الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

بطولات خالدة من "دفتر شهداء الوطن"

سطروا صفحات من نور فى تاريخ المجد والكرامة

شهداء الوطن
شهداء الوطن
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دوما يسطر شهداء الوطن صفحات خالدة فى تاريخه، تحكى تاريخًا من البطولة والفداء تؤكد أن للوطن دوما رجاله المدافعين عنه وعن ترابه، حتى لو دفعوا أرواحهم فداء له ولأبنائه. 
ومن بين هؤلاء الشهداء نتوقف أمام قصص بطولة البعض، ومنهم الشهيد الرائد مصطفى حجاجى، الذى لقى وجه ربه شهيدا فى 18 يوليو 2015، ثانى أيام عيد الفطر، حينما استهدف الشهيد مع فصيلته فى كمين «أبو رفاعى» بسيناء، حدث ذلك فى نفس احتفال الشهيد بذكرى تخرجه فى الكلية الحربية عام 2009، حيث كان الأول على دفعته 103، كما يقول شقيقه المهندس وائل حجاجى، مضيفا أن شقيقه الشهيد، كان مقررا أن يعود إلى قريته «الشغب» بالأقصر ليمضى بها إجازة العيد، وليبحث عن عروسة، إلا أن إرادة الله سبقت كل شيء، ونال ما أراده دوما وهو الشهادة، مشيرا إلى أن شقيقه هو من طلب نقله إلى سيناء، بعد استشهاد المقدم أحمد الدرديرى ابن مدينة «إسنا» المجاورة للقرية، الذى استشهد فى الهجمات الإرهابية التى استهدفت كمائن عدة بشمال سيناء فى 1 يوليو 2015، وطلب من قيادته أن يحل مكان «الدرديرى» بالكمين، للأخذ بثأره.
دومًا يسطر شهداء الوطن صفحات خالدة فى تاريخه، تحكى تاريخًا من البطولة والفداء، تؤكد أن للوطن دومًا رجاله المدافعين عنه وعن ترابه، حتى لو دفعوا أرواحهم فداء له ولأبنائه.. فهكذا هم شهداء الوطن يستقبلون بأجسادهم سهام الغدر، لحماية أوطانهم، مُسجلين ملاحم خالدة فى صفحات المجد والعزة، بعد أن بذلوا أرواحهم ليعبروا بمصر إلى بر الأمان.. تحية للشهيد، كل شهيد يؤكد يوما بعد يوم ولاءه لهذا الوطن الغالى، ليبقى دائما اسم الشهيد خالدًا فى صفحات السجلات، وشهداء الحرب على الإرهاب، وتظل بطولاتهم تروى على مر الأجيال لا تكفيها سطور هنا أو هناك.
«البوابة» تقف إجلالًا وإكبارًا لشهداء الوطن، وهى تهدى هذه الكلمات البسيطة إلى أرواح الشهداء الخالدين.

الشهيد مصطفى حجاجي.. السطور لا تكفيه حقه
ومن بين هؤلاء الأبطال الشهيد الرائد البطل مصطفى حجاجى حلمى محمد الذى استشهد فى ١٨ يوليو ٢٠١٥ فى ثانى أيام عيد الفطر أثناء استهداف كمين أبورفاعى فى سيناء، وهو ذكرى نفس اليوم الذى تخرج الشهيد فيه فى الكلية الحربية عام ٢٠٠٩ وكان الأول على دفعته ١٠٣ صاحب التاريخ الكبير من التضحيات أثناء الحرب على الإرهاب فى سيناء.
وقال المهندس وائل حجاجى شقيق الشهيد، إنه كان دائم الحرص على تجميع أبناء دفعته من أجل المشاركة فى أعمال الخير، وكان من المفترض أن يعود إلى بلدته قرية الشغب بالأقصر فى إجازة العيد من أجل البحث شريكة حياته، ولكن ذلك لم يتحقق ونال ما كان دائما يريد أن يناله وهى الشهادة، حيث إنه هو الذى طلب نقله إلى سيناء خاصة بعد استشهاد المقدم أحمد الدرديرى ابن مدينة إسنا المجاورة لقريتهم، الذى استشهد فى الهجمات الإرهابية التى استهدفت كمائن عدة بشمال سيناء فى ١ يوليو ٢٠١٥، وطلب من قيادته أن يحل مكان الشهيد الدرديرى بالكمين، قائلا «طلبت من قيادته نقلي مكان الدرديرى للأخذ بثأره لأنه من نفس بلده على الرغم من أن شقيقى كان مرشحًا لمنصب أفضل وأعلى داخل القوات المسلحة». 

الشهيد حازم أبوالمعاطى.. مات الجدع وسط الأبطال
فى معركة الكرامة.. قصص وبطولات للشهيد «حازم أبوالمعاطي» فى «ملحمة» الـ ٢٠ دقيقة تصدى للعناصر الإرهابية بكل شجاعة فى كمين «النقب» ومصر أخذت ثأر شهدائها.. مات الجدع وسط الأبطال، دافع عن أرضه من الإرهاب، قال لعساكره: اضرب يا واد، دى أرضك وده عرضك أوعاك تهرب أو تخاف.
الرائد الشهيد البطل حازم أسامة أبوالمعاطى، قائد كمين النقب بالوادى الجديد، استشهد هو و٨ آخرون من أبطال قوات الشرطة البواسل، وذلك بعد قيام مجموعة إرهابية بمهاجمة كمين النقب فى محافظة الوادى الجديد، وعلى بعد ٨٠ كيلو من مدينة الخارجة، فى ١٦ يناير الماضى.
وكان من المقرر أن ينزل الشهيد إجازته يوم ١٧ يناير، أى بعد يوم واحد فقط من استشهاده، لكن الله عز وجل أراد أن يلتقيه، بدلًا من أن يلتقى الشهيد أسرته وأهله وأقاربه وأصدقاءه.
والشهيد من مواليد ١٩٨٧ بمنطقة «الورديان» بالإسكندرية، وتخرج فى كلية الشرطة دفعة عام ٢٠٠٨، تزوج عقب تخرجه، ولديه طفلان هما «مهند ٥ سنوات، وفرح ٣ سنوات»، وعمل الشهيد بقسمى شرطة الدخيلة ومينا البصل قبل أن ينقل للعمل بمديرية أمن الوادى الجديد منذ عامين.
كان من المقرر أن تنتهى خدمته فى الوادى الجديد نهاية العام الحالى ليعود مرة أخرى لاستلام عمله بالإسكندرية، وكانت آخر زيارة للشهيد لأسرته وأهله قبل استشهاده بـ١٠ أيام واطمأن على أولاده فى مكالمة هاتفية مع زوجته قبل ساعة من الحادث.
واشتهر الشهيد بأخلاقه واحترامه، وفور علم الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران بخبر استشهاده، اتشحت منطقته بالسواد على فراق الابن الغالى، مشهد مأساوى لعائلة الشهيد وزوجته التى تركها حبًا فى الرفيق الأعلى.
وقال والده العميد حسام أبوالمعاطى، إن ابنه استشهد فى الساعة السابعة والنصف مساءً، حيث قام الشهيد بالاشتباك مع العناصر الإرهابية لمدة ٢٠ دقيقة، ورفض أن يترك موقع الكمين هو وعساكره، وظل يتعامل مع العناصر الإرهابية لآخر نفس، حتى استشهد ومعه ٨ آخرون من أبطال الكمين البواسل.
وأضاف أن ابنه الشهيد كان يُحب أن «يصطاد»، وكان يقوم بـ «التنشين» على الأهداف بكل دقة، وكان مميزا فى «الرمي»، ونتيجة ذلك قام الشهيد باصطياد عنصرين إرهابيين أثناء الهجوم على الكمين الذى كان يتولاه. 
وعقب مقتل الشهيد والأبطال الثمانية الآخرين فى كمين النقب، تشكلت مجموعة عمل مشتركة من قبل القوات المسلحة والشرطة، لرصد العناصر الإرهابية التى قامت بتلك العملية الغادرة، وعلى الفور، تم التعامل معهم، وقامت القوات بأخذ ثأر شهداء كمين النقب، لينعم الشهداء بالراحة بعد أن أخذ زملاؤهم حقهم من تلك العناصر الإجرامية والإرهابية، التى لا تعرف دينًا أو وطنًا.

الشهيد العقيد أحمد الدرديرى.. ضحى بنفسه ليعيش جنوده
الشهادة فى سبيل الوطن شرف لا يضاهيه شرف، ينالها من كتبها الله عز وجل عليه ليكون فى مرتبة عالية ومنزلة كبيرة منحها الله سبحانه وتعالى له، فأبطال القوات المسلحة الذين يقدمون التضحيات فداء للوطن لم يبخلوا قط بأرواحهم ودمائهم فى سبيل حماية الوطن، وسجل الشهداء خير شاهد على ذلك، فكم من بطولات خلدها التاريخ لأبطال القوات المسلحة الذين استشهدوا دفاعا عن الأرض.
إن الحرب التى يخوضها الجيش المصرى الآن فى سيناء مع الجماعات الإرهابية لا تقل ضراوة عن الحروب التى واجهتها مصر على مر تاريخها بل تزيد عليها، لأن جيشنا الوطنى يحارب عدوًا مستترًا وليس جيشًا نظاميًا كما كانت الحروب التقليدية، فالعدو الآن يعتمد على زرع العبوات الناسفة واستخدام السيارات المفخخة التى تستهدف أبناءنا من الضباط والجنود من خلال حرب غير شريفة. 
ومع إصرار وعزيمة الجيش المصرى وبسبب عقيدته التى لا تلين، أخذت القوات المسلحة على عاتقها عهدًا أن تقطع دابر الإرهاب وتستأصل شأفته مهما كلفها من تضحيات فى سبيل حماية الوطن.
زوجة الشهيد العقيد أركان حرب أحمد عبدالحميد الدرديرى أحد أبطال القوات المسلحة، تتحدث عن زوجها الذى قدم نموذجا رائعا فى التضحية والإيثار، والذى استشهد فى الهجوم الإرهابى المسلح على أحد كمائن سيناء، حيث ضحى بنفسه من أجل أن يعيش زملاؤه وجنوده. 
دماثة خلقه وتدينه وبره بوالديه وسلوكه الطيب وسط زملائه وجنوده صفات رائعة تحلى بها الشهيد الراحل إلى جانب حبه الشديد لوطنه وبلاده، فكانت البطولات العسكرية لأبطال وقادة حرب أكتوبر العظماء، قد شكلت فى وجدان الشهيد الدرديرى شغفًا قويًا وحبًا للحياة العسكرية وهذا ما دفعه للالتحاق بالكلية الحربية حيث كان يعتبر قادة الحرب قدوته ومثله الأعلى فى التضحية والفداء.
قالت السيدة ياسمين مصطفى زوجة الشهيد البطل أحمد الدرديرى، إن الشهيد التحق بالكلية الحربية عام ٩٧ وتخرج عام ٩٩ دفعة ٩٣ حربية سلاح المشاة، التحق بعد التخرج بالجيش الثانى الميدانى بمدينة القنطرة فى الإسماعلية، ثم سافر إلى السودان ليشارك قوات حفظ السلام هناك عام ٢٠٠٥ وذلك عقب زواجه بـ٣ أشهر لمدة عام، ثم عاد بعد ولادة نجله الوحيد عمر بـ٣ أشهر ثم أكمل خدمته فى الجيش الثانى الميدانى ثم الجيش الثالث الميدانى.
وأضافت أن البطل الشهيد شارك فى التدريبات المشتركة التى نظمتها القوات المسلحة مع المملكة العربية السعودية ضمن قوات المشاة، حيث ربطته علاقات وطيدة مع عدد كبير من زملائه الضباط من الجيش السعودى وذلك لدماثة خلقه وطيبته، وبعد إنهاء فترة التدريبات المشتركة عاد ليخدم فى الكلية الحربية لمدة ٤ سنوات، وعقب خدمته بالكلية الحربية التحق بكلية القادة والأركان وحصل على الدورة ٦٣ أركان حرب ليعود مرة أخرى إلى صفوف الجيش الثانى الميدانى بالقنطرة، وخلال هذه الفترة كان قد قدم عدة طلبات أفصح فيها عن رغبته الشديدة فى المشاركة فى العمليات العسكرية فى سيناء أو رفح أو الشيخ زويد أو العريش، وكل ذلك كان سرا دون علمنا على الإطلاق.
وتابعت أنه فى يوم ٧ يناير ٢٠١٥ حدث هجوم إرهابى على ٦ كمائن بالتزامن حوالى الساعة السادسة صباحا، حيث اقتحمت الكمين سيارة مفخخة وقامت قوات الكمين بتدميرها قبل وصولها إلى الكمين، ثم تلا ذلك محاولة اقتحام أخرى للكمين بسيارات دفع رباعى تحوى كل سيارة على ما يقرب من ٢٠ أو ٢٥ عنصرا إرهابيا، وكانوا مسلحين بآر بى جيهات وأسلحة قنص وأسلحة متعددة، فقام الشهيد أحمد بتفجير سيارتين قبل وصولهما إلى الكمين حيث استشهد أحد زملائه الضباط خلال عملية محاولة اقتحام الكمين، ثم أعقب هذا الهجوم هجوم آخر عن طريق مسلحين على درجات نارية يحملون الرشاشات، وعلى الفور تعاملت معهم كل قوات الكمين حيث صفوا منهم عددا كبيرا، وهنا أصيب أحمد فى قدمه اليمنى وواصل القتال حتى أصيبت قدمه الأخرى، وخلال هذه المعركة الضارية أوشكت ذخيرة الكمين أن تنفد فأعطى الشهيد الدرديرى أوامره لجنوده أن يحتموا داخل مدرعاتهم ويذهبوا لكمين آخر لإمدادهم بالذخيرة حيث رفض الجنود أن يتركوه بمفرده، إلا أنه أصر وطلب منهم أن يحتموا بالمدرعة من النيران الكثيفة الموجهة إليهم من قبل الجماعات الإرهابية، حيث ظل أحمد مع اثنين من جنوده لحماية ظهر بقية الجنود لحين عودتهم بالدعم والذخيرة، وفى لحظة اخترقت رصاصة موجهة من أحد قناصة الجماعات الإرهابية رقبة أحمد حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وأودت بحياته فى ١٤ رمضان حوالى الساعة العاشرة صباحًا.

المقدم شريف محمد عمر.. شهيد فى أعلى عليين
دفتر الشهادة يفتح صفحاته ليضم بين جنباته أحد خيرة الشباب ليس لأن الشهيد شريف ابن السكندرى الخلوق محمد عمر، المدير الفنى لنادى الاتحاد السكندرى اﻷسبق، ومدير منتخب مصر العسكرى لكرة القدم، وابن شقيقة المحلاوى الأصيل شوقى غريب، ولكن لأنه ابن مصر، المقدم المقاتل الشهيد شريف محمد عمر.
رفض اﻷب التحدث عن ابنه، حاول أن يظهر متماسكا وذكر فقط آخر ما قاله وهو يودع ابنه وقرة عينه إبراهيم فى الجنازة العسكرية التى شارك فيها اﻵلاف باكيا: «إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون».
قصة استشهاد البطل تثبت أن أرض سيناء الطاهرة مروية بدماء اﻷبطال من كل المحافظات، وهى دليل حى ينفى ما يردده الموتورون حول أن أبناء الكبار والمشاهير لا يذهبون إلى أرض المعركة، لا يذهب إلى سيناء إلا أولاد الفلاحين، أما أولاد علية القوم فلا يذهبون، وعندما تم تحديد المهمة قال له قائده المباشر المكان ده ما يبقاش بعيد عليك يا شريف. 
«ما فيش حاجة بعيدة يا فندم».. بهذه الكلمات أتم الشهيد البطل المقاتل شريف محمد عمر آخر كلامه قبل أن يغادر دنيانا خلال تفتيشه مكان شديد الخطورة. وكأنه كان يقول ده الجنة هناك يا فندم لو سمحت ما تأخرنيش، كان طلب الشهيد بإلحاح لم يعتد عليه من قبل، حيث كان شديد الهدوء والطاعة.
كانت قدم الشهيد أول قدم تطأ هذا المكان منذ بدء العمليات فى سيناء، بكل شجاعة دخل المكان وكشف أسراره وما كان مخبأ به، ولكنه لم يخرج كما دخل، دخل وقدمه تطأ الأرض فخرجت تطأ السماء، دخل وهو بيننا فخرج وهو بين الأنبياء والصديقين والشهداء، فما إن دخل المنزل إلا وانفجرت عبوة ناسفة، ثم حاول الإرهابيون إيذاء البطل بعد أن فاضت روحه حيث لم يكن أحد يجرؤ أن يقترب منه أو من رجاله وهو حى، ثبت الرجال المقاتلون الذين كانوا من حوله حتى لا يمس جسده الطاهر بأذى، ولم تمنع كثافة النيران حول جسده الطاهر أن يستمر البطل المقاتل «محمد الجارحي» فى الدفاع عنه ولا حتى اختراق الطلقات لجسده، لم تمنع الطلقات التى كانت تلاحق البطل المقاتل «عمر عابد» فى حصد أرواح التكفيريين الذين ظهروا من خلف المنزل واحدًا تلو الآخر. إنهم جيش مصر خير أجناد الأرض.
فى طريق المداهمة برفح، رأى المقدم الشهيد سيدتين من بعد وكاد أحد الجنود أن يصوب سلاحه تجاههما فلا شك أنهما تنقلان أخبارهم من هذه المنطقة، لكن البطل الشهيد رفض، وقال «من امتى جيش مصر بيقتل نساء»، فكانت هاتان السيدتان اللتان أعفى عنهما سبب استشهاده، وفقا لاعترافات المقبوض عليهم بعد ذلك، وهم من أبلغوا بدخوله المنزل الذى انفجر فور عبوره بوابته.
أما اﻷم السيدة إيمان غريب، فتحدثت بكلمات من القلب: «شريف ابنى بطل وشرفنا كلنا، وهو ليس استثناء،ً بل تأكيدًا على أن جيش مصر لا يفرق بين أبنائه فى الخدمة الوطنية، ويتربى أسوده على الفداء، وهم فى رباط إلى يوم الدين، لا فارق بينهم، صفًا واحدًا، القادة يتقدمون الصف، كتفا بكتف مع الصف والجنود يسابقون نحو الشهادة، ويا لها من شهادة مخضبة بدماء برائحة الجنة، مسك يعطر الوجود».
مر عام وفى يوم ١٦ مارس من العام الماضى، وفى اللحظة ٩.٢٠ صباحا اخترقت شظية غدر من تفجير عبوة ناسفة بالمنزل الذى داهموه، لتستقر فى قلبى قبل قلبك يا شريف يا بنى وكانت النهاية الجميلة طبعا عشان شريف راجل وبطل، قولولى معناها إيه لما ظابط قائد يترك الدنيا كلها وراء ظهره ويدخل بيت ملغم على مسئوليته الشخصية ليحمى بلده، واستشهد من انفجار عبوة ناسفة.. افتدى البلد بعمره بعذاب فراق أهله، ليه ابنى قائد، ويا بطل ابن مصر هنيئا لك الجنة والشهادة مكافأة ليك ولينا من ربنا سحبانه وتعالى فى الفردوس الأعلى يا حبيبى بإذن الله، إلى أن نلقاك قريبا بإذن الله.
لسه فاكرة زى دلوقتى يوم ١٥ مارس كان آخر كلام بينى وبينك يا شريف كان آخر مرة أسمع صوتك، وقولتلى إنك هاتبقى الصبح شهيد صح يا حبيبى.. ربنا استجاب لطلبك وبقيت شهيد، وبقيت أنا أم الشهيد البطل المقدم شريف محمد عمر.. حرقة قلبى عليك يا بنى، معقول سنة من غير ما أسمع صوتك.. يا رب الصبر من عندك على فراق ابنى، يا رب تقرب أيامى ليه وأبقى جنبه.. وفى نفس اليوم فضلت أردد لنفسي: أنا دلوقتى فى انتظار أجمل خبر .. خبر استشهادك يا بطل».
أم الشهيد لم تتوقف يوما عن مخاطبة الابن الذى نجح قبل استشهاده فى رفح من تعطيل ١٩ عبوة ناسفة، وتتحدث مخاطبة الابن البطل: «زى دلوقتى يا حبيبى جالى خبر هو حلو ومش حلو جالى خبر زفتك للجنة يا شريف فى نعيم الله يا بنى وكده خلاص هانبتدى عمرك الحقيقى سنة أولى شهادة يا بطل يا سيادة المقدم الشهيد البطل شريف محمد عمر.. فى أمان الله يا بن عمرى».
وعن آخر دعوة قالتها اﻷم للبطل الشهيد قبل سفره: «كلمنى ودعيت له: يا رب أشوفك فى أعلى العليين وفى السماء العلا، ما كنتش أعرف إن ربنا ها يتقبل منى وتبقى عريس الجنة.
البطل متزوج وله ابنتان فى عمر و٤ و٥ سنوات، من الضباط المتميزين حيث قضى ٦ سنوات من خدمته مدرسا فى كلية الضباط الاحتياط، قبل أن ينتقل إلى رفح لمدة عام، وكلما تسأله هتتنقل إمتى؟ يرد: أنا مش هانزل من سينا إلا وأنا ملفوف بعلم مصر».

الشهيد رامي حسانين.. بطل من ذهب
بعد عودته من حفظ السلام بالكونغو عين قائدًا لكتيبة بشمال سيناء أخبر أهله قبل أسبوع من استشهاده: «أنا بدافع عن مصر وواخدين بالنا من دم الأبرياء..»، فى ٢٩ أكتوبر من عام ٢٠١٦ انتشر خبر على مواقع التواصل الاجتماعى كالعادة يفيد باستشهاد بطل جديد من أبطال القوات المسلحة إلا أن الصور التى صاحبت الخبر والمعلومات التى بدأت تنتشر فى المواقع والصحف تؤكد أنه شهيد فوق العادة، وأن العقيد رامى حسنين قد حفر اسمه بحروف من نور بين قائمة الشهداء ممن ضحوا فى سبيل الوطن.
كان رامى حسنين أحد أبرز الضباط الذين يقومون بعمليات مكافحة الإرهاب فى شمال سيناء ضد العناصر الإرهابية والمتطرفة، وتم استهدافه يوم ٢٩ أكتوبر الماضى جنوب الشيخ زويد.
تسجل السيرة العسكرية للشهيد العقيد أ. ح رامى حسنين أنه ولد بمركز إيتاى البارود بمحافظة البحيرة، متزوج ولديه طفلتان، هما نورسين (٥) سنوات، ودارين (٥) شهور وله ثلاثة أشقاء، أختان وأخ، وتخرج فى الكلية الحربية فى أول يوليو ١٩٩٦، وانضم لسلاح المشاة، وتخصص فى سلاح صاعقة ضمن الدفعة (٩٠)، وحصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان، وتدرج فى المناصب العسكرية حتى شغل منصب قائد إحدى كتائب الصاعقة بعد عودته من العمل فى قوات حفظ السلام بالكونغو.
الشهيد رامى حسنين خلال فترة خدمته فى الصاعقة تدرج فى الوظائف وسافر فى عدة بعثات خارجية شملت عدة دول، منها إنجلترا وأوكرانيا وتونس حصل خلالها على كل فرق الصاعقة الأساسية والمتقدمة، وبدأ العمل فى سيناء أواخر عام ٢٠١٥.