الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

فرنسا تشعل المنافسة على منصب مدير عام اليونيسكو

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أغلق، قبل أيام قليلة، باب الترشيح لمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، ومقرُّها العاصمة الفرنسية باريس، والذي ينتخب فى أكتوبر المقبل وتستمر رئاسته حتى عام ٢٠٢١، خلفًا للبلغارية إيرينا بوكوفا التى تنتهى فترة رئاستها التى امتدت ثماني سنوات، حيث يسمح قانون اليونسكو بفترة ولاية ثانية لمرة واحدة فقط.
وفى الساعات الأخيرة، وقبل غلق باب الترشيح رسميًّا، دفعت فرنسا بوزيرة الثقافة والاتصال في الحكومة الفرنسية أودرى أزولاى، لهذا المنصب محدثة مفاجأة كبرى إذ إنها تعد سابقة هى الأولى من نوعها أن يتم ترشيح شخص من بلد المقر "فرنسا"، واشتعل التنافس على هذا المقعد الأممي، خاصة أن فرنسا تمتلك الكثير من النفوذ على أعضاء المجلس التنفيذى للمنظمة الدولية البالغ عددهم 58 عضوًا.
أغلق باب التنافس على 9 مرشحين، بينهم المصرية مشيرة خطاب وزيرة الأسرة والسكان والأسرة التى حصلت سابقًا على دعم المجموعة الأفريقية عبر قرار صدَر عن القمة الأفريقية التى عُقدت العام الماضى فى رواندا، والمرشحة اللبنانية الرسمية فيرا خوري التى تعمل منذ 20 عامًا في اليونيسكو، ووزير الثقافة القطري السابق حمد عبدالعزيز الكواري مستشار أمير قطر للشئون الثقافية، بالإضافة إلى مرشحين من أذربيجان وجواتيمالا والعراق ولبنان وفيتنام والصين.
ورغم وجود 9 متنافسين على منصب المدير العام لليونسكو، فإن المنافسة باتت محصورة بين الأربعة الكبار، من بينهم ٣ مرشحين عرب هم: المصرية مشيرة خطاب، والقطرى الكوارى، واللبنانية فيرا خورى، والفرنسية أودرى أزولاى التى قلبت موازين الانتخابات، وصعّبت من مهمة بقية المرشحين، وإن كانت هناك مؤشرات على أن الادارة الفرنسية الجديدة التى سيتم انتخابها فى مايو المقبل ربما لا تساند ترشيح أودرى أزولاى.
ويخيم على أجواء الترشيحات العربية لليونيسكو تفتيت الأصوات بين المرشحين العرب، نظرًا لوجود 3 مرشحين عرب مما يُضْعف فرص المرشح ويزيد مساحة التنافس الذى سيكون شديدًا للحصول على دعم الدول العربية السبع التي لها حق التصويت في الانتخابات، وهي مصر والمغرب والسودان وقطر ولبنان وسلطنة عمان والجزائر.
ومعركة انتخاب مدير عام لليونسكو خاضها من قبلُ شخصياتٌ عربية بارزة، كان آخِرها فاروق حسنى وزير الثقافة السابق الذى خسر المنصب بانتخاب المديرة الحالية بوكوفا فى انتخابات عام ٢٠٠٩، والمديرون السابقون لليونسكو ترتيبًا من الأحدث هم" بوكوفا، وكويشيروا ماتسورا اليابانى، والأسبانى فيديريكو مايور، وآحمد مختار أمبو السنغالى، والفرنسى رينيه ماهبو، وفيتوريو فيرونيزى الإيطالى، ولوث إيفانز الأمريكى، والامريكى أيضًا جون تايلور، وخايمى توريس بوديت المكسيكى، والبريطانى جوليات هكسلى.
وتمثل الثقافة وقوة الحوار والتماسك الاجتماعي والنمو الاقتصادي والإبداع منذ تأسست اليونسكو "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة"، فى عام 1946 جوهر مهمة اليونسكو، ولليونسكو أكثر من 50 مكتبًا وعدة معاهد تدريسية حول العالم، وهدفها الرئيسي المساهمة فى إحلال السلام والأمن عن طريق رفع مستوى التعاون بين دول العالم في مجالات التربية والتعليم والثقافة، وإحلال الاحترام العالمي للعدالة ولسيادة القانون ولحقوق الإنسان ومبادئ الحرية الأساسية، ولها خمسة برامج أساسية هي: التربية والتعليم، والعلوم الطبيعية، والعلوم الإنسانية والاجتماعية، والثقافة، والاتصالات والإعلام، وتدعم اليونسكو العديد من المشروعات كمحو الأمية، والتدريب التقني، وبرامج تأهيل وتدريب المعلمين، وبرامج العلوم العالمية، والمشاريع الثقافية والتاريخية، واتفاقيات التعاون العالمي للحفاظ على الحضارة العالمية والتراث الطبيعي وحماية حقوق الإنسان.
وإحدى مهام اليونسكو الإعلان عن قائمة مواقع التراث الثقافي العالمي، وهى مواقع تاريخية أو طبيعية وحمايتها وإبقائها سليمة أمر يطالب به المجتمع الدولي وليس من مهام المنظمة حماية هذه الأماكن، وفي كل سنة تحاول المنظمة النهوض بحرية التعبير وحرية الإعلام باعتبار أنهما من مبادئ حقوق الإنسان الأساسية عن طريق اليوم العالمي لحرية الإعلام الذى يحين في الثالث من مايو من كل عام، يُقام هذا الحدث للاحتفال والتركيز على أهمية حرية الإعلام كمبدأ أساسي لأي مجتمع سليم حر ديمقراطي.
وتشدد اليونسكو على أهمية وضع الثقافة ضمن الأوليات الأساسية بجدول أعمال ما بعد عام 2015، التي ينبغي أن تكون قائمة على حقوق الإنسان مع التركيز على الحكم الرشيد وسيادة القانون، وكذلك حرية التعبير حيث تواصل اليونسكو عملها في تسخير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لهدف بناء مجتمعات معرفة يعمُّها السلم والاستقرار. 
تأسست في عام 1946 بناء على اقتراح من مؤتمر وزراء الحلفاء للتربية الذي عُقد في لندن، فور انتهاء الحرب العالمية الثانية، وكان لمنظمة اليونسكو خلال السنوات الأولى من انطلاقها دور فعّال في الإسهام بإعادة بناء المدارس والمكتبات والمتاحف التي دمّرت خلال الحرب العالمية الثانية، إذ كانت بمثابة ملتقى فكري لتبادل الأفكار والمعارف العلمية. 
مع انضمام البلدان حديثة الاستقلال بين خمسينيات وسبعينيات القرن العشرين، وجّهت المنظمة اهتمامها حول فتح المجال للفتيات والفتيان للاستفادة من التعليم للجميع ومحو الأمية التي لا تزال تشكل تحديًا كبيرًا إلى يومنا هذا، وقادت اليونسكو على مدى مسيرتها التى تجاوزت السبعين عامًا الحركة الهادفة للمحافظة على البيئة، ودقّت ناقوس الإنذار حول تقلص التنوع البيولوجي على وجه الأرض، حيث سعت عبر برنامج "الإنسان والمحيط الحيوي" الذي أطلق عام 1971، إلى الموافقة بين استخدام الموارد الطبيعية والمحافظة عليها، فشكَّل ذلك الخطوات الأولى نحو التنمية المستدامة.
في 1960 بدأت حملة إنقاذ "معالم النوبة" في مصر من أجل نقل معبد أبو سمبل الكبير والحيلولة دون انغماره بمياه النيل لدى بناء سد أسوان، ومن ثم تحوَّل نهجها إلى حماية التراث الثقافي الذي كان منبع إلهام أفضى إلى انطلاق برنامج التراث العالمي بغية صون مواقع التراث الوثائقي والمادي وغير المادي ذي القيمة العالمية والاستثنائية.
وتعمل اليونسكو حاليًّا على إيجاد الشروط الملائمة لإطلاق حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب على أسس احترام القيم المشتركة. فمن خلال هذا الحوار يمكن للعالم أن يتوصل إلى وضع رؤى شاملة للتنمية المستدامة، تضمن التقيد بحقوق الإنسان، والاحترام المتبادل، والتخفيف من حدة الفقر، وكلها قضايا تقع في صميم رسالة اليونسكو وأنشطتها.
ومنها الدعوة إلى تعليم الفتيات ومحو الأمية بينهم، حيث لا يزال الملايين من الفتيات والفتيان محرومين من حقِّهم في التعليم، وتحول الأمية مئات الملايين من النساء والرجال دون المشاركة الصحيحة في مجتمعاتهم، إيمانًا منها بأن محو الأمية يمثل قوة دافعة رئيسية للتغيير وأداة عملية للتمكين فيما يخص كل دعامة من الدعائم الرئيسية الثلاث التي تستند إليها التنمية المستدامة، وهي: التنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، وحماية البيئة.
وتُولي اليونسكو اهتمامًا خاصًّا للتغلب على مشكلة البطالة حيث تمثل بطالة الشباب تحديًا عالميًّا، ويبقى التعليم أولوية أساسية على جدول أعمال التنمية العالمية الجديدة الذي تشكل من قِبل المجتمع الدولي، بالإضافة إلى التركيز على نشر الوعي والتحذير من تغير المناخ وتقلص التنوع البيولوجي وزيادة الطلب على الموارد الطبيعية يستدعي المزيد من المعرفة العلمية ومجهودات من العلماء لرفع قدرتنا على رصد وفهم كوكبنا. 
تسهم برامج اليونسكو حول المحيطات وموارد المياه العذبة وتبادل المعرفة العلمية والعلوم الاجتماعية في تعزيز مساهمة الاستجابة الدولية لتغير المناخ وجعلها أكثر وضوحًا.