لا حديث يشغل الرأي العام العالمي، سوى العمليتين الإرهابيتين، اللتين
نفذهما مجهولون الأحد، بمدينتي هايدلبرج الألمانية ونيو أورلينز الأمريكية.
وكانت السلطات الألمانية أعلنت عن وفاة رجل يبلغ 73 عاما،
وإصابة آخر نمساوي، يبلغ 23 عاما، وامرأة من البوسنة والهرسك عمرها 29 عاما، إثر عملية
دهس إرهابية، قال عنها المتحدث باسم الشرطة، ديفيد فولهابر، إن "شهود العيان
أكدوا على أن المتورط في العملية نزل من السيارة عقب عملية الدهس وفي يد سكين،
الأمر الذي يذكر بالعملية التي نفذها تنظيم داعش في أكثر من مدينة أوروبية معتمدًا
على الدهس والسلاح الأبيض".
وتزامنًا مع ذلك شهدت أمريكا عملية دهس شبيهة، خلفت 28 مصابا بمدينة نيو
أورلينز، وهي المدينة التي شهدت في نوفمبر الماضي عملية إطلاق نار من قبل مسلحين،
توفى على إثرها شخص وأصيب ثمانية آخرون، فى حادث لم تتضح تفاصيله أو يعرف منفذوه
حتى الآن.
وقالت الشرطة إن المشتبه به اصطدم في البداية بسيارتين قبل أن
ينحرف باتجاه مشاهدي مهرجان ماردي جرا، وهو مهرجان يقام في العواصم الغربية للأكل
بشراهة، استباقًا للصوم الكبير طبقًا للعقيدة المسيحية.
ويرجح تورط تنظيم "داعش" الإرهابي في العمليتين،
بالرغم من عدم إصداره لأي ردود فعل تجاههم، إذ يدعم هذه الاحتمالية تشابه
الواقعتين بالعمليات التي نفذها التنظيم خلال الفترة الأخيرة ولجأ فيها إلى الدهس
والأسلحة البيضاء، وكان أبرزها عملية دهس وقعت في نهاية ديسمبر الماضي وصنفت كأكبر
العمليات الدموية في تاريخ ألمانيا الحديث، إذ قام أحد عناصر التنظيم باستقلال
شاحنة دخل بها في حشد بشري ليقتل 9 أشخاص ويصيب 50 آخرين. وفي وقت لاحق وقعت حادثة
متحف اللوفر المتهم فيه.
ويؤكد خبراء الشأن السياسي، أن هاتين العمليتين تؤكدان بما لا
يدع مجال للشك، أن الإرهاب نجح فى اختراق المنظومة الأمنية في أوروبا، فالدكتور
طارق فهمي، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، يرى أن عملية الدهس التي تعرض
لها مواطنين في أمريكا وألمانيا، تمثل نقلة نوعية لعمليات المواجهة في الدول
الأوروبية والعمليات الإرهابية الموجهة للغرب بشكل عام.
وأضاف فهمي، في تصريح خاص لـ"البوابة"، أن تكرار مثل هذه
العمليات تحمل رسائل هامة للغرب أهمها تمكن الإرهاب والتطرف من الغرب، وتمكن
المنظمات الإرهابية من إثبات وجودها واختراق الأجهزة الأمنية لهم، خاصة باستخدام
طرق غير مكلفة وتحقق نتائج للجماعات المتطرفة.
من جانبه قال محمد حامد، الباحث السياسي، إن
العمليتين ربما قام بهما شخص من الذئاب المنفردة الموالية لتنظيم "داعش"
الإرهابي، أو هؤلاء الذين اقتنعوا بفكر "داعش" دون التواصل معه أو
الانضمام إلى صفوفه، لافتا إلى أن العالم بات أمام أزمة جديدة بخلاف أزمة العناصر
المنضمة رسميًا للتنظيم، إذ يواجه الأن فكر "داعش" الذي يتبناه كثيرون
دون الانضمام.