الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

الشيخ خالد الجندي في حواره لـ"البوابة نيوز": "طنطاوي" استخدم الدين لإنقاذ مصر.. والخطاب الديني يحتاج لعالم دين.. لا لوصيّ يحمل شعارات.. وكل من يُطالب بمنع الأذان آثم.. وشارب الخمر فاسق بإجماع الفقهاء

وصاية «تجار دين» على الشعب مرفوضة

الشيخ خالد الجندي
الشيخ خالد الجندي ومحرر البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الآراء الفقهية التى أقولها نقلًا عن الأئمة الأربعة
حماية المرأة والمشردين وراء مهاجمتى لـ«الطلاق الشفهي»

تشهد الساحة الدعوية جدلًا كبيرًا حول تجديد الخطاب الدينى، والطلاق الشفهى، والدعوات لمنع الأذان، وعلاقة الدين بالسياسة.. والعديد من القضايا الحياتية.
«البوابة» التقت الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، الذى كشف فيه عن ملابسات تلك الآراء الفقهية، كما تحدّث عن الأزمة الحقيقة، التى تعوق تجديد الخطاب الديني، وما الوصاية التى يفرضها الدعاة على المجتمع، وكيف تكون العلاقة بين «الدين والسياسة»، واصفًا من يرفض الأذان فى الميكرفونات بـ«الفاسق».. وإلى نص الحوار:
■ ما الأزمة الحقيقية التى تعوق تجديد الخطاب الديني؟
- «انفصال المفهوم الدينى المدروس عن واقع الشارع»، هوالأزمة الحقيقية التى تواجهنا جميعًا، وتواجه أيضا صناع القرار فى مصر، فالناس لا يريدون وصيًا عليهم يتحدث من أبراج عالية، حاملًا شعارات دينية، يستحيل تحقيقها فى الواقع، والمجتمع الآن يحتاج لرجل شرع، يمتلك اتصالًا وثيقًا بالشارع، وعلى دراية باحتياجات المصريين والأزمات التى يعيشونها، وجعل الدين يتماشى مع واقع الحياة.
■ لماذا تهاجم بعض المشايخ والدعاة؟
- أولًا أوضح أننى «أهاجم القول وليس القائل.. الرأى وليس صاحبه»، أما الأشخاص فهم إلى زوال، وإذا كنت تقصد العتاب على الملأ، فالفتوى خرجت على العامة، بالتالى يجب أن تصحَّح كما خرجت، وليس بشكل شخصي، وهو ما تعلمناه من علماء الجرح والتعديل.
وأريد أن أكد أن هناك «تجار دين» يفرضون وصاياهم على الشعب، وهؤلاء سأواصل فتح النار عليهم، حتى يرفعوا عباءتهم عن الناس.
■ ماذا تقصد بالوصاية الدينية؟
- أقصد ما نعيشه من واقع مرير، من خلط الدين بالسياسة، ما دعا الناس إلى أن يعتدى بعضها على بعض داخل المساجد، والترويج للسلع والمنتجات الغذائية تحت اسم الدين، بوضع آيات قرآنية على العبوات وواجهات المحلات والمطاعم، وذلك ما يسمى «بتسخير الدين للتربح التجاري»، وهو ما يستدعى مواجهة تلك الخرافات.
أضف إلى ذلك ما يسمى بـ«الرقية الشرعية والإعلانات التى تملأ بعض الفضائيات للحصول على أموال من أناس بحجة رقيتهم، وكذلك إخراج الجن، وعلاج المسحور، وتفسير الأحلام»، والتكسب من الأضرحة والموالد واستخدام مصطلح الفتوى الشرعية، التى أصبحت بلا صاحب أو ضابط ورقيب.
■ هل لديك شعور بالقلق من تلك المواجهة؟
- أعلم أن الحرب ضروس.. ولكنى سأواصل دورى فى تصحيح المفاهيم، ورفع الوصاية عن الناس، محتسبًا ذلك لوجه الله، فأنا نهجى أن الحجة بالحجة، والدليل بالدليل، إلى أن يظهر البرهان.
■ تتعرض للهجوم بسبب نقلكم لآراء فقهية، وتصويرها على أنها فتوى لكم، ومن ذلك فتوى البيرة عند أبى حنيفة .. فما تعليقك؟
- هناك فارق بين الإفتاء والنقل، هناك مقولة تقول «ناقل الكفر ليس بكافر.. وناقل الفقه ليس بفقيه.. وناقل الرأى ليس بمسئول عنه»، هل عندما أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى»، ينسب هذا الحديث إلىّ، أم هذا قول رسول الله.. هذا ما أحب أن أوضحه أن جميع الفتاوي، نقول ما قاله الرسول وعلماء المسلمين، يقول الإمام سفيان بن عوينة: «لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء». نحن لم نتأدب بعلم الحديث، ولا ننسب القول إلى قائله، فعندما أقول إن الإمام أبوحنيفة قال: «كل ما صنع دون العنب والبلح من خمر، فهو حلال»، هذا رأيه.. وأنا أؤيد ما قاله جمهور الفقهاء، أن لفظ الخمر يسكر إذا صُنع من أى شيء، وأن شاربها فاسق بإجماع الفقهاء.
■ كثيرون يهاجمون الخطبة الموحدة.. فما تعليقك؟
- السياسة لا تفكر إلا فى صالح الوطن، هكذا يجب أن يكون، وأنا لا أريد خلط الدين بالسياسة، وليس معنى ذلك أنها «رجس من عمل الشيطان»، فالسياسة ضرورة ومصلحة، عندما نجد الأمة فى حاجة لعدم تفخيخ المنابر، وعدم تحويل المساجد لساحات للصراعات السياسية، لماذا لا نعتبر هذا القرار يمثل مرحلة نوعية سياسية أمنية، خاصة أن جماعات الشر استطاعت اعتلاء المنابر، وتوجيه أذهان العامة بتسميم عقولهم، ما أدى لعزوف الناس عن صلاة الجمعة، وضاعت هيبة المنبر، وهنا استغل «الدين لصالح السياسة»، ففسدت السياسة، وغاب الدين.
■ هل تدخّل الدين فى اتخاذ قرارات لصالح المجتمع والدولة؟
- نعم.. فى قضية البنوك والربا، التى ساهم فيها الإمام الأكبر الراحل محمد سيد طنطاوي، وأنقذ الاقتصاد من الانهيار، وانتصر على التنظيمات السرية التى حاولت «أسلمة» الأعمال المصرفية لصالحها الخاص، بتجميع أموال الناس فى أعمال لا يعلم بها إلا الله، وأعتقد أن شيخ الأزهر السابق، تحمّل من اتهامات وتشكيك وتطاول لتدخله فى ذلك، ورغم ذلك ظل ثابتًا على موقفه حتى وفاته، وكرّمه الله بدفنه بجوار الصحابة.
■ إذن يتم استخدام الدين لإصدار قرارات تحمى المجتمع والدولة؟
- هناك عناصر عدة، لاتخاذ القرارات فى مصر، من بينها الدين، فالمولى عز وجل، لم يقل إن الدنيا تحيا بالدين فقط، وإنما هناك عوامل أخرى، منها المصلحة، والمعارف العلمية.. وهذا يأخذنا إلى أنه لا بد أن تتغير الفتاوى، باختلاف المكان والظرف والشخص والزمان، بالإضافة إلى الاكتشافات العلمية.
■ من وجهة نظرك، ما السبب وراء فساد بعض القرارات فى الماضى؟
- الحقيقة فساد اتخاذ القرار ينشأ من ثلاثة أسباب أساسية، المصلحة الذاتية الخاصة، لصاحب القرار أحيانًا، إضافة للضغوط التى تمارس على صانع القرار، ما يتسبب فى خروج قرارات بصورة غير ملائمة، وأخيرًا اتخاذ قرارات دون الرجوع لدراسات علمية وإحصائية، لواقع المشكلة التى تريد اتخاذ القرار بشأنها، أضف إلى ذلك المشاكل التى تواجه البنية المعلوماتية، وهو ركن أساسى فى الفساد، ما يتسبب فى خروج قرارات غير ملائمة وغير مقبولة ولا تناسب احتياجات المجتمع.
■ ما دور الدين فى التخلص من الفساد؟
- دور كبير.. يأتى على رأسه محاكمة المفسدين فى الأرض، ويقصد به الشخص الفاسد، وهو ما وجهنا له الله تعالى، فى آيات عديدة فى كتابه الكريم ومنها: «إن الله لا يحب المفسدين»، «ولا تفسدوا فى الأرض بعد إصلاحها»، وهنا القرآن لا يرضى بأى حال من الأحوال أن يقوم شخص بالفساد فى الأرض، أو اتخاذ قرارات لصالح مجموعة من البشر.
ويحذرنا القرآن الكريم من اتخاذ القرارات تحت ضغوط، حيث يقول: «بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره»، «وكل نفس بما كسبت رهينة»، منبهًا إلى أن كل إنسان سيسأل عن القرار الذى اتخذه، ولا يتعذر الإنسان يوم القيامة بأن أحدًا قد ضغط عليه، أو أملى عليه رأيه، وهو ما ينطبق فى قوله تعالى: «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب».
وعن فساد المعلومات يقول تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، رسالة عظيمة من المولى عز وعلا شأنه، بأن نتبين خطواتنا قبل اتخاذ أى قرار، وعدم السير وراء الشائعات، وأخطرها التى يروج لها بعض مواقع التواصل الاجتماعي، ومثيرى الفتن من الجماعات التكفيرية، فالدين يحث على التحقق والتبين قبل إلقاء الاتهامات، لأى شخص.
■ أزمة «الطلاق الشفهي»، من يحسم الجدل فى تلك المسألة؟
- يوجد اختلاف بين العلماء.. وحكم ذلك يفصله المشرع، كونه له الحق فى اختيار أى من الآراء يراه فى صالح المجتمع، لأن من القواعد الفقهية المعمول بها أن حكم الحاكم يمنع الخلاف، وهناك أمر آخر: «فمن ابتلى بشيء من المختلف فيه، فليقلد من أجاز»، وهذا أصل من الأصول العلمية التى تربينا عليها فى الأزهر الشريف، بالتالى قضية «الطلاق الشفهي» فيها رأيان، أحدهما مانع والآخر يجيز، فلماذا لا نعمل هنا بتلك القاعدة إذا كان هذا فى مصلحة الأمة، بعدما خربت الذمم، وتغيرت الضمائر وماتت القلوب.
■ ما سبب إصرار بعض العلماء على الطلاق الشفهى؟
- ليس إصرارًا بقدر ما هو هدف لحماية المرأة والأطفال المشردة، الذين اكتظت بهم الساحات والشوارع، وأروقة النيابات ومحاكم الأحوال الشخصية، نريد إنقاذ المرأة والأسرة، فى ظل نسبة طلاق تعدت ٤٠٪، كما هو معلن، فما بالنا بالنسب المتراكمة خلف جدران البيوت. 
■ هناك دعوات لمنع الأذان فى الميكرفونات.. كيف تراها؟
- من يحارب الأذان مجرم.. الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، ويقول تعالى: «ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ»، وهو أحد شعائر المسلمين، ومطردة للشيطان، ينتشر به الخير على الأرض، تقام به أمة الإسلام، فالذى يحارب الأذان أو يسعى لمنعه أو تقييده فاسق، ولا يصدر هذا إلا عن أفاق أثيم. ولكنى أطالب بأن يكون المؤذن حسن الصوت، عالمًا بأحكام التجويد، والمخارج الصحيحة للحروف، وأن يقتصر تأثير مكبرات الصوت على الأذان وخطبة الجمعة فقط.