الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

التحرش من زاوية أخرى

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
غير حقيقى ما يشاع أن مصر أعلى نسب تحرش فى العالم. فأعلى الدول حسب الإحصائيات الأخيرة فى نسب التحرش ومعدلات الاغتصاب هى جنوب إفريقيا، ومن الدول الأعلى فى نسب التحرش فى العالم دول تتمتع بقدر كبير من التقدم التكنولوجى والحالة الاقتصادية الممتازة مثل السويد، وهى تحتل المرتبة السادسة على مستوى العالم فى معدل جريمة الاغتصاب،الأمر الذى يدرأ معه نظرية الحالة الاقتصادية المتدهورة وانتشار الجهل، كما أن نظرية التشدد الدينى غير مقبولة، فأقل دول العالم حسب الإحصائيات فى وقوع جريمة الاغتصاب على الترتيب باكستان ثم السعودية ثم اليمن.
لكن المشكلة قد تكمن فى تعامل المجتمع مع القضية، وكذلك الدول نفسها. ففى بعض الدول مثل جمهورية التشيك تلجأ الدولة للإخصاء الجراحى أو الكيماوى، وفى مصر حسب قانون العقوبات، فالعقوبة أيضًا مغلظة فى حالات الاغتصاب فهى تصل إلى الإعدام.
نعم من أمن العقاب أساء الأدب، وبالتأكيد طول فترة التقاضى فى مثل تلك الجرائم وتأخر الحساب جعل البعض يظن أنه لن يأتى أبدًا، خلافًا للواقع، وفى هذه النقطة تحتاج الدولة لإعادة النظر فى فترة تناول مثل تلك القضايا بالمحاكم.
ويبقى تناول المجتمع للقضية انعكاسًا أيضًا للثقافة المجتمعية الحالية التى تقريبًا تحمّل المرأة كل المسئولية، مع أن الجريمة تبقى جريمة وأن الطرف المعتدى عليه قد يكون من الأطفال فى كثير من الأحيان أصلًا.
والغريب أن معظم من يحمل المسئولية للمرأة هم من النساء أنفسهن.وكأن المرأة فى المجتمع المصرى أصبحت تهوى جلد الذات من كثرة الأعباء التى تقع على عاتقها وارتضتها طواعية لم يأمرها الإسلام بها، فتجد السيدات يتفاخرن أمام بعضهن بحجم التضحيات التى يقدمنها لأزواجهن ولأولادهن، مين فينا قدمت تنازلات أكثر فهى امرأة أفضل، والحقيقة أن الوسطية هى الحل وأن تنازلك عزيزتى المرأة عن حقوقك وتحمل مسئوليات ليس من المنوط بك تحملها أصلًا لم يخلق إلا جيلًا ـ عفوًا ـ من الأنطاع، وأنه بالرغم من تضحياتك التى تتفاخرين بها، فإن نسبة الطلاق فى مصر سجلت أعلى المعدلات فقد وصلت لـ ٤٠٪. 
ومن الحقائق المغلوطة بمصر فى التربية أن المرأة هى التى تربى بحكم أنها أكثر مكوثًا فى المنزل مع أولادها. قد يكون هذا حقيقيًا فى الأسر التى يعمل عائلها فى الخارج أو يقيم فى عمل بعيدًا عن بلدته، ولا يأتى منزله إلا يومًا أو يومين، لكن ماعدا ذلك فالمرأة تستغرق فى الأعمال المنزلية ضعف ما يستغرقه العامل المصرى فى عمله العادى، وحسبما أشرنا سابقًا فوجود مسلمات فى انتشار جريمة معينة غير حقيقى ولا يتسق مع الواقع. فلكل مجتمع ثقافته وحين نتحدث عن جريمة أو عنف ضد المرأة، فهى انعكاس أيضًا لثقافة المجتمع الحالى، والتى أعتقد أن المرأة بالفعل جزء كبير منها ليس فى كونها ضحية المتحرش، ولكن لكونها شريكة فى جريمة الرضا عن تخلى الرجل المصرى زوجًا كان أو ابنًا عن مسئولياته، وبمقارنة بسيطة بين الماضى والحاضر فى فترة الحرب والنصر أيام الهزيمة والنصر وبالرغم من انكسار الدولة إلا أنه لم تسجل حالة قتل أو سرقة أو اغتصاب واحدة وبالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة أيضًا.
وذلك لأن الجميع كان متحملًا المسئولية وعنده قضيه يؤمن بها، زرعها فيه المجتمع والأسرة وأدوات الدولة من فن وسينما وصحافة وثقافة وغيرها.
الوضع فى مصر يختلف ويجب عليكِ عزيزتى المرأة أن تجعلى الرجل يقوم بمسئولياته من تربية وعمل بجانب الإنفاق الأمر الربانى من الأساس واجب عليه وليس فضلًا، والكف عن تقمص دور الضحية غير المبرر حتى يحاسب كل فرد نفسه، ويشارك فى المسئولية المجتمعية تجاه القضايا والجرائم المختلفة، وعن دور الإعلام وقوة الفن الناعمة فى تخطى المشكلات المجتمعية وخلقها أيضًا حديث له بقية.