الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

مجنونة يا "بطالة".. الإحصاء: انخفضت من 12.7% العام الماضي إلى 12.4%.. خبراء: نسبتها أكبر.. اقتصاديون: سوق العمل يستقبل 700 ألف خريج سنويًّا ويجب تعديل السياسات الاقتصادية وتشغيل المصانع المتوقفة

البطالة فى مصر
البطالة فى مصر
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
لا يختلف أحد على أن البطالة معضلة حار في حلها حكومات مصر المتعاقبة، وإن كانت هناك محاولات تبذل لفكر طلاسمها، لكن ما يدعو للتعجب والتساؤل في آن، أن يحدث تضارب بشأن ترمومتر قياس البطالة وأعداد العاطلين، فالأرقام الصادرة عن الجهات الرسمية "وردية" كعادتها، والخبراء يرون أنها لا تمت للواقع المرير بصلة.
أحصائية صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، توضح انخفاض نسبة البطالة إلى 12.4% من إجمالى قوة العمل خلال الربع الرابع من العام الماضى 2016 بعد أن كان 12.7% فى بداية العام نفسه، وأن عدد العاطلين عن العمل فى مصر بلغ 3.6 مليون عاطل وزيادة العدد بـ 42 ألف عاطل عن عام 2015.
وكشف البيان، أن معدل البطالة بلغ 79.1% من إجمالى قوة العمل بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين "15-29 " عاما، وبلغ بين الشباب الذكور 8.5% وبين الشباب الإناث 8.7%، فيما بلغت قوة العمل فى مصر 28.5 مليون شخص بزيادة 2.7% عن عام 2015.
وجاء فى البيان، أن الحكومة تسعى لخفض معدل البطالة إلى 10-11% فى نهاية العام المالى 2017/2018 وفقا لبرنامجها.
وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى ذكر خلال كلمته فى افتتاح موسم الحصاد بمشروع الـ 1.5 مليون فدان، أنه سيتم تنفيذ 7 مشروعات كبرى لدفع عجلة الإنتاج، وتوفير فرص عمل للشباب.
يأتى ذلك فى ظل إعلان محافظ القليوبية اللواء عمرو عبدالمنعم فى فبراير الجارى عن إنشاء المحافظة 13 مصنعا تم تشغيل 6 منها تبلغ مساحة المصنع الواحد منها 1200 متر، يعمل بكل منها 120 عاملا وعاملة، وهى مصانع لإنتاج الملابس الرياضية والطبية والملابس الداخلية والقمصان الرجالى.
ولكن كيف يمكن القضاء على البطالة فى مصر؟ هنا يؤكد الدكتور إيهاب الدسوقى، رئيس وحدة البحوث الاقتصادية بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن تقليل نسبة البطالة يتوقف على التعديل الوزارى الجديد وأثره على مسار التنمية لو أحدثوا تغييرات جذرية وحسنوا فى الاقتصاد، خاصة فى مجال الاستثمار بزيادته، بالتأكيد هذا سيزيد فرص العمل وسيقل معدل البطالة ولكن إذا استمر الوضع على ما كان عليه سيستمر وضع البطالة كما هو بل سيزيد.
وأضاف الدسوقى، أن نسبة البطالة الحقيقية أكبر مما أعلنته الحكومة، معللا "لأننا فى هذه الأيام هناك ركود فى الأسواق أثر على الشركات ومعدل النمو للاستثمارات الجديدة انخفض للغاية، فالمؤشرات توضح أن فرص العمل الجديدة ضئيلة، خاصة بعد إغلاق مصانع كثيرة تأثرت بتعويم الجنيه".
وأكد الدسوقى، أن جلب الاستثمارات يحتاج لمزيد من الجهد منها تشغيل الاستثمارات المتوقفة وأيضا إصدار قانون الاستثمار ولائحته التنفيذية والقضاء على البيروقراطية وتحسين مناخ الاستثمار بصفة عامة والقضاء على مشاكل خاصة بتخصيص الأراضى.
من جانبه قال، أحمد خزيم، الباحث والخبير الاقتصادى، أن هناك فرق بين مسألة البطالة فى تقييم عدد من هم فى سن العمل الرقم الرسىمى المعلن 28.6 مليون من سن 18 وحتى 35 سنة، فهناك تقدير اخر وهو من هم قادرين على العمل، وهناك بطالة مقنعة وبطالة إجبارية وبالتالى المعايير والنسب لا تهم المواطن.
وتساءل خزيم "من أين تأتى هذه الارقام ؟" قبل أن يجيب "انه بسبب قانون الخدمة المدنية الذى اوقفنا بسببه التعيينات وهى متوقفة من قبله من 30 يونيو 2012 ثم أننا لدينا مشاكل حيث لا يوجد لدينا استثمار ولا قانون عمل ولا أى مناخ جاذب للاستثمار فهذا تأثيره واضح على الناتج المحلى وواضحة على الدائرة الجهنمية وهو أن عجز فى الموازنة يؤدى لارتفاع دائم فى الدين العام تجاوز إلى 100% من الناتج المحلى ما أدى إلى التضخم وارتفاع معدلات البطالة وبالتالى ارتفاع فى الأسعار وارتفاع العجز".
وأضاف أن كل 1% من معدل النمو يسمح بتشغيل 150 ألف، والإحصائيات الرسمية تقول إن معدل النمو 3.4% وهذا يؤكد تشغيل 600 ألف تقريبا فهذه أرقام على الورق فقط، فعلى أرض الواقع نسب البطالة فى ازدياد بدليل الاحتقان الموجود فى الشركات التى أغلقت وآخرها 10 شركات فى شهرين فقط منها إغلاق جزئى وبعضها إغلاق كلى، وبالتالى هناك فارق بين التعامل مع الاقتصاد بنسب رقمية جامدة بينها وبين الواقع الفعلى، ما يعنى أنه يمكن قياس البطالة من أكثر من دالة، إضافة إلى أن الموازنة العام للدولة لعام 2016- 2017 منها 92 % استهلاكية و8 % منها استثمارية.
وتابع الخبير الاقتصادى أن سوق العمل يضاف له سنويا 700 ألف من خريجى الجامعات فى سن العمل، ولا يوجد رقم حقيقى مؤكد ومحقق بدليل أن تعويم الجنيه كان يقدر للدولار سعر 13.5 واليوم سعره فوق الـ 16 جنيها، وبالتالى كافة الوقائع الاقتصادية أدت لارتفاع الأسعار ومعدلات البطالة وركود فى الأسواق، مؤكدا "فى الاقتصاد نقول إذا تم اتخاذ قرارات فعالة ستعالج الاقتصاد ولو كانت القرارات عشوائية ستزيد المسألة انهيارا والعلاج الآن يحتاج لقرارات سريعة اقتصادية".
ومن ناحيته قال محمد أبو الفتوح نعمة الله، مدير مركز وادى النيل للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية: إن البطالة فى مصر من أهم مسببات الفقر سواء كانت بطالة موسمية أو سافرة، وهى تطال نصف القوى العاملة على الأقل.
وأردف: لدينا نحو 60 مليون فى سن العمل لا يعمل منهم سوى نحو 15 مليون، بينما النسب العالمية فى المجتمعات الأخرى ربما تصل لـ50% من عدد السكان بينما لدينا لا تصل إلى ربع عدد السكان برغم اننا مجتمع شاب تزيد فيه معدلات الشباب القادر على العمل عن المجتمعات الغربية التى تعد مجتمعات للمسنيين.
وأكد أن أسباب البطالة فى مصر كثيرة ومتنوعة أهمها غياب سياسات حقيقية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وشيوع الفساد وغياب البحث العلمى ووجود فجوة فى المدخرات وتدنى معدلات الاستثمار التى تأتى غالبا فى مجالات تعد استنزافا لموارد ناضبة ونادرة كالصناعات الملوثة للبيئة وقطاعات البترول والصناعات كثيفة الطاقة التى تعد تكلفتها الحقيقة اعلى من عائداتها للمجتمع، إضافة إلى تدنى نسب مساهمة القطاع الزراعى الذى يعمل به غالبية القوى العاملة نتيجه لغياب البحث العلمى والارشاد وعدم توفير سلالات ومحاصيل تصديرية وعالية الإنتاجية وكذلك تدنى مساهمة القطاع الصناعى فى الناتج القومى واستيعاب قوة العمل وغياب أى دور لتنمية وتحديث الصناعات الصغيرة برغم وجود منظومات مخصصة لذلك.
وأضاف نعمة الله: نستطيع تحقيق طفرة تنموية هائلة فى الناتج القومى ومضاعفته والقضاء على أزمات البطالة أن استخدمنا البحث العلمى والتقنيات الحديثة فى تطوير الاقتصاد المصرى وقطاعات الاقتصاد الحقيقى واستخدام الموارد المهدرة والثروات الغير مستغلة، وسبق أن طرحنا على الحكومة العديد من المشروعات القومية التى تكفل تحويل مصر الى احد اهم خمسة اقتصاديات عبر العالم وتكفل القضاء على الفقر والبطالة خلال فترة لا تتجاوز الثلاث سنوات.
وطالب بضروره الاستفادة من مشروعات التقنيات الحديثة للزراعة بماء البحر بشكل مباشر بدون تحلية أو معالجة خصوصا أنه يمكن من خلالها توفير منتجات من مختلف المجموعات الزراعية الرئيسية كالحبوب والمحاصيل الزيتية ومحاصيل الأعلاف وأنواع عديدة من الخضر والفاكهة بل والمحاصيل السكرية ومحاصيل الرحيق والوقود الحيوى والاخشاب وغيرها هو ما يتيح امكانية القضاء على الفجوة الغذائية بشكل تام بل وتحويل مصر إلى دولة مصدرة للحوم والألبان والماشية والدواجن والألبان والأسماك والأخشاب وغيرها وتخفيض أسعارها محليا لحد بعيد لتواكب الأسعار العالمية.
ودعا نعمة الله إلى إنشاء غابات ومراعى طبيعية على مياه الأمطار وهو ما يحقق لمصر العديد من المزايا الهامة فتكلفة إنشاء تلك الغابات والمراعى الطبيعية محدودة بالمقارنة بالزراعات التقليدية وعائدها الاقتصادى متميز ويخفض تكلفة الأعلاف والأخشاب إلى حد بعيد، فضلا عن زراعة العديد من الزراعات الاقتصادية بتقنيات حديثة مسجلة كبراءات اختراع تحقق أفضل استخدام ممكن لمياه الرى والأمطار، كذلك ضرورة معالجة مياه الصرف معالجة بيولوجية متكاملة وعدم صرفها فى المجارى المائية والبحيرات وهو ما يتيح خفض معدلات التلوث ومسببات الأمراض الوبائية والمزمنة، فضلا عن إنتاج أكثر من مائتى مليار برميل وقود حيوى سنويا باستخدام مياه الصرف قابلة للمضاعفه خلال ثلاث سنوات من بدء إنتاج المشروع، كما لابد من الاستفادة من الأسواق العربية والأفريقية وذلك بفتح أسواق جديدة من خلال الاستفادة من المعاملات التأمينية الحديثة كالتأمين على الصادرات وهو ما يتيح تقديم تسهيلات مشترين وبائعين بتلك الأسواق، وبالتالى زيادة قدرتها على المنافسة والنفاذ إلى تلك الأسواق.