الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

خصوصية المواطن وحرية الإعلام.. خطوط حمراء!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تلعب وسائل الإعلام دورًا كبيرًا فى تكوين تصور الأفراد للعالم المحيط به وفى تكوينه للحقائق والآراء والمعتقدات حول هذا العالم، نتيجة التطور الهائل والمستمر فى وسائل الاتصال الحديثة وزيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعى الفيس بوك وتويتر واليوتيوب وماسنجر وغيرها من الوسائل التى انعكست بقوة على القوة التأثيرية لوسائل الإعلام وعلى تزايد خطورتها. كما أن وسائل الإعلام المختلفة والمتنوعة تلعب دورا فى تشكيل المعارف والمفاهيم والاتجاهات السياسية للجمهور بل بذلت مجهودات عدة لفهم علاقات الارتباط بين المعارف والاتجاهات السياسية للجمهور من ناحية وبين اعتماده على وسائل الإعلام من ناحية أخرى.كما أصبح التعرض للإعلام بمختلف وسائله الحديثة جزء من نسيج الحياة اليومية للمواطنين واحدثت هذه التغيرات فى مجال الاتصال تأثيرات كبيرة فى منطقتنا العربية تزامنت مع تعاظم تأثير وسائل الإعلام التى أصبحت أهم المصادر الأساسية للحصول على المعلومات.
يعتبر مبدأ الحق فى حماية الخصوصية الذى برز فى أواخر القرن التاسع عشر نتيجة ممارسات الصحافة الصفراءYellow Journalism التى كانت تتعمد اختراق خصوصية الأفراد واقتحام حياة المشاهير والأغنياء داخل المجتمع الغربى، والعمل على ابتزازهم عن طريق نشر أسرار حياتهم وفضائحهم الأخلاقية وعلى الرغم من أن الحياة الخاصة للإنسان قد حظيت بالحماية القانونية فى المجتمعات القديمة والحديثة على الصعيدين المحلى والعالمى أو الدولى. بالإضافة إلى أن الحياة الخاصة قد استحوذت على اهتمام خبراء الفقة والقضاء لأهمية الحياة الخاصة للإنسان فى كفالة استقرار المجتمعات وازدهارها، ولتوفير الطمأنينة للأفراد وصون حريتهم وكرامتهم إلا أنه لا يوجد فى تشريعات جميع الدول العربية أى توصيف لمفهوم «الخصوصية» أو تحديد أبعاد هذا المفهوم وعناصره حيث يستدل على مفهوم الخصوصية فى التشريعات العربية ضمن جرائم الإفشاء التى يقصد بها كل ما يتضمن إذاعته لأمر من الأمور التى يجب أن تبقى سرًا والتى يجب على الإعلامى كتمانها أو إخفاؤها صيانة لأمن الدولة الداخلي والخارجى وتتمثل أبرز أنواع جرائم الإفشاء الماسة بالأفراد فى نشر ما يتعلق بأسرار الحياة الخاصة والعائلية بهدف الإساءة إليهم وابتزازهم من خلال التهديد بإفشاء هذه الأسرار وقد نص قانون العقوبات المصرى فى مادته ١٩٩٣ الفقرة الثانية على حظر نشر ما يجرى فى الدعاوى ذات الطبيعة العائلية الخاصة، مثل دعاوى الطلاق أو التفريق أو الزنا. وهناك مجموعة من العناصر تشكل اقتحامًا للخصوصية، كما جاءت فى القانون الأمريكى تتمثل فى: التطفل على الشئون الخاصة للآخرين، الكشف عن الأسرار الخاصة ونشرها أو عرضها بشكل علنى صريح.. ويدخل فى إطار مبدأ احترام الخصوصية، حظر نشر أسماء أو صور المتهمين قبل الحكم فبمجرد ارتكاب الفرد لجريمة ما فهو يضع نفسه بذلك فى دائرة الاتهام والاهتمام فتقوم الصحف بتسليط الأضواء عليه بنشر بياناته ومعلومات عن حياته وأقاربه وأصدقائه وما سبق اتهامه به، وسبب قيامه بهذه الجريمة من وجهة نظر الصحفى أو محرر الحوادث، ومثل هذا النشر قد يؤدى إلى أحد الأمرين إما إلى تعاطف أفراد المجتمع مع هذا الشخص بالشكل الذى يجعل أى حكم يصدر ضده مرفوضًا، أو يؤدى إلى إثارة سخط أفراد المجتمع عليه.
حيث تتعمد بعض الصحف ذكر اسم المتهم قبل أن تثبت إدانته، خاصة إذا كان من العامة، وإذا حوكم المتهم وبرئ، فلا تنشر الصحف حكم البراءة وإذا نشرته يكون فى ركن صغير لا يرى بشكل ظاهر للقارئ، وعلى الرغم من أن القانون يحظر نشر الأسماء والصور فى بعض الحالات حرصًا على مستقبل المتهمين، وتيسيرًا لإصلاحهم فيما بعد، إلا أن بعض الصحف تلجأ إلى نشر صور المجنى عليهم والجناة فى قضايا العرض مع التحايل بوضع خط رفيع أسود فوق العيون وإطلاق الألفاظ التى تحمل إدانة قبل صدور الحكم مثل القاتل، واللص، والإرهابى.
وإذا صدر الحكم بالبراءة على المتهم الذى طعنه الإعلام فى مقتل، فعلى هذا البريء أن يواجه المجتمع كمتهم نشر اسمه، وعرفت شخصيته، وتدخلت الصحافة فى شئونه الخاصة وكل هذا يعد خروجًا على أحكام الدستور والقانون والمبادئ العامة التى تقتضى بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته فى محاكمة عادلة وليس فى محاكمة صحفية قاتلة وطاعنة ومدمرة! كما أن الإعلام أصبح فى عصر العولمة وبفضل التطور التكنولوجى الهائل فى المجالات الاتصالية المختلفة يشغل موقعًا مركزيًا فى الإستراتيجيات والسياسات والاقتصاديات للنظام الجديد الذى بدأ يتشكل فى العقدين الأخيرين من القرن العشرين، والمنظومة الإعلامية أصبحت تنافس المؤسسات التربوية والتعليمية فى تلقين النشء والأجيال الجديدة أنماطا سلوكية ومعرفية مختلفة. وتعتبر عملية نشر المعلومات إحدي المهام التى تقوم بها وسائل الاتصال الجماهيرية للتأثير على المعرفة والفهم لدى الجمهور المتلقى، ولذلك تستطيع وسائل الاتصال الجماهيرية أن تقدم كثيرا من الموضوعات والقضايا المختلفة التى تهم المجتمع. ويتفق بعض الباحثين على أن المعلومات تؤدى دورًا جوهريًا فى التحضر والتحول الاجتماعى من المستوى التقليدى إلى المستوى العصرى، كما أن الحصول على المعلومات ظاهرة اجتماعية ارتبطت بحياة الإنسان منذ محاولاته الأولى للتعرف على البيئة المحيطة به.
وهناك قضايا عديدة مرت بنا ولكننا توقفنا عندها حينئذ بداية من قضية هبة ونادين مرورا بموقعة الجمل ومقتل وتعذيب الكثير من الأبطال مثل الشهيدين خالد سعيد ومحمد الجندى وغيرهما من الشهداء حتى الموت، ثم يأتى الإعلام السلطوى الحكومى الذى نعيشه الآن ليشوه صورهم أمام الرأى العام فيما بعد ليقتلهم مرة ثانية بلا رحمة، يا سادة حرية الإعلام والخصوصية خط أحمر ممنوع الاقتراب منهما بأى حال من الأحوال!