الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الإرهاب.. ثقافة القُبح والدمار

داعش تحطم آثار الموصل
داعش تحطم آثار الموصل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تظل يد الإرهاب تنشر القبح وتمحو كل جمال حول العالم، ففي مثل هذا اليوم 26 فبراير من عام 2001 فجرت حركة طالبان تمثال بوذا في باميان، والذي يعتبر من آثار التراث العالمي، مستخدمة في عملها الإجرامي الديناميت بعد أن فشلت في البداية في تدميره من خلال المدافع المُضادة للطائرات والتي تسببت بضرر للتمثال ولكنه أعيد ترميمه مرة أخرى، ولكن طالبان كانت على موعد مع القُبح ومحو كل صور الإبداع فقامت في مثل هذا اليوم بوضع الألغام المضادة للدبابات في الجزء السفلي من التمثال  لتدمره بشكل كامل. 

"داعش" على خطى طالبان
لم يكن تمثال "بوذا" العمل الإبداعي الوحيد الذي طالته يد الإرهاب، ففي ذكرى تدميره وتحديدًا في 26 فبراير 2015، بث تنظيم "داعش"، تسجيلًا مصورًا يُظهر خلاله تحطيم محتويات متحف نينوى بمدينة الموصل شمال العراق والذي يعد أحد أهم المتاحف في العالم، وظهر في التسجيل، متحدث من "داعش" يقف أمام مجسم أثري كبير فيما يفترض أنه متحف نينوى الأثري وأشار بيده إلى المجسم قائلًا: "إن هذه أصنام وأوثان لأقوام في القرون السابقة كانت تُعبد من دون الله". 
وأضاف بأن "ما يسمى بالآشوريين والأكّاديين حضارتين قديمتين في منطقة بلاد ما بين النهرين ما بين الألف الأول والثاني قبل الميلاد، وغيرهم كانوا يتخذون آلهة للمطر وآلهة للزرع وأخرى للحرب يشركون بها بالله ويتقربون إليها بشتى أنواع القرابين". وبعد انتهاء عنصر "داعش" من حديثه ظهر عناصر آخرون من التنظيم يهمون بدفع ورمي مجسمات أثرية عديدة وتحطيم أخرى بالمطارق وبالمناشير وأجهزة الحفر الكهربائية لتصبح قطعًا صغيرة. 
 

تفجير مئذنة المسجد الأموي
لم يفرق الإرهاب بين تمثال لـ"بوذا" وبين معلم أثري إسلامي حيث تم تفجير مئذنة المسجد الأموي في سوريا من قبل عناصر إرهابية من جبهة النصرة، ويعتبر هذا المسجد من روائع الفن المعماري الاسلامي، ومدرج في لائحة التراث العالمي باليونسكو. وجامع بني أمية الكبير، والذي يُعرف اختصارًا بالجامع الأموي، هو المسجد الذي أمر الوليد بن عبد الملك بتشييده في دمشق، ويُعد رابع أشهر المساجد الإسلامية بعد حرمي مكة والمدينة والمسجد الأقصى، كما يُعد واحدًا من أفخم المساجد الإسلامية، وأحد عجائب الإسلام السبعة. 

التهديد بهدم آثار مصر 
رغم الحضارة التي تملأ مشارق مصر ومغاربها إلا أن المتشددين من جماعة الإخوان والسلفيين هددوا بهدم كثير من مقامات أولياء الله الصالحين في المدن المصرية، وهددوا بهدم الآثار المصرية القديمة وعلى رأسها أبوالهول والهرم، وذلك عقب ثورة 25 يناير، بل كانوا في الأيام الأولى للثورة على وشك تدمير المتحف المصري بميدان التحرير القريب من مكان تجمعهم لولا تغطية قوات الجيش التي كانت تحمي المتحف، كما نُشرت فتوى لمفتي قطر طالب فيها بهدم الأهرامات وأبو الهول، واعتبار القضاء على هذه الآثار واجبا شرعا، الأمر الذي آثار غضب الشعب المصري.

تغطية التحف الفنية بالحجاب
وفي واقعة غريبة لا تصدر من ذي عقل وضع عدد من المتشددين في مصر إبان ثورة 25 يناير النقاب على تمثال أم كلثوم بدعوى أن وجهها عورة، كما حطموا رأس تمثال عميد الأدب العربي طه حسين في المنيا، وهو واحد من الرموز الثقافية والفكرية في الوطن العربي، وقاموا بتحطيم تمثال "سنوسرت الثالث" في المنصورة، وهشموا اللوحات المعدنية على تمثال سيمون بوليفار في قلب القاهرة، باعتبار أن تلك التماثيل ما هي الا أصنام يجب تهشيمها وإزالتها من الوجود. 

حريق المكتبة الوطنية بسراييفو
لم يكن الحال مع بوذا أو متحف الموصل ليختلف كثيرًا مع ما حدث في يوغسلافيا خلال الحرب بين المجموعات الدينية في البوسنة من 1992 الى 1995، حيث أحرق المقاتلون الصرب المكتبة الوطنية في سراييفو التي بنيت في القرن التاسع عشر واعيد فتحها في مايو 2014 بعد 22 عاما على تدميرها.

قطع رأس أبو العلاء المعري 
كما شهدت محافظة أدلب بسوريا واقعة قطع رأس تمثال للشاعر أبو العلاء المعري في مسقط بشمال غرب سوريا، واتهم ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت جبهة النصرة الإسلامية المتطرفة بقطع رأس التمثال، وعرضوا صورا لما قالوا انه التمثال بعد التعدي عليه. وتظهر الصور تمثالا نصفيا بني اللون مقطوع الرأس وعليه آثار طلقات نارية، مرميا على الارض الى جانب قاعدة حجرية مرتفعة. 
كما تداول الناشطون صورا للتمثال قبل الاعتداء، ويبدو فيها موضوعا على القاعدة التي كتب عليها "ابو العلاء المعري.. شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء".
أبو العلاء هو أحمد بن عبد الله بن سليمان، ولد في معرة النعمان في العام 973، وفقد بصره في سن مبكرة بعد إصابته بالجدري، لكن ذلك لم يحل دون طلبه العلم. وعُرف هذا الشاعر الذي يعد من الأبرز بين أقرانه العرب، بالزهد والتقشف وكونه نباتيا، وأطلق عليه لقب "رهين المحبسين"، نظرا الى فقدانه البصر وابتعاده عن الناس أعواما طويلة.