الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

الفساد في "بسكوتة".. تسمم "تغذية" تلاميذ ابتدائي يدق ناقوس الخطر.. ميزانتها مليار جنيه سنويًا.. خبراء: سوء حفظها يُفسدها.. التعليم: ليست مشكلتنا.. والصحة: اسألوا الموردين

تسمم طلاب
تسمم طلاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الخطر لا يزال قائما في مدارس ابتدائي، الوجبات المدرسية مصدرا للداء، الرقابة هاربة، وتوريد البسكويت الفاسد ساري، أكد خبراء، أن بعض الوجبات منتهى الصلاحية يدون عليها تاريخ حديث وسوء حفظها يفسدها، وزراة التعليم تعليقاتها علي القضية غير مقنعة تردد أنها ليست مشكلتها، والصحة ترمي بالكرة في ملعب الموردين للتعذية المدرسية. 

فى شهر يناير الماضي ضبطت مباحث التموين فى مركز أدكوا بمحافظة البحيرة 5620 كيلوجرام من التين المجمد الممتلئ بالديدان غير صالح للاستهلاك الأدمي داخل مصنع مربى مسؤول عن تصنيع التغذية المدرسية وذلك داخل 60 شكارة بلاستيكية و44 برميل معدني وحررت لهم محضر رقم 5177 سنة 2017 جنح ادكو.
وقال الدكتور خالد رفعت صالح، الاستاذ بجامعة قناة السويس: إن الحكومة ذكرت أن تكلفة الوجبة المدرسية التي توقفت مليار جنية،لكنها لم تقول أنها اخدت منحة من الاتحاد الأوروبي بـ 120 مليون يورو بما يعادل بـ 2.4 مليار جنية يوم 20 ديسمبر الماضي لتعميم الوجبات المدرسية على كل مصر، بشرط أن تحتوى الوجبة ما لا يقل عن 25% من احتياجات التلاميذ الغذائية اليومية.
ورغم أن الكتاب الدوري الذى أصدره وزير التربية والتعليم بداية العام الدراسي الحالي جاء به أنه لابد من تنفيذ خطة التغذية المدرسية والتأكد تماما من توافر الاشتراطات والمواصفات الصحية للوجبات قبل توزيعها، ولكن هل هذا يحدث بالإدارات والمديريات ؟ أم أنها تخزن فى مخازن رديئة التهوية ؟ 

وقال حسين ابراهيم، امين عام نقابة المعلمين المستقلة: أن التغذية المدرسية سبوبة بين بعض قيادات الوزارة ورجال اعمال من الموردين، مؤكدا أنها اشبه بالمافيا تباشر على التغذية وتتاجر بحياة ومستقبل أبنائنا من الطلاب، موضحا أنها اهدار للمال العام والافضل توجيه اموال هذه الوجبات الى الأنشطة المدرسية واصلاح مدارس مصر أو صرفها كبدل للطلاب والتلاميذ بدلا من اهداره.
وأكد ابراهيم، أنه خلال السنوات الماضية حدثت وتكررت حالات تسمم من الوجبة المدرسية، مضيفا أن من يشرف على الوجبة المدرسية داخل المدارس معلم عادى ليس لديه خبرة في كيفية حفظها والتعامل معها وليس لديه شهادة صحية، إضافة الى أن الوجبات المدرسية لا يشرف عليها طبيب فى المدرسة لأنها لا يتواجد بها سوى زائرة صحية تجلس بالمدرسة تقريبا ساعتين او ثلاثة يوميا لإسعاف ودورها لا يتعدى الطلاب المطهر والشاش فقط اذا اصيب واسبرين للصداع مثلا..

وطالب طارق نورالدين، معاون وزير التربية والتعليم الأسبق، بضرورة تشديد الرقابة عليها ومنع تخزينها وإيقاف مهازل التوريد أسبوعيا وشهريا مطالبا بالتوريد يوميا وبتاريخ اليوم، مضيفا أن التغذية المدرسية ميزانيتها تقارب المليار جنية منها 75 % عن طريق منح خارجية والـ 25 % من ميزانية الدولة وهذا يمنع قانونا تحويل مخصصات الوجبات المدرسية الى اموال نقدية تدفع للطلاب لان اموال المنح خاصة لا تصرف الا في نفس اوجه انفاقها.
وقال نور الدين، انه لا يوجد تقييم للوجبات فكل محافظة تقدم وجبة مختلفة حسب المورد والاتفاق، مضيفا أنهم يعتمدون فقط على أن يكون تاريخ الإنتاج ساري حتى لو كانت فاسدة من الداخل وهذا يعتمد على فساد الموردين وسوء تخزين الوجبات المدرسية هذا بالإضافة الى وجود احتمالية وجود فساد فى المزايدات والمناقصات، غير أنه في بعض الأحيان يكون حجم وشكل الوجبة غير مناسب لسعرها، وقد تتأتى الوجبات فاسدة من المصنع نفسه ويكتب عليها تاريخ صلاحية جديد إضافة الى انها مضاف اليها زيوت مهدرجه خطرة على صحة الأطفال.
أضاف نور الدين، ان حالة انتشار مشاكل التغذية كل عام بسبب عدم وجود موردين مركزيين والاعتماد على التوريد اللامركزي وما يحدث من تلاعب فى المواصفات فى غياب كامل للرقابة سواء من وزارة التعليم او الصحة او المحليات، مضيفا أن الخطة الاستراتيجية الموضوعة فى 2014 راعت حلا لهذه المشكلة حيث تم إنشاء عدد 3 مصانع فى البحر الأحمر وأسيوط وأسوان، بالتعاون مع وزارة الزراعة وصندوق دعم المشروعات التعليمية، تم توفير وقتها وجبات لعدد 5241800 طالب بمعدل 73 يوم فى السنة، كما تم توقيع بروتوكول بالتعاون مع منظمة الغذاء العالمي.
وتابع، أنه كان من المخطط توفير تغذية لـ 9 مليون تلميذ بالمرحلة الابتدائية بواقع 150 يوما سنويا وبالتوازي تنظيم حملات لرفع مستوى الوعى لدى التلاميذ بخصوص التغذية الجيدة وطرق الوقاية من الامراض وبالتواز ايضا هناك برنامج اخر لرفع كفاءة التامين الصحي لهؤلاء التلاميذ فقام بنك الطعام فى 2014 بتقديم وجبات مطهية داخل المدارس بعدد (6) مدارس داخل محافظتي القاهرة والإسكندرية وذلك بعد تجهيز هذه المدارس بمطبخ وصاله طعام، وكان من المخطط التوسع في تقديم الوجبات المطهية في مدارس محافظات الصعيد بعدد(13)مدرسة بالإضافة إلي المشاركة من اولياء الامور من خلال الاستعانة بهم لطهي الوجبات نظير مكافأة مقدمة من بنك الطعام.

وقال أيمن البيلي، الخبير التعليمي: إنه بجانب التكلفة المادية هناك خطر يهدد صحة التلاميذ وارواحهم، متسائلا هل المشكلة فى التعاقدات ام انها فى التخزين، أم فى غياب وانعدام الرقابة والمتابعة من وزارتي التعليم والصحة.
اضاف البيلي، أرى أن الوجبة المدرسية ليست السبب فى تسمم الطلاب، مضيفا أن حالات التسمم ظهرت فى وجبات العيش والحلاوة الطحينية والجبنة فى اسوان وفى وجبة البسكوت فى محافظة الشرقية، متسائلا:" لماذا لم يصاب كل تلاميذ الادارة التعليمية بالتسمم ما داموا أكلوا نفس الوجبة فى نفس اليوم ؟ "، مضيفا أن هناك عامل مشترك فى كل هذه المدارس وهى خزانات المياه وقد يكون هي سبب التسمم وليس الوجبة المدرسية وهذا يأخذنا لبعد سياسي أخر لأنه منذ شهرين حدثت حالات تسمم فى الصعيد من مياه الشرب وهذا أكده ايضا طلاب المدارس انهم شربوا من مياه الشرب، موضحا ان هذا قد يكون مخططا سياسيا بهدف إظهار أن الدولة المصرية ضعيفة وعاجزة عن تقديم وجبة صحية للتلاميذ.
طالب البيلي، بإعادة النظر فى التعاقدات مع الموردين للوجبة الغذائية، وضرورة تضمينها بشرط جزائي فى حالة اكتشاف مخالفة الشركات الموردة للوجبة بعقوبة جنائية الى جانب العقوبة المالية، كما يجب اعادة النظر فى الية طرح المناقصات على الموردين من داخل وزارة التربية والتعليم، بحيث يكون هناك لجان معينة تشرف على ألية هذه المناقصات بشكل تتوفر فيه شروط الشفافية، إضافة الى أنه يجب أن تشترك المحافظات والمحليات فى عملية التعاقدات على اعتبار ان المدارس تتبع كل محافظة وايضا وزارة الصحة والتضامن الاجتماعي والزراعة، متسائلا لماذا لا تنشئ وزارة التعليم مصنعا لا نتاج الوجبات المدرسية انتاجا كاملا ؟ أو لماذا لا تستغل وزارة التعليم المدارس الفنية الفندقية فى دورة رأس مالها ووحدات الانتاج بها لا نتاج وجبات تغطى المدارس المصرية وتخضع للرعاية والاشراف الصحي الكامل ؟، ولماذا لا نغير نوعية الوجبة لتكون وجبة صحية بالفعل مثل كل دول العالم ؟ ولماذا لا تنشأ مطابخ تابعة للإدارات التعليمية تطهى وجبات ساخنة تقدم للطلاب كما يحدث فى كوبا والدانمارك ؟.
تابع البيلي، أنه يجب أن يكون التعاقد مع شركات مشهود لها بالجودة وان يكون التعاقد من خلال وزارة التعليم مباشرة، موضحا أنه لا يوجد معايير وجودة وشروط صحية للوجبات المدرسية الا فقط على الورق ولا تنفذ، موضحا أن مسؤول التغذية فى المدارس لا علاقة له علميا بتقييم الوجبة وصلاحيتها، ولا يوجد طبيب ولا رقابة صحية على الوجبات اثناء تسليمها فى المدارس ولا يوجد مراعات فى مخازن الوجبة المدرسية فى المدارس والادارات التعليمية لشروط التخزين الصحية فهي عديمة التهوية ومليئة بالحشرات وفى اماكن مهجورة وتخضع احيانا للسرقة وعرضة احيانا للحيوانات الضالة، مضيفا أن عملية نقل الوجبة من المورد للمدارس لا تراعى لها الشروط الصحية فالعربة ربع نقل مكشوفة ومفتوحة ومندوب المورد نفسه لا يرتدى قفاز باليد ولا المستلم بالمدارس ايضا، كما أن الوجبة قد تصل احيانا فاسدة للمدارس نتيجة التخزين السيء أو أي شيء اخر وليس شرطا أن يكون تاريخ صلاحية الوجبات دليل على سلامتها، متسائلا لماذا لا يخضع الموردين للرقابة ومعرفة الشركات التي يتعاملون معها، وهذا كله راجع الى غياب الشفافية والرقابة وانعدام الرؤية وعدم تحقيق الصالح العام عند التعاقدات.

وقال على زيدان، رئيس نقابة المعلمين المستقلة بالقاهرة: إن التغذية المدرسية هامة جدا للتلاميذ مع اختلاف أطيافهم الاقتصادية وطلابنا يقضون أوقات متفاوتة بالمدارس تتراوح من أربع إلى سبع ساعات على حسب نظام اليوم الكامل أو الفترتين أو الفترة الممتدة، فنجد أن الوجبة الغذائية ولو كانت ضئيلة جدا فهي مهمة للطفل، وتابع:" أجزم أنه ينتظرها يوميا ففى بعض الأماكن الفقيرة كنت أجد تلاميذ تحضر للحصول على تلك الوجبة سواء أكانت بسكويت أو علبة لبن أو كيس زبيب بل ويكون الفقراء والمحتاجين فى انتظار أن تزيد الكمية بسبب غياب بعض التلاميذ ليعود عليهم الزيادة لزيادة الوجبة وهناك من التلاميذ من كان يذكر أن أمه تقول له وفر باكو البسكويت لأخيك الأصغر أو على الاقل نصفه.
أضاف زيدان، انه بالنسبة لأمر العطاءات والتوريد فلا يجد غضاضة بوجود فساد كبير فى الأمر، مضيفا انه بالنظر الدول المتقدمة نجد أن غالبية الدول تقدم لجميع الطلاب لجميع المراحل وجبة ساخنة حساء ساخن وجبة غذائية متكاملة ولا يحدث تسمم أو فساد، بل والمعلمون أيضا يتناولون نفس الوجبة مع الطلاب ونحن فشلنا للأسف في توزيع باكو بسكويت آمن لأبنائنا فى المرحلة الابتدائية مطالبا برفع دعاوى لإلغاء قرار وقف الوجبة المدرسية لأهميتها موضحا أننا لا نعاقب الجاني ولكن نعاقب المجنى عليه.