الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

وثيقة ذنوب "الإخوان".. "الإرهابية" تسرد إخفاقات 6 سنوات وتسقط العنف من "تقييماتها".. الجماعة: "إحنا بتوع الخدمات".. والنهضة "فنكوش".. "الأعلى للشئون الإسلامية": اخترقوا الناس من "باب الفقر"

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في 28 صفحة هي مجموع صفحات الوثيقة التي أصدرها المكتب العام لجماعة الإخوان "جبهة الشباب" ضمن مبادرة تقييم أداء الجماعة في ست سنوات، أقرت الجماعة ممثلة في شبابها بسلسلة اتهامات طالما كانت تنكرها وترى فيها مزايدات.
فمن الاعتراف بالتركيز على العمل الخدمي دون السياسي، وحتى الإقرار بغياب المشروع السياسي أو كما كانت تسميه "مشروع النهضة" جاءت تقييمات الجماعة لأدائها التي غاب عنها الاعتراف بالعنف واللجان النوعية.
ورغم تضمين الوثيقة- التي افتُتحت بصورة لمؤسس الجماعة حسن البنا- سبب إصدار هذه التقييمات في هذا التوقيت وهو محاولة لمراجعة الماضي؛ لتفاديه في المستقبل، غير أن محللين سياسيين أكدوا، لـ"البوابة نيوز"، أن تلك المراجعات شكلية وهدفها تبييض وجه الجماعة التي رأوا أن عليها الحل فورًا لا "المراجعة والمماطلة".
الوثيقة التي كانت نتائج وِرش داخلية وخارجية، بحسب البيان الأخير للجماعة، تفرعت إلى أربع ورقات بدءوها بـ"غياب ترتيب الأولويات، ثم الإخفاق في إدارة العلاقة مع الدولة، حتى الفشل الحزبي للجماعة وتعاملها مع ملف الثورة".
الجماعة: خدميون لا سياسيون.. و"هندي": اعتادوا الاستغلال
بدأت الوثيقة التقييمية لشباب الإخوان بانتقاد التركيز الإخواني على العمل الخدمي، الأمر الذي برروا به انخماد مظاهراتهم سريعًا؛ لأنهم استهدفوا قطاع المنتفعين بالخدمات وليس القطاع الراغب في الحصول على منتج فكري. 
واعتبروا أن ذلك جاء من منطلق ما فرضه الدين من أولوية الاهتمام بالمحتاجين والفقراء، وهو ما رد عليه الدكتور عبدالغني هندي، مقرر لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، بأن جماعة الإخوان منذ تأسيسها تقوم على استغلال العمل الدعوي لتحقيق أهداف سياسية، مشيرًا إلى أن ما ورد في التقييم الذي أعلن عنه شباب الجماعة يؤكد ذلك، خاصة أنهم ركزوا على الفئات والشرائح الفقيرة، لاستغلال عاطفة الناس التي تميل نحو التدين، وتَعتبر من يحدثهم بالدين أنه جدير بالثقة.
وتعليقًا على ما جاء في الوثيقة بشأن" تعامل الإخوان مع الناس بمنطق ديني أدبي، والتفاتهم إلى الفئات الأفقر التي أسقطها المجتمع والنظام من حساباته، يقول هندي: إن الإخوان مثل جماعة أنصار السنة المحمدية، الذين يستقطبون الفئات المحتاجة من خلال الدين والدعوة لتحقيق قاعدة جماهيرية يستفيدون منها وقت المعارك الانتخابية.
وأضاف، لـ"البوابة نيوز"، أن القوى السياسية التي انتقدت جماعة الإخوان منذ خمسة عشر عامًا كانت مُحِقّة في ذلك؛ مطالبًا بسن تشريع يجرِّم أي خلط أو استغلال للناس من خلال الدين، وحل الجمعيات التي تُقحم نفسها في مجال الدعوة. 
ويشدد مقرِّر لجنة الحوار بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، على تحمُّل الدولة مسئولياتها في منع الجماعات السياسية والأحزاب من اتخاذ غطاء ديني، وتأكيد أن السياسيين لا يجب أن يكون لهم علاقة بالمبادئ الدعوية.
الإخوان: "النهضة" وهم.. وخبراء: تقييماتها التفاف
وفيما يخص علاقتها بالدولة اعترفت جماعة الإخوان المسلمين بأخطائها الجسيمة خلال ست سنوات مضت، في علاقاتها مع الدولة والتي كان أبرزها العمل السياسي للجماعة، وفشلها في التعامل مع الأطراف السياسية، سواء على المستوى التنافسي أو التكاملي، إضافة إلى اعترافها بالتمسك بالمشروع الإسلامي وقت حكمها للبلاد الذي تمثَّل في النهضة، والذي أكد عدم امتلاكها مشروعًا حقيقيًّا لإدارة شئون الدولة، وغياب الطموح السياسي، ومن ثم غياب مساحة التطوير للفكر السياسي.
وعن فرص التمدد والانفتاح زعمت جماعة الإخوان عدم انتهازها الفرص واستثمار العمل الجاد لجعل حرمان منتسبي جماعة الإخوان المسلمين من الوجود في المؤسسات العامة للدولة، كقضية رأي عام ضاغط أو مطلب عادل والاستسلام في ذلك للواقع، وتأكيد التقصير تجاه الدولة التي أدت إلى الوقوع في تلك الأخطاء وفقدها كل الآليات التي أدت للفشل السياسي للجماعة أثناء تربُّعهم على السلطة.
وفي محاولة أخرى لاختلاق عدد من الحجج ادّعت الجماعة أن وضعها طوال الوقت في الملف الأمني جعلها تعاني الاضطهاد من قِبل الدولة، حتى بعد وصولهم لمقاعد داخل البرلمان، زاعمة أن انحصار الجماعة في الملف الأمني والتعاملات الأمنية الموجهة للجماعة، جعلها في خندق العداء، ومن ثم منع أبناء الجماعة من الانخراط في الوظائف السيادية داخل الدولة، ومن ثم وجدت الجماعة أبناءها في مواجهة مباشرة مع الدولة طوال الوقت، وهو ما فسره خبراء في هذا الشأن بالستار لتنفيذ مخطط شيطاني إخواني لتصدُّر المشهد السياسي مرة أخرى.
في هذا السياق قال الدكتور حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: إن زعم الجماعة الاعتراف بأخطائها هو تمويه للعبة سياسية من أجل تحقيق هدفهم الأول وهو تصدُّر المشهد السياسي مرة أخرى، من خلال كسب استعطاف الشعب المصري، ومن ثم الظهور بمظهر التائبين.
وأكد سلامة أن الجماعة التي قتلت ودمّرت وهدّدت وأثارت الرعب في الشعب المصري، ولم يكن لديها اعتراف إلا بالجماعة ومصالحها ولا تعترف بمبدأ الدولة، لا يكون غرضها من تلك الوثيقة التقييمية سوى تحقيق مكاسب تعود على الجماعة وخلق أرضية خاصة بالإخوان مرة أخرى بعد أن لفَظهم الشعب والدولة المصرية، ليس على المستوى السياسي فقط، وإنما أيضًا على المستوى الدعوي. 
في سياق متصل قال اللواء على عبدالرحمن، الخبير الأمني والاستراتيجي: إن محاولات الإخوان نفيَ ما يرتبط بهم من جرائم عديدة، خاصة في فترة حكمهم للبلاد وما ارتكبته من أخطاء في حق الشعب المصري، لن يمنحها أي مراجعات "وهمية"، وهي مجرد سعي لن يجدي بثمار ومحاولات فاشلة".
وأوضح عبدالرحمن أن الفكر الذي أسسه حسن البنا داخل مَن ينتمي للجماعة والذي نبَع منه الكثير من العنف والدماء منذ نشأة الجماعة وحتى الآن، هو ما جعلهم في خندق العدو الأول للدولة المصرية كما قالوا، ووضعُهم داخل الملف الأمني طوال الوقت يرجع إلى الفكر المتشدد والدموي للجماعة.

"الوسط" و"الحرية والعدالة".. محطات الفشل الحزبي
من بين الإخفاقات التي أقرّت بها الوثيقة كان الاعتراف بعدم جاهزية الجماعة لإدارة المشهد على عكس ما كانت تروِّج له من أنها "الأكثر جاهزية" على الساحة، ومن هنا رأت الوثيقة أن الجماعة لم تكن لديها الخبرة الكافية على دخول المعترك الحزبي. ودلّلت على ذلك بالتجربة الحزبية الأولى للجماعة "حزب الوسط" الذي جلب مجرد طرح فكرته الانشقاقات على الجماعة ثم حزب "الحرية والعدالة" الذي جاء تماهيًا مع فترة ما بعد الثورة، إلا أن الجماعة عجزت عن تحديد دوره واستيعاب ماهية الحزب السياسي، فجاء "الحرية والعدالة" قسمًا سياسيًّا لجماعة الإخوان وليس حزبًا سياسيًّا للدرجة التي جعلت قيادات الجماعة تتدخل في تحديد سياساته.
وتحت عنوان "التقصير في الإعداد لإدارة الدولة" قالت الوثيقة: إن حزب الحرية والعدالة "الحزب الحاكم" لم يستعِن بالمراكز البحثية ومجموعات الضغط؛ لإثبات قدرته على الإدارة المنظّمة للدولة، الأمر الذي عجَّل بالكشف عن قصور الجماعة، وهو ما علّق عليه الرُّبّان عمرو صميدة، رئيس حزب المؤتمر، بأن الفشل الحزبي لجماعة الإخوان كان ظاهرًا من اليوم الأول الذي أعلنت فيه الجماعة عن برنامج حزبها الذي وصفه بـ"المرتبك". 
وأوضح، لـ"البوابة نيوز"، أن الجماعة لم يكن لديها الاستعداد للعمل الحزبي واعتادت العمل تنظيمًا سريًّا، ومن ثم عندما جاءتها الفرصة للعمل تحت إطار حزبي مارست نفس سياستها السرية والإقصائية، لافتًا إلى أن الأحزاب المدنية كانت متيقنة من أن "الحرية والعدالة" سيسقط لانعدام الخبرة الواضح، والذي وصل بالحزب إلى قول شيء ونفيه في اليوم نفسه، متطرقًا إلى أن بقية الأحزاب الدينية "كانت أقلَّ خبرة من الحزب الإخواني".
فشل الجماعة في الثورة يدحض مزاعمها الثورية
وفيما يتعلق بالثورة حملت ورقة مراجعة الإخوان لها تناقضًا كبيرًا تجاهها، ففي الوقت الذى زعمت فيه "الإخوان" أنها جماعة ثورية قادها زعيمها حسن البنا، فإن تقييم أدائها تجاه الثورة اعترف بأنها لم تكن على قوة الثورة، وفشلت في أدائها الإعلامي قبل وبعد الثورة، عبر تغييب الرموز الإخوانية الثورية والاتكاء على الدفع بالرموز التنظيمية فقط، كما حاولت الجماعة أتباع نهج تصدير أخطائها إلى القوى السياسية، والتي أكدت أن الأخيرة وضعتها في موقف رد الفعل عبر اتهامها لـ"الإخوان" أنها سرقت الثورة، وهو ما أجهد تحركاتها- على حد زعمها.
فى هذا السياق أكد الدكتور محمود خليل، أستاذ الإعلام بجماعة القاهرة، أن المراجعات تصب في دائرة المراوغة الفكرية؛ لأن "الإخوان" لو أرادت حقًّا المراجعة فعليها الخروج نهائيًّا من المشهد السياسي؛ لارتكابها جرائم عنف كبيرة، مشيرًا إلى أن الإخوان لم تتفاعل مع الثورة منذ بدايتها، بل رفضتها، ولم تقرر النزول معها إلا يوم 28 يناير، عندما وجدت أن مصلحتها تصب في مشاركة الثورة للاستيلاء على السلطة، وأن الوعود التي قدّمتها للقوى الثورية سرعان ما تراجعت عنها، بل حاولت الاجتهاد في اختطاف الدولة المصرية وراوغت مع القوات المسلَّحة، وهو ما أظهرته خطابات قياداتها بدءًا من الرئيس المعزول محمد مرسى وخيرت الشاطر، التي تأرجحت إعلاميًّا بين الاحتفاء بالمؤسسة العسكرية والهجوم عليها.
وأضاف "خليل" أن الاعتراف بالأخطاء من جانب الإخوان يلزمه الابتعاد عن المعادلة السياسية، والتفرغ فقط للدعوة دون الدخول في السياسة؛ لأن الإخوان تسببوا في خلق كارثة "الإرهاب" بعد الثورة، وأن من يراجع نفسه عليه أولًا أن يعترف بأنه انتهج العنف، ويعتذر عن المشاركة السياسية كخطوة للتكفير عن ذنوبه.
واستطرد خليل أن الإخوان في تقييماتها حاولت رمي أخطائها على جدار عدم جاهزيتها السياسية، رغم أنها صدّرت أنها القوة الأكثر تنظيمًا بعد الثورة، وأنها البديل لـ"مبارك"، ساعدتها في ذلك القوى السياسية التي ارتكبت خطأ كبيرًا بتضخيم قوة الإخوان، محمّلًا الأولى ما وقعت مصر فيه من العنف.
كما فنّد خليل مزاعم الإخوان محملًا الكوادر الأكاديمية سبب افتقارها إلى الابتكار، مرجعًا السبب إلى تربية رموزها على مبدأ السمع والطاعة، فكيف لها أن تنتج فكرًا مبتكرًا، ضاربًا المثل برموز مثل خيرت الشاطر الذى كان مهندسًا، ولم يبدع في مجال عمله، وكذلك عصام العريان الذى عمل طبيبًا، ولم يقدم خدمات للمجتمع في هذا الصدد.
أستاذ الإعلام بجماعة القاهرة تطرَّق إلى الأداء الإعلامي للإخوان بعد عزل "مرسي"، مؤكدًا أنه كان خطابًا متواطئًا مع العمليات الإرهابية ضد الدولة، ويحتفي بالشماتة تجاهها، وظهر هذا في تعليقاتهم على ارتفاع سعر الدولار وأي سلعة أخرى، بهدف تحويل أي حدث صغير إلى كارثة ضد الدولة.