رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

عمار أنور الباحث في مجال الإصلاح الإسلامي: كنت مؤيدًا للقاعدة وطالبان.. وراجعت أفكاري قبل السقوط في بئر التطرف..المذهبية أخطر ما يعاني منه الإسلام.. والتوحد ضرورة قصوى لإنقاذ الدين قبل تشويهه

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
عمار أنور، شاب باكستاني الأصل أمريكي النشأة، تحول ما بين لحظة وضحاها إلى نجم الإعلام الأمريكي، وأحد أهم الباحثين في مجال الإصلاح الإسلامي ومكافحة الفكر المتطرف.
لـ "أنور" العديد من المقالات المنشورة في صحف أمريكية كبرى يتحدث فيها عن الإصلاح الإسلامي وكيفية مواجهة التطرف والإرهاب الذي بدأ ينتشر في العالم فكريا، مستغلا في ذلك تعلقه في السابق بأفكار متطرفة خاصة بتنظيم القاعدة الإرهابي وحركة طالبان قبل أن يراجع نفسه ويغير من أفكاره.
عمار أنور في حوار خاص لـ "البوابة نيوز" يتحدث فيه عن تجربته من الفكر التطرف للاعتدال، وجهوده في مواجهة التطرف والإرهاب فكريا.

إلى نص الحوار..

بداية كيف كانت نشأتك كمسلم؟
نشأت في أسرة تعتنق الإسلام وفقا للمذهب الحنفي السني، ودخلت مدرسة إسلامية سنية كانت هي الأكبر في شبه القارة الهندية، كان جدي متعلقا جدا ومعجبا بالسيد أبو الأعلى المودودي، وقد كان هذا الرجل من وجهة نظري هو أكثر علماء الإسلام تأثيرا في القرن العشرين، فقد كان على دراية كبيرة جدا بالفكر الغربي وكان يسعى لتقديم شكل جديد للإسلام ينافس العلمانية الغربية والديمقراطية، وكان يؤكد لأنصاره أن لديه تفسيرا جديدا للإسلام يتوافق مع الوضع الحالي ومتطلبات الحياة حتى السياسة قال عنها إنها جزء من الإسلام، وقد تأثر سيد قطب العالم المصري البارز بـ أبو الأعلى المودودي كثيرا حتى في استخدامه لفظ الجاهلية كثيرا في كتاباته، الأمر الذي انعكس على كتابات سيد قطب بعد ذلك.

هل كنت عضوا في أي من الجماعات المسلحة في السابق؟
لا لم أكن يوما عضوا في أي من المنظمات أو الحركات الإرهابية، ولكني كنت مؤيدا لهم ولأفعالهم، فقد كنت على علاقة مودة واعجاب مع حركة طالبان الأفغانية وتنظيم القاعدة الإرهابي، حيث كنت أؤمن وقتها بأنها يسعون بكل قوة لإقامة الدولة الإسلامية، وحاربوا الغرب من أجل تحقيق هذا الهدف السامي باعتباره العدو الأوحد للإسلام والمسلمين، ورغم هذا التأييد ألا أنني لم أنضم إليهم مطلقا.

كيف خرجت من هذا الفكر المتطرف إلى التنويري؟
أهم ما يميزني وساعدني على فهم حقائق الأمور حتى عندما كنت إسلاميا هو امتلاكي عقل له تفكير نقدي، هذا التفكير جعلني لا آخذ أي شيء على إنه مسلم به بل جعلني أدرس واتأمل وأفكر في كل ما يأتيني من معلومات حتى لو معلومات دينية مفروغ منها لدى البعض، وبسبب هذا الفكر تأكدت أن الإسلام السياسي ليس هو الإسلام بل مختلف عنه تماما فهذا الفكر استخدم الإسلام من أجل مصالح خاصة لا تمت للدين بأي صلة.

من كان له دور بارز في تحولك الكبير؟
الشيخ أبو الكلام آزاد، وهو الشخص صاحب الدور الأكبر في تغيير أيديولوجياتي وأفكاري، وأدين له لكل الفضل، فقد كان صحفيا إسلاميا في السابق قبل أن يراجع أفكاره ويغيرها بالكامل بعد ارتباطه بالزعيم الهندي الكبير المهاتما غاندي وتأثره الشديد بأفكاره التي جعلت "أزاد" يعتنق القومية العلمانية الهندية مقدما الحجج الإسلامية التي تدعم موقفه وقراره الجديد، ولن أنسى كلماته عندما قال أنه مسلم يملأه الفخر ولكنه وفي الوقت نفسه فخور بقوميته الهندية وفكره العلماني.

ما أبرز أفكار الشيخ آزاد؟
الشيخ أبو الكلام آزاد له العديد من الأفكار الجريئة أهمها حول ما يتعلق بدولة الخلافة الإسلامية المزعومة، حيث يرى أنه من غير المنطقي أن يتم جمع المسلمين كي يعيشوا في دولة واحدة ذات دين واحد وفكر واحد وسياسات واحدة، هذا الأمر غير منطقي من جهة نظره، ويعتبر دولة الخلافة الإسلامية المزعومة تلك هي أكبر عملية احتيال تمت على المسلمين باسم الإسلام والإسلام منها بريء بدليل قبول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم لليهود والنصارى واعتبرهم جزءا من دولته يتمتعون بحقوق متساوية مع المسلمين ولهم حرية دينية مطلقة.

ما أهم ما يساعد على انتشار التطرف المرتبط ببعض المسلمين؟
أصعب ما في الإسلام الآن هو انقسام المسلمين لأكثر من قسم، كل قسم فيهم يعتقد أنه يتبع الإسلام الصحيح، ولعلمك فإن العلمانية وتطبيقها في المجتمعات الإسلامية سيجعل كل قسم من هذه الأقسام تمارس طقوسها الإسلامية كما تريد دون تدخل من قسم آخر، ذلك التدخل الذي يؤدي في الغالب إلى الكره والعداء ويكون ناتجه في النهاية الدماء، لهذا كله اسعى بكل قوة لتطبيق العلمانية في العالم الإسلامي التي اعتبرها أملنا الوحيد.

كيف يمكن إنقاذ الإسلام من التشويه الذي تسبب فيه المتطرفون؟
الإصلاح الإسلامي أو تجديد الخطاب الديني كما يطلق عليه البعض أحد أهم عوامل إنقاذ الدين الإسلامي من محاولات تشويه، ولكن للأسف هناك فهما خاطئا للمجتمعات الإسلامية بشأن عملية الإصلاح الإسلامي حيث يرى البعض أن هذا الإصلاح والتحديد يعني وجود تغيير في النصوص المقدسة، وهذا غير صحيح إطلاقا بل المقصود هو صنع إدراك آخر للنصوص غير الإدراك الآخر الذي يفهم به المتطرفون تلك النصوص، وخاصة أن هذه النصوص من الممكن أن يتم فهمها بأكثر من طريقة.

وكيف يتم تفسير النصوص والأيات بشكل صحيح يتواكب مع العصر الحالي؟
النصوص المقدسة عند تفسيرها يجب مراعاة عدة أمور حتى يكون هذا التفسير صحيح أهمها المناخ الجيو سياسي الذي نزل فيه النص، وكذلك الظروف الاقتصادية للمجتمع وقتها، والأهم من ذلك احتياجات الناس وقتها، وبمراعاة هذا كله في عصرنا الحالي سنجد أنفسنا أمام تفسير آخر للنصوص المقدسة، وبسبب هذا أظن أن الإمام المودودي أثناء تفسيره للقرآن تأثر باحتلال الغرب لبلاده لذلك فسر ما فسر لخدمة هذه القضية.

كيف نقضي على التطرف والإرهاب الذي انتشر في العالم مؤخرا تحت مسمى "الإسلام"؟
القضاء على التطرف الإسلامي الذي انتشر كثيرا مؤخرا يتطلب شيئان أساسيان وهما العلمانية ومن بعدها الإصلاح الإسلامي، فلو أننا نريد أن يكون هناك سلام في مجتمعنا والجميع فيه بينهم مساواة في الحقوق والواجبات فعلينا بإقامة الدولة العلمانية، فالعلمانية ليست بديل عن الدين كما يردد البعض بل هي فكر سياسي لا يرتبط بالأديان بل يفصلها عن الحكم في الدولة وشئونها، كما أنها ترفض التمييز على أساس ديني وتضمن أن جميع الناس يعاملون بنفس القدر من المساواة في كل شيء، كما أنها تشجع على الوئام بين الطوائف والأديان المختلفة دون حروب أو مشاكل كالتي نراها الآن والتي هي أساس العداء والخراب والدمار والإرهاب، لذلك أقول أثناء حواراتي الصحفية ومؤتمراتي وندواتي أن السبيل الوحيد لإنشاء عالم بلا تطرف هو انشاء دول محايدة ليس لها أي علاقة بأديان الناس ووقتها سيعم السلام والخير والازدهار العالم.

في النهاية ما نصيحتك للمسلمين في العالم؟
نصيحتي للمسلمين في جميع أنحاء العالم هو التوقف عن العيش متجاهلين التطرف الإسلامي الذي يقود للإرهاب، يجب علينا جميعا استنكار تلك الأفعال والتصرفات ومواجهة من يقوم بتنفيذها بالفكر والتجديد، يجب علينا جميع أن نعيد تفسير ديننا من جديد بشكل صحيح بعيدا عن التفسيرات الخاطئة التي يروج لها المتطرفين للتأكيد على صحة أجندته الإرهابية، يجب علينا التوصل لرواية مضادة للنسخة المتطرفة من الإسلام.