الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

لماذا استهدف التنظيم الإرهابي لندن؟

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم كثرة الشواهد، التي أكدت خلال الفترة الماضية، عدم وقوف أوروبا بمعزل عن موجات العنف، إلا أن القائمين على الأمر في بريطانيا، كانوا يعتقدون أن دولتهم في مأمن من هذه الضربات، على الأقل لأنها لم تشهد عمليات "بالكم" الذي وقع في فرنسا، على سبيل المثال، لكن بريطانيا أيضًا كانت محل استهداف، وتهديد متكرر، من قبل التنظيم الإرهابي، باعتبارها ضمن قادة التحالف الدولي، التي تقود الهجوم عليه بدعم أمريكا.
الوضع الذي كان يبدو مطمئنًا نسبيًا، تحول كليًا عندما شهدت بريطانيا حادثًا إرهابيًا، مساء أول أمس، وسقط فيه 5 قتلى و40 جريحًا، وتكمن خطورة الحادث في أنه استهدف درة ميزان الديمقراطية البريطانية، ومطبخ صناعة السياسات، وهو ما يذكرنا بحادث 11 سبتمبر 2011، والذي تعمد فيه الإرهابيون ضرب رمز التفاخر في الثقافة الأمريكية.
الواقعة التي شهدتها بريطانيا لم تقتصر أصداؤها على لندن، إذ انتقلت إلى القارة الأوروبية، لتعيد إلى المشهد السؤال حول العواصم الأقرب للإلحاق بلندن، خاصة وأن تنظيم "داعش" الإرهابي لم يكف عن التعهد بالمزيد من العمليات.
وتأتي العملية الأخيرة في لندن متفقة مع خطته التي نشرها في إصدار 2015، تحت اسم "رسالة إلى فرنسا"، خاطب فيها عناصره، مشيرًا إلى أنه من بعد فرنسا يأتي دور "روما ولندن وواشنطن".
وعلى شاكلته أيضًا كان تنظيم "القاعدة" الإرهابي، الذي كرر في أكثر من مناسبة تأكيده أن أمريكا هي الهدف الأول له، وكان آخرها التسجيل الصوتي لزعيم التنظيم، أيمن الظواهري، وتعهد فيه بالانتقام من أمريكا لعمر عبد الرحمن، الجهادي المصري الذي مات في السجون الأمريكية، فبراير الماضي.
وتدور الترجيحات حول مدينة ميونخ في ألمانيا، ومولينبك في بلجيكا، وهي المدينة التي خرج منها نجم العشراوي، صاحب الأصول المغاربية المشارك في عملية تفجير مطار بروكسل أبريل 2016، بالإضافة إلى باريس والجنوب الفرنسي، لتجمع السلفية الجهادية القادمة من دول المغرب العربي هناك، بحسب حديث نسب لوزير الخارجية الفرنسي.
وتعتبر ألمانيا ذات موقع مهم في هذه العمليات، نظرًا لخلافها الأخير مع تركيا، والذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإطلاق تصريح مثير للجدل، خلال كلمته أمام أعضاء جمعية الناشرين بالأناضول قبل يومين، إذ قال: "لن تتمكنوا من السير بأمان في أي مكان بالعالم".
وهو التصريح الذي جعل البعض يربط بين دور تركي في استهداف أوروبا، خاصة وأن وزير الخارجية الأول لحكومة حزب العدالة والتنمية، وأحد المؤسسين للحزب، يشار ياكيش، أقر في تصريح صحفي، عقب فصله من منصبه الحزبي، بأن قطاعًا كبيرًا من الشعب التركي، يصل إلى 8%، متعاطف مع تنظيم "داعش" الإرهابي، أي ما يساوي 6.8 مليون مواطن؛ معتبرًا أن هذا القطاع يحتوي على خلايا نائمة، وبعضهم مستعد لاستقبال واستضافة عناصر التنظيم.
من جانبها؛ قالت الدكتورة نورهان الشيخ، أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن أوروبا تستعد لسلسلة عمليات إرهابية، على خلفية عودة حوالي 30% من الإرهابيين الأجانب، في صفوف تنظيم "داعش" الإرهابي، إلى بلدانهم، وهو ما يعني أن هؤلاء من الممكن أن ينفذون عمليات إرهابية في الفترة المقبلة، وعلى مستوى عالٍ من الدقة، نظرًا لما تعلموه في صفوف التنظيم.
ولفتت "الشيخ"، إلى أن العواصم ذات الأهمية السياسية، مثل: بروكسل المستضيفة لمقر الاتحاد الأوروبي، ستكون الأقرب لتنفيذ عمليات خاصة، وأن ما يقرب من 129 إرهابيًا، عادوا إليها، مع العلم بأن هذا الرقم هو حجم المرصودين فقط.
وشددت أستاذة العلوم السياسية، على أن الدائرة ذاهبة نحو التوسع والتعقيد، فبعدما كانت بروكسل وحدها المستهدفة، دخلت معها فرنسا ثم ألمانيا وأخيرًا بريطانيا، وتطرقت إلى دقة العمليات، مشيرة إلى أنها لم تعد مقتصرة على السلاح الأبيض والدهس، بل تطورت إلى استخدام السلاح الناري.
وعن الاستعداد لمعركة تحرير الرقة السورية، قالت "الشيخ"، إن العالم كله ينتظر ما بعد تحرير الرقة والموصل (معاقل التنظيم في سورية والعراق)؛ مشيرة إلى أن أغلب السيناريوهات تتجه نحو اتجاه قطاع من "الدواعش" إلى أوروبا، وهو ما يعني مزيدًا من العمليات، فيما سيذهب قطاع آخر إلى الحدود الأفغانية الباكستانية.
من ناحيته؛ قال الدكتور طارق فهمي، الخبير السياسي بمركز دراسات الشرق الأوسط، إن بريطانيا نفسها من الدول المرجح تكرار الحوادث فيها، بناءً على تقارير أمنية أوروبية، علاوة على إسبانيا وألمانيا؛ مشيرًا إلى أن الغريب في الأمر أن هذه التقارير، توقعت منذ عشرة أيام، وقوع عمليات إرهابية، نهاية مارس الجاري، إلا أن هذه التنبؤات لم تمنع من وقوع حادث لندن.
ولفت "فهمي"، إلى أن تكرار العمليات في لندن سيدفع بريطانيا إلى مجموعة قرارات، منها: التضيق على دخول الأجانب، كما قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما ستعيد النظر في تشريعات قوانين مكافحة الإرهابي، لاسيما الذهاب إلى وقف مفاوضات الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، خوفًا من مواجهة الإرهاب بمفردها، وبعيدًا عن مساعدات الاتحاد".
وتطرق الخبير السياسي بمركز دراسات الشرق الأوسط، إلى علاقة لندن بجماعة الإخوان الإرهابية، مشيرًا إلى أنها قد تعيد النظر في هذه العلاقات، على خلفية اتهام الإسلاميين بالتورط في العمليات الإرهابية.