الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

مراجعات الإخوان.. أعذار أقبح من الذنوب

وهم التمكين الضائع من «دراويش حسن البنا»

قيادات جماعة الإخوان
قيادات جماعة الإخوان الإرهابية أثناء المحاكمات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الجماعة: «إحنا مش بتوع ثورة.. والزيت والسكر هما الحل»
وثيقة «تقييم الأداء»: عدم أخونة الدولة «خطيئة».. وسياسيون: محاولة فاشلة لغسل السمعة

على طريقة المثل العربى «عذر أقبح من ذنب»، بررت جماعة الإخوان «خيبتها الثقيلة» فى الوثيقة التى أصدرتها بعنوان «مبادرة تقييم الأداء»، فالمبررات تمثلت فى أن الجماعة لم «تأخون الدولة»، ولم تدفع بعناصرها إلى المناصب السيادية، بحيث يتحقق لها «التمكين».
وأظهرت المراجعات أيضًا أن الجماعة اهتمت بالعمل الخدمى أكثر من السياسي، واستهدفت التأثير على البسطاء عبر «الزيت والسكر»، فى حين كان مشروعها الأساسى المسمى بمشروع النهضة «مجرد فنكوش».
ولم تتضمن المراجعات جديدًا باستثناء اعتراف الجماعة ضمنيًا بأنها فاشلة ولم تستطع إدارة الدولة، هذا بالإضافة إلى خروجها عن «طوع الثورة» حيث تعمدت إقصاء الرموز الثورية من أبنائها، والدفع بالنماذج البرجماتية التى قالت إنها إصلاحية.
وبدأت المراجعات باسم الوثيقة التقييمية لشباب الإخوان بانتقاد التركيز على العمل الخدمى الأمر الذى أسفر عن إخماد المظاهرات سريعًا.
وقالت: «الجماعة استهدفت المنتفعين من الخدمات»، أى الفئات الأكثر احتياجًا، والأشد فقرًا، لكنها لم تقدم منتجًا فكريًا».
وهكذا.. يبدو جليًا أن الجماعة ترى أن «الحل هو الزيت والسكر»، بل إن الوثيقة تبرر هذه الرشاوى السياسية تبريرًا دينيًا، أليس الإسلام يحض على التصدق على المحتاجين؟
نعم بالطبع.. لكن أى اقتصاد ذاك الذى يقوم على الصدقات؟
ومن قال إن المصريين متسولون كانوا يطمحون بعد ثورة كرامة إلى زيت وسكر حتى يتنازلوا عن مطلبهم بوطن حر ديمقراطي؟

ويقول الدكتور عبدالغنى هندي، مقرر لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن جماعة الإخوان منذ تأسيسها تقوم على استغلال العمل الدعوى لتحقيق أهداف سياسية.
فما ورد فى التقييم يؤكد ذلك، خاصة أنهم ركزوا على الفئات والشرائح الفقيرة، لاستغلال عاطفة الناس التى تميل نحو التدين، وتعتبر من يحدثهم بالدين جديرًا بالثقة.
وتعليقًا على ما جاء فى الوثيقة بشأن تعامل الإخوان مع الناس بمنطق دينى أدبي، والتفاتهم إلى الفئات الأفقر التى أسقطها المجتمع والنظام من حساباته يقول «هندي» إن الإخوان مثلهم كمثل جماعة أنصار السنة المحمدية، الذين يستقطبون الفئات المحتاجة من خلال الدين والدعوة لتحقيق قاعدة جماهيرية يستفيدون منها وقت المعارك الانتخابية.
وهذا الأمر يؤكد أن القوى السياسية التى انتقدت جماعة الإخوان منذ خمسة عشر عامًا كانت محقة؛ والواقع يؤكد أننا فى حاجة ماسة إلى سن تشريع يجرم أى خلط أو استغلال للناس من خلال الدين، وحل الجمعيات التى تقحم نفسها فى مجال الدعوة.
ويشدد مقرر لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على تحمل الدولة مسئولياتها فى منع الجماعات السياسية والأحزاب من اتخاذ غطاء ديني، والتأكيد على أن السياسيين لا يجب أن يكون لهم علاقة بالمبادئ الدعوية.
وفيما يخص العلاقات بالدولة اعترفت جماعة الإخوان بأخطائها الجسيمة خلال ست سنوات مضت، وكانت أبرز الأخطاء أن الجماعة فشلت فى التعامل مع الأطراف السياسية، سواء على المستوى التنافسى أو التكاملي، إضافة إلى التمسك بالمشروع الإسلامى وقت حكمها للبلاد، والذى أكد عدم امتلاكها مشروعا حقيقيا لإدارة شئون الدولة، وغياب الطموح السياسى وبالتالى غياب مساحة التطوير للفكر السياسي.
وقالت الجماعة إن عدم «انتهاز الفرص» لإدخال عناصر الجماعة فى مفاصل الجهاز الإدارى للدولة وتحديدا الوظائف السيادية، أسفر عن فقدان آليات النجاح.
هنا تتجلى حقيقة أن الأخونة كانت وما زالت هدفًا للجماعة، ما ينفى مقولات رموز الإخوان من أنهم لم يفكروا فى هذا الأمر، ويهدم تنظيرات كتاب صحفيين ذهبوا إلى أن هذا لم يكن على رأس أوليات الجماعة التى أرادت «التكويش» وانقلبت على الثورة انقلابًا دنيئًا.
وزعمت المراجعات أن عدم السيطرة على الملف الأمنى جعلها تعانى من اضطهاد من قبل الدولة حتى بعد وصول «مرسيهم» للرئاسة وسيطرتهم على مقاعد البرلمان.
وقالت، «الأمن وضع الجماعة فى خندق الأعداء حتى عندما كانت فى الحكم، والدولة منعت أبناءها من الانخراط فى الوظائف السيادية، وبالتالى وجدت نفسها فى مواجهة مباشرة طوال الوقت».

ويقول الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن زعم الجماعة أنها تراجع أخطاءها هو تمويه للعبة سياسية من أجل تحقيق هدفها الأول وهو تصدر المشهد السياسى مرة أخرى، عبر كسب استعطاف الشعب المصري، ومن ثم الظهور بمظهر التائبين.
ويؤكد أن الجماعة التى قتلت ودمرت وهددت وأثارت الرعب، ولم تعترف إلا بالجماعة ومصالحها، لا يمكن أن يكون غرضها من تلك الوثيقة التقييمية سوى تحقيق مكاسب تعود بالنفع عليها.
ويقول اللواء على عبدالرحمن، الخبير الأمنى والاستراتيجي، إن محاولات الإخوان نفى ما يرتبط بهم من جرائم خلال فترة حكمهم للبلاد وما ارتكبته من أخطاء فى حق الشعب المصرى لن تمحوها مراجعات «وهمية».
ويرى أن الجماعة ستبقى فى خندق الأعداء لأن منهجها أعوج وفاسد، ويقوم على سفك الدماء منذ أسس حسن البنا هذا التنظيم الإرهابى المارق.
وأقرت المراجعات بعدم جاهزية الجماعة لإدارة المشهد السياسي، على عكس ما كانت تروج له من إنها «الأكثر جاهزية» على الساحة، ومن هنا رأت الوثيقة أن الجماعة لم تكن لديها الخبرة الكافية على دخول المعترك الحزبي، ودللت على ذلك بالتجربة الحزبية الأولى للجماعة «حزب الوسط» الذى جلب مجرد طرح فكرته الانشقاقات على الجماعة ثم «الحرية والعدالة» الذى جاء تماهيًا مع فترة ما بعد الثورة إلا أن الجماعة عجزت عن تحديد دوره واستيعاب ماهية الحزب السياسي، فجاء «الحرية والعدالة» قسمًا سياسيًا لجماعة الإخوان وليس حزبًا سياسيًا للدرجة التى جعلت قيادات الجماعة تتدخل فى تحديد سياساته.
وتحت عنوان «التقصير فى الإعداد لإدارة الدولة» قالت الوثيقة إن حزب الحرية والعدالة لم يستعن بالمراكز البحثية ومجموعات الضغط لإثبات قدرته على الإدارة المنظمة للدولة، الأمر الذى عجل بالكشف عن قصور الجماعة.

ويقول عمر صميدة، رئيس حزب المؤتمر إن الفشل الحزبى لجماعة الإخوان كان ظاهرا منذ اليوم الأول الذى أعلنت فيه الجماعة عن برنامج حزبها الذى وصفه بـ«المرتبك».
ويوضح أن الجماعة لم يكن لديها الاستعداد للعمل الحزبى واعتادت العمل باعتبارها تنظيمًا سريًا ومن ثم عندما جاءتها الفرصة للعمل تحت إطار حزبى مارست نفس سياستها السرية والإقصائية.
ويشير إلى أن الأحزاب المدنية كانت متيقنة من أن «الحرية والعدالة» سيسقط لانعدام الخبرة، مضيفًا «كانوا يقولون الشيء وعكسه ويفعلون الأمر ونقيضه وهكذا كان سقوطهم حتميًا».
وفيما يتعلق بالثورة حملت ورقة مراجعة الإخوان لها تناقضا كبيرا اتجاهها، ففى الوقت الذى زعمت فيه «الإخوان» أنها جماعة ثورية قادها زعيمها حسن البنا، إلا أن تقييم أدائها تجاه الثورة اعترف أنها لم تكن على قدر الحدث.
وفشل الأداء الإعلامى للجماعة فى تقديم نفسها باعتبارها فصيلا ثوريًا، عبر تعمد تغييب الرموز الإخوانية الثورية والاتكاء على الدفع بالرموز التنظيمية فقط، كما حاولت الجماعة اتباع نهج تصدير أخطائها إلى القوى السياسية.
ووجدت الجماعة نفسها فى موقف «رد الفعل» إثر اتهام القوى السياسية لها بأنها «سرقت الثورة».

ويؤكد الدكتور محمود خليل أستاذ الإعلام بجماعة القاهرة أن المراجعات تصب فى دائرة المراوغة الفكرية، لأن «الإخوان» لو أرادت حقا المراجعة فعليها الخروج نهائيا من المشهد السياسى لارتكابها جرائم عنف ضد الشعب المصري.
ويضيف أن الإخوان لم تتفاعل مع الثورة منذ بدايتها، بل رفضتها، ولم تقرر النزول معها إلا يوم ٢٨ يناير، عندما وجدت أن مصلحتها تصب فى مشاركة الثورة للاستيلاء على السلطة، وأن الوعود التى قدمتها للقوى الثورية سرعان ما تراجعت عنها، بل حاولت الاجتهاد فى اختطاف الدولة المصرية وراوغت مع القوات المسلحة، وهو ما أظهرته خطابات قياداتها بدءًا من المعزول محمد مرسى وخيرت الشاطر والمرشد محمد بديع.
ويقول: الاعتراف بالأخطاء من جانب الإخوان يلزمه الابتعاد عن المعادلة السياسية، والتفرغ فقط للدعوة دون الدخول فى السياسة، لأن الإخوان تسببوا فى خلق كارثة «الإرهاب» بعد الثورة، وأن من يراجع نفسه عليه أولا أن يعترف أنه أذنب.
ويرى أن الإخوان فى تقييماتها حاولت رمى أخطائها على جدار عدم جاهزيتها السياسية، على الرغم من أنها صدرت أنها القوة الأكثر تنظيما بعد الثورة، وأنها البديل لـ«مبارك»، وعندما ساعدتها فى ذلك القوى السياسية كانت ترتكب خطأ كبيرا.
كما يفند «خليل» مزاعم الإخوان محملا الكوادر الأكاديمية سبب افتقارها إلى الابتكار، مرجعا السبب إلى تربية رموزها على مبدأ السمع والطاعة، فكيف لها أن تنتج فكرا مبتكرا؟
ويتطرق «خليل» للأداء الإعلامى للإخوان بعد عزل «مرسي»، مؤكدا أنه كان خطابا متواطئا مع العمليات الإرهابية ضد الدولة، ويحتفى بالشماتة تجاهها، وظهر هذا فى تعليقاتهم على ارتفاع الدولار وأى سلعة أخرى، بهدف تحويل أى حدث صغير إلى كارثة ضد الدولة.