الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

"غرفة العنكبوت".. من "حبايب الكوين بوت" إلى القائمة القصيرة لـ"البوكر"

محمد عبدالنبى
محمد عبدالنبى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
على لسان «هانى محفوظ»، يروى محمد عبدالنبى قصصا، ويستعرض مشاهد من حياة المثليين فى مجتمعنا المصرى، متسلهمًا الأحداث من القضية الشهيرة التى عُرفت إعلاميًا بـ«الكوين بوت - أو مركب الملكة ناريمان» ٢٠٠١، والتى شغلت الرأى العام المحلى والدولى، متمثلًا فى منظمات حقوق الإنسان.
شملت القضية عددًا كبيرًا من المثليين من رواد الكوين بوت أو غيرهم، ممن لم يرتادوا هذا المكان، ولكن قبض عليهم من الشوارع ومن بيوتهم، أشخاص مختلفون فى خلفياتهم الثقافية والاجتماعية، ولكنهم يربطهم شىء واحد، من ميدان التحرير قبض على هانى محفوظ، بطل الرواية، بصحبة عبدالعزيز رفيقه، الذى أفرج عنه بعد ساعات، لكونه مسنودًا، ولم يشك أحد فى مثليته، بينما قضى «محفوظ» شهورًا عدة فى سجن طرة، فقد خلالها أشياء كثيرة، زوجته، وحياته وصوته، فلم يعد يتكلم ويتحدث إلى الآخرين، بل يكتب لهم ما يريد أن يقوله.
حصل «محفوظ» على البراءة بعد ذلك، ولكن ماذا تجدى هذه البراءة فى مجتمعنا، ربما كان «محفوظ» حظه سيئًا، إذ تمكن أحد الصحافيين من اصطياد اسمه بين المقبوض عليهم، وراح يفرد صفحات فى جريدته عن حياته ووالدته الممثلة الشهيرة بدرية أمين، ونتائج تربيتها التى أدت بحياة ابنها الوحيد، ليكون أحد المثليين جنسيًا، أفكار كثيرة يقول عنها «محفوظ»، «أفكارًا كان يمكن لى أنا شخصيًا أن أقتنع بها فى زمن سابق، قبل أن ألتقى عشرات الأشخاص ممن اختلفت ظروف تربيتهم ونشأتهم عنى تمامًا، ومع ذلك ولدوا ميالين للرجال».
فى مجتمعنا المصرى لا يحلم المثليون بالزواج، كما يحدث فى الدول الأوروبية التى هاجر إليها مينا المصرى المثلى، ولكنهم يحلمون بالأمان فى أماكنهم وتجمعاتهم، فالقضية كما يفسر «محفوظ» تصفية حسابات بين عائلتين كبيرتين، ولذا تمت إضافة عدة تهم للمقبوض عليهم، من بينها تأسيس جماعة تدعو لعبادة الشيطان.
يخشى المثليون مواجهة المجتمع عندما ينفد رصيدهم من محاولات التهرب يخضعون للمجتمع، ففى حياة «محفوظ»، المواجهة تمت بين هانى ووالدته الممثلة المشهورة، بعد ما اكتشفت صداقته بـ«البرنس» المشهور بمثليته، لم يستطع هانى مصارحتها، بل ترك البيت عقابًا لوالدته على اتهامه بهذا الأمر، اضطر هانى رضوخًا لرغبة أمه للزواج من شيرين السكرتيرة التى تعمل معه فى مكتب الديكورات والتصميمات، الذى أسسه بالتعاون مع صديقة له، ولكنه اضطر للهجرة إلى إيطاليا للعيش مع صديقه، وهنا وضعت أمه شرطًا أساسيًا وهو الزواج لكى تدخل معه شريكًا فى هذا المشروع، هنا كانت المواجهة الثانية، كان حلم حياتها هو عفريتى المفزع الذى تجاهلت وجوده طويلًا، ولم تجدِ معها أساليب المماطلة والحجج القديمة، ويقول هانى محفوظ: «على عكس عمر وبعض الحبايب لم يكن الميل إلى العصيان والثورة من بين الخصال التى قد أتباهى بها»، لن أكون واحدًا من الحبايب، يتزوج سواء تحت ضغوط الأهل أو لإبعاد الشبهات عنه أو حتى بدافع رغبته البسيطة فى الإنجاب وتكوين أسرة مثل كل إنسان آخر».
كانت المواجهة الكبرى لمحفوظ والحبايب -كما يحب أن يسمهم- بعد القبض عليهم لتبدأ مواجهة أخرى أكثر قسوة أثناء التحقيقات، وفى السجون، وفى ساحات القضاء، فى الصحف والقنوات الفضائية، إذ تحولت القضية إلى قضية رأى عام، حصل فيها المتهم الرئيسى سمير بركات على خمس سنوات، وثلاث للمتهم الثانى، وسنتين لعشرين متهمًا، وسنة واحدة لمتهم آخر، وبراءة ٢٩ آخرين بينهم هانى محفوظ.

وبقيت المواجهة الآخيرة مع طليقته "شيرين" وأهلها وابنته بدرية، بعد هذه الواقعة، هناك مثليون تركوا البلد تماما ... وآخرون قرروا الزواج ...وآخرون انزووا بعيدا وأعلنوا أنهم لا يعرفوننا.

مع اعتماد أحداث الرواية على بعض الوقائع الحقيقية والثابتة فهي في صيغتها النهائية ليست مبنية على تلك الوقائع،إلا بقدر ما تشيد أحلام النوم على مفردات اليقظة لأن محاكاة الواقع غاية مستحيلة وغير منشودة أيضاً،هكذا اختتم محمد عبد النبي روايته الصادرة عن دار العين عام 2017 التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر".