الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

خبراء ترميم وأثريون يدينون تحطم تمثال "رمسيس الثاني" بالمطرية.. طالبوا بمحاكمة المسئول عن الواقعة.. مقررالأعلى للثقافة: مصدوم لما حدث.. ومدير التوثيق يرد: المعدات المستخدمة في الاستخراج "متعارف عليها"

بعد استخدام اللوادر في استخراجه..

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كارثة أثرية حدثت بموقع حفائر البعثة المصرية الألمانية بالمطرية، حينما انتشلت وزارة الآثار تمثالين لرمسيس وسيتي بطريقة بدائية وباستخدام اللوادر والأوناش، وهو ما أثار حالة من السخرية والانتقادات اللاذعة بين الأثريين بشكل خاص، وبين رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام، الغريب في الأمر والمثير للسخرية، أن الدكتور خالد العناني وزير الآثار كان المشرف على عملية استخراج التمثالين بمرافقة محمود عفيفي رئيس قطاع الآثار المصرية، ورئيس بعثة الحفائر.
وتنوعت التعليقات ما بين التهكم والسخرية والهجوم على مسئولي الوزارة الذين لم يراعوا اتباع الأساليب العلمية الحديثة في استخراج الآثار، وهو ما قد يعرضها للكسر والتفتيت رغم أثريتها وتاريخها، وكانت البعثة المصرية الألمانية المشتركة العاملة بمنطقة المطرية قد اكتشفت تمثالا للملك رمسيس الثاني وآخر لسيتي الثاني، وقالت: إن تمثال رمسيس الثاني تم اكتشافه أمام معبد رمسيس، ويبلغ طوله ما بين 6 و7 أمتار، والتمثال الثاني هو تمثال نصفي لسيتي الثاني.

وشهد الدكتور خالد العناني، وزير الآثار، عملية انتشال تمثالين ملكيين من الأسرة الـ 19 بمنطقة سوق الخميس في المطرية تم العثور عليهما في محيط بقايا معبد الملك رمسيس الثاني الذي بناه في رحاب معابد الشمس بمدينة أون القديمة، والذي كان له النصيب الأكبر من هجوم الأثريين والمهتمين بالشأن الأثري، إضافة إلى رواد مواقع التواصل الاجتماعي الذين دخلوا في وصلة سخرية عارمة.
"البوابة نيوز" من جانبها استطلعت آراء خبراء الترميم والتوثيق الأثري للوقوف على مدى الضرر الذي تتعرض له الآثار جراء هذه الأعمال العشوائية ففي البداية قال الدكتور أحمد صالح مدير عام آثار أسوان: طريقة النقل التي تمت لا تناسب ولا تتفق مع العقل ولا يرضى عنها أحد، ونحن في 2017 ولدينا تجارب سابقة في 1964 و1968 و1975 والتي تم خلالها نقل معابد النوبة وأبو سمبل وفيلة وكان اليونيسكو وثروت عكاشة حريصين على نقل الأثر بشكل محترم، وطرق سليمة ودخلت هذه التجربة حينها في أدق التفاصيل في عملية النقل، وما شهدناه اليوم من استخدام كراكات ذات سنون لرفع الأثار وهي التي تستخدم في تكسير الصخور وحفر الترع والمحظور استخدامها في المواقع الأثرية يعد مهزلة بكل المقاييس.

وأضاف صالح في تصريحات خاصة لـ"البوابة نيوز": أطالب بمحاكمة كل من شارك وأشار باستخدام هذه الألات المخربة التي من شأنها تدمير الآثار، من أصغر عامل وحتى أكبر شخص شارك في هذا الأمر التخريبي، فما حدث اليوم يعد رسالة للعالم أجمع مفادها أننا لا نحترم آثارنا ولا نُحسن التعامل معها، ولا نتقن الطرق العلمية في التعامل مع الآثار، كما أن ما حدث اليوم يعد رسالة غير مباشرة لمن يقومون بالحفر الخلسة مفادها أننا نتعامل مثلما يتعاملون مع الآثر بشكل سلبي ومهين للحضارة والتاريخ المصري.
ومن جانبه قال الدكتور محمد عبدالهادي أستاذ ترميم الآثار بكلية الآثار جامعة القاهرة ومقرر لجنة الآثار بالمجلس الأعلى للثقافة: ما حدث اليوم مع تمثال رمسيس الثاني أسلوب خاطئ تماما، ولكن للأسف هذه البعثات أجنبية وهي دولة داخل الدولة، ولن يُتخذ معها إجراء، ولكنها طالما تسببت في خطأ يجب وقفها، ولو كانت بعثة مصرية لتم اتخاذ إجراء ضدها، والمفروض عند التعاقد مع هذه البعثات أن يكون هناك مرمم مصري معها.

وأضاف عبدالهادي لـ"البوابة نيوز": هناك احتيطات فنية وهناك أساليب علمية يجب أن تتبع عند استخراج الآثار، وهذه الآثار مدفونة من سنوات وعندما تستخرج يحدث لها صدمة بيئية من اختلاف حرارة ورطوبة وهذا يعرضها للتحطم والتهشم والتلف، وهنا دور المرمم المتخصص ويجب اتخاذ الاحتياطات بحيث أن لا يكون الحفر مباشرا، ولكن يستخدم الحفر العلمي بإزالة طبقة كل فترة حتى لا تحدث الصدمة، وأنا أشبه ما حدث اليوم بالحفر الخلسة الذي يحدث في المواقع الأثرية، حيث يكون هم من يقومون بالحفر لاستخراج الآثار والتقاط الصور معه، وأنا حقيقة مصدوم مما حدث اليوم، ففور خروج الأثر ووفق المنهج العلمي يجب أن يتم لفه بشكل كامل بمادة من الخيش حتى يتلائم مع البيئة الجديدة حتى لا يتأثر بشكل كبير، وهذه الطرق العلمية ندرسها لأبنائها في الجامعات وهي طرق بسيطة وغير معقدة.

وكان رأي الدكتور غريب سنبل مدير عام التوثيق الأثري بوزارة الآثار جاء مخالفًا لكل الآراء حيث قال: من الممكن أن نستخدم الروافع الثقيلة سواء اليدوية أو الإلكترونية، عندما يكون حجم الأثر المستخرج كبيرًا، ولكن عندما تكون عملية الاستخراج في تل أثري لم يستكمل الكشف عنه، فيفضل استخدام الروافع ذات الأيادي الطويلة جاء ذلك الرد تعليقًا على استخدام الكراكات والمعدات الثقيلة في استخراج تمثال رمسيس الثاني من حفائر البعثة المصرية الألمانية بالمطرية.
وأضاف "سنبل" لـ"البوابة نيوز": لم أكن موجودًا في الموقع اليوم أثناء عملية استخراج الأثر ولكن من خلال مشاهدتي للصور فإنه لا وجود لأي تلف أو كسور بالتمثال. وواصل: أن ما حدث لا يُشكل أي خطر على التمثال المستخرج، وأن المعدات المستخدمة هي من المعدات المتعارف عليها في استخراج الآثار.

وقالت الأثرية الدكتورة مونيكا حنا: إن ما حدث اليوم بمنطقة المطرية درس قاس جدًا لكل العاملين بالآثار، لأننا يجب أن نتعلم ونعرف أن هذا الأمر كشف أثري مهم والجميع  لم  يهتمون  بالكشف الأثري قدر اهتمامهم بالكارثة التي حدثت. وأضافت مونيكا: رفع جزء من رأس التمثال اليوم تم في ظروف صعبة جدًا وذلك نتيجة البناء العشوائي الذي تم على الأرض الأثرية بدون صرف صحي سليم، مما أدى الى تسريبه للأراضي المجاورة، وتسبب في انهيار جزئي للتربة، وسوف يتم نقل باقي التمثال يوم الاثنين وهو من "الكوارتزايت" النادر.

وتابعت مونيكا: لرفع القطع الأثرية بشكل علمي سليم يجب أن تتم رفع المياه باستخدام "طلمبات" صغيرة حتى لا تؤثر على المباني المجاورة بعد عمل دراسة هندسية مناسبة، وهذه التقنية تستعمل في جميع المواقع الأثرية التي تعاني من ارتفاع مستوى المياه تحت السطحية مثل الموانئ الرومانية التاريخية، وبالإضافة القطع الثقيلة يجب أن تمسك جيدًا ويتم تغليفها تماما قبل رفعها حتى لا يحتك الحجر بالرافعة نتيجة للارتطام الطبيعي لمواد مختلفة، ولم أر الموقع الأثري والقطع ولكن من الصور في اعتقادي أن التماثيل سلمية ولم تتعرض لكسر نتيجة الرفع.