الخميس 13 يونيو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس التحرير
داليا عبدالرحيم

آراء حرة

تقية الإخوان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
للتقية قصة مع الإخوان، وهذه القصة مستمرة منذ عهد الشيخ المؤسس حسن البنا ـ الذي يطلقون عليه الإمام ـ إلى وقتنا هذا، لم يتخل الإخوان عن "تقيتهم" هذه في أي لحظة من اللحظات، آمن حسن البنا بـها واعتبرها أصلاً من أصول العمل الحركي للجماعة، وتقية الإخوان لا تختلف عن تقية الشيعة في شيء، فهم يعتبرونها وسيلة من وسائل "التمكين" يسلكون سبيلها ليتقوا "الأعداء" ويتوسعون فيها حتى أصبحت أصلاً، تقية الإخوان والشيعة هي هي، لا فرق بينهما، وهي تختلف قطعًا عن "التقية الشرعية" فالتقية الشرعية هي مجرد فرع من الفروع، بينما هي عند الإخوان والشيعة من الأصول، والتقية الشرعية تستخدم مع الكفار لا مع المسلمين، بينما الشيعة والإخوان يستخدمون التقية مع غيرهم من المسلمين، والتقية الشرعية إنما تكون باللسان فقط، بينما تقية الإخوان والشيعة إنما تكون باللسان والأفعال.
إذن ما هي قصة الإخوان تاريخيًا مع التقية؟ يحدثنا التاريخ أن الجماعة عندما كانت في بدايتها، وبينما الإنجليز يتلاعبون كما يشاءون بالملك فؤاد ويحركونه كيفما شاءوا، يأخذون منه ما يريدون، ويسلبون إرادته حتى صار مطية لهم، فكرهه الشعب أيما كراهية، إلا أن الإخوان كانت لهم حاجة عنده وعند نظامه، فضلاً عن صلتهم بالإنجليز، تلك الصلة التي أوردها الإخوان في تاريخهم تلميحًا، وأوردها الباحثون تصريحًا، لذلك استخدم البنا التقية مع فؤاد وهو يخاطب الجماهير، وقال إن الملك فؤاد هو "ذخر للإسلام!" وأخذ البنا يداعب مشاعر فؤاد وينادي بأن يكون هذا الملك التابع للإنجليز "خليفة للمسلمين".
وبعد أن انتهى عهد فؤاد جاء عهد ابنه فاروق الأول، الذي أصبح ملكًا على مصر، وإذ أراد البنا الاستحواذ على فاروق أرسل له فرق الإخوان المسلمين تصطف في الطرقات لاستقباله ولتهنئته على سلامة العودة للبلاد لاستلام الحكم، وتمر السنوات ويقع فاروق في أتون الفساد، فخرجت المظاهرات ضده منددة بفساده ورعونته ونزقه وعلاقاته النسائية وإدمانه للقمار، إلا أن البنا رسم لنفسه طريق التقية فوصف فاروق (ساعتئذ) بقوله إنه "ضم القرآن إلى قلبه ومزج به روحه".
ويستمر التاريخ في فضح تقية الإخوان، تلك التقية التي استخدموها في مواجهة المجتمع المصري بأكمله، حتى أن المؤرخين المحسوبين على جماعة الإخوان، والذين تحالفوا معها في أوقات كثيرة ــ ومنهم المستشار طارق البشري ــ أبدوا استعجابهم من موقف الإخوان الذي كان مؤيدًا ومتحمسًا لرئيس وزراء مصر إسماعيل صدقي الذي كان ملقبًا بـ"عدو الشعب" وعن التحالف بين البنا وإسماعيل صدقي يقول طارق البشري (مع كل ذلك، يبقى تأييد الإخوان لإسماعيل صدقي عصيًا على التبرير، من وجهة نظر الحركة الوطنية وصالح الإخوان معًا، فصدقي بأي معيار من المعايير هو رجل المصالح الأجنبية في مصر، ومن الناحية الوطنية لم يؤثر عنه إلا العداء لكل فصائلها).
لم يستطع البشري تفسير تحالف البنا مع إسماعيل صدقي، مع أن طارق البشري نفسه تحالف مع الإخوان في كتابة تعديل للدستور هو الأسوأ في تاريخ مصر، حتى أن كثيرًا من الكتاب ـ وأنا منهم ـ أطلقوا عليه "عدو الشعب" فهذا التعديل الدستوري كان يخالف المصالح الوطنية بكل المعايير، ولكن الذي لم يره البشري، أن البنا تحالف، باللسان والعمل مع إسماعيل صدقي من باب التقية، حتى يستطيع من خلاله الوصول إلى التمكين الذي يراه، تمامًا مثلما تحالف الإخوان مع البشري ليضع لهم مادة في الدستور تمنع الطعن على قرارات لجنة الإشراف على الانتخابات حتى يسمح للإخوان بالتزوير من خلال آلتهم البشرية الضخمة، فإذا ما تم التزوير عجز الشعب عن الطعن قضائيًا على تغيير إرادته ووصل الإخوان للتمكين الذي يريدون!
ومع إسماعيل صدقي لم يكن الأمر مجرد تحالف فحسب، ولكنه كان فعلاً بشعًا ضد الفطرة وضد الخلق السليم، وكانت الكارثة الأكبر التي تتجاوز كل الأعراف والثوابت الدينية، عندما وقف مصطفى مؤمن زعيم الطلاب الإخوان بالجامعة خطيبًا أمام إسماعيل صدقي، حينها بدأ خطبته مستشهدًا بالآية الكريمة "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبيًا".
وللمقال بقية في عدد قادم