رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

جريمة تعديل الدستور

البوابة نيوز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
رغم أن الدستور من صنع البشر وليس كل البشر، ولكن لجنة الخمسين سواء البعض من أعضاء هذه اللجنة أو من غيرهم، يسعى لجعل الدستور كتابًا مقدسًا لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ويرفضون أى محاولة أو اجتهاد بشرى للمطالبة بتعديل الدستور، ويشهرون الأسلحة فى وجه كل من يطرح قضية تعديل الدستور.
والغريب أن الذين يدعون أنهم حماة الدستور، يعلمون جيدًا أن الدستور يحتاج إلى الكثير من التعديلات على بعض نصوصه فى ضوء التطبيق العملى لهذه النصوص وما أسفرت عنه التجربة على مدار ٣ سنوات.
وقد ثار وانتفض حماة الدستور فى وجه النائب البرلمانى إسماعيل نصر الدين بمجرد إعلانه عن رغبته لتعديل الدستور، وخاصة المادة الخاصة بمدة رئيس الجهمورية لتصبح ٦ سنوات بدلًا من ٤ سنوات، ووصفوا تلك المحاولة بأنها جريمة يرتكبها نائب الشعب فى حق الدستور وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها بسبب هذا الاجتهاد البرلمانى والحق الدستورى الذى كفله الدستور لهذا النائب.
فدستور لجنة الخمسين الذى وافق عليه الشعب المصرى فى ظروف كانت تحتم على الشعب الموافقة حتى تستمر مسيرة الوطن، ونجنى ثمار ومكاسب ثورة ٣٠ يونيو، تضمن نصوصًا عديدة كانت محل خلاف ورفض شعبى، إلا أن الظروف التى كانت تمر بها مصر بعد الإطاحة بحكم جماعة الإخوان الإرهابية فرضت على الشعب الموافقة عليه.
وحماة الدستور الذين يتصدون لكل صوت ومحاولة للمطالبة بإدخال تعديلات على الدستور، يعلمون جيدًا أن هذا الدستور به كثير من النصوص التى تحتاج للتعديل والمراجعة ليس رغبة فى تعديل الدستور، ولكن رغبة فى إزالة بعض التناقض بين نصوصه والتشابك بين السلطات بدلًا من التعاون بين السلطات.
والدعوة التى طرحها النائب إسماعيل نصر الدين لتعديل مدة رئيس الجمهورية لتصبح ٦ سنوات بدلًا من ٤ سنوات، دعوة منطقية وتتماشى مع العديد من دساتير دول العالم، خاصة أن مدة الأربع سنوات للرئيس ليست كافية لتطبيق برنامجه، وأن يجنى الشعب ثمار هذا البرنامج علاوة على أن مدة مجلس النواب ٥ سنوات، أى أكثر من مدة رئاسة الجمهورية.
وحماة الدستور على حق وعلى باطل لا يقدمون أى مبررات منطقية لرفض فكرة تعديل الدستور، ويسعى البعض منهم للمطالبة بإصدار قانون يعاقب من يدعو لتعديل الدستور، واعتبار هذه الدعوة جريمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام وإرسال الأوراق إلى المفتى لإرهاب كل من يرغب فى تعديل الدستور.
• فدستور ٢٠١٤ وهو دستور ثورة ٣٠ يونيو ليس كتابًا مقدسًا، بل هو من صنع البشر والدعوة إلى تعديله حق لكل مواطن مصرى، وحق لكل نائب وحق لرئيس الجمهورية أيضًا، وليس جريمة يعاقبون عليها وليس شرطًا أن نحافظ على الدستور بسلبياته وإيجابياته، ولكن الحق يتطلب التعديل للسلبيات فورًا بدلًا من التأجيل.
فتعديل دستور ٢٠١٤ أصبح الآن مطلبًا شعبيًا وليس مطلبًا حزبيًا أو رئاسيًا كما يعتقد حماة تعديل الدستور، ولا بد من فتح حوار مجتمعى حول هذا المطلب قبل اجراء انتخابات رئاسة الجمهورية القادمة، رغم أن تعديل مدة الرئاسة إذا تم التعديل لن يسرى على هذه المدة للرئيس السيسى وتنتهى مدته بنهاية السنوات الأربع أى فى يونيو ٢٠١٨.
وإذا كان تعديل الدستور والمطالبة بذلك جريمة فى نظر حماة الدستور، فنحن نرحب بارتكاب هذه الجريمة، بل نسعى إليها، لأن عدم التعديل أيضًا جريمة يحاسب عليها مرتكبوها ليس أمام المحاكم القضائية ولكن أمام محاكم التاريخ والمحاكم الشعبية. فلا بد من الحوار حول تعديل الدستور قبل فوات الأوان.