الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

في حواره مع "البوابة نيوز".. رئيس المجلس الاقتصادي الأفريقي: التعويم منح المنتج المصري ميزة تنافسية.. مصر عادت لدورها الريادي.. وإسرائيل تسعى لاستنزاف ثروات القارة السمراء

الدكتور محمد عبد
الدكتور محمد عبد الغفار رئيس المجلس الاقتصادي الافريقي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
أكد الدكتور محمد عبدالغفار، رئيس المجلس الاقتصادى الإفريقى، وسفير فوق العادة لحركة «بان أفريكان موفمنت جلوبال» لدى دول شمال إفريقيا والعالم العربى، أن هناك فرصا سانحة ومتفردة للمنتجات المصرية فى الأسواق الإفريقية خاصةً بعد قرارات الإصلاحات الاقتصادية التى صدرت نهاية عام 2016، وكشف عن أهداف الاستثمارات الإسرائيلية فى إفريقيا والتى تهدف إلى استنزاف موارد القارة، مشيرا إلى رفض الدول الإفريقية التعامل مع إسرائيل، وبرر حصول بعض الشركات الإسرائيلية على مشروعات بقدرتها على الحصول على تمويل لهذه المشروعات من المؤسسات المالية الدولية.. وإلى نص الحوار:
■ هل تراجعت علاقات مصر الاقتصادية مع الدول الإفريقية؟ 
- ليس هناك تراجع فى العلاقات الاقتصادية مع إفريقيا، فعلاقات مصر تاريخية بإفريقيا، وعندما انضمت مصر لمنظمة الكوميسا، وجد المنتج المصرى وخاصة المنتجات الصناعية فى قطاعات الصناعات التطبيقية والهندسية والإلكترونية رواجا وقبولا شديدا، وعندما تم توقيع منطقة التجارة الحرة بين دول الأعضاء لمنظمة الكوميسا أصبح الطريق ممهدًا بعد إزالة الأعباء الجمركية، وتمكنت المنتجات المصرية من الصناعات الهندسية «ومواد البناء والسيراميك وصناعات الحديد والصلب والمواد الغذائية المصنعة أو الخضراوات والفاكهة» من إزاحة منتجات المنافسة من الأسواق الإفريقية مثل المنتج الصينى والهندى والمنتجات التى تصنع بدول جنوب شرق آسيا أو النمور الآسيوية.
■ هل يواجه المجلس صعوبات فى توجيه الصادرات لدول إفريقيا؟
- هناك بعض الصعوبات، والتى تتمثل فى محو الأمية بالهوية الإفريقية والمعرفة بطبيعة وآليات الأسواق الإفريقية وكيفيه التعامل معها وتعريف المنتج المصرى باحتياجاتها والفرص المميزة التى يمكنه الحصول عليها فى هذه الأسواق، فدورنا الآن هو التعريف بما لدينا من منتجات فى الأسواق الإفريقية.
وتقوم الجمعية الإفريقية بتعريف رجال الأعمال من الدول لإفريقيا ومنها مصر بفرص التبادل التجارى ومميزات الموقع الجغرافى المصرى الذى يمكن هذه الدول من تصدير كل إنتاجها من حاصلات زراعية ومعادن وتشجيع قيام العمليات التحويلية والصناعية، لنتمكن من تصدير المنتج منتهى الصنع وليس فى شكل مواد أولية أو مواد خام، وتفعيل آلية تعاون جنوب الجنوب.
سوق للاستثمارات
■ هل توجد معوقات لدخول المنتجات المصرية لنيجيريا؟
- لا.. ولكن هناك نوعا جديدا من التجارة القائم بين نيجيريا ومصر منذ ما يفوق الربع قرن، وهو قائم على عمليات وصفقات فردية وأكثرها من تجار نيجيريين يحضرون لمصر لاستيفاء احتياجاتهم من البضائع والمنتجات المصرية، وتمثل نيجيريا أهم سوق للاستثمارات المصرية فى قطاعات البنية الأساسية من اتصالات وإنشاءات مرافق عامة وطرق وأيضًا خدمات القطاع الصحى والعلاجى والذى تحظى المشروعات المصرية به وبالقطاعات الأخرى بإقبال وثقة منقطعة النظير.
استنزاف الدول
■ ما هدف الاستثمارات الإسرائيلية فى الدول الإفريقية؟
- لا توجد استثمارات إسرائيلية فى الدول الإفريقية بالمعنى الحقيقى، فالثقافة الصهيونية لا تقبل خروج أموال خارج الكيان الصهيونى لإعادة استثمارها لصالح تنمية الغير، ولكن اهتمام الكيان الصهيونى ينصب فى الدول الإفريقية على ما يمكن أن نسميه الاستثمار فى العلاقات العامة، وتقويد إرادة الدول الإفريقية لاستنزاف مواردها مثلها مثل الدول المستعمرة سابقًا، وتسعى فقط للحصول على أفضل الفرص فى مجالات تختارها بعناية ولا تخوض بها منافسة، وبعض هيئات المعونة التى تتواجد فى دول حوض نهر النيل مثل هيئه المعونة العبرية تعمل فقط على نشر الثقافة العبرية والتعريف بها والترويج لها وكسب التأييد والتعاطف معها.
ولا نجد لإسرائيل أى دور فى التواجد الاقتصادى التنموى، وكل ما تسعى له من التواجد فى إفريقيا يواجه بالرفض الحاسم.. ولكن يسمح لها بالتواجد فقط فى بعض العقود خاصة بالبنية الأساسية وخاصة الطرق.
قوائم سلبية
■ وضعت حكومة السودان قوائم سلبية تستثنى بعض السلع المصرية من الإعفاء الجمركى.. كيف ترى ذلك؟
- السودان أول دولة بادرت بوضع قائمة من الاستثناءات من الإعفاءات الجمركية على الصادرات المصرية، وكان أهمها مواد البناء التى تتمثل فى الحديد والأسمنت والسيراميك والحديد الخاص «بالأسقف».
■ هل تضع بعض الدول المنضمة لاتفاقية الكوميسا قوائم سلبية مثل السودان؟
- معظم دول جنوب وشرق القارة الإفريقية طبقت قواعد اتفاقية الكوميسا وأهدافها بالكامل، ولم يضع أى منهم قوائم استثناءات على الإعفاء الجمركى إلا حديثا. وكثير منهم قلد بالسودان بوضع مثل هذه القوائم السلبية التى تستثنى بعض السلع من الإعفاء الجمركى لحماية المنتج المحلى.
عودة مصر
■ هل ترى أن الحكومة المصرية الحالية أعادت مصر لدورها القديم فى القارة؟
- حكومة 30 يونيو حققت حلم الآباء الأولين للقارة الإفريقية ولم يتوقف أداوها عند تحقيق هذا الحلم فقط وتجسيده على أرض الواقع، بل طورته ليتحول هذا الحلم من «كايرو - كيب» ليحقق أقصى مردود اقتصادى على دول القارة لتحول اسمه إلى « اليكس - كيب » ليربط بين سواحل المتوسط شمالا «ميناء بورسعيد وميناء الإسكندرية وميناء دمياط « إلى أقصى نقطة جنوب القارة بمدينة كيب تاون.
سد النهضة
■ هل بناء سد النهضة يؤثر على مصر بالسلب أم بالإيجاب فى جلب الاستثمارات؟
- سد النهضة مشروع قومى استحوذ على اهتمام الإدارة الإثيوبية بشكل كامل، مما جعلها تتجاوز العديد من المنطلقات الأساسية فى القانون الدولى وعلاقتها التاريخية، حيث أتى هذا النهج بترغيب وإغراء عدد من الدول الدخيلة على المنطقة أو الشركات العالمية التى تلهث وراء تعاقدات لتنفيذ مشروعات عملاقة تدر عليها الدخل الوفير. 
والتزمت مصر فى التعاطى مع هذا الشأن بأقصى درجات ضبط النفس، حيث كان هدفها الأول هو إنقاذ الحكومة الإثيوبية من الوقوع فى أتون العداءات والخصومات الداخلية ودول الجوار والحرص على إكسابها الثقة فى عدالة مشروعها القومى بوضعه على المسار الصحيح الذى لا يمس بحقوق الدول الأخرى المشاطئة لنهر النيل ومنها مصر كدولة مصب، وتجنب وقوعها تحت طائلة القانون الدولى.
ولكن أتت بعض الدول للقفز على هذه المصالح المشتركة لتقويض إرادة الدولتين وتوجيههما إلى وجهات من شأنها أن تحدث الوقيعة بينهما، طمعا فى تغيير وظيفة السد من دوره كحاجز يعيد تدفق المياه من أجل توظيفها فى توليد الكهرباء إلى خزان يحجب حقوق مصر الثابتة والتاريخية فى المياه ليتم توظيفها فى مشروعات لاستنزاف هذه المياه من أجل تكسير عظام مصر والتربص بمصالحها.
مما أدى إلى توجيه الاستثمارات الطبيعية وتحويل المبادرة المصرية للتعاون الثلاثى بين دول حوض نهر النيل ومصر ودول الخليج العربى التى تفتقر لوفرة المياه والأراضى الخصبة. 
لكن أصبحت التفاهمات الموجودة الآن بين قياده الدولتين المصرية والإثيوبية والتفاوض المباشر بينهما يتدارك أخطاء كثيرة من جهات مختلفة أو عدم القيام بالدور كاملا لبعض القطاعات فى كلتا الدولتين.
■ دور إسرائيل فى القضية؟
- إسرائيل تحاول أن تجد لنفسها موطئ قدم سواء بالوساطة أو بدعم قيام هذا المشروع حتى تصبح واصيا على دوله إثيوبيا، وبالتإلى تجد لنفسها أى مبرر للمطالبة بحق فى مياه نهر النيل أو المطالبة ببيع حصة لها من هذه المياه، وهذا ظهر منذ اتفاقية السلام وحتى اتفاقية كامب ديفيد ومينا هاوس. 
فرص مصرية
■هل هناك فرص لمصر للاستثمار فى إثيوبيا؟ 
- هناك فرص عربية منها مصرية، فرئيس اتحاد الغرف التجارية والصناعية والزراعية الإثيوبى أعلن عام 2015 أن حجم الاستثمار المصرى فى 7قطاعات اقتصادية يصل إلى 34 مليار دولار، وأن الاتفاقية الثلاثية التى وقعت عليها مصر ودعمتها منذ التسعينيات أدت إلى جذب الاستثمارات الخليجية لتأمين الإمدادات الغذائية.
وحصيلة ذلك أن الاستثمار السعودى وصل 12 مليار دولار من 2009 إلى 2014 مقارنة بالاستثمار المصرى منذ 90 إلى 2014 يصل لضعف هذا المبلغ، ولكن ليس فقط فى الكم ولكنه منتظم ومتواصل ولم يتوقف عند قطاع محدد ولكنه يغطى ٧ قطاعات اقتصادية هامة.
■ هل استثمارات الخليج تتجه لإثيوبيا؟ 
- بالفعل فى أغسطس 2016 نرى أن العديد من الاستثمارات الخليجية تتجه إلى إثيوبيا نتيجة ما قدمته الحكومة الإثيوبية من مناخ خصب وآمن للاستثمارات الخليجية على أراضيها.
■ ما أهم السلع فى قائمة التبادل التجارى بين مصر وإثيوبيا؟
- نعم، مصر تعتمد على جزء كبير من احتياجاتها من اللحوم فى دولة إثيوبيا، والسمسم والعديد من الحاصلات الزراعية، وإثيوبيا تستورد من مصر العديد من الأجهزة التطبيقية والهندسية وأيضا المنسوجات والملابس، إثيوبيا تمثل لمصر سوقا هام جدا لما يتمتع به من تعداد سكان ضخم وقدره شرائية لا بأس بها. 
■ من وجهه نظرك.. هل الحكومة المصرية دعمت المصدرين المصريين للنفاذ للأسواق الإفريقية؟ 
- نعم.. الحكومة المصرية مدت مظلة آمنة من الاتفاقيات والإجراءات الحمائية للمنتج المصرى مثل الاتفاقية الخاصة بالكوميسا وأيضا اتفاقية التكتلات الاقتصادية الثلاثة التى كادت تتوقف لولا أن دعا الرئيس السيسى زعماء ورؤساء الدول الـ26 الأعضاء بالتكتلات الاقتصادية الثلاثة للاجتماع فى شرم الشيخ لما وجدت هذه الاتفاقية.
حوار مباشر
■ ما هدف المؤتمر الاقتصادى الدولى لقطاع شمال إفريقيا والذى يقام فى مصر يونيو القادم؟ 
- يقام هذا المؤتمر كل 8 سنوات ويسمى «المؤتمر الـ «بان» الإفريقى العالمى» « ويشارك فيه وزراء التجارة والصناعة والبنية الأساسية والمشروعات والأشغال وحتى وزراء التعليم والتعليم العالى، لإيجاد حوار مباشر مع دول شمال القارة، من أجل إدماج دول الشمال والجنوب وإزالة المعوقات الفكرية الثقافية القديمة والتى كانت ترغب فى تقسيم القارة الإفريقية إلى شمال عربى وجنوب زنجى لإنهاء الصراع بين فكره الزنوجة والعروبة والتى كانت فكرتين تحظيان بندية بينهما. 
قرار التعويم
■ هل يعبر سعر الدولار عن القيمة الحقيقية للاقتصاد المصرى؟
- سعر الدولار حاليا لا يعبر عن الوضع الاقتصادى فى مصر، وأدى تعويم الجنيه المصرى فى نوفمبر الماضى إلى زيادة صادرات مصر، ورواج المنتج المصرى، ومن ناحية أخرى خفض الواردات المنافسة للمنتج المصرى من الصين والهند والدول الأسيوية، وبالتالى يمكن إعادة فتح العديد من المصانع التى توقفت عن الإنتاج بسبب إغراق السوق المصرى بالمنتجات المستوردة ذات الأسعار المنخفضة والجودة المتدنية.
■ ما أسباب تراجع مدخلات مصر من العملة الصعبة؟
- هناك العديد من الأسباب، منها استحواذ عدد من شركات العالمية فى قطاع الأدوية مثل «جلاكسو ويلكم وافانتس» على صناعه الأدوية منذ تسعينيات القرن الماضى، وعندما قاموا بالاستحواذ على هذه المصانع احتفظوا لأنفسهم بحصة ما بين 90٪ إلى 97٪ مما يعنى أن عوائد الاستثمار الذى يصل إلى 97 ٪ تقوم عليه تجارة التصدير للدول الإفريقية، والدول التى تربطنا بها اتفاقية التجارة الدولية والإعفاءات الجمركية والتى لم تتمكن هذه الشركات من الوصول إلى هذه الأسواق إلا من خلال الاستحواذ على المصانع المصرية، وأصبحت عوائد بيع هذه الصادرات تذهب لحساباتهم مباشرة بالدول الأم لهذه الشركات دون أن يدخل لمصر، مما حدد مدخلات مصر من صادرات الأدوية والصناعات الهندسية والإلكترونية والكثير من المصانع أيضا فى مواد البناء، وعوائدها من العملة الصعبة وما توفره من سيولة.