الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

كواليس صناعة السلاح في معسكرات "داعش"

من التمويه الحراري إلى مضادات الهليكوبتر للتجارة الحرام

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قصة «استراتيجية الحرباء» فى زرع «عبوات الغدر» وتفجير السيارات المفخخة
مؤسسة أبحاث التسليح الأمريكية: مقاتلو داعش ينتجون أسلحة تضاهى مستوى الجيوش النظامية 
خبراء: التنظيم يلجأ لـ«الزرقاوى والمهاجر» بعد خسارة «الرقة والموصل» 
دائمًا ما يتباهى تنظيم داعش بسلاح جديد أو تقنية حربية اخترعها لتعويض الضربات والخسائر الكبيرة التى يتلقاها فى مناطق وجوده ومقتل المئات من عناصره، لكن يبقى السؤال حول قدرة آلة التنظيم الحربية، وكيفية الحصول على تلك المواد المستخدمة فى تصنيع الأسلحة بمناطق تواجده.. فمن الطائرة المسيرة مرورًا بالتمويه الحرارى ومضادات الطائرات البدائية.. هل يطور التنظيم أسلحته؟ 
حرص التنظيم منذ ظهوره على نقل فكره الإرهابى لجميع المناطق المتواجدة بها «ولاياته»، ليعتمد عناصره استراتيجية واحدة منسوخة فى القتال يكون لها أكبر الأثر فى إلحاق الضرر فيمن يطلق عليهم «الأعداء»، ولعل أبرزها «استراتيجية الحرباء»، المستخدمة مؤخرًا فى العمليات الانتحارية وزرع العبوات الناسفة، وتفجير السيارات المفخخة.
تفتح تلك التساؤلات الباب حول مدى إمكانيات «داعش» الآن، وأذرع العنكبوت الواقف خلف تمويله ومده بالأسلحة، وحقيقة كون «مجلسه العسكري» من ضباط سابقين فى الجيوش النظامية قادرين على تطويره باستمرار، رغم تأكيد عدد كبير من الباحثين والمحللين أن التنظيم فى حالة تراجع كبيرة أقرب إلى السقوط بطرده من مناطق كثيرة سيطر عليها خلال العامين الأخيرين.
فى العدد الـ٦٤ من مجلته الأسبوعية «النبأ»، الصادرة مارس الجاري، تحت عنوان «التمويه الحرارى فى الحرب». يشير « داعش» إلى تمكنه من استحداث أساليب جديدة فى «التمويه»، حتى أصبح أحد أبرز أسلحته المعتمد عليها فى العمليات الإرهابية لا سيما فى سيناء والموصل والمدن المحيطة بالرقة فى سوريا.

نصب الكمائن
قال «داعش» إنهم يتمكنون الآن من نصب الكمائن المحكمة، التى يقع فيها الجنود والعناصر المواجهة لهم «دون أن يشعر أنه قد أصبح بين فكى الرحى»، ضاربًا المثل بـ«الحرباء» التى تغير من لونها، ولا يتمكن أحد من اكتشافها.
ولعل ذلك يفسر نجاح التنظيم فى زرع العبوات الناسفة قرب المعسكرات التابعة للجيوش، وفى طرقه الرئيسية والتى تسبب ضررًا له فى المعدات والجنود. التنظيم أكد أن التمويه الحرارى للقناص أو المتسلل «الانغماسي» على الأرض أصعب بكثير من الجسم الثابت، كونه متحركًا، ولأنه يمر على أكثر من محيط حرارى مختلف. لافتًا إلى صناعته مشروع تشويش على المناظير الليلية والحرارية، بجانب إعداد بدلات جديدة لتبديد حرارة الجسم وامتصاصها.
وتحدى الجيوش بقوله: «لا يوجد حل عند العدو للتمويه الجيد حتى الآن، لذلك فإن السيارات القتالية الخشبية المغطاة بطبقة من المعدن قد استهلكت منهم وممن أمامهم، ومن الروافض جهدًا عسكريًا ضخمًا قبل أن يكتشفوها، وأما بعد أن اكتشفوها فإن الخيارات العسكرية أمامهم لم تتسع أبدًا، ولن يستفيدوا من اكتشافهم، طالما أن الحرارة التى تشعلها المركبات الوهمية هى نفسها التى تشعلها الحقيقة، وسيظلون يضربون الخشب بالنار ثم يفرحون بما أتوا».
مصادر إعلامية سورية مقربة من مناطق الصراع كشفت لـ«البوابة»، معلومات بشأن تطوير التنظيم لعدد من الأسلحة، تم كشفها عقب العثور على وثائق فى مدينة «حلب»، صادرة عن «قسم البحوث والتطوير» بالتنظيم الإرهابي، تحمل عنوان «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة»، لافتًا إلى أنه سعى لتصدير تلك الأفكار إلى جميع المناطق التى يوجد فيها عناصره ليتمكنوا من مواجهة «أعدائهم».

تشير الوثيقة الداعشية إلى أن التنظيم توصل لآلية تمكنه من صناعة «سيارة مفخخة بدون سائق»، تشبه «الروبوت» يسهل التحكم فيها وتفجيرها علي بعد ٢٠ كيلومترا. بجانب سيارات صغيرة مزودة بكاميرات يمكنها زراعة الألغام فى الطرقات الرئيسية. بل وصل الأمر إلى صناعة جهاز للتحكم فى حقول الألغام، حيث يتيح إمكانية تفجير كل لغم فى الحقل على حدة.

الصواريخ والرشاشات الثقيلة
لم يتوقف الأمر عند العبوات الناسفة والألغام ـ وإن كانت سلاحه الأساسى فى بعض المناطق كبديل عن المواجهة المباشرة كما فى سيناء ـ فالوثائق الداعشية التى تم العثور عليها، تشير إلى إنتاج التنظيم الإرهابى لأدوات تساعد فى توجيه الصواريخ والرشاشات الثقيلة عن بُعد وبصورة دقيقة، بل وتحويل حركة المدافع الثقيلة من يدوية إلى آلية. 
التنظيم ـ بحسب المعلومات ـ تمكن من عمل «مؤقت إلكتروني» لصاروخ جراد والصواريخ المحلية، بحيث يتم تفجيرها فى الجو، باعتباره سلاحًا مضادًا للطيران، حيث كشفت إصدارات التنظيم عن استخدامها فى مدينة الموصل العراقية.
كما تم تطوير بطاريات وشواحن لصواريخ تاو، ومالوتكا، وستريلا، وتجربة تلك البطاريات على صواريخ كانت شبه متوقفة وحققت إصابات للأهداف المختلفة، وصناعة «جهاز إنذار» ضد العبوات الناسفة التى تستهدف التنظيم، بحيث يتم إنذارهم حال وجود أى مواد قابلة للانفجار فى طريق مركباتهم.

تلك المعلومات أكدها تقرير صادر حديثًا عن مؤسسة أبحاث التسليح الأمريكية، نشرته وكالة «رويترز» بداية العام الجاري، قالت فيه إن مقاتلى داعش ينتجون أسلحة على نطاق ودرجة من التطور تضاهى مستوى تسلح قوات الجيوش الوطنية.
ونوهت المؤسسة بأن داعش سعى إلى محاكاة الوظائف التى تقوم بها جيوش الدول فى محاولة «لإضفاء شرعية على قدرة الجماعة وتماسكها فى أعين مقاتلى تنظيم الدولة»، بالإضافة إلى المزايا الفنية للتوحيد القياسى. لافتةً إلى أنهم اطلعوا على وثائق تشير إلى أن «داعش» زود مقاتليه بتعليمات معقدة عن تصنيع وزرع العبوات الناسفة وتشغيل منظومات الأسلحة المعقدة مثل الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، والتى أنتج منها عشرات الآلاف خاصة «قذائف المورتر» قبل أشهر من بدء معركة الموصل.
نهاية عسكرية
هادى يحمد، الباحث التونسى فى شئون الجماعات الجهادية، قال لـ«البوابة»، إن «داعش» لن ينتهى كفكرة، وإن كانت نهايته كـ«قوة عسكرية» تسيطر على العديد من المدن فى سوريا والعراق قد اقتربت.الباحث التونسي، رجح عودة التنظيم إلى طريقته القديمة التى اعتمدها من قبل فى العراق، عندما كان تحت مسمى «الدولة الإسلامية فى العراق» زمن أبومصعب الزرقاوي، وأبوحمزة المهاجر، اللذين أسسا تنظيم «الدولة الإسلامية» فى بدايته، عندما كانت فترة السيطرة على المدن وتأسيس الدولة «مرحلة استثنائية» وطارئة داخل الفكر الجهادى. أشار «يحمد» إلى أن «داعش» يعتقد الآن أن حرب الكر والفر أو «حرب العصابات»، والعمليات المتنوعة هى السبيل الأصلح للوجود فى هذه المرحلة التاريخية، حتى وإن كان الغرض أو الحلم الجهادى فى منتهاه هو السيادة على «الأرض» جميعًا، ما يجعله يعود مرة أخرى إلى تكتيكه القديم مع تواصل فروعه فى شرق إفريقيا وسيناء واليمن للعمل.


تحدث التنظيم الإرهابى فى تقارير مختلفة، عن سعيه الدائم لتطوير أسلحته ليتمكنوا من التغلب على من وصفوهم بـ«الصليبيين والمرتدين». فى الإصدار المرئى الذى نشره فى ١٨ مارس الجاري، تحت اسم «وأنتم الأعلون»، حمل العديد من المفاجآت بشأن تسليح التنظيم فى العراق، فقد اعتمد «داعش» فى ضرباته على «السيارات المفخخة»، وسلاح «الأر بى جي»، و«القناصة» والرشاشات الثقيلة. لكن الأبرز هو ظهور الأسلحة الموجهة التى صنع التنظيم نفسه والموصلة بأجهزة الكمبيوتر، بحيث يتم تحديد الهدف إلكترونيًا ثم إطلاق الصاروخ إليه.

خلال «٣٥» دقيقة كاملة، كشف التنظيم عن كيفية استخدام سلاح «الطائرة المسيرة»، الموصلة بكاميرات فى غاية الدقة والرصد، والتى تكشف على أجهزة الكمبيوتر، المدن العراقية من السماء وأماكن تمركز كمائن الجيش فى محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، فضلًا عن وضع قنابل وصواريخ عليه يتم به استهداف تلك التمركزات بأسلوب دقيق.
فى الشهرين الماضيين فقط، بالمدن العراقية وعلى رأسها الموصل، اعتمد تنظيم الدولة بصورة أساسية، على «الطائرة بدون طيار»، التى أطلقوا عليها اسم «الطائرة المسيرة». حيث نشرت العديد من منابر التنظيم الإرهابية صورًا للطائرة وقذائفها، وعدد القتلى والمعدات الحربية التى خسرتها قوات الحشد الشعبي، والجيش النظامى جراء اعتماد عناصر التنظيم على تلك الطائرات بصورة أساسية، لعدم قدرتهم على مجاراة الهجوم على الأرض، ففكر التنظيم أن تكون «السماء المفتوحة»، وسيلته لإحداث أكبر الخسائر بالمدينة.
وفى إصدار مرئى لداعش حمل اسم «ضرام الغارات»، كشف فيه عن مدى أهمية تلك الطائرات بالنسبة لمعاركه، بمدينة صلاح الدين والموصل، بل أعلنوا فيه صراحة عن نقل تلك الاستراتيجية إلى سوريا، بعد نجاحها بشكل كبير ضد الجيش العراقى.
تجار سلاح أمريكيون
السؤال حول منبع تلك الطائرات، وكيفية وصولها إلى يد «داعش»، كشفت عنه وثيقة من داخل مفارز التطوير العسكرى للتنظيم الإرهابى بمدينة الأنبار العراقية، الشهر الماضي، بعد اقتحامها من قبل قوات الجيش العراقى. حيث أشارت إلى إنتاج «داعش» ٢٠ طائرة منها خلال أيام قليلة، بواسطة أدوات حصل عليها من تجار سلاح أمريكيين، وتبلغ تكلفة الواحدة منها ٥ آلاف دولار.
بحسب الوثيقة التى اطلعت عليها «البوابة»، فإن التنظيم حصل على المواد المستخدمة فى تصنيع الطائرات بدون طيار خلال منتصف العام الماضي، من إحدى الشركات الأمريكية، عن طريق مجموعة من سماسرة السلاح. وتضمنت المواد الموجودة داخل الفاتورة، شاحن «Imax»، وكاميرا «CCD» إلى جانب برنامج «الطيار الآلي»، الذى يسهل استخدامه، وبطارية ٥٠٠٠ أمبير.
هذا بجانب «موتور»، وأجهزة إرسال واستقبال، ومروحيات للمساعدة فى تسلق الطائرات إلى أعلى الأماكن الممكنة، وأجهزة استقبال احتياطية يتم وضعها حالة تعطل الأساسية، وجهاز موصل الذهب، وأسلاك لتوصيل الأجهزة فيما بينها.
فإن التنظيم حصل على المواد المستخدمة فى تصنيع الطائرات بدون طيار خلال منتصف العام الماضي، من إحدى الشركات الأمريكية، عن طريق مجموعة من سماسرة السلاح.

رفع الروح المعنوية
مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية، والمتخصص فى الجماعات الإسلامية، حسن أبوطالب، قلل بشكل كبير من قدرة تلك الطائرات المسيرة التى يستخدمها «داعش» رغم نشر التنظيم الإرهابى لعشرات الصور والفيديوهات لتدمير آليات عسكرية وسيارات تابعة للجيش السورى والعراقى بقذائف تلك الطائرات، واستخدامها فى عمليات التجسس.
وقال إن تلك الطائرات لها نسخ مختلفة، ومنها التقليدية كتطوير طائرات الألعاب واستخدامها فقط فى عمليات التصوير، وهى تختلف عن تلك الطائرات التى تستخدمها إيران وتركيا والولايات المتحدة فى عمليات التجسس والهجوم. لافتًا إلى أن تقارير التنظيم بشأن تلك الطائرات تأتى فى إطار حرب الدعاية التى يلجأ إليها دائمًا فى حالة ضعفه لرفع الروح المعنوية لدى عناصره.

فى الخامس والعشرين من نوفمبر الماضى ٢٠١٦، كشفت صحيفة سورية النقاب عن وثائق امتلكتها عقب الهجوم على مناطق تابعة للتنظيم من قبل النظام السورى. وتحت عنوان «لافارج سوريا.. شهادات ووثائق»، أكدت الوثائق أن «لافارج هولسيم» أكبر شركة فى العالم لإنتاج الأسمنت ومواد البناء، تعاونت مع تنظيم الدولة «داعش»، عبر شراء شحنات نفط منه، وبيع شحنات من الأسمنت إليه.

تواصلت «البوابة» مع فريق «زمان الوصل» السوري، للوقوف على حقيقة تلك الوثائق التى وقعت فى أيديهم، وتكشف عن معلومات خطيرة بخصوص سيطرة التنظيم على كميات ضخمة من المواد التى يستخدمها فى صناعة المتفجرات والصواريخ، بل تمكن من تخزينها بأماكن سرية خاصة لديه فى سوريا.
الفريق أكد صحة الوثائق، وأنه يمتلك عددًا منها، لافتًا إلى أن التنظيم استولى على مصنع «لافارج ـ سوريا» الواقع فى ريف عين العرب عام ٢٠١٤، بعد طرد وحدات الحماية الكردية «حزب العمال الكردستاني» منه، لتعاود وحدات الحماية الاستيلاء عليه فى ٢٠١٥. خلال هذه الفترة تمكنت عناصر التنظيم من جمع أكبر كمية من مخزون مادة «هيدرازين» من المصنع ونقله إلى عاصمته فى مدينة «الرقة»، تلك المادة المستخدمة فى معالجة المياه المخصصة لعملية توليد الكهرباء فى المحطات، والمستخدمة أيضًا فى صنع المتفجرات ووقود الصواريخ. مخزون «هيدرازين» لم يكن الجانب الوحيد الذى يحمل خطورة عالية فى المصنع ـ بحسب فريق الصحيفة ـ فهناك مواد مشعة داخل أجهزة مختبرات المصنع، فضلًا عن «جهاز جاما ماتريكس» فى الكسارة وجهاز قياس الكثافة فى «السايكلونات»، وكلها كانت تخضع لفحوص دورية من قبل «هيئة الطاقة الذرية»، لخطورتها وحساسيتها الشديدة، والتى باتت فى كميات كبيرة منها فى النهاية فى حوزة داعش.
المعلومات الخاصة بمادة «هيدرازين»، الخطيرة ليست الأولى التى تكشف عن وقوع كميات كبيرة من المواد الخام لتصنيع المتفجرات وقعت فى يد التنظيم الإرهابى. ففى العام الماضى فاجئ الاتحاد الأوروبي، الجميع بحديثه عن وجود ٢٠ دولة تشارك فى سلسلة توريد المكونات والمواد التى تتحول فى أيدى داعش» إلى متفجرات.
الدراسة التى نشرها، الاتحاد الأوروبى نهاية العام الماضى ٢٠١٦، بناءً على عدة أبحاث أجرتها منظمة «كار» الخاصة بأبحاث التسلح فى الصراعات، وأكدت فيها أن ٥١ شركة من دول بينها: تركيا، والبرازيل، والولايات المتحدة، أنتجت أو باعت أو تلقت أكثر من ٧٠٠ مكون يستخدمها التنظيم فى صناعة العبوات الناسفة.

العبوات الناسفة
المنظمة أكدت فى دراستها ـ التى استمرت ٢٠ شهرًا ـ أن داعش ينتج العبوات الناسفة الآن على نطاق شبه صناعى. ويستخدم مكونات صناعية متداولة وفق النظم التجارية ومعدات موجودة على نطاق واسع مثل الكيماويات المستخدمة فى المخصبات الزراعية والهواتف المحمولة. 
وتوصلت الدراسة إلى أن ١٣ شركة تركية لها دور فى سلسلة التوريد، وهو أكبر عدد للشركات فى دولة واحدة تليها الهند بسبع شركات، حيث تقوم تلك الشركات بتصنيع غالب أجهزة التفجير وأسلاك التفجير وأدوات فصل التيار وتصديرها بتراخيص أصدرتها الحكومة من الهند إلى كيانات فى لبنان وتركيا.
ولفتت الدراسة إلى أن قوات «داعش» فى العراق وسوريا تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الدعم الذاتي، إذ تحصل على الأسلحة والسلع الاستراتيجية مثل مكونات العبوات الناسفة محليًا وبكل سهولة، خلال معارك رئيسية حول مدن ربيعة وكركوك، والموصل وتكريت، ومدينة كوبانى السورية.
 
داعش حرص منذ الإعلان عن دولته فى سوريا والعراق فى يوليو ٢٠١٤، على الاستعانة بالكوادر فى جميع المجالات. ففى الوقت الذى تمتلك فيه الدول المتقدمة آليات إعلامية متطورة، كان التنظيم يعد فيديوهات على أعلى مستوى من النقاء، بل أصدر مجلات بـ٧ لغات انتشرت بأوروبا، وآسيا، وإذاعات إعلامية قادرة على توصيل واستقطاب مقاتلين جدد.
الحال لم تختلف عسكريًا، فقد استعان بعدد كبير من المقاتلين المُدربين القادرين على صنع المتفجرات والقنابل والعبوات الناسفة، وقيادة الدبابات والآليات العسكرية، ووضع الخطط الحربية، فضلًا عن كون عدد منهم ضباطًا سابقين فى جيوش كبرى.
وبحسب تقرير نشرته جريدة الشرق الأوسط فى أغسطس ٢٠١٥، قال باتريك سكينر، مسئول سابق فى الاستخبارات المركزية الأمريكية، والمدير الحالى لشركة «صوفان جروب» الخاصة بخدمات الاستخبارات الاستراتيجية، إن ضباط الجيش والاستخبارات الذين قضوا خدمتهم إبان حكم صدام حسين كانوا «عنصرًا ضروريًا» فى معادلة النجاح المذهل المفاجئ الذى حققه تنظيم داعش على أرض المعركة منذ إعلان دولتهم، والذى أسهم فى تحول التنظيم من جماعة إرهابية إلى شبه دولة.
ولعل أبرز هؤلاء القادة، فاضل الحيالى أو «أبوعلاء العفري»، العقيد السابق فى جيش صدام حسين، الذى أعلنت واشنطن مقتله العام الماضي، وعدنان السويداوي، أحد أبرز قيادات المجلس العسكرى لداعش، فضلًا عن أبوعمر الشيشاني، الذى انضم للجيش الجورجي، وعمل فترة فى وحدة العمليات الاستخباراتية الخاصة بوزارة الداخلية، قبل أن ينضم للتنظيم ليتولى قيادته العسكرية ويقتل قرب الموصل.
 
يفسر أحمد بان، الباحث فى شئون «الجماعات الجهادية»، وضع التنظيم حاليًا بأن لديه هاجسًا طول الوقت بشأن تطوير سلاحه، وبالنظر إلى المصطلح الذى أطلقه على نفسه «تنظيم الدولة»، فإنه خطط لأن يكون دولة نظامية لها وزارة حرب لتطوير السلاح والمعدات، فضلًا عن شعاره «باقية وتتمدد»، لكن لفت أيضًا إلى أن الوضع الحالى يعكس محاصرته فى عدد من المناطق التى يسيطر عليها خاصة فى العراق وسوريا وسط تجمع الفرقاء عليه، والضربات الجوية القاصمة التى يتلقاها ليل نهار، والتى تسببت فى مقتل عدد من قياداته مما يجعله يبحث عن بديل قبل القضاء عليه.