الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

السرطان النائم في مصر"2".. ري آلاف الأفدنة الزراعية بالدلتا بمياه المجاري.. حجة الفلاح: "نقص مياه".. وخبراء: تسبب مشاكل في الكلى وتضرب الجسم بالأمراض القاتلة.. وزارة الزراعة: شائعات.. وبرلماني: كارثة

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
السرطان نائم في مصر، معظم الأشياء في البلاد تؤدي إلى الإصابة بالمرض اللعين، الدلتا بؤرة خطرة جديدة، آلاف الأفدنة الزراعية بها تروى بمياه المجاري، حجة الفلاح "نقص المياه"، في حين يؤكد خبراء أن المبرر غير مقبول، وأن الري للزراعات والمحاصيل باستخدام مياه الصرف الصحي غير المعالجة خطر بالغ، ويسبب مشاكل في الكلى، ويضرب الجسم بالأمراض القاتلة. 

الواقع أن الأزمة قديمة وتمتد إلى عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وبحسب تقرير رسمي صدر عن وزارة البيئة عام 2009، ذكر أن تركيز المواد العضوية (الطلب البيوكيميائي على الأكسجين) قد تجاوز الحد المسموح به (6 ملغم/لتر) في جميع القنوات ". 
كما رصدت التقارير أن متوسط تركيزات الأمونيا في معظم نقاط الرصد في قنوات الدلتا قد تجاوز الحدود المسموح بها، وأن عدد خلايا البكتيريا القولونية يتجاوز الحدود الآمنة (1،000 خلية لكل 100 ملليتر) التي تحددها منظمة الصحة العالمية.
الأمثلة والوقائع كثيرة، العام الماضي 2016 وفي محافظة الغربية لجأ الفلاحون لري الأراضي بمياه “الصرف الصحي” بعد عجزهم عن توفير المياه، خاصة في مراكز السنطة وسمنود وزفتى وقطور، وفي القليوبية نجد قيام عدد كبير من المزارعين باستخدام مياه الصرف الصحي فى عمليات رى أراضيهم الزراعية من خضراوات ومحاصيل زراعية وحدائق موالح، حيث لم تسلم هذه القرى من مخاطر مكامير الفحم الواقعة على هذه المصارف بل وزاد الطين بلة قيام سيارات الكسح بإلقاء حمولتها فى المصرف ويقوم المزارعون برى أراضيهم منه ما يعرض ملايين المواطنين للإصابة بالفيروسات الكبدية والفشل الكبدي وغيرها من الأمراض الفتاكة، والصورة تتكرر وتتزايد في الشرقية والمنوفية والدقهلية دون رقابة. 
هنا يحذر الدكتور محمد جمال صيام، مستشار مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية بجامعة القاهرة، من خطورة تزايد الظاهرة واستخدام مياه الصرف الصحي غير المعالج في ري بعض المحاصيل الزراعية، لافتا إلى أنه نتيجة أزمة نقص المياه العزبة بسبب دورة الجفاف في الهضبة الاثيوبية تأتي المياه إلينا دون المعدل، وهو ما يعني اللجوء إلى سحب مياه من بحيرة السد العالي من أجل الكفاية، مؤكدا أن الفلاحين لا تصلهم المياه بصورة جيدة وهناك مناطق عديدة تروي بالصرف وخاصة خلال فصل الصيف وهو ما برز في محصول الأرز العام الماضي وداخل العديد من الأماكن الزراعية.
ورجح صيام أنه قد يكون لاستخدام مياه الصرف الصحي في الزراعة دورا وعاملا من أسباب إرجاع منتجاتنا الزراعية إلينا مرة أخرى خوفا من جودتها كما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية مع الفراولة وتلاها 6 دول أخرى أعادت منتجاتنا على حد وصفه.
ولفت إلى أن استخدم مياه الصرف في الزراعة يسهم في إحداث سمعة سيئة على الصادرات الزراعية المصرية، لافتا إلى أن تلك الزراعات التي تستخدم مياه الصرف يكون لها أضرار خطيرة لوجود مواد سمية ومعادن ثقيلة داخلها كما أن التربة تحتفظ بالمعادن الثقيلة وتصبح غير صالحة في المدى البعيد للزراعة وتكون ملوثة للثمار وتسبب أضرار صحية كبيرة، لافتا إلى أن هناك اضرار على الفلاحين كذلك.
وتوقع أن تزيد الظاهرة مع تشغيل سد النهضة خلال الأعوام المقبلة، وتابع:" من المتوقع أنه بمجرد عمله ستتضخم الأزمة لأنه سيخفض حصة مصر من المياه بمقدار الربع تقريبا ما يعني أن الفلاحين سيلجؤون لمياه الصرف لري زراعتهم. 
أكد صيام إمكانية حل المشكلة من خلال وجود إرادة سياسية للدولة مستنكرا غياب الاهتمام بالمشكلة رغم زراعة محاصيل عديدة مثل الأرز العام السابق باستخدام مياه الصرف الصحي.

وأشار إلى أن الحلول تتمثل في أن تتجه الدولة إلى ضخ استثمارات في مجال معالجة مياه الصرف الصحي وتحلية مياه البحر، وهو أمر صعب في ظل ارتفاع تكاليف تحلية مياه البحر وتحلية مياه الصرف حيث تبلغ تكلفة مياه الصرف الصحي حوالي 150 قرشا للمتر، بينما تحلية مياه البحر يصل سعر المتر ما يصل إلى جنيهات إلى جنيهين ونصف، ولفت إلى ضرورة الشروع في وضع خطط عاجلة وسريعة من أجل احتواء الأزمة والمساهمة في تنقية مياه الصرف وبناء محطات تحلية المياه.
وقالت الدكتور ولاء عبد الغني، أستاذ المبيدات بكلية الزراعة، أن الأراضي التي تروى بالصرف الصحي بها عناصر ثقيلة مثل الكاديوم والزئبق وهي عناصر موجودة بمستويات عالية ويكون لها تأثير كبير على الإنسان، مشيرا إلى أن مياه الصرف تدخل إلى التربة وتتوقف على الثمار.
وأضاف أن تلك العناصر الثقيلة تسبب مشاكل صحية كبيرة جدا على صحة الإنسان لتأثيرها على الكلي والكبد لأنه يمتص السموم وتُختزن به حيث يصاب الفرد بالميكروبات والبكتيريا الخطيرة، لافتا إلى أن الأمر يرجع إلى إرادة الفلاح وضميره، فهو الذي يكون مسئول عن استخدام تلك المياه وري المحاصيل الزراعية بها رغم خطورتها، مؤكدا أن الفلاح يخاف على عدم ري المحصول الخاص به نتيجة شحة المياه وعدم توفرها بصورة مناسبة ما يجعله يلجأ إلى ذلك الأسلوب الخبيث على حد وصفه.
ولفت السيد حجازي، عضو لجنة البيئة بمجلس النواب، إلى أن استخدام مياه الصرف الصحي في ري المحاصيل الزراعية منتشرة خاصة في القرى داخل المحافظات لافتا إلى أن تلك المشكلة لها جذور قديمة تمتد إلى عشرات السنوات.
وأوضح حجازي، أن الخضراوات والفواكه مشكلتها أنها تؤثر على الصحة، لافتا إلى أن علاج البيئة من تلوث للمياه الجوفية ومواجهة الملوثات المختلفة داخل البيئة سيعمل على تحسين مستوى الصحة، مستنكرا قيام بعض الفلاحين بالحفر أسفل المياه الجوفية وتعكير تلك المياه بواسطة مياه الصرف الصحي وهو الأمر الذي يعمل على زيادة معلات الأمراض داخل البيئة.
وطالب حجازي بزيادة الميزانية المخصصة لوزارة البيئة، وخاصة أن أدنى من مليار جنيه وهو المبلغ المخصص للوزارة لا يكفي لردم المصارف التي تتسبب في الملوثات، لافتا إلى أن الصرف الصحي يعمل على تنظيف البيئة.
وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، من جانبها وكالعادة تحاول تبرئة ساحتها، مؤكدة عبر تصريحات للدكتور عبد المنعم البنا وزير الزراعة أكد خلاله ردا على حكومة السودان التي أصدرت قرارا بحظر استيراد منتجات المربى والكاتشب المصرية، بدعوى صناعتها من محاصيل زراعية مروية بمياه الصرف الصحى، أن جميع صادرات المنتجات الزراعية المصرية المصدرة لجميع دول العالم تخضع لجميع التحاليل الدقيقة من الجهات المعنية من خلال الرقابة على الصادرات مثل الإدارة المركزية للحجر الزراعي والمعمل المركزي لمتبقيات المبيدات قبل أن يتم السماح لها بالتصدير، لافتا إلى أن جميع المنتجات الزراعية تروى بالمياه العذبة وليس بمياه الصرف الصحي كما يتردد من شائعات، مؤكدا على تشديد الرقابة على المنتجات الزراعية لضمان الجودة، والاغرب أن كلام وزير الزراعة شيء، والواقع شيء أخر، الواقع يقول "هناك كارثة".