الخميس 09 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

تعليم ده يا مرسي "1".. وهم تطوير المناهج الدراسية.. مليارات تنفقها وزارة التعليم سنويًّا على طبع الكتاب المدرسي دون فائدة.. خبراء: لا يستفيد منه الطالب وبديله الخارجي بسيط الشرح وسهل المعلومة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
في مسألة المناهج الدراسية، قُل تعوير ولا تقل تطوير، وزارة التعليم أدمنت التضليل، سنوات طويلة مضت وهى تؤكد أن المناهج ستطور وستنقى من الحشو والهري والاستهلاك، وهل طورت الوزارة؟ والإجابة: "لا"، حتى صار ملف المناهج الدراسية معقدًا، وصارت أزمة التعليم في مصر لغزًا محيرًا. 



وعود كثيرة طرحها كل وزراء التربية والتعليم منذ توليهم حقيبة الوزراة بتغيير المناهج الدراسية لتكون مواكبة للعصر وتعتمد على الفهم والإبداع وابتعادها عن الحفظ والتلقين، آخرها الوزير الحالى الدكتور طارق شوقى والذى أكد تطويرها فى شهر سبتمبر المقبل، كلام شوقي يكشف خداع ما سبقوه وأن مهمة تطويرهم للمناهج لم تخرج عن تغيير غلاف وإضافة آخر فقط تاركين المناهج بحشو معلوماتى وأخطاء علمية ولغوية وتكدس وسوء فى عرض المعلومة.
هنا يقول أيمن البيلى، الخبير التعليمى، حتى نقيّم المناهج لا بد أن نجيب عن التساؤل التالى: ما هو المنهج العلمى الذى يتبع لوضع المنهج الدراسى فى المراحل التعليمية المختلفة؟، ويرد أن هناك قاعدة أو منهجًا علميًا يراعى مجموعة من الأهداف والمعايير العلمية سواء على المستوى الوجدانى أو المستوى المعرفى أو مستوى الإدراك والفهم والاستنتاج، وهناك قاعدة علمية أخرى يطلقون عليها المدى والتتابع تستهدف الحفاظ على الذاكرة المعلوماتية للطالب أو المخرج التعليمى فى نهاية المرحلة التعليمية، متسائلًا: "هل كان هذا متبعًا فى السابق وحدث خلل؟"، ويجيب البيلي، أن الخلل حدث منذ البداية فكان هناك منهج علمى فى الخمسينيات والستينيات، وتابع عقب خروج الاستعمار وثورة 23 يوليو بدأ الاهتمام وقتها بالتعليم كقضية أمن قومى بما فيها المنهج وهو الأهم والأخطر لأنه يصنع أجيالًا تؤمن بالوطن وتستهدف التنمية الوطنية المستقلة.
تابع البيلى، منذ منتصف السبعينيات ومع بدء سياسة الانفتاح الاقتصادى بدأت الدولة تتخلى عن دورها فى التعليم الحكومى ومن ثم بدأت توجه الأجيال للإيمان باقتصاد السوق والفردية والعمل الفردى من خلال صناعة مناهج تستهدف خدمة اقتصاد السوق على سبيل المثال اهتمت الدولة بالرياضيات والعلوم واللغة التى تؤهل فيما بعد إلى علم المبيعات والتسويق وعلم المحاسبة والإدارة لخدمة شركات رجال الأعمال ولم تهتم بمجموعة العلوم الإنسانية وهى التاريخ والجغرافيا واللغة العربية وغيرها وفى كل المراحل من منتصف السبعينيات حتى هذا اليوم تولى وزارة التعليم عدد كبير من الوزراء يرفعون شعارات التطوير منها تطوير المناهج وإنشاء المركز القومى للمناهج ليشرف على تطوير المناهج بشكل علمى ولكن ما يحدث عكس ما نسمعه ونشاهده، مضيفًا أنه يتم قص ولصق المناهج دون تغيير جذرى للمنظومة الفكرية للمنهج.
وأضاف، أن المناهج كانت تمر بمرحلة تسييس حسب كل نظام سياسى، ففى عهد السادات تغير كتاب التاريخ ليؤكد على حقيقة الاعتراف بإسرائيل كدولة بينما كانت قبل منتصف السبعينيات دولة احتلال وفلسطين دولة محتلة فى الخرائط والمعلومات وغيرها، وحين جاء عصر مبارك وامتد مشروع السلام بدأ الحديث عن أن السلام وأنه هو الخيار الاستراتيجى وأن تحرير الأرض لن يتم على عكس ما كان فى السابق وتم حذف وإلغاء دروس كثيرة من المناهج تحث على الجهاد لتحرير الأرض أهمها درس صلاح الدين الأيوبى، موضحًا أن تسييس المناهج دائمًا ما يطغى على الحقيقة العلمية وبالتالى تتم عملية تغيير للحقيقة العلمية وهذا يُحدث خللًا ويشوه الذاكرة المعلوماتية لكثير من أبنائنا.
أوضح البيلى، أنه فى 9 مارس عام 2015 طلب رئيس الجمهورية من وزير التعليم السابق تطوير المناهج بتشكيل لجنة علمية لهذا الغرض وخرج الوزير بعد أسبوعين وأعلن تشكيل اللجنة وبعد ثلاثة أشهر أعلن أن تطوير المناهج قد حدث بالفعل ثم جاء العام الدراسى 2016-2017 وفوجئنا بأن الكتب الدراسية تم تغيير الأغلفة الخاصة بها فقط دون تغيير المنهج من الداخل، وقال البيلي إن الهلالي الشربيني الوزير السابق أتى بكتب مطبوعة من 2014 وغيّر الغلاف فقط، ففى كتاب الجغرافيا للصف الأول الثانوى به موضوع عن الثروات المعدنية الأرقام والإحصائيات به مختلفة من كتاب لآخر باختلاف الطبعة بينما الغلاف الخارجى واحد مدون عليه تاريخ العام الحالى.




ويظل السؤال وما الذى نحتاجه لتغيير المناهج؟ وما هى سياسة التغيير؟، ويجيب البيلى، هناك تغييرات اقتصادية واجتماعية حدثت فى المجتمع المصرى يجب أن تتناولها المناهج، على سبيل المثال الدولة تعترف بثورة 25 يناير، ففى مادة التاريخ فى عام 2014 خصصت الدولة بابًا كاملًا عن ثورة يناير وفى منهج عام 2016 تم حذف هذا المنهج نهائيًا، موضحًا أنه لا بد من وضع مجموعة قواعد علمية توضع على أساسها المناهج الدراسية أولها الالتزام بالعلمية والموضوعية والحقيقة فى العرض، والابتعاد عن تسييس المناهج وتوجيه الطلاب نحو وجهة نظر سياسية معينة، إضافة لتطوير وتحديث قاعدة البيانات الإحصائية لتتواكب مع آخر الإحصائيات العلمية، والالتزام بمصفوفة المدى والتتابع التى تحافظ على الترتيب الزمنى للمعلومة وتسلسلها علميًا، إضافة لعدم الخضوع لأولياء الأمور تحت أى ضغط بما يتناقض مع العلمية كما حدث فى العام الماضى بعد أن طلب أولياء الأمور تخفيف المناهج ما أدى لخلل فى المعلومات.
كما طالب الخبير التعليمى بتفعيل دور المركز القومى للمناهج ليكون هو المشرف بالفعل عن المناهج وليس شكليًا، مضيفًا أنه لا يمكن لمنهج دولة أن يطرح تأليف المناهج فى مسابقة عامة فى مقابل مكافأة مالية، ولا يجب أن يكون مستشار المادة هو المشرف والمراجع النهائى للمحتوى المعلومات فيجب تشكيل لجان علمية لمراجعة المعلومات ومدى صحتها، فعند مراجة أى كتاب تجد أخطاء معلوماتية ولغوية أيضًا، وتغيير طرق عرض المعلومات فى مناهج مادة الفيزياء لأنها تشكل أذى فكرى وبصرى للطالب تجعله يلفظ الكتاب المدرسى، إضافة لإدخال تكنولوجيا التعليم فى عرض المناهج حتى تسمح بمساحة كبيرة للطالب فى التعرف عل مصادر المعلومات.
بينما طارق نورالدين مساعد وزير التربية والتعليم الأسبق، قال إن الأعوام الأخيرة تعالت المطالبة بتغيير المناهج من ناحية والإعلان عن تطويرها من ناحية اخرى، موضحًا أنه لم ير أى تطوير أو تغيير للمناهج منذ أن تم تعديلها عقب ثورة 30 يونيو فى عهد الدكتور محمود أبو النصر وزير التعليم الأسبق لأن هذه الفترة كانت المناهج فى اتجاهها للأخونة، مما دفع الدكتور أبو النصر وقتها لضرورة مراجعة وتعديل المناهج وفقًا للفكر المعتدل والبعيد عن المشهد السياسى تمامًا ومنذ تلك الفترة وأرى الوزارة تجرى فى المكان لأنه لا توجد خطة حقيقية للوزراء المتعاقبين لتطوير المناهج رغم وجود كل شىء داخل استراتيجية 2014.
أضاف نور الدين، أن تطوير وتغيير المناهج فى الآونة الاخيرة باتت سبوبة كبيرة لأصحاب المطابع وأصحاب المصالح لأنهم لم يحدثوا تعديل وتغيير حقيقى سوى حذف أو إضافة بعض الصفحات، فضلًا عن المؤتمرات التى لا جدوى لها والتى ضمت أناس ليس لهم أى علاقة بالمناهج كما حدث أيام الدكتور محب الرافعى وزير التعليم الأسبق، حيث تم دعوة الأصحاب والأقارب لمؤتمر تطوير المناهج وأشخاص ليس لهم اى علاقة بالتعليم فكل هذا نتائج حقيقية.
أكد نور الدين، أنه لا بد من توافق المناهج الجديدة برفع كفاءة مخرجات التعليم المحلي، وضمان تناسبها مع احتياجات سوق العمل وإضافة شخصيات حديثة كمثل وقدوة لطلابنا والأهم أن نحدد أولًا ماذا نريد من طفل المستقبل؟ حيث إن إجابة هذا السؤال هى الخطوة الأولى فى الطريق الصحيح.