الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

السيد ياسين .. والمركز العربي للبحوث والدراسات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
كم من الصعب أن نكتب عن مفكر عظيم واسم كبير مثل الأستاذ السيد ياسين، خاصة فى ظل الظروف الحرجة التى يعانيها، ويواصل فيها معركته الحرجة مع المرض، نتمنى أن يخرج منها منتصرًا بإذن الله. رسالتنا اليوم للأستاذ السيد ياسين أننا فى انتظارك، تعلم أنه لا يستطيع أحد أن يدير مجلس الخبراء الأسبوعى فى المركز العربى للبحوث والدراسات، سواك، ذلك الموعد الذى اعتبرته مقدسًا، ننهل فيه من علمك وفكرك، نطرح فيه الرؤى والتصورات البحثية التى بدأتها منذ أن تولت إدارة المركز، والتى كانت انطلاقة قوية وجديدة، فقد وضع فيها السيد ياسين قضايا أساسية للمواجهة، مثل مستقبل الإسلام السياسى فى الوطن العربى، الذى كان مؤتمرًا، خرج للنور فى صورة كتاب، بمشاركة نخبة من المفكرين العرب، ويحمل سيناريوهات وتحليلات لأوضاع حركات الإسلام السياسى وتجاربهم فى الحكم على مستوى الوطن العربى. 
وسرعان ما تبنى السيد ياسين مشروع الخرائط المعرفية لظواهر العالم المعاصر، وقد ركز على تحليل سوسيولوجيا الثورة والتحول الديمقراطى، تماشيًا مع التحولات الإقليمية، وبخاصة داخل مصر فى المرحلة الانتقالية وصولًا إلى ٣٠ يونيو. ومع التحولات الثورية فى مصر، وضع المركز العربى، تحت قيادة السيد ياسين، مشروعًا لإعادة إنتاج الدولة التنموية، من خلال حزمة من الرؤى النقدية للمشكلات، من خلال الوصف والتحليل، انطلاقًا إلى وضع سياسات بديلة، تكون تصورًا كاملًا أمام صناع القرار للاستدلال بها علميًا ومنهجيًا فى التعاطى مع قضايا ومشكلات مصر.
وقد استمر العطاء الفكرى للسيد ياسين من خلال تبنيه لمشروع إعادة قراءة خرائط الشرق الأوسط وموازين القوى والتفاعلات فى إطار بيئة ومدخلات مختلفة وجديدة، فرضت نفسها بشكل أو آخر، وفرضت تأثيرها على الأوزان النوعية للدول والتفاعلات على الأرض، وبخاصة ما بعد «الربيع العربى»، ونمو الفواعل من غير الدول، وصعود حركات وميليشيات الإسلام السياسى، وخاصة داعش. فقد فرضت تلك الأوضاع طرح السيد ياسين لمشروع بحثى حول إعادة قراءة الشرق الأوسط.
ورغم أن السيد ياسين كانت قد ظهرت عليه بعض أعراض الإرهاق والجهد، إلا أنه وفى آخر اجتماع لمجلس الخبراء فى المركز العربى الذى يعقد كل ثلاثاء فى تمام الثانية عشرة ظهرًا، كان قد طرح مشروعًا جديدًا حول الإسلام السياسى وعصر الاضطراب العالمى، فى محاولة لقراءة مستقبل الحركات العنيفة والجهادية، فى ظل عصر مرتبك، وشديد التعقيد.
لقد كان السيد ياسين مفكرًا غير تقليدي، دائم التجديد والاشتباك مع قضايا المجتمع والتحولات العالمية، لا ينافسه أحد فى براعة حديثه وعرضه للأفكار والمشكلات البحثية والمنهجية، لقد كنت أتعلم منه كل يوم شيئًا جديدًا، ودائمًا ما كان يحرجنى بكثرة قراءاته ومجهوده فى العمل وبقائه فى المكتب لأوقات متأخرة فى البحث، وأنا الشاب الثلاثينى الذى يضجر ويمل سريعًا، ليس لى نفس الروح والطاقة، رغم فارق السن.
السيد ياسين لم يتوقف يومًا عن الإبداع والتجديد، ويكفى هنا أن أكتب معلومة لا يعلمها أحد، معلومة تخبركم من هو السيد ياسين، وهى رسالة لكل الباحثين، فقد فوجئت أنه وأثناء دخول الأستاذ السيد ياسين للعناية المركزة للمرة الثانية، فقد كانت مقالاته تنشر فى فيتو وفى «البوابة نيوز»، وقد علمت من الأستاذ وليد المسئول فى جريدة الأهرام عن مقالات الأستاذ السيد ياسين، أنه وبعد استفاقته فى العناية المركزة لأول مرة، قد طلب قلمًا ودفتر أوراقه المعهود، وبدأ فى كتابة مقال لموقع فيتو، ومقال مطول على حلقات لـ«البوابة نيوز»!!.
لكم أن تتخيلوا، فى هذه اللحظات الصعبة والحرجة، فالرجل، الذى أعده مقاتلًا باقتدار، هو لم يفكر فى شيء سوى فى قلمه، فى أفكاره، ورسالته، يقاتل لأجل أن يوصل رأيه، لا يعبأ سوى بالعطاء والعمل، فقط كان عليه أن يستمر ويكمل مهمته، غير مكترث بأى شيء، وبعدها بسويعات يدخل الأستاذ السيد ياسين للعناية المركزة للمرة الثانية. تاركنا جميعًا فى مأزق كبير، آبيًا إلا أن يعطينا درسًا فى العمل والعطاء وأداء الرسالة، درسًا فى القتال والصراع مع المرض.
أشعر بالخجل وكلماتى لا تستطيع أن تعبر عن قيمة هذا الكيان الكبير، فقد تعلمت وما زلت منه الكثير، لم أعتد أن أرى مكانه خاليًا، وأنا أتحدث معه كل يوم، لا نملك سوى الدعاء له بالشفاء والعودة لاستكمال رسالته، الأستاذ السيد ياسين، نحن فى انتظارك.
كبير الباحثين بالمركز