الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

وادرأوا الشبهات يا أولي الألباب..!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
من السمات المميزة لمعظم الذين يتقلدون مناصب قيادية فى مجتمعنا، اختيار معاونين لهم أقل كفاءة وقدرة على التفكير والإنجاز.
بل إن البعض يتعمد انتقاء أشخاص تحوم حولهم الشبهات وتحيط ذمتهم علامات الاستفهام بمعنى آخر؛ أشخاص مكسورى الأعين «على رأسهم بطحة».
أصحاب تلك الفلسفة فى الاختيار يفتقرون لأبسط مقومات المهنية، ويدركون جيدًا تدنى مستوى ذكائهم، ويعتقدون أن هذا الأسلوب يضمن بقاءهم لفترة أطول على كراسيهم، وعدم ظهور من هو أجدر بمقاعدهم؛ ذلك أن الأخطاء المهنية والتجاوزات المالية والإدارية لن يكشفها الأغبياء، ولن يجرؤ المشبوهون على الاقتراب من دائرتها.
قطعًا من الخطأ تعميم هذه السمة على كل صاحب منصب كبير، لكن واقع معظم مؤسساتنا وأجهزتنا الحكومية هو ما جعلنى أقول إنها سمة تخص معظم الجالسين على كراسى السلطة مهما صغرت، بل إنها تمتد فى أحيان ليست بقليلة فى بعض مشروعات وشركات القطاع الخاص؛ وهذا ما يفسر شكوى الكثيرين من عدم قدرتهم على تحقيق النجاح أو الاستمرار فيه، بينما نرى شركات ومشروعات صغيرة ومتوسطة أقامها أشقاؤنا السوريون فى السنوات الأخيرة ونجحت فى الاستمرار رغم ظروفهم الصعبة. 
الرغبة فى الفساد ليست السبب الوحيد لتبنى تلك الفلسفة فى اختيار المعاونين المقربين، وإنما شهوة النجومية وحب الظهور قد تكون أسبابا إضافية تتعلق فى جوهرها بغياب ثقافة العمل الجماعى المؤسسى واعتماد معظم كياناتنا على الفرد القائد الذى يعتقد فى نفسه إمكانيات وقدرات أكبر بكثير من حجم ما يمتلكه من خبرة وكفاءة ومستوى ذكاء. لذلك فإن علماء النفس والاجتماع والإنثروبولوجى والجمال والأخلاق مدعون جميعهم لدراسة هذه الظاهرة وتحليلها وتشريحها، فلربما ينجحون فى إعطائنا روشتة علاجية تشفى مجتمعنا من هذا المرض العضال.
حتى يتدخل علماؤنا لدراسة هذه القضية لن أقر اختيار الحكومة للدكتور عبد المنعم البنا وزيرًا للزراعة رغم اللغط الذى أُثير حوله بسبب البلاغات المقدمة ضده فى سياق فلسفة اختيار المعاونين المثيرين للجدل؛ لكن ثمة علامات استفهام كبيرة من واجب الحكومة أن تقدم إجابات شافية عليها، لأننا نعلم جيدًا أن المسئولين عن عملية الاختيار فيها من أولى الألباب وذوى الحكمة والرشد.
منها على سبيل المثال المعايير التى اختارت بموجبها جميع الوزراء الجدد، وما إذا كان وزير الزراعة الجديد قد طرح إستراتيجية مختلفة لتطوير قطاع الزراعة عن تلك التى كان يتبناها سلفه دكتور عصام فايد!؟
وهل رؤية الدكتور البنا تحقق الأهداف الموضوعة فى إستراتيجية مصر ٢٠٣٠؟! وقبل ذلك كله على دولة رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل أن يبرر صمته إزاء الاتهامات التى نالت من وزيره الجديد، وأتصور أن الحصافة السياسية كانت تُلزم رئيس الوزراء أن يطلب من النائب العام بيانًا قانونيًا حول الـ٢١ بلاغًا المقدمة ضد الدكتور عبدالمنعم البنا فى وقت سابق يوضح فيه أسباب عدم استدعائه للتحقيق فى كل تلك البلاغات، وما إذا كانت قد حُفظت بالفعل كما قال الدكتور البنا، وما الأسباب القانونية التى جعلت من تلك البلاغات محض شكاوى كيدية وتفتقد الشروط القانونية اللازمة لجعلها قيد التحقيق. 
لا يمكن لحصيف أن يتهم الدكتور عبدالمنعم البنا فى شرفه أو ذمته ما دام أن الجهة المعنية بالأمر لم توجه له مجرد اتهام، ومن الظلم للرجل أن يُترك تتلاطمه أمواج الشبهات لتنال من سمعته، بل وسمعة من اختاره أيضًا لمجرد أن رئيس الحكومة يتقاعس عن أداء واجبه فى الدفاع بشكل قانونى وسياسى عن سلامة اختياره وشرف ونزاهة من اختارهم.
مهما دافع وزير الزراعة الجديد عن نفسه يبقى دفاعه مشوبًا فى موضع الشهادة المجروحة طالما تخلى عنه رئيس الوزراء ولم يخرج على الناس ببيان يستند فيه إلى كلمة القانون السواء، فلا يزال مشهد القبض على وزير الزراعة الأسبق الدكتور صلاح هلال حاضرا فى الأذهان، ولن يرد الشبهة عن الدكتور عبدالمنعم البنا إلا احترام الرأى العام ومخاطبته مباشرة وعدم تركه يضرب أسداسًا فى أخماس.
ما يجرى ضد وزير الزراعة من قبل الحكومة يهيل التراب على كل إنجازاتها مهما عظمت ويضع الدولة ونظامها السياسى فى قلب دوامة الشك.