رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بوابة العرب

محاولات سعودية لحصار إيران من البوابة العراقية.. الرياض تتجه لتعيين سفير جديد لدى بغداد.. زيارة الجبير لم تكن مفاجئة بل تم الترتيب لها منذ وقت طويل.. وواشنطن بذلت مجهودًا كبيرًا لترطيب الأجواء

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
حملت زيارة وزير الخارجية السعودية عادل الجبير إلى العراق العديد من الملفات والقضايا الشائكة بين البلدين وطرق العودة للعلاقات في مسارها الطبيعي بين البلدين، إلا أن العودة ولا شك مقيدة بعدة شروط ومقايضات يبقى على الطرف العراقي أن يكشف عن مدى استعداده وقبوله لها.
وتأتي أهمية الزيارة من حيث التوقيت من جهة، ومما يجرى في العراق على المستويين السياسي والعسكري من جهة أخرى، ومدى ارتباط تلك التداعيات على المحيطين السعودي والعراقي.
فقد بحثا "الجبير" ونظيره العراقي إبراهيم الجعفري وكذلك مع رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، عددا من الملفات الثنائية بين البلدين جاء على رأسها محاربة الإرهاب وبالأخص تنظيم داعش الإرهابي الذي يحاربه الجيش العراقي الآن في غرب مدينة الموصل العراقية في آخر وأصعب مرحلة للتخلص من التنظيم المتطرف.
وأكد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء العراقي على دعم السعودية للعراق في محاربة الإرهاب، وبحسب البيان أبدت السعودية استعدادها لدعم إعادة الاستقرار في المناطق المحررة.
وعقب لقائه وزير الخارجية العراقية إبراهيم الجعفري، أكد "الجبير" أن الزيارة تأتي لإعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح، مشيرا إلى أن المملكة تقف على مسافة واحدة من المكونات العراقية وتدعم وحدة واستقرار العراق، مشددا على أن هناك رغبة للعمل على فتح منفذ الجميمة الحدودي وبحث ملف تشغيل الخطوط الجوية المباشرة بين البلدين.
وكشفت أوساط عراقية عن أن "الجبير" أعلن خلال زيارته عن نية بلاده تعيين سفير جديد لدى العراق.

إلى هنا وينتهي الظاهر من الزيارة ليقودنا إلى الباطن فيها وهو ما فسرته أوساط سياسية بأنها جاءت في إطار تحالف عربي أمريكي تركي لتطويق النفوذ الإيراني في المنطقة وسحب البساط من تحت قدميها من المشهد العراقي، حيث تريد السعودية إعادة العراق إلى الصف العربي وأن يخرج القرار العراقي تدريجيا من عباءة الهيمنة الإيرانية، وهو نفس التوجه الذي تسعى إليه الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يضغط على "العبادي" للنأي بنفسه عن الاستمرار في التحالف مع إيران، الأمر الذي وضع "العبادي" في موقف صعب، فلا هو يستطيع الاستغناء عن أمريكا التي تساعده في حربه ضد الإرهاب والتخلص من "داعش" ولا هو القادر على فك الارتباط بإيران ومواجهة الطوائف المذهبية والسياسية العراقية الموالية لإيران.
لقد جاءت زيارة "الجبير" متزامنة لحراك أمريكي نشط في العراق، وذلك في أعقاب زيارة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس لبغداد، واتصال هاتفي بين وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، الأمر الذي يؤكد خطوط التماس في التوجه والرؤى بين السياستين الأمريكية والسعودية تجاه العراق وارتباطه بإيران.
وأوضحت أوساط عراقية أن "الجبير" بحث خلال زيارته مع القادة العراقيين مستقبل البيت السني في العراق في ظل تصاعد النفوذ الإيراني، متسائلا عن وضعية رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ومدى نفوذه وتأثيره على المشهد السياسي العراقي.

وبحسب رؤيته، فقد اعتبر إحسان الشمري، المستشار السياسي في مكتب حيدر العبادي، أن السعودية تعود للعراق بثقلها العربي المهم، مشيرا إلى أن المنطقة تمضي نحو التسوية، والسعودية تجد في العراق طرفا مهما ويحظى بثقة الجميع.
فيما قال المحلل السياسي العراقي علي الأوسي: إن "زيارة الجبير إلى بغداد تمثل تطورا جديدا في الدبلوماسية السعودية لمقاربة الحالة العراقية ميدانيا"، موضحا أن "هذه المقاربة لا تنفصل عن سياسة أمريكية جديدة في المنطقة تنبني على مكافحة ما تسميه بتمدد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا ولبنان واليمن".
وأما توقيت الزيارة فقد اعتبره البعض أنها جاءت بشكل مفاجئ ولم يعلن عنها مسبقا، فقد كشفت أوساط عراقية عن أن الزيارة لم تكن مفاجئة بل تم الترتيب لها منذ وقت طويل، ولكن كانت تتأجل بسبب بعض التوترات في العلاقات بسبب بعض التصريحات المتبادلة بين البلدين أو بسبب بعض الحوادث الإرهابية في العراق.
وأكدت تلك الأوساط أن واشنطن لعبت دورا كبيرا في ترطيب العلاقات بين الرياض وبغداد حتى تمت زيارة "الجبير" التي يمكن وصفها بالتاريخية؛ نظرا للقطيعة بين البلدين والتوتر في العلاقات بعد الغزو العراقي للكويت في صيف 1990 وما تبعه من أحداث وحروب في المنطقة.
وقد سبقتها مشاورات استمرت لعدة أشهر بين رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي، والدبلوماسي الأمريكي زلماي خليل زادة، والجنرال الأمريكي المتقاعد ديفيد بترايوس، مع مسئولين سعوديين بارزين.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حال تعيين سفير جديد للسعودية لدى العراق، فسيكون السفير الثاني للملكة بعد انقطاع استمر لـ 25 عاما بين الرياض وبغداد؛ حيث عينت السعودية السفير ثامر السبهان سفيرا لها لدى العراق في ديسمبر 2015 واستدعته على خلفية تصريحات انتقد فيها "الحشد الشعبي".