السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

الإخوان.. وبدء رحلة العودة إلى "الخفاء"!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
هل جماعة «الإخوان» ماتت سياسيًا ومكانيًا؟ وهل سقوطها فى مصر كان سببًا فى ضعف ووهن تيار «الإسلام السياسى» فى ليبيا وتونس والأردن والخليج؟
بمعنى أدق.. هل ثورة ٣٠ يونيو التى أقصت الإخوان عن الحكم فى مصر، كانت السبب فى سقوط التيار الإسلامى بالمنطقة، ودخول جماعاته وطوائفه فى متاهة الاضمحلال بشكل عام؟!
قبل الإجابة، لا بد من الإشارة إلى أن جماعة «الإخوان» عقب توليها السلطة نتيجة ثورات «الربيع العربى» انكشفت ضحالتها الأيديولوجية، وظهرت هوة واسعة بين خطابهم الدينى والتصرفات الواقعية لأعضائها بعد توليهم السلطة، وأن ادعاءهم دومًا بأنهم ليسوا طلاب سلطة قد كشف عن تحايلهم السياسى والاجتماعي!
كما أن رؤيتهم لأن المعتقد الدينى هو أساس «المواطنة»، ورفضهم لكل ما هو مرتبط بالغرب من سياسات ومؤسسات وقيم فكرية ومناهج دراسية يؤسس لمفاهيم الوطن والمواطن، والحدود السياسية بين الدول، باعتبارها مفاهيم «علمانية».
كما لا بد من التأكيد أن الجماعة ومعظم الحركات الراديكالية لتيار الإسلام السياسى تتبنى خطابًا دينيًا متشددًا نتيجة قناعتها بأن الخطاب الدينى الرسمى هو خطاب جامد وتقليدى، يغفل قيمة العقل والاجتهاد، وأن الخطاب الصوفى تغلب عليه القيم الغيبية البعيدة عن الواقع الفعلي، لذا نجدها ترفض القوانين الوضعية والديمقراطية، بدعوى تناقضها مع قيم الإسلام، مع السعى لتغيير الواقع القائم فى مجتمعاتها، بدعوى أنه يشبه «جاهلية ما قبل الإسلام»، وإقامة دول إسلامية «إمارة» تكون نواة لإقامة دولة الخلافة الراشدة، وتطبيق الشريعة الإسلامية بالقوة. 
وعودة للأسئلة التى طرحناها فى مقدمة المقال، فإن الإجابة عنها تأتى فى كتاب «العودة للخفاء» للباحثة المتخصصة فى شئون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والحركات الإسلامية، أليسون بارجتر، مبينة أن الإخفاقات التى تمر بها جماعة «الإخوان» فى عدد من دول الربيع العربى بعد فترة من الصعود القصير، لا يعنى نهايتها؛ لأن الإسلاميين عمومًا، والإخوان خصوصًا، هم أولًا وقبل كل شيء حركة اجتماعية، حيث تبنت التغيير الاجتماعى أساسًا للتغيير السياسى وشرطًا له، وأن قوتهم قد تجذرت اجتماعيًّا قبل أن تتجذر سياسيًّا، ما يجعل نهاية تيار «الإسلام السياسى» أمرًا مستحيلًا. 
وفى تناولها لعوامل سقوط جماعة «الإخوان المسلمين» أشارت أليسون فى كتابها، الذى عرضت له مروة منتصر، المدرس المساعد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، إلى أن الجماعة تنتهج النهج التدريجى فى العمل السياسى وليس الثورى الراديكالى، الأمر الذى يُعد أحد الأسباب التى تُفسر عدم استعدادها وعدم كفاءتها لتولى السلطة عقب الربيع العربي، وفى ذلك، تسلط الضوء على كيف أن الجماعة بعد أن كانت فى صفوف المعارضة لعقود لم تكن مستعدة لتولى السلطة، حيث افتقرت إلى البرامج الاقتصادية والسياسية اللازمة للقيادة السياسية.
كما اتسمت «الجماعة» بالضحالة الفكرية والأيديولوجية وسطحية المبادئ الأساسية التى ترسخت فى عقيدتها منذ إنشائها، والنهج «الانتهازى» والرغبة الشديدة فى التضحية بأيديولوجيتها من أجل نصر سياسى قصير المدى، علاوة على افتقارها للقدرة على المرونة والقدرة على التكيف مع المتغيرات فى الواقع السياسى.
ولكل ما سبق، فإن عودة الجماعة سيكون لـ«الجحور» والاختفاء بها، وليس إلى الشارع السياسى، ما دامت لم تغير مفاهيمها وأيديولوجيتها «يا نحكمكم يا نقتلكم»!