الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

"بلد تكاتك".. مليون "توك توك" في مصر.. 85 ألف "مرخَّص" فقط.. سائقوه من فئات الشباب العاطل.. وساحة نشاطه الأحياء الشعبية بالعاصمة وقرى ومراكز الأقاليم.. خبراء: قانون لتنظيم عمله ضرورة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مصر بلد الأهرامات والنيل وبلد نجيب محفوظ وزويل ومجدي يعقوب، وأيضًا بلد التكاتك التى صارت ظاهرة تملأ الشوارع ضجيجًا وزحامًا، عندك توك توك إذن أنت تملك وظيفة، تقريبًا هذا الشعار المعلَن من جانب القطاع الكبير والعريض من الشباب العاطلين الذين سعوا في السنوات القليلة الماضية للبحث عن الطريقة لتدبير ثمن توك توك "35 ألف جنيه" للانضمام إلى أصحاب الأعمال والأملاك، والتحليق في عالم "الإحساس بالذات".
مليون توك توك في مصر، وربما يزيد العدد قليلًا، أقلّ من نصف العدد مرخَّص، والباقي طليق دون ورق، سائقوه من فئات الشباب العاطل، وساحة نشاطه في الأحياء الشعبية بالعاصمة وقرى ومراكز الأقاليم.

في البداية كان يتم استيراده من الهند حيث يصل مجمَّعًا أو كقِطع غيار، إلا أنه خلال حكومة الدكتور حازم الببلاوي صدَر قرار بمنع استيراده وأصبح دخوله البلاد ممنوعًا، كما تم منع استيراد قِطع غياره، صيانته تتم حاليًّا عبر الجهود الفردية، وتوجد بعض المصانع المحلية التي تتولى صناعته، في السنبلاوين "دقهلية" مركز صناعة مهم يصنع التوك توك محليًّا؛ لتعويض نقصه بالأسواق وزيادة الطلب عليه، وبأسعار تبدأ من 25 ألف جنيه، وتصل إلى 35 ألفًا.
رسميًّا لا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد التوك توك العاملة نتيجة عدم خضوعه للترخيص، باستثناء إحصائية رسمية صادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء خلال عام 2016 تشير إلى وجود ما يُجاوز 85 ألف توك توك مرخص فقط، وأن كل تكاتك القاهرة والإسكندرية بلا ترخيص، وأن محافظة الدقهلية الأعلى ترخيصًا للتكاتك بعدد 20582 "توك توك"، بينما كانت محافظة بني سويف أقل عددًا فى الترخيص للتكاتك بعدد 25 ألف توك توك، وحسب تصريح سابق لعفت عبدالعاطي، رئيس شعبة السيارات، يؤكد فيه أن التوكتوك استوعب مليون سائق أغلبهم من المواطنين، بينما في إحصائية أخرى غير رسمية تؤكد وجود نحو 4- 5 ملايين توك توك فى مصر، استنادًا إلى أن حجم الاستيراد السنوي من 2010 وحتى قرار وقف استيراده نحو مليون توك توك.

وكشف اللواء يسري الروبي، خبير المرور، أن التوكتوك يعاني مشاكل بالفعل بسبب غياب دور الدولة عن مراقبته وتقنين أوضاعه بشكل كامل، وهو ما يفتح الباب أمام وقوع كوارث، وخاصة مع قيادة الأطفال له، مضيفًا أن غياب وجود ترخيص له قد يؤدي إلى نشاط العديد من الفئات المجتمعية الخطيرة مثل البلطجية أو "المسجلين خطر" أو غيرهم من الفئات، والتي يصعب ضبطها حال حدوث حادثة أو أمر ما؛ بسبب عدم وجود بيانات شخصية عن صاحب التوك توك. 
وأشار إلى أن الطريق الوحيد لمواجهة خطره هو الأسلوب العلمي من خلال تنظيم عمله وتقنينه، لافتًا إلى أنه يجب في البداية أن تكون هناك إرادة سياسية لدى الدولة من أجل مواجهة المشاكل التي تأتي بسبب التوكتوك من خلال العديد من الإجراءات، من بينها وجود بنية تشريعية لائقة تسمح بوجود قوانين تتعامل مع التوك توك، مشددًا على ضرورة أن تتولى وزارة الداخلية تنفيذ تلك القوانين وتطبيقها.
ولفت الروبي إلى أنه قبل تطبيق وتفعيل منظومة لمواجهة المشكلة لا بد من معرفة إجمالي عدد التكاتك، تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات الخاصة بشأنه وتحديد طريقة تقنينه، مشيرًا إلى أن طبيعة المشكلة أن التوكتوك غير مرخَّص داخل مصر بشكل كامل، فهناك تكاتك مرخَّصة، وأخرى غير مرخَّصة، وهو أمر خاطئ؛ لأن القانون يجب أن يسري على الجميع، ما يفتح الباب أمام وقوع مشاكل مثل البلطجة، مؤكدًا أن حوادثه وجرائمه في تصاعد.

وأكد الدكتور عماد عبدالعظيم، استشاري الطرق والكباري، أن التوك توك وسيلة غير مؤمنة للسير في الشوارع العامة، وفي المناطق التي يوجد بها ازدحام مروري أو سكاني، وهنا تكمن المشكلة، حيث يضطر الكثير ممن يعملون سائقين للتوك توك للخروج على قواعد المرور، والسير في تلك المناطق رغم وجود خطورة في ذلك، وهو الأمر الذي يجعل تفعيل القانون وتطبيقه من تلك الناحية أمرًا ضروريًّا. وتابع: "ورغم ذلك لا يمكن منع التوك توك، خاصة مع سماح الحكومة خلال الفترة الماضية بدخوله للبلاد"، مشيرًا إلى أنه كان من الأَوْلى منع دخوله بدلًا من الاتجاه لمنعه، لكن الأمر الواقع يفرض علينا التسليم باعتباره وسيلة مواصلات تخدم قطاعًا من المواطنين، وهو ما يتطلب وجود قانون للمرور؛ لكي يتم تلافي أي أخطاء قد تحدث، مشيرًا إلى أنه صار مصدر دخلٍ للكثير من الأُسَر.

وقال النائب سامح السايح، عضو لجنة النقل والمواصلات بالبرلمان: إن هناك اتجاهًا لتقنين تواجد التوك توك بمصر، لافتًا إلى أنه من الضروري إيجاد درجة من التوازن، بحيث يتم استخدام التوك توك، ولكن بصورة حضارية لائقة لا تسبِّب أذى للمواطنين المارِّين بالشوارع، مؤكدًا أن الأمر يتعلق بوجود ضوابط وقوانين بحيث يتم استخدامه دون مشاكل أو أخطار.
ولفت السايح إلى أنه بتقنين وجود التوك توك ستستفيد الدولة من ذلك، حيث سيكون له "نمرة" ويدفع ضرائب، كما يدفع باقي السيارات الأجرة، وهو الأمر الذي سيمنع في الوقت نفسه الفوضى المتواجدة الآن والمتمثلة في وجود الكثير من التكاتك بلا أرقام مرورية أو رخصة، ما يجعل هناك سهولة في معرفة شخصية صاحب التوك توك إذا ما وقعت حادثة أو جريمة، مؤكدًا أن تقنينه سيدرّ دخلًا كبيرًا لخزانة الدولة وبالمليارات في وقتٍ تعاني في الخزانة عجزًا مستمرًّا.