الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

سياسة

تفاصيل العلاقة الآثمة بين بريطانيا وجماعة الإخوان

حسن البنا
حسن البنا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
دخل عليه مرتديا بذة إفرنجية ورابطة عنق.. تفحصه البارون بشيء من البرود.. ثم سأله: هل تفضل الحاكم المسلم الظالم أم المسلم العادل، فأجاب مراوغا: هذه المسألة خارج اختصاصي.. فقال البارون: مررنا على مسجدكم ونراه مشروعا عظيما، ولذا قررنا التبرع لكم بـ500 جنيه، فابتسم قائلا: المشروع عظيم لكن التبرع غير عظيم "شخلل جيبك شوية". 
علق البارون بينو بعد انصراف حسن البنا قائلا: "إذا أردت أن تفسد قديسا فعليك بشيئين المال والسلطة"... ثم أردف: ستكون مكاسبنا أكثر كثيرا من مكاسبهم. 
ذات يوم من أيام عام 1919 هبط "ألفرد ملنر" مدير المستعمرات البريطاني، وهو يرتدي بزته الإنجليزية الأنيقة من سفينته إلى أرض مصر كي يقوم بمهمته.." فرق تسد". 
دوما ما أرقه تساؤل: كيف نجح المصريون في الثورة علينا وكيف لم نستطع أن نفرقهم بينما نجحنا في تفتيت الآخرين؟ 
مضى ملنر 4 سنوات كاملة أصبح خلالها عارفا بخريطة مصر الجغرافية والسياسية، سرعان ما ظهر البنا بجماعته معلنا عدم تعرضه للسياسة إلا أن ملنر تيقن أن هذا البنا الشاب سيطمع سريعا في الحكم والسلطان، مدعيا هذه المرة أنه يحمل الإسلام النقي هو وجماعته دون غيرها.. عندها تقع الفتنة. 
في كتابه "مذكرات الدعوة والداعية" يعترف البنا بأنه تلقى مبلغ 500 جنيه من ضابط بالمخابرات البريطانية بعدما ذهب للجلوس معه فى الفرقة ‪m6‬ لتلك المخابرات.‬‬ 
كتب هيوارث دان، الوثيق الصلة بالبنا، في مذكراته أن صديقه المرشد طلب من بعض المصريين الوثيقى الصلة بالسفارة البريطانية نقل استعداده للتعاون، وأن أحمد السكرى، المؤسس الفعلي للتنظيم، طلب أموالًا وسيارة في مقابل هذا التعاون. 
رواية أخرى وردت على لسان إبراهيم حسن، وكيل جماعة الإخوان المفصول، كتبها في مجلة "الجماهير" حيث قال إن "البنا" و"السكرى" كانا على اتصال بمستر كلايتون، سكرتير السفارة البريطانية، لدراسة المصالح المشتركة بينهم وبين الإنجليز. 
انتشرت جماعة حسن البنا في منطقة سيطرة الجيش البريطاني في الإسماعيلية، فطارت التقارير إلى لندن متحدثة عن أن الرجل وجماعته يرفعون شعار الإسلام إلا أنهم لا يطالبون بجلاء القوات المحتلة.. لا تثير القلق لكنها تنتشر سريعا. 
أنشأ البنا تنظيمه السري في الجيش والشرطة وهادن الملك في العلن وحارب الوفديين وكافة القوى الوطنية المصرية لكنه قُتل قبل أن يؤتي ثماره، وانقلب الجيش على الملك فاروق وأطاحوا به من عرش مصر، وعندما شعر عبدالناصر أن الجماعة تريد أن تسيطر على البلاد وحدها مستعينة بالإنجليز بعد تصفيته قرر أن يزج بقادتها في السجون قبل أن تحقق أغراضها. 
عند هذه النقطة يكشف «مارك كورتيس» في كتابه «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» أن المعاملات السرية بين البريطانيين والإخوان أخذت منحى آخر إذ نظرت بريطانيا للجماعة باعتبارها معارضة مفيدة لسياسة الرئيس جمال عبدالناصر ذات التوجهات القومية العربية، وأنها أفضل وأقل ضررًا من التيارات القومية رغم أصوليتها الشديدة، ومن ثم عقد مسئولون بريطانيون اجتماعات مع قادة الإخوان المسلمين من أجل العمل كأداة ضد النظام الناصري الحاكم أثناء مفاوضات إجلاء القوات العسكرية البريطانية من مصر، وكذا من أجل خلق موجة من الاضطرابات تمهد لتغيير النظام في بلاد النيل. 
ومع اندلاع العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 فإن "مصادر جديرة بالثقة" أشارت للمؤلف إلى أن بريطانيا قامت باتصالات سرية مع جماعة الإخوان المسلمين وغيرهم من الشخصيات الدينية كجزء من خططها للإطاحة بعبد الناصر أو اغتياله، وأن المسئولين البريطانيين كانوا يعتقدون –وربما يخططون أيضًا- أن هناك إمكانية أو احتمالية أن يقوم الإخوان المسلمين بتشكيل حكومة مصرية جديدة بعد الإطاحة بعبدالناصر على أيدي البريطانيين.
بعد ذلك بعام، وعلى وجه الخصوص في ربيع عام 1957 كتب تريفور إيفانز، وكان مسئولًا بالسفارة البريطانية وقاد اتصالات سابقة مع الإخوان المسلمين في خطاب رسمي لحكومة بلاده: "إن اختفاء نظام عبدالناصر ينبغي أن يكون هدفنا الرئيسي".. بينما تجدر الإشارة أيضًا إلى أن الخطط البريطانية السرية للإطاحة بالأنظمة القومية في سوريا بين عامي 1956 و1957 كانت ترتكز أيضا على تعاون كبير مع جماعة الإخوان هناك. وعليه ولأسباب مشابهة أيضًا انحازت الحكومة البريطانية باستمرار إلى جانب الإخوان بمختلف أرجاء الشرق الأوسط. 
والكتاب يؤكد أيضًا أن رحيل جمال عبدالناصر عام 1970 لم يضع حدًا لنظرة البريطانيين للإخوان كسلاح يمكن استخدامه في وقت الأزمات، فوفق المؤلف فإن لندن راقبت عن كثب ذلك التقارب اللافت الذي حدث بين الرئيس السادات والإخوان، ومن ثم لم تشأ قطع الصلة بهم.