النواب يكون في اعتقادهم ان المقترح الذي تقدموا به، سيحظى بموافقة 70% من الشعب المصري، بينما يفاجئوا بأن تلك النسبة لا تتعدى الـ20% فقط، وهو ما يفرض علينا ضرورة إيجاد طريقة لقياس اتجاه الراي العام نحو التشريعات المطروحة داخل المجلس.
وتابع: أن الحكومة لديها قدرات ووحدات متخصصة لقياس الرأي العام تجاه القرارات التي تصدرها، ولذلك فإنها تمتلك القدرة علي اتخاذ القرار السليم نحو التعامل معها، سواء بالتراجع عنه او الاستمرار فيه. ولذلك فلابد للمجلس وان يسعي للاستفادة من تلك القدرات.
ودعا "العليمي" الي تشكيل لجنة برلمانية حكومية مشتركة، لدراسة وبحث مقترحات القوانين المقدمة من التواب، والتي يجري دراستها داخل اللجان، لإدراجها بصفة رسمية علي قائمة التشريعات ذات الاولوية، حسب أهميتها، وتأثيرها علي الأوضاع العامة في الدولة، بالاعتماد على وحدات قياس الرأي العام، التي تمتلكها الحكومة.