الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وبدأ العد التنازلي لثورة يونيو "1"

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
فى الخامس والعشرين من يناير ٢٠١٣، واحتفالا بالذكرى الثانية لأحداث يناير ٢٠١١، تحول الأمر من احتفال إلى اشتباكات وأعمال عنف فى معظم محافظات مصر، وذلك على خلفية الانقسام الذى حدث للوطن عقب الإعلان الدستورى، وللحق فإن هذا الانقسام لم تعرفه مصر فى عصرها الحديث، إلا أثناء تظاهرات يناير ٢٠١١ حين بات الشعب بين رأيين، الأول أن يكمل الرئيس مبارك فترته الدستورية، والتى كانت ستنتهى فى سبتمبر ٢٠١١، والثانى أن ينسحب تمامًا من المشهد، وأن يتنحى عن الحكم، وآثر الرجل أن يسير فى الطريق الثانى تجنبًا لإراقة المزيد من الدماء وحرصًا على وحدة الوطن، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، فانقسم الشعب مرة أخرى فى مارس ٢٠١١ حين تم الاستفتاء على الإعلان الدستورى المؤقت بعد وقف العمل بدستور ٧١، وصار الشعب ما بين مؤيد لهذا الإعلان ورافض له، وقام التيار السلفى بحض الناس على الموافقة بينما قام التيار الليبرالى بحض الناس على الرفض، وانتهى الحال فيما عرف بغزوة الصناديق إلى الموافقة، لتدخل مصر إلى انقسام جديد أثناء الانتخابات الرئاسية ٢٠١٢، وهو الانقسام الذى جعل الأسرة الواحدة تتخاصم وتتشاجر فيما بينها، فالأب يؤيد شفيق والابن يؤيد مرسى والأخت تؤيد أبوالفتوح، والأم تؤيد موسى ولا سبيل للمناقشة الهادئة المستنيرة، وفى الإعادة انقسم الشعب بين مرسى وشفيق، ولعل النتيجة النهائية لهذه الانتخابات هى أعظم دليل على هذا الانقسام، فالنسبة المتقاربة تؤكد أن استقطابًا حادًا يسود المجتمع، وهذا ما جعل بعض المراقبين يعتقدون أن مرسى سيفكر فى إنهاء هذه الحالة بتكليفه شفيق تشكيل الوزارة أو تعيينه نائبًا للرئيس، ففى هذه الحالة سيضمن ولاء ٤٩٪ من الأصوات التى رفضته، ولكن مرسى جاء لتنفيذ أجندة بعينها، وكان لزامًا عليه أن يدفع فاتورة نجاحه فاضطر إلى إدخال التيار السلفى إلى مؤسسة الرئاسة فى مناصب تبدو مهمة لكنها شرفية ولا قيمة لها، وقام بالاعتماد على أهل الثقة من أعضاء جماعة الإخوان، وأبعد أهل الخبرة عنه، معتقدًا أنهم سيقفون ضده ولن يساعدوه، فى حين أن هؤلاء قد سلموا له إدارة البلاد وأدوا له التحية العسكرية، بل إنهم التزموا حين أعفى بعضهم من منصبه، وقد رأينا تفصيلًا خلال المقالات السابقة كيف أدار مرسى البلاد بشكل عشوائى، وكيف استعان ببعض الهواة فى كل المجالات حتى فى تصوير خطبه، وكيف كان لا يتخذ قرارًا دون العودة إلى مكتب الإرشاد ورأينا كيف بدأت ثقة أجهزة الدولة تهتز فى رئيسها عقب إفراجه عن مجموعة كبيرة من المحكوم عليهم فى قضايا الإرهاب، حيث تم تنفيذ أمر الرئيس لكى لا تتهم أجهزة الدولة بالوقوف ضده، ولكن حفاظًا على الأمن تم تتبع هؤلاء المفرج عنهم، فإذ بأحدهم يحدث الرئيس هاتفيًا، وإذ بالرئيس يطلب منه الوصول إلى أيمن الظواهرى، ورأينا أيضا كيف قام مرسى بتغيير ثوابت السياسة الخارجية مما أدى إلى خصومة مع معظم دول الخليج، مما تسبب فى أزمة الطاقة التى عانينا منها طوال السنة التى حكمنا فيها، وجاء الإعلان الدستورى الذى أصدره ليكون بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير، فها هى مصر يتحول انقسامها إلى ما يشبه الحرب الأهلية، فأبناء الشعب على مختلف الانتماءات يتقاتلون فيما بينهم، وما زلنا فى يناير ٢٠١٣ حين ظهرت جماعة جديدة تطلق على نفسها اسم «البلاك بلوك»، وتقوم بالقتل والحرق دون هوادة، وكنا فى المقال السابق قد انتهينا إلى لقاء الفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع بالرئيس مرسى ونصيحته التى أسداها له بضرورة إلغاء هذا الإعلان الدستورى فورًا، ونزع فتيل الأزمة التى أشعلت مصر، ولكن مرسى أرجأ ذلك إلى حين عودته من إثيوبيا حيث مؤتمر القمة الإفريقي، وبالفعل سافر مرسى تاركًا مصر، وقد دخلت فى نفق مظلم سيؤدى حتمًا إلى حرب أهلية، فشباب الإخوان منذ أحداث الاتحادية وهم يمارسون العنف والقتل والحصار، يعاونهم فى ذلك أنصار حازم أبوإسماعيل وبعض التيارات السلفية الأخرى، بينما شباب جبهة الإنقاذ إلى جانب أعضاء الحزب الوطنى المنحل والتيار الشعبى والبلاك بلوك قد ردوا على العنف بعنف آخر، فحرقوا وحاصروا واعتدوا على مقار حزب الحرية والعدالة ومكتب الإرشاد، وصرنا قاب قوسين أو أدنى من حرب أهلية حقيقية ولولا أن الاجهزة السيادية قد منعت المساعدات الإقليمية والدولية التى كانت تدفع البلاد دفعًا لهذا المصير لوقع المحظور، فهذه الأجهزة الوطنية قد قامت بدور عظيم سيكشف عنه التاريخ فى يوم من الأيام، فقد حالت بين ما يحدث فى مصر وبين المخابرات الإقليمية والدولية التى كانت تريد خراب هذا الوطن، وهناك الكثير من الأسرار التى لم تذع حتى الآن، فوقتها المناسب لم يأت بعد وأبطالها أخلصوا لمصر وشعبها، فنجحوا فيما فشلت فيه أجهزة دول مجاورة، ولا غضاضة أن نقول صراحة انظروا إلى البلاد المجاورة، وكيف تحولت إلى ملعب لأكثر من عشرين دولة، هكذا كانوا يريدون لمصر وكنا فى الطريق لهذا وحاول عبدالفتاح السيسى أن ينصح الرئيس لكنه أصر على عناده وذهب إلى إثيوبيا، وفى نفس الوقت ذهب رئيس وزرائه الى دافوس بينما مصر مشتعلة بنيران الفتنة، وهنا جاء بيان مجلس الدفاع الوطنى والذى جاء فيه «إن القوات المسلحة المصرية ملك للشعب المصرى العظيم، وإنها تقف على مسافة واحدة من الجميع ولا تتدخل فى العملية السياسية، إلا أنها فى الوقت نفسه تدرك واجبها الوطنى وحقوق شعبها عليها». وفى تقديرى أن هذا البيان كان بداية للعد التنازلى ليونيو.. وللحديث بقية.