الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

مسمار الأمازيغ التوانسة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
قبل أيام، بدأ الأمازيغ فى تونس تحركات لثانى مؤتمر لهم، بعد مؤتمرهم الأول العام الماضى. خطوات الأمازيغ أصبحت شديدة الغرابة فى المغرب العربى. 
يصف الأمازيغ التوانسة تحركاتهم بأنها بداية لانتفاضة، والانتفاضة هى البداية، نحو استعادة هوية قديمة دفنها العرب، وأهال عليها التراب نظاما كل من بورقيبة وزين العابدين بن على. 
يمكنك أن تقول إن إقرار الدستور الجزائرى، العام الماضى، اللغة الأمازيغية رسمية ثانية بعد العربية، منح دفعة قوية للقومية الأمازيغية فى تونس للمطالبة بحقوق أيضًا. 
الموضوع خطير، والنار تحت الرماد. الكلام عن بربر، وعن أمازيغ وعن عرب فى تونس، والجزائر، ثم فى المغرب، ضد القومية وضد الوحدة.. وهو الطريق لستين داهية. 
واضح أن إقرار الأمازيغية فى الدستور الجزائرى الجديد له تداعيات، أخطرها سيكون على تونس، وربما على ليبيا أيضًا. 
بعد بدايات الربيع العربى بفترة قليلة، بدأ يظهر فى الإعلام العربى كثير من الكلام عن الأمازيغ، وثقافة الأمازيغ، وقومية الأمازيغ المدفونة تحت التراب العربى فى شمال إفريقيا. 
ومن أوروبا، وخصوصًا من فرنسا، ظهرت عشرات الجمعيات التى تدعم نشاط الأقليات الأمازيغية، تفعيلًا للتجانس القومى فى الشمال الإفريقى. 
من قال إن دعم الأقليات، مرادف للتجانس القومى؟ ظهور مصطلح الأقليات فى تلك البلاد كفيل بدفن أى حديث عن القومية الواحدة، أو السلام الاجتماعى.. لكن هذا ما حدث. 
حقوقيون توانسة، من أصول عربية يؤيدون حق الأمازيغ فى إحياء ثقافتهم. يقولون إن الهدف الوحيد من تحركاتهم الأخيرة، الدفاع عن هويتهم وانتشال ثقافتهم من الاندثار. يقولون أيضًا إنهم يهدفون إلى الاعتراف بوجودهم، بعد حرمانهم من الظهور خلال العهود السابقة. 
الكلام كما يبدو سم فى العسل. والمنظمات الأوروبية، تسعى كما يبدو لإحداث فتيل نزاع عربى أمازيغى، يقلب المغرب العربى، بعد أن فشلت حركة النهضة الإسلامية فى أسلمة تونس فى ثورة الياسمين. 
لا كانت ثورة ولا ياسمين، ولا فُل. بالعكس، الروائح كانت كريهة، يبدو أن تداعياتها مستمرة للنهارده. 
نشاط الأمازيغ فى تونس والجزائر، ومؤازرة وسائل الإعلام فى أوروبا إشارة واضحة إلى ما يجرى فى الكواليس ضد التركيبة العربية فى بلدان الشمال الإفريقى. 
معلوم. فلو دخل الحديث عن العرقيات والأقليات من الباب، هرب الكلام عن الوحدة الوطنية من الشباك. 
ما الذى يمكن أن يقصده الأمازيغ، باستهدافهم إحياء ثقافتهم، والتعريف بقوميتهم المقهورة؟ 
كلام للاستهلاك الإعلامى، قبل أن يأتى الحديث عن العداء مع الدولة، ومحاولات اقتسام مناطق النفوذ، وإعادة رسم الخرائط حسب الطبيعة العرقية لأهالى الأقاليم. 
حسب الإحصائيات الرسمية، لا يزيد عدد الأمازيغ التوانسة علي ٥٠٠ ألف، أى خمسة فى المائة من العدد الإجمالى لسكان البلاد، بينما لا يتحدث اللغة الأمازيغية سوى اثنين فى المائة منهم. 
أغلب الأمازيع متواجدون بين قبائل الجنوب التونسى، وبعض مدن الشمال. وما يدرينا ألا يضعوا قائمة بمطالبهم، فى تقاسم النفوذ مع الدولة فى أماكن تواجدهم، مثلما بدا فى الجزائر، ومثلما حدث فى العراق، من قوميات أخرى، وأعراق قالوا إنهم لا بد أن يشاركوا فى الحكم؟ 
ما الخطوة الثانية فى قصة نضال الأمازيغ التى بدأت فى المغرب العربى؟ 
لا أحد يعرف!