الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

العرب والنفط والأمن القومي العربي.. ومؤتمر القمة القادم

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
يتصف الوطن العربى، بكل ما يعتريه من تشوهات، بعدد من مصادر التوتر السافرة والمستترة والتى ازدادت عقب ثورات الخراب العربى ٢٠١١، ولا يقتصر الأمر على هذه المصادر وحدها، فثمة مصادر رئيسية أخرى للتوتر تنبع من حقيقة النمو الاقتصادى الاجتماعى غير المتوازن، والتبعية المتزايدة للوطن العربى للخارج.
إن النظام العربى اليوم، ما هو إلا نتاج للنظم السابقة. فى حال تفاعلها وتشابكها مع الأحداث التى شهدتها البداية الكئيبة من هذا القرن، سواء على الصعيد الإقليمى أو على المستوى الدولى.
أما النقطة الجنينية لهذا النظام العربى الجديد فيمكن أن ترجع إلى لحظة إحساس العرب بالانتصار فى حربهم مع إسرائيل عام ١٩٧٣. 
ولكن أيا كانت النقطة التى يفترض فيها قيام ونشوء هذا النظام الجديد. فإن النفط كان هو المحرك لهذا النظام. ولا يتمثل دور النفط فى كونه القوة البارزة التى أحدثت تغييرًا فى التفاعل الشامل بين العرب وبقية دول العالم الذى يعيشون فيه فقط، ولكنه أطلق عقال عدد من القوى الظاهرة والكامنة فى المعادلة العربية المتعددة المستويات: فى علاقة بين أقطاره وفى داخل كل مجتمع قطرى، وفى داخل صدور رجال الوطن العربى وحكامه على حد سواء.
وإذا كان النفط قد ظل يمارس تأثيره على الساحة الاجتماعية السياسية فى عدد من البلدان العربية المنتجة له عبر العقود الثلاثة من القرن العشرين، إلا أن السنوات العشر الأولى فى هذا القرن، تشهد بأن التغييرات الاجتماعية المرتبطة بالنفط قد تسارعت خطاها بشكل مثير على صعيد تلك البلدان، بل امتدت آثارها بصورة أشد إثارة إلى البلدان المجاورة. ولا يختلف اثنان حول أهمية النفط. وعمق تأثيره السياسى والاقتصادى على النظام الإقليمى العربى بصورة عامة. وعلى الأمن القومى بصورة خاصة. بيد أنه لا يوجد اتفاق بين الدارسين والمحللين حول اتجاه تلك الآثار. بمعنى هل كانت آثارًا إيجابية أم محايدة أم سلبية.
إن الفكرة المحورية فى قضية العرب والنفط تنطلق من اعتقاد مهم مؤداه أن للنفط آثارًا مهمة بالنسبة للأمن القومى العربى بصرف النظر عما إذا كانت الآثار سلبية أم إيجابية. لأن مستوى واتجاه الأمن وما يرتبط بذلك من علاقات عربية عربية، وعلاقات عربية إسرائيلية، وعلاقات عربية دولية اختلفت فى الحقبة النفطية عما كانت عليه قبلها وما بعدها وستختلف فى السنوات القادمة كذلك.
إن المفكر العربى بصفة خاصة، والمواطن العربى بصفة عامة يجد نفسه عند كل منعطف تثار فيه قضية استخدام النفط العربى «حائرًا أمام الإجابة على السؤال المركزى الأول: هل سيكون النفط العربى عامل تحرير للاقتصاد والمجتمع العربى بما يدعم الأمن القومى العربى أم سيكون عامل تكريس للتبعية ومن ثم يهدد الأمن القومى العربى؟
وليس هناك من شك فى أن الشعوب العربية كانت باستمرار تطمع لاستخدام النفط العربى كأداة للضغط والمساومة السياسية فى مجال العلاقات الدولية، وبالتالى تسخيره لصالح قضايا التحرير والتنمية والنهضة العربية. ويعود ذلك لطبيعة الظروف التاريخية والسياسية المحيطة بدور النفط فى الاقتصاد العربى، حيث إن النفط مادة سياسية وإستراتيجية بقدر ما هى مادة اقتصادية وتجارية، بحيث قد لا تنافسها مادة أو سلعة أخرى فى الاقتصاد العالمى.
أضف إلى ذلك الوضع الهام الذى تحتله البلدان العربية المصدرة للنفط فى سوق النفط العالمية، إذ قدر احتياطى النفط فى مجموعة الدول الأعضاء بمنظمة الأقطار العربية المصدرة للنفط «الأوبك» بأكثر من نصف احتياطى النفط فى العالم.
ولم تغب عن الدول العظمى أبدًا أهمية النفط كسلعة إستراتيجية فسعت لاستمرار جعلها مصدرا للفرقة والضعف العربى والصراعات السياسية والنفسية والأمنية عن كونها مصدرا للوحدة والتوحد والتنمية والتحديث، فكان هناك عدد من الرجال الغامضين المتطلعين بعيون زائغة نحو ثروات النفط فى الشرق الأوسط واحتمالاتها، بما فيها حجم الأموال التى ينتظر أن تكون جارية فى يد الأمراء الشرقيين الذين يتوقع أن تدهمهم الثروة كأنها نازلات مقادير، وكان بين هؤلاء وكلاء شركات من العطور إلى السلاح وأجهزة مخابراتية لعينة، لكنهم جميعًا كانوا فى مجال البحث عن الفرص، وأول البحث عن الفرص جمع المعلومات.. ثم العمل على خلق بئر التوتر والأزمات بين الأقطار العربية ليصبح النفط أحد العناصر المهمة فى استمرار الاضطراب فى النظام العربى.
وقد تزامن مع هذه الأحداث مجتمعة زيادة عائدات النفط المتحصلة للبلدان العربية الأعضاء فى منظمة الأقطار المصدرة للنفط «أوبك» زيادة هائلة وحتى نعرف كيف فكر العرب فى الاستفادة من هذه الثروة العظيمة التى هبطت عليهم. كيف استخدموها وكيف وظفوها. وهل هذه الثروة أدت إلى تجميع العرب وتكاتفهم وإلى وضع إستراتيجية عربية تحقق الأمن القومى العربى بمفهومه الواسع أى تحقيق التنمية والاستقلال الاقتصادى والاستقرار والشرعية والأمن، فى عالم الكائنات الكبيرة وفى مواجهة عدو متغطرس ما زال قابضًا على أنفاس الوطن العربى باحتلاله لأراض عربية «الجولان والضفة الغربية وفلسطين وجنوب لبنان. هل هذه الثروة النفطية حققت كل ذلك أم لا؟.
ونتيجة لهذا يرى البعض أن إضاعة العائدات النفطية فى إنفاق استهلاكى أو توظيفات مالية غير مثمرة ليس بالضرورة أسوأ ما يمكن أن يحدث. فلهذه العائدات، بطبيعتها، آثار سلبية تؤدى فى معظم الحالات إلى نمو مشوه ومضر.
إن توظيف العائدات النفطية قد ساهم بشكل واضح فى إعادة ترتيب الأوضاع الاقتصادية والسياسية فى المنطقة مما أدى إلى زيادة تبعية الوطن العربى للغرب من جهة وإلى تعميق التجزئة وخلخلة تماسك القوى الوطنية فى المنطقة من جهة أخرى.
ولكن هذا الاضطراب فى النظام العربى الذى أسهم فى تعظيمه عنصر النفط العربى وعائداته الضخمة لم يمنع قيام بعض الدول العربية النفطية بتقديم بعض الدعم والمساعدات المحدودة إلى الدول العربية غير النفطية خصوصًا فى أوقات الأزمات والحروب التى واجهت دول المنطقة العربية كلها، من بينها الأزمة اللبنانية المعاصرة فى منتصف السبعينيات - حرب الخليج الأولى ١٩٨٠-١٩٨٨ - حرب الخليج الثانية ١٩٩١ - الغزو الأمريكى للعراق ٢٠٠٣، واستمرت تلك الأزمات العربية حتى وصلنا إلى ثورات الخراب العربى ٢٠١١ والتى خطط لها ونفذها الغرب بغية إسقاط النظام العربى وإعادة تقسيمه مرة ثانية بما سمى سايكس بيكر الثانية وأصبح الوطن العربى يتصف بكل ما يعتريه من تشوهات بعدد من مصادر الصراع السافر والمستتر. وتحولت معظم دول المنطقة العربية إلى حفائر وأطلال وانتشر الإرهاب والدمار والخراب فى كل المنطقة العربية بل طال الدول الأوروبية ولم تتمكن هذه الدول التى ربت الوحش أن تتحكم فيه وتسيطر عليه فخرج عن طوعها. 
ورغم ما يطلب من واقعية وأمانة فى توصيف الأوضاع التى تجرى الآن على الساحة العربية والتى مهدت الطريق لكثير من الكوارث والأزمات وأدت إلى استقطاع جزء غال من جسد الوطن العربى وهو العراق سوريا ليبيا اليمن إلى جانب انتشار الإرهاب فى جميع ربوع هذا الوطن. فقد أردنا أن تكون الرسالة شهادة على عصر لأنه ليس مرغوبًا أو مفيدًا أن تبدو وكأنها شاهد على قبر.
وبالرغم من كل تلك الأوضاع الخطيرة والشاذة التى تهدد الخيمة العربية من السقوط على رأس أطرافها فما زال الأمل يحدونا أن نجد مخرجا خلال اجتماع الزعماء العرب فى قمتهم الموقرة المزمع انعقادها خلال الأيام القادمة. ولذلك أود أن أشير إلى نقاط بعينها:
■ المصارحة الشريفة المستقيمة قبل المصالحة الخادعة وغير الأمينة.
■ التخلص من أى طرف عربى يثبت تورطه فى دعم الإرهاب وخيانة الوطن العربى كعميل وخائن لتنقية الثوب العربى الطاهر من أى دنس.
■ المطالبة برفع يد كل القوى الأجنبية عن الوطن العربى حتى لا تزداد الأمور تعقيدًا ودمارًا.
■ وقف كل العمليات العسكرية التى تجرى على الأراضى العربية فورًا وبدون أى شروط مسبقة.
■ إنقاذ الأرواح العربية الذكية التى تزهق غدرا وظلما وأيضا الإمكانيات والأحوال العربية الضائعة.
■ الجلوس على مائدة المفاوضات العربية لحل كل المشاكل والصراعات دون تدخل أى قوة أجنبية.
■ مراعاة الحفاظ على سيادة ووحدة كل دولة عربية واحترام إرادة شعوبها فى تقرير مصيرها.
■ وضع إستراتيجية عربية فاعلة للقضاء على الإرهاب ومطالبة القوى الأجنبية التى زرعته فى المنطقة بتقديم كل وسائل الدعم التكنولوجى فى المجال العسكرى واللوجيستى والمالى إلى الدول التى تواجه الإرهاب.
■ مطالبة الدول العظمى بتجفيف منابع تمويل الجماعات الإرهابية والمتطرفة ووقف مدهم بالسلاح.
■ مطالبة الدول العظمى باعتبار جماعة الإخوان الإرهابية جماعة إرهابية مع الضغط على الدول الموجود على أراضيها الإرهابيين قطر تركيا بريطانيا تسليم المجرمين إلى دولهم لمحاكمتهم محاكمة عادلة.