الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

الهيئة العامة للاستعلامات "في الإنعاش"

«البوابة نيوز» تقدم روشتة عاجلة لإنقاذها

الهيئة العامة للاستعلامات
الهيئة العامة للاستعلامات
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
خبراء: تحولت إلى كوبرى للدبلوماسيين للتعيين فى مناصب أعلى بـ«الخارجية» 
«سعيد»: «مركز مصر المعاصرة» البديل الأمثل لتعويض غيابها 
«عيسى»: الدولة تحتاج إلى كيان جديد يواكب العصر 

فتح الإعلان عن اختيار «صلاح عبدالصادق» رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، سفيرا لمصر فى رومانيا، ورحيله إلى منصبه الجديد بداية الشهر الجارى، الباب أمام الكثيرين لإثارة ملف انهيار الهيئة خلال السنوات الأخيرة، بعد أن كانت تمثل صوت مصر فى العالم طوال العقود الماضية، إلى أن تحولت مؤخرا إلى مجرد مبنى ضخم بشارع صلاح سالم، لا يعرف الكثير من المصريين اسمه أو أهميته، على الرغم من أن هناك العشرات من الأسباب والشواهد التى تبرهن على أهمية تلك المؤسسة فى ذروة نشاطها، خاصة فى وقت الأزمات والحروب، ودورها فى تنوير الرأى العام المحلى والعالمى، بطبيعة الأحداث والقضايا التى تهم الدولة.
«البوابة» تحاول، عبر استطلاع رأى نخبة من الخبراء أن تقدم روشتة عاجلة لإنقاذ الهيئة وبث الروح فيها لأهميتها التاريخية والسياسية للبلاد.

نتذكر معًا ما طرح المفكر السياسى الدكتور عبدالمنعم سعيد، رؤيته لتطوير منظومة الإعلام الرسمى فى مصر خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة الأخيرة، فى وجود الرئيس عبدالفتاح السيسى، متحدثا عن حاجة مصر حسب ما أسماه لـ «قيصر» لإدارة الإعلام الرسمى، قاصدا بذلك الهيئة العامة للاستعلامات، مما جعل منها محل اهتمام ونقاش كبير ووصل الأمر إلى المطالبة بإلغاء هذه الهيئة.
الدكتور عبدالمنعم السعيد، دعا إلى تبنى استراتيجية لتسويق مصر، من خلال عملية طويلة المدى تستعيد فيها الدولة صورتها الإيجابية المستمدة من تاريخها القديم، ونضالها الحديث من أجل الانتقال من التخلف إلى التقدم، وكفاحها المعاصر ضد الإرهاب.
وتابع: «هذه المهمة كان من المفترض أن تكون مهمة الهيئة العامة للاستعلامات، ولكن للأسف لم نعد نجد من الهيئة ما يبرر لنا إلقاء تلك المهمة عليها، ومن ثم أقترح تغيير «العلامة» الخاصة بالهيئة بدءا من اسمها وحتى مضمونها وطريقة عملها من استبدالها بكيان آخر، وأقترح أن نطلق عليه «مركز مصر المعاصرة»، يقوم بمهمة الإعلام الرسمى المصرى، ويوجه - بوسائل متنوعة- الإعلام المصرى كله بالتأثير والمعلومات، ويكون عونا 
لـ «رئيس الجمهورية» فى التعامل مع الإعلام الداخلى والعالمى.

بينما قال مسعد بدوى، مدير المركز الصحفى للهيئة العامة للاستعلامات بميناء رفح البرى سابقا، فى تصريحات خاصة لـ «البوابة»، إن الهيئة فشلت فى القيام بدورها الرئيسى فى السنوات الأخيرة وخاصة مع الحرب التى خاضتها مصر ضد الإرهاب، نظرا لحالة عدم الاستقرار فى إدارة الهيئة ونقل تبعيتها لجهات مختلفة ما بين وزارة الإعلام ثم رئاسة الجمهورية، حتى أن بعض مكاتبها بالخارج كان يتم إدارتها من جانب وزارة الخارجية، 
مؤكدا على أن هذا التضارب فى أسلوب إدارة الهيئة أثر على أدائها، مشيرا إلى أنه بعد الثورة خسرت الهيئة الكثير من مكاتبها بالخارج، وتم تقليص أعدادهم إلى النصف، بعد أن كانت الهيئة تغطى معظم دول العالم، حتى أن دولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية أصبح للهيئة بها مكتبان فقط، كما عانت هذه المكاتب من قلة دعمها ماديا ولوجيستيا، حيث كانت بعض المكاتب غير مجهزة ولا تحتوى على أنظمة الاتصال الحديثة، ومن ثم كان من الطبيعى الأداء المخيب للآمال فى تقديم صورة جيدة عن مصر للعالم الخارجى.
وأكد بدوى، أن الفساد والمحسوبية كان يسيطر على إرسال مندوبى الهيئة للسفر بالخارج، وكان الاختيار لا يتم بناء على الكفاءة أو الخبرة بل كان يتم بالعلاقات الشخصية، ومن ثم فإن معظم مديرى مكاتب الهيئة بالخارج، كانوا يهتمون بالسفر فقط للحصول على البدلات الدولارية الكبيرة والإقامة الفندقية الراقية، والحصول على أكبر مكاسب من فترة السفر وليس الاهتمام بمحتوى إعلامى يحسن من صورة مصر فى الخارج أو حتى يتابع ما الذى يكتبه العالم عن مصر. أما عن طرق النهوض بالهيئة وتحسين أدائها، فقال بدوى، إن ذلك يبدأ بالتدقيق فى معايير تعيين العاملين بها، فالهيئة تصم أكثر من 5000 موظف، 75 % منهم لا ينتمون للدراسة الإعلامية،حيث تتنوع التخصصات بين زراعة وهندسة وتجارة، فضلا عن أهمية توفير التدريب المستمر للعاملين من أجل رفع مستوى مهارتهم وأن يتعلموا لغات متنوعة لمخاطبة العالم، إلى جانب أهمية إعادة تبعية الهيئة العامة للاستعلامات لوزارة الإعلام وأن يتولى قيادتها خبراء ومتخصصون فى الإعلام يكون لديهم رؤية إستراتيجية واضحة لإدارة الهيئة وتحقيق أهدافها.

بينما رفض الدكتور صفوت العالم،أستاذ الحملات الإعلامية بكلية الإعلام جامعة القاهرة، اقتراح الدكتور عبدالمنعم سعيد بإلغاء الهيئة واستبدالها بـ«مركز مصر المعاصرة» قائلا، إن نغمة الإلغاء والمقترحات التى يسوقها البعض هى محاولة لإسعاد الرئيس فقط دون وضع رؤية علمية للأزمة وكأن الدولة المصرية تبدأ من فراغ، مؤكدا أن الهيئة العامة للاستعلامات تضم كوادر مدربة وجادة ومارست أدوارا إعلامية تنويرية على مدار 30 سنة، ولكن هذا لاينفى أن هناك أوجها للقصور وانتقادا للسلبيات التى تحتاج إلى علاجها وليس هدم كيان كبيرا كالهيئة.
وأضاف العالم فى تصريحاته لـ«البوابة»، أن أكبر خطأ تسبب فى تقليل دور الهيئة وإضعافها هو نقل تبعيتها إلى رئاسة الجمهورية بعد أن كانت تابعة لوزارة الإعلام بعد الثورة، دون التفكير فى الهيكل التنظيمى للهيئة الذى يقوم بالإعلام الداخلى والخارجى، ومن ثم إفشال كلا الدورين سواء الداخلى الذى كان يهتم برصد الشائعات وتنظيم الحملات الإعلامية القومية، وغياب دورها الخارجى فى تقديم صورة صحيحة عن مصر.
أما ثانى الأخطاء، فهو ظلم الهيئة خلال السبع سنوات الأخيرة فى تولى الدبلوماسيين لإدارتها، وكان خطأ مهنيا فادحا، وثبت فشلهم، حيث إن الدبلوماسى لا يكون متخصصا فى الإعلام بل يكون خريجا للزراعة أو التجارة، ومن ثم لايكون مؤهلا إعلاميا أو مهنيا ليتصدى لقيادة مئات الكوادر الإعلامية بالهيئة دون فهم أو دراية. 
أوضح العالم أن الدبلوماسى يرأس الهيئة خلال فترة خدمته لمدة 3 أو 4 سنوات كمرحلة انتقالية، و«عينه على الترقى» فى السلك الدبلوماسى لدولة كإيطاليا أو فرنسا بعد ذلك للحصول على آلاف الدولارات وليس البقاء محليا فى إدارة الهيئة والحصول على 20 ألف جنيه فقط !، وبالتالى يتولى الدبلوماسى الهيئة بدون أى رؤية لإدارة الإعلام أو التخطيط لحملات إعلامية خارجية، دون أى خبرة بمشكلات مصر والدور الذى يجب أن تلعبه الهيئة فى رسم صورة جيدة عن البلد فى الخارج خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى شهدتها البلاد من إرهاب وأعمال عنف مارسها الإخوان بعد فض رابعة وما يحدث حتى الآن من حرب شرسة فى سيناء، كل ذلك يغيب عن الرأى العام العالمى ولا يعرف عنه شيئا.

وقال إن السفير صلاح الدين عبدالصادق الذى يرأس الهيئة العامة للاستعلامات، أعلن أوائل شهر فبراير الجارى أنه ينتظر البديل للرحيل عن المنصب، حتى يتسلم مهام منصبه الجديد فى التعيين كسفير مصر فى رومانيا، وتقريبا كان هذا التصريح الوحيد الذى صدر منذ شهور عن رئيس الهيئة، فى غياب تام لأى نشاط أو فاعلية قامت بها خلال الفترة الأخيرة؟!
بينما يرى صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة أن الهيئة أخفقت فى تنوير الرأى العام العالمى بالحقائق عن أصعب فترة مرت بمصر بعد ثورة 30 يونيو، وحربها ضد الإرهاب، معربا أن الهيئة بحاجة إلى إحياء وتنشيط دورها كما كان سابق عهدها عندما تولى رئاستها عبدالقادر حاتم ومرسى سعد الدين ومحمد حقى وممدوح البلتاجى وغيرهم.
وأشار إلى أن الهيئة كانت تصدر نشرات يومية بعد نشأتها تلخص فيها ما ينشر فى الصحف العالمية عن مصر، وكانت ترسل هذه النشرات للصحف والجرائد المصرية للاستفادة منها، بل كانت تقوم بترجمة عشرات الكتب السياسية التى تصدر بالعالم عن العلاقات بين مصر والدول الأخرى ويتم توزيعها على المفكرين والوزراء والمشتغلين بالعمل العام المصرى للاستفادة منها، ولكن توقف هذا الدور تماما الآن.
وأضاف عيسى أنه يوافق على اقتراح تأسيس بديل جديد عن الهيئة العامة للاستعلامات ولكن مع الاستفادة بالعاملين بالهيئة وممن يتمتع منهم بقدرات متميزة من خلال قيادة إعلامية واعية، مؤكدا على حاجة مصر الآن إلى كيان عصرى منسق متطور يستخدم أحدث الوسائل الإعلامية من أجل مخاطبة الرأى العام الخارجى والتأثير عليه، من خلال خطاب إعلامى أكثر انفتاحا يحتوى على المعلومة الدقيقة والتى تخرج فى الوقت المضبوط، لأن مصر خسرت كثيرا فى السنوات الأخيرة من بوق إعلامى يخاطب الغرب ويوضح حقيقة ما حدث بعد ثورة 30 يونيو.