الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

جوته.. "مع المعرفة يكبر الشك"

يوهان فولفغانغ فون
يوهان فولفغانغ فون جوته
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في هدوء تام؛ مرت اليوم، ذكرى وفاة "يوهان فولفغانغ فون جوته"، أحد أشهر أدباء ألمانيا المتميزين ، والذي ترك إرثًا أدبيًا وثقافيًا ضخمًا للمكتبة الألمانية والعالمية، وكان له بالغ الأثر في الحياة الشعرية والأدبية والفلسفية، وما زال التاريخ الأدبي يتذكره بأعماله الخالدة التي ما زالت "أرفف" المكتبات في العالم تقتنيها كواحدة من ثرواتها.

وقد تنوع أدب "جوته"، ما بين الرواية والكتابة المسرحية والشعر وأبدع في كل منهم، واهتم بالثقافة والأدب الشرقي واطلع على العديد من الكتب فكان واسع الأفق مقبلاً على العلم، متعمقًا في دراساته، ونظرًا للمكانة الأدبية التي مثلها غوته تم إطلاق اسمه على أشهر معهد لنشر الثقافة الألمانية في شتى أنحاء العالم وهو "معهد جوته"، والذي يعد المركز الثقافي الوحيد لجمهورية ألمانيا الاتحادية الذي يمتد نشاطه على مستوى العالم، كما نحتت له عدد من التماثيل.

بدايته..

ولد جوته في الثامن والعشرين من أغسطس عام 1749 ، بمدينة فرانكفورت بألمانيا، كان والداه ميسورين الحال، والده هو "يوهان كاسبار جوته"، وكان جده يعمل حائكًا أما جدته فكانت تملك فندقًا، وهو الأمر الذي جعل العائلة في سعة من العيش.

عمل والدي جوته جاهدين من أجل أن يحصل ابنهما على قدر وافر من العلم، وكان والده يرجوا أن يتبوأ ولده مناصب عالية في الدول، وبالفعل حقق جوته أملهما فتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتى درس المحاماة وتخرج من كلية الحقوق، وعلى الرغم من دراسة جوته للحقوق إلا أن ميوله وعشقه كان للأدب فكان متأملاً للأشياء من حوله واصفاً لها في جمل رقيقة معبرة.

 

مؤلفاته..

تنوعت مؤلفات جوته بين الرواية والقصيدة والمسرحية نذكر من مؤلفاته: آلام الشاب فرتر، من المسرحيات نذكر نزوة عاشق، المتواطئون، جوتس فون برليخنجن ذو اليد الحديدية، كلافيجو، ايجمونت، شتيلا، إفيجينا في تاورس، توركواتو تاسو، ومن قصائده بروميتيوس، فاوست "ملحمة شعرية من جزأين"، المرثيات الرومانية، وسيرة ذاتية بعنوان من حياتي.. الشعر والحقيقة، الرحلة الإيطالية، الأنساب المختارة كما قدم واحدة من أروع أعماله وهي "الديوان الغربي والشرقي"، والذي ظهر فيه تأثره بالفكر العربي والفارسي والإسلامي، ولعل "جوته" هو أول شاعر أوروبي يقوم بتأليف ديوان عن الغرب والشرق مجسدًا قيم التسامح والتفاهم بين الحضارتين، هذا بالإضافة للعديد من المؤلفات القيمة الأخرى.

ومما قاله "جوته"، في وصفه للغة العربية :" ربما لم يحدث في أي لغة هذا القدر من الانسجام بين الروح والكلمة والخط مثلما حدث في اللغة العربية، وإنه تناسق غريب في ظل جسد واحد".

 وقد عكف جوته على دراسة الشريعة الإسلامية دراسة متعمقة، وأطلع على الأشعار والملاحم العربية وتأثر بعدد من الشعراء مثل المتنبي، وقام بإدراج بعض من ملامح أشعاره في روايته "فاوست"، كما تأثر بأبي تمام، والمعلقات السبع فقام بترجمة عدد منها إلى اللغة الألمانية عام 1783 م بمساعدة معلمه "هيردر"، وقرأ لفحول الشعراء مثل امرؤ القيس، طرفة بن العبد، عنترة بن شداد، زهير بن أبي سلمى وغيرهم، وكانت للأشعار والمفردات العربية تأثير بالغ على أشعار وأدب غوته.

"فاوست"..

تعد مسرحية "فاوست"، أهم أعمال جوته، وهي تقع في فصلين، الجزء الأول من التراجيديا ونُشر للمرة الأولى في عام 1808، والجزء الثاني من التراجيديا ونُشر للمرة الأولى في 1832 وهو العام الذي توفي فيه جوته، على الرغم من أن المسرحية حققت نجاحًا باهرًا إلا أنها نادرًا ما كانت تؤدى على المسرح، لكنها حصدت أكبر جمهور في المسارح الألمانية.

"فاوست"، هي خرافة قديمة يردها بعض المؤرخين إلى ما قبل غزو النورمان لإنجلترا، وتناولها العديد من الأدباء في مؤلفاتهم منهم "جوته"، ومن قبله الشاعر الإنجليزي كريستوفر مارلو والشاعر الفرنسي روتبيف والكاتب الألماني غوتهلد إفرايم لسنج.

الخرافة تحكي عن شخص "فاوست"، ورث عن عمه أموالًا، وتعلم كل ما أمكنه من علوم زمانه، ولكنه بعد أن أدركه الكبر أعتقد أن كل ما أخذه من علم لا نفع له، فندم على سنوات شبابه الذي أضاعها ولم يقضيها في متعته، فظهر له الشيطان "مفستوفيليس"، يقايض روحه وجسده على أن يمده بأربع وعشرين سنة وهو في شبابه، اقتنع "فاوست" بما عرض عليه الشيطان فمضى في سبيل الشر فقتل وفسق ووقع في كل رذيلة أمكنه فعلها.

وفي هذه المسرحية عشق فاوست مارجريت "وتُعرف أيضاً باسم جريتشن"، وعندما عرض عليه الشيطان النساء رده ردًا عنيفًا قائلاً بأنه لا يريد سوى مارجريت المرأة التي أحبها.

في الخاتمة تبع "جوته"، منهج ليسنج فعندما أتى الشيطان ليأخذ حقه من الاتفاق في النهاية أتاه صوتًا من السماء قائلاً "لن تفلح فيما تريد"، ويُكتب الخلاص لفاوست ومارجريت.

من أقواله..

ينبغي أن يسمع الإنسان كل يوم قليلا من الموسيقى، ويقرأ قصيدة جيدة، ويرى صورة جميلة، ويقول إذا أمكن كلمات قليلة معقولة.

إنه لأمر عسير أن المرء لا يمكنه الوثوق تمامًا بالأطباء ومع ذلك فلا يمكنه الاستغناء عنهم.

يمكنك أن تصنع الجمال حتى من الحجارة التي توضع لك عثرة في الطريق.

 

الوفاة..

جاءت وفاة جوته في الثاني والعشرين من مارس 1832، وهو في الثانية والثمانين من عمره، وذلك بعد أن أثرى المكتبة الألمانية والعالمية بالعديد من المؤلفات الأدبية القيمة، وقد كان لغوته أثرًا  كبيرًا في الحياة الأدبية في عصره الأمر الذي أهله لأن يظل التاريخ يردد اسمه كواحد من أعظم الأدباء.