السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

عقيدة التحرش.. حادث فتاة الزقازيق دق ناقوس خطر.. 20 ألف حالة اغتصاب سنويًّا و85% من ضحاياها أطفال و45% حالات عنف جنسي.. نفسيون: مرض.. وقانونيون: المتحرش لم يعد يخاف العقوبة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الخطر في الشارع قائم، فتح "بلاعة" الأمراض الاجتماعية، حادث التحرش بفتاة الزقازيق دق ناقوس خطر زاعق، الأرقام تقول إن 20 ألف حالة اغتصاب في مصر تقع سنويًّا، وإن 85% من ضحاياها أطفال وبراعم، وأن 45% منها حالات عنف جنسي،.. ماذا يحدث؟ نفسيون ردوا ما يحدث مرض، وقانونيون علقوا: "كارثة"، وتابعوا: "المتحرش لم يعد يخاف العقوبة، وإن تضاعفت أو وصلت إلى الإعدام، قائلين يبدو أن الأمر صار عقيدة من جانب المتحرشين تحت شعار: اتحرش النهاردة واعدمني بكرة".
في الزقازيق بمحافظة الشرقية، كانت المأساة ، رواتها الضحية ذكرت أنه أثناء عودتها من حفل زفاف شقيق صديقة لها ذهبت إلى إحدى الكافيهات بمنطقة القومية، شاهدها أحد الشباب قبل وصولها الكافيه، وتحرش بها لفظيا وشدها من يدها وانضم له مجموعة أخرى من الشباب لتدور حفل تحرش جماعي في عرض الشارع ليلا، كيف حدث ذلك وكيف صار الوضع؟، حدث في غيبة من الشهامة، وصار فضيحة على مواقع التواصل الاجتماعي.

الإحصائيات تقول إن مصر سجلت معدلات كبيرة من التحرش وفق دراسات سابقة، ففي تقرير للمركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية أكد أن هناك 20 ألف حالة تحرش واغتصاب تقع في مصر سنويا، و85% من ضحاياها هم من الأطفال، و45% منها حالات عنف جنسي واغتصاب كامل للطفل الضحية، مع إجباره على عدم إخبار أسرته بالحادث، فيما يتعرض 20% من الضحايا للقتل بطريقة بشعة.
لفت التقرير إلى أن انتشار التحرش في المجتمع يعد سببا من أسباب ثقافة المجتمع لدى الشباب، وتابع: "الأغرب توجد العديد من المنابر التي تساعد على ترسيخ وجود تلك الظاهرة، ولاسيما القوى الناعمة في المجتمع مثل الأفلام والعروض السينمائية والتي تعد في كثير من الأحيان "خارجة عن الأدب" وتتجاوز حدود المسئولية الاجتماعية.

وأكدت الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع إلى خطورة اتخاذ مهنة التمثيل كوسيلة للربح المادي فقط بصرف النظر عن المضمون المبتذل الذي يسهم ويساعد على ما يحدث بالشارع المصري من قبل هؤلاء الشباب وهو الأمر الذي يبرز بشكل خاص خلال المناسبات والأعياد.
ويقول الدكتور محمد عبدالفتاح، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر: إن ما يحدث بالشوارع والمناطق العامة من سلوك مغاير للمألوف من الاتجاه للتحرش بالفتيات من بعض الشباب غير السوي وخاصة في الأعياد العامة والمناسبات ناتج عن وجود فراغ ثقافي وفكري وقيمي لدى هؤلاء الشباب صغير السن.
وتابع عبدالفتاح، أن علاج ذلك يأتي على مستويين، الأول ويتمثل في إقرار القانون الذي يمنع وقوع تلك الأمور، ويزيد من إيصال فكرة لهؤلاء الشباب بوجود رقابة وقانون يطبق بالبلاد، أما المستوى الثاني فيشمل إصلاح التعليم ووجود معلمين أكفاء، يستطيعون تكوين نماذج سلوكية يتم الاقتداء بها لدى هؤلاء الشباب، إضافة إلى وجود نماذج أشخاص ذوي احترام تقود البلاد ويقتدي هؤلاء الشباب بها.

وأضاف الدكتور عادل عامر، الحقوقي وخبير القانون العام رئيس مركز المصريين للدراسات القانونية والسياسية، أنه رغم التطورات التي شهدناها بوضع مواد في دستور 2014 لمصلحة المرأة إلا أن المرأة المصرية لاتزال في حاجة إلى تفعيل القوانين ووجود إرادة جماعية لتحسين أوضاعها ولفت نظر الدولة إلى مسئوليتها الأولى تجاه قضايا مهمة وأساسية هي مكافحة العنف ضد النساء، وتطبيق القوانين التي تعاقب مرتكبيه.
ولفت عامر إلى أن هناك مشكلة بخصوص المادتين 267 و268، اللتين تستخدمان للفصل في جرائم أخرى تتعلق بالتحرش الجسدي وبالعنف الجنسي، وهى أنهما تفتقران إلى آلية إنفاذ جيدة، وكذلك الغموض والمحدودية في وصف الجرائم التي تختصان بالفصل فيها، فالمادة 268 تصف الجريمة على أنها هتك "عرض" أو"شرف" بدلا من وصفها على أنها اعتداء جنسي وجسدي واضح، والمادة 267 تحد اختصاصها فيما يتعلق بالاغتصاب المهبلي باستخدام القضيب.

وأشار عامر إلى إن انتشار التحرش الجنسي في مصر أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وازدياد معدلات الطلاق والكبت الجنسي في المجتمع، لأن "التحرش لا يرتبط فقط بمناطق الفقراء في مصر بل إن بعض الأماكن الراقية يحدث فيها ذلك، مؤكدا أن فكرة الزواج انتابها خلل اجتماعي حيث أصبحت تعتمد بشكل كبير على المصلحة، ولهذا يصيب الأزواج الملل عقب الزواج فلم يعد هناك صفات القدرة على الكفاح والتحمل التي كانت سائدة في الماضي وتعطي الفرد الإحساس بالمسئولية والانتماء للمنزل أن قيم الحصول على كل شيء دون مجهود.
وأوضح أن العنف ضد النساء هو واحد من انتهاكات حقوق الإنسان الأوسع نطاقًا في العالم لأنه يتخطى الحدود والعرق والثقافة والثروة والجغرافيا، ويحدث في كل مكان بدءًا من المنزل وفى العمل وفى الشوارع وفى المدارس في أوقات السلم وفى أوقات الصراع.

وقال الدكتور رشاد عبداللطيف، أستاذ الخدمة الاجتماعية ونائب رئيس جامعة حلوان سابقا، أن التحرش فعل بشع ويعكس تدني مستوى الثقافة وعدم الوعي الاجتماعي وعدم الوعي بمبدأ التعايش بشكل سليم مع الجنس الاخر ضمن إطار النظام الاجتماعي الذي يجمع الذكر والأنثى قائلا "هؤلاء الشباب المتحرشون لا أخلاق ولا دين لهم".
وأضاف عبداللطيف أنه يجب وجود ردع لتلك الحالات من قبل الأسر المصرية والدولة من خلال العمل على عقاب المتحرشين بشكل حاسم، حتى لا يمارسون هم أو غيرهم تلك العادة السيئة مرة أخرى.