الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الصدمة.. تراجع مؤشر البحث العلمي في مصر دوليًّا.. تمتلك 347 مركزًا بحثيًّا وترتيبها 129 في قائمة الجودة العلمية.. خبراء: كارثة.. وباحثون: نجري أبحاثنا على نفقتنا الخاصة و70 ألف جنيه تكلفة البحث الواحد

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من يراقب ومن يتابع؟، على ما يبدو لا شيء يحدث من هذا ولا ذاك، لا رقابة ولا متابعة خاصة لملف البحث العلمي الذي يتراجع باستمرار دوليًّا، الأغرب أن في مصر 347 مركزًا بحثيًّا، فيما تحتل ترتيب 129 في قائمة الجودة للبحث العلمي، وتأتي إسرائيل الأولى، الخبراء اندهشوا من التراجع المستمر، وقالوا إن الأبحاث في الغالب تجرى على نفقة الباحثين، والبحث الواحد يتكلف 70 ألف جنيه ويلقى في النهاية بالأدراج.

في الدستور كان الكلام واضح، نص على أن يخصص لميزانية للبحث العلمي 1% من الناتج القومي المحلى، وهل تحقق شيء؟ ولا شيء تحقق، بل زاد الأمر سوءا على سوء حين خرجت التصريحات الحكومية تؤكد تخفيض ميزانيات مراكز البحوث فى العام المالي الجاري إلى أقل من العُشر. 
وكان اللواء أبو بكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أكد قبل أيام أن ترتيب مصر في مؤشر البحث العلمي قد تراجع إلى 129 من بين 148 دولة فى العالم، وأن إسرائيل احتلت المركز الأول بسبب أن ميزانية البحث العلمي بمصر الهزيلة والتي لا تتجاوز 1% من الموازنة العامة للدولة. 
وكشف تقرير المنظمة العالمية للملكية الفكرية "الويبو" التابعة الأمم المتحدة، الصادر نهاية عام 2016 عن تراجع ترتيب مصر بين 141 دولة فى مؤشرات الابتكار العالمية، حيث احتلت الترتيب 100 مقارنة بعام 2015 الذى احتلت فيه الترتيب 99، حيث جاءت سويسرا في المركز الأول يليها السويد، كما حصلت مصر على المركز 128 من أصل 140 دولة فى مؤشر كفاءة مؤسسات البحث العلمي، ورقم 129 من بين 148 وفقا لتقرير حقوق الملكية الفكرية فى مجال البحث العلمي.

وأوضحت الدكتورة نادية زخاري، وزيرة البحث العلمي السابق، أن مصر تحتل المركز الـ 108 من أصل 142 دولة على مستوى العالم في البحث العلمي، وهذا ناتج عن ضعف الميزانية المخصصة للبحث العلمي والتجهيز الضعيف وهجرة العديد من الباحثين وعدم جذب الباحثين من الخارج إلى مصر.

وكشف الدكتور محمود صقر، رئيس أكاديمية البحث العلمي، أن ميزانية البحث العلمي فى عام 2015 وصلت إلى 11.5 مليار جنيه موزعة على المراكز البحثية بالوزارات، مؤكدا أن ترتيب مصر وصل للمرتبة 36 فى النشر الدول، وأن إجمالي عدد براءات الاختراع الممنوحة 472 براءة في عام 2015، منها 91 للمصريين و381 براءة اختراع لغير المصريين.
وقد بلغت عدد المراكز البحثية التابعة لوزارة البحث العلمي إلى 14 مركزا، وقد قدرت عدد المراكز البحثية التابعة للوزارات المختلفة بنحو 219 مركزا و114 مركزا بحثيا بالجامعات المصرية.
وفى ميزانية العام المالي الجاري 2016/2017 خفضت الحكومة لميزانية مركز البحوث الزراعية من 70 مليون جنيه العام الماض إلى 3 ملايين جنيه هذا العام، وخفضت ميزانية مشروع تطوير الري الحقلي والثروة السمكية من 160 مليون جنيه العام الماضي إلى 38 مليون جنيه هذا العام، وخفضت ميزانية مركز بحوث الصحراء من 32 مليون جنيه العام الماضي إلى 4 ملايين جنيه هذا العام بدلا من زيادة ميزانية البحث العلمي.
وقد نصت المادة 23 من الدستور على " تكفل الدولة حرية البحث العلمي وتشجع مؤسساته باعتباره وسيلة لتحقيق السيادة الوطنية وبناء اقتصاد المعرفة وترعى الباحثين والمخترعين، وتخصص له نسبة من الإنفاق الحكومي لا تقل عن 1% من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية".
ورغم أن مصر تخصص ميزانية البحث العلمي 1% من الناتج القومي والتي تقدر بأكثر من 20 مليار جنيه، إلا أن العكس في إسرائيل، حيث تصل ميزانية البحث العلمي بها 4.5% من الناتج القومي لها، ورغم ذلك لم تلتزم الحكومة بتنفيذ الدستور وتخصيص نسبة الـ1% من الناتج القومي للبحث العلمي.

هنا يقول الدكتور محمد كمال، المتحدث الرسمي لنقابة أعضاء هيئة التدريس، أن ما ذكر فى المادة 23 من الدستور من تخصيص نسبة 1 % من الناتج القومي هو حبر على الورق فقط وهو لا ينفذ فى الحقيقة، مضيفا أن ميزانية البحث العلمي غير ملعنة ولكنها أقل بكثير من النسبة المخصصة فى الدستور، موضحا أن ميزانية البحث الخاص بترقية المعيد أو المدرس الجامعي كلها من جيبه الخاص، مضيفا أن ميزانية قسم نبات فى كلية العلوم بإحدى الجامعات فى سنة ما كانت 129 جنيها للقسم كله رغم أن العينة الواحدة لباحث واحد قد تتكلف 500 جنيه.
وأضاف كمال، أن هناك شرطا فى بعض الجامعات حتى يتم مناقشة رسالة الماجستير أو الدكتوراه ان ينشر هذه الرسالة أو البحث دوليا والنشر فى المجلات العلمية يكون مقابل دفع مبلغ مالى وقدره 1500 دولار على الاقل وهى تساوى 30 ألف جنيه ويتم النشر فيها خلال 5 أو 6 أشهر هذا، بالإضافة إلى تكاليف البحث نفسه فهناك تكاليف منظورة وأخرى غير منظورة، موضحا أن لترقية الأستاذ المساعد مطلوب منه تقديم 5 أبحاث وبعض التخصصات 6 أبحاث.

وقال الدكتور خالد غانم، أستاذ الزراعات العضوية والعلوم البيئية بكلية الزراعة جامعة الأزهر، إن الدستور أقر بأن ميزانية البحث العلمي 1% أي ما يقرب من 20 مليار جنيه، وأعتقد أنها ربما لا تصل إلى هذا، ودعنا نقارن ببعض الدول المجاورة تصل إلى 4.5% ولو تحدثنا على أرض الواقع نجد كثير من الأقسام العلمية بالجامعات لا يصلها شيء ولو ضربت مثلا بقسمي فلدينا حوالي 18 معيدا ومدرسا مساعدا فضلا عن 9 أعضاء هيئة تدريس و3 أساتذة و5 أستاذة مساعد ومدرس والميزانية للكيماويات والأجهزة لا تزيد غالبا عن 5000 جنيه ولو قسمنا 5000 على 27 عضو هيئة تدريس ومعاونوهم سنجد أن حصة الباحث من أجهزة وكيماويات 185 جنيها و15 قرشا قائلا:" هذه مهزلة ولا يمكن من خلالها إنتاج علم جيد".
أضاف غانم، أننا غالبا ما نلجأ إلى إجراء البحوث على نفقتنا الخاصة ونشرها وهذه قصة أخرى مع ارتفاع سعر الدولار، فنضطر إلى النشر العلمي في مجلات محلية أغلبها هزيل ومتدني القيمة والكارثة مع المعيدين والمدرسين المساعدين حيث أن مرتباتهم قليلة للغاية ولا تكفي الإنفاق على بيوتهم والبحث للأسف نحن في حاجة إلى أفكار جديدة وربط الجامعات ومراكز البحوث بالشركات والمصانع، وإجراء بحوث تطبيقية تكفل حل المشكلات التي يعاني منها الوطن.

بينما الدكتور محسن صالح، أستاذ الإنتاج السمكي بكلية الزراعة جامعة الأزهر، قال إن الدولة لا تنفق على بحث المعيد أو الأستاذ بالجامعات والتكلفة كلها تقع على نفقته الشخصية فالبحث الواحد يتكلف من 60 إلى 70 ألف جنيه بكافة مصاريفه خلال 4 سنوات خلال فترة التجربة فهناك من يؤجر مزرعة سمكية ليجري تجاربه وجميع التحاليل وغيرها على حسابه الشخصي.

ورأى الدكتور سعيد خليل، مستشار وزير الزراعة السابق، أن ميزانية البحث العلمي فى مصر لا تساوى 0.02% من الناتج القومي، مضيفا أنه على سبيل المثال مركز البحوث الزراعية الذى به 18 ألف باحث يجرى أبحاث للنتاج الحيواني والزراعي والداجني فى مصر ورغم ذلك ميزانيته 3 مليون جنيه هذا العام بعد أن كانت 140، وتراجعت إلى 110 ثم إلى 70 ثم إلى 35 وانتهت في ميزانيته هذا العام إلى 3 ملايين جنيه، مضيفا أن المركز هو المسئول عن كل التراخيص التي تمنح للأعلاف والأسمدة وغيرها التي تستورد من الخارج كما به معمل المركز الإقليمي للأغذية والأعلاف يجرى تحاليل إلى 123 ألف عينة سنويا دخله يفوق 138 مليون جنيه سنويا وهذه الأموال من المفروض أن نسبة 15% منها دعم للبحوث فى المعمل فقط ولكنها لا تذهب لدعم البحوث وتذهب كحوافز ومكافآت للقيادات.