الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

خال "الظواهري" ورفيق مؤسسي جماعة التكفير والهجرة محمود عزام في حواره لـ"البوابة نيوز": أرفض الخروج على "بشار".. و"الإخوان" عبء على الإسلام

رفيق مؤسسى جماعة
رفيق مؤسسى جماعة التكفير والهجرة محمود عزام
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
سيد قطب جاهل.. ولو كان الأمر بيدى لأحرقت كتبه البيعة لـ «البغدادي» باطلة.. و«شكري» المنظّر الأول للفكر الجهادى
فى ظل مشهد جهادى عالمى يبدو أنه قابل للتوسع، تعتبر مصر الدولة الأولى التى عرفت هذه الأفكار المتطرفة، عندما دشن حفنة من المتطرفين المصريين، تنظيم ما يعرف بـ«التكفير والهجرة» فى السبعينيات، ليكون نموذجًا «داعشيًا» مصغرًا، إلا أن الدولة قضت عليه عندما قبضت على عناصره وأعدمت منظّره شكرى مصطفى، و4 آخرين صبيحة 30 مارس 1978، فيما قضت على آخرين بأحكام بين 10 و15 سنة. من بين هؤلاء المحكوم عليهم محمود عزام، مؤسس شكرى مصطفى فى زنزانته، وخال زعيم تنظيم القاعدة الحالى أيمن الظواهرى.
«البوابة» التقت به فى منزله بمنطقة الشوبك الشرقى لحلوان، لتتعرف على قراءته للأفكار الصادمة التى يطرحها «داعش»، ففند لها الدلائل الشرعية التى تبطل هذا الفكر، معتبرًا أن البيعة لزعيم «داعش» أبوبكر البغدادى فاسدة تفتقد لشروط البيعة، فيما تطرق إلى الملف الإخوان، التى وصفها بالجماعة العلمانية المغلفة بسياق ديني، رافضًا الخروج على بشار الأسد.. وإلى نص الحوار.
■ بحكم تجربتك فى «التكفير والهجرة»، كيف ترى تجربة تنظيم «داعش»؟
- هذا التنظيم المتوحش جاء ببدع لم يعرفها الإسلام، فالدين لم يعرف مثلًا فى تاريخه أبدًا الذبح ورغم ذلك يصر عليه كعقوبة، مستندًا إلى حديث «لقد جئتكم بالذبح»، والواقع يقول إن الرسول قال هذه الجملة بالفعل لكنه لم يذبح من تعهده بالذبح، ما يعنى أن التنظيم يأخذ الأحاديث ويقتطعها من سياقها، وأعتقد أن ذلك لا يقتصر على «داعش» فقط بل والقاعدة أيضًا ولكن بدرجة أقل.
نقطة أخرى تحسب على هذا التنظيم الفاسد العقيدة هو أنه يقتل الآمنين فى أرضه «الصحفيين» على الرغم من أن سماحة الدين تقر بحسن معاملتهم وتاريخ الإسلام مليء بحماية غير المسلمين.
■ التنظيم لا يذبح غير المسلم فقط بل المسلمين أيضًا؟
- هذا نتيجة تكفير المخالف معه ويشترك فيه كل التنظيمات التفكيرية، حيث التكفير والقتل والتصفية متلازمة معهم، وطالما أنا كتنظيم أسمح لنفسى بتكفير كل من يختلف معى فأنا أسمح أيضًا بتصفية هؤلاء المخالفين حتى لو كانوا من المسلمين، لأننى وقتها لا أتعامل معهم على أنهم مسلمون.
■ ما الحل مع هذه التنظيمات؟
- الأزمة لدينا ضاربة فى عمق التاريخ. عندما فصلنا بين المقدم على المعصية وهو يعلم أنها معصية، وبين من يقدم عليها وهو يحلل القيام بها، فالأول عاصٍ يمكن استتابته، أم الثانى فأمر يترك لله هو من يبت فى دينه ومدى صحته.
■ مؤخرًا أصدر تنظيم «داعش» مادة مرئية يطالب فيها برقاب العلماء والمشايخ، كيف ترى هذا التطور؟
- الأمر فى الحقيقة أصبح كارثيًا للدرجة التى تسمح لهذا التنظيم بالتطاول على العلماء والمطالبة بقتلهم، لكن المسئولية هنا مشتركة يتحملها هؤلاء العلماء أنفسهم الذين تقاعسوا عن إظهار الحق والقيام بدوره.
■ ما وجه التقاعس الذى تأخذه عليهم؟
- أولًا أنهم يسيرون مع الموجة الذاهبة إلى أن الجهاد ليس فريضة رغم كل الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التى أكدت عليه، لنجدهم يخرجون ليلًا ونهارًا ويشنون حروب على الجهاد الفريضة المظلومة.
والواقع الذى وصلنا له من تطرف يتحمل جزءًا منه هؤلاء المشايخ، لأنهم غالوا فى الهجوم على الجهاد، ما دفع الشباب لعدم تصديقهم والذهاب إلى التنظيمات الإرهابية. والأصح أنهم يراجعون أنفسهم ويؤكدون أن الجهاد فريضة لكن بشروط إذا لم تتوافر وجب عدم العمل به.
■ إذًا هل ترى أن كل الحروب الفكرية المقامة على التنظيم تسير فى الاتجاه الخطأ؟
- بالتأكيد لأنهم لا يواجهون أنفسهم بالحقيقة، وبدلًا من أن يفندوا الأحاديث الدينية التى يستعين بها «داعش» ينفون وجود الأحاديث من الأساس ويزعمون ضعفها.
■ ما شروط الجهاد؟
- فى البداية يجب أن نعلم أن الإسلام دين رحمة وسلام وليس عنفًا واعتداء، ومن ثم عندما يأمر بحمل السلاح، فيكون ضد معتدٍ قاتل، فليس كل غير مسلم وجب قتله، ولكن يتوجب قتله حين يشن هجومًا على المسلمين ومصالحهم، ما لم يفعله مثلًا المسيحى المقيم فى مجتمع مسلم أو الصحفى الأجنبى.
■ كيف ترى البيعات التى حصل عليها «داعش»؟
- هذه البيعات باطلة قولًا واحدًا، لأنها فاقدة لشروط البيعة المتعارف عليها فى الدين ونص عليها الحديث النبوى «مَن بايع إمامًا فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع». وبيعات «داعش» تجرى بشكل مخالف لذلك، وهو تسجيل مرئى يتم بثه ثم يعلن «داعش» قبوله، فى حين يبقى أبوبكر البغدادى الذى يجب مصافحته بعيدًا عن الأعين. لذا تبقى بيعات «داعش» بلا قيمة.
■ كيف رأيت اعتماد «داعش» فى بعض مناهجها على أفكار القيادى الإخوانى سيد قطب؟
- هذا الذى يسمى سيد قطب جاهل لا يفقه فى الدين، ومن يفهم فى الشريعة يدرك ذلك، ولو وكل إلىّ أمر حرق كتبه لأحرقتها.
■ لكن أغلب التنظيمات الإرهابية تعتمد على كتبه؟
- وهذا يدعم جهلهم، وأنا شخصيًا لا أرى أنها ذات قيمة ولا أعتبره منظّر الفكر الجهادي، فهو لم يكفر حاكمًا بشكل صريح، ولم يكفر المجتمع حين قال عنه جاهل.
■ إذًا من هو منظّر الفكر الجهادى فى وجهة نظرك؟
- سيد قطب كان مائعًا فى أحكامه، ولم يقدم على التكفير الصريح بعكس شكرى مصطفى الذى شاركته فى الزنزانة واطلعت على مراحل وصوله للفكر التكفيرى، وأعتقد أنه أول من نظّر له.
■ كيف ترى أفكار شكرى مصطفى؟
- هو المنظر الأول للفكر الجهادي، حيث تمكن من تحديد حالات التكفير ومتى وكيف يكون، علاوة على وصوله إلى التكفير بالإصرار وهو التكفير بتكرار المعصية.
كما كان يعتقد أن مجرد السقوط فى الذنب كفر، وإن جماعته هى الوحيدة التى علي صواب، وكل مَن لا ينضم إليها كافر يستوجب قتله.. وأنا كنت أميل جدًا لهذه الأفكار إلى أن حُبست واطلعت داخل السجن على كتب استطعت منها أن أكتشف فساد عقيدة «شكري» فقررت الابتعاد عنه. ورأيت أن التكفير بالإصرار لم يكن موجودًا فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، بل كان الرسول يقول عن المرء خطّاء، أى يقع فى الذنب ومرة واثنتين وعشرًا، ولا يكون قد خرج من الملة، أما بخصوص أنها الجماعة الوحيدة التى تحتكر الصواب، فهذا ليس سليمًا لأننا لسنا فى عهد الخلفاء الراشدين الذين كانوا يَحْكمون أرض المسلمين ويُحْكمون سيطرتهم عليها.
■ ماذا عن علاقتك به؟
- كان قرينًا لي، وكان يجذبنى فيه دعوته المتشددة لتطبيق شرع الله، وعرفت «شكري» بأنه شخصية مندفعة ويقول رأيه حتى لو كان سيورطه، وأنا أتذكر أن أحد الضباط بعد إعدام سيد قطب، فى ١٩٦٦، جاء وقال للسجناء «مَن منكم يُكفر الحاكم؟!» فقام «شكري» وقال بصوت عالٍ: «أنا أكفره وأكفرك وأكفر مَن لم يكفركما»، وجاء رد الضابط بأنه توسم فى «شكري» الجنون، خاصة أنه كان تاركًا لذقنه وشعره فى شكل يخيف ويشكك فى السلامة العقلية لصاحبهما.
■ وكيف ترى تجربة التكفير والهجرة، وإلى أى مدى انتشرت فى المجتمع المصري؟
- أعتقد أن التجربة كانت مختلفة فى تاريخ الحركات الإسلامية، خاصة أن الجماعة حملت فكرًا مختلفًا عن نظيراتها من التنظيمات، فـ«التكفير والهجرة» اعتبرت الجماعة الوحيدة التى لها فكر وسعت إلى تطبيق الشريعة على كل مستوياتها، وتمسكت بالبيعة والولاء والبراء والتكفير ورفض المجتمع وتعليمه، وظهر ذلك فى التعامل مع الناس، بخلاف الجماعات الأخرى التى كانت تقتصر كل اهتماماتها على الحاكم، ويمكنك أن تتأكد من ذلك بالرجوع إلى الجماعة الإسلامية التى اعتبرت أنها أنجزت مهمتها باغتيال رئيس، أو سيد قطب الذى دار فكره كله حول الحاكم والحكم.
أما بخصوص مدى انتشار الجماعة، فخلال فترة السبعينيات قُدرت الأعداد التى اقتنعت بفكر «التكفير والهجرة» بالآلاف، وذلك راجع إلى أن عامة الناس فى الشعوب لها الغالب، أى أنهم يأخذون الظاهر دون المضمون، فداعش مثلًا عندما وجد الفرصة للاستيلاء على ثلث العراق فعل، مستغلًا وضع الاضطهاد للسُّنة من قِبل الشيعة، ما سهل عملية النزوح الشبابى للالتحاق به.
■ أنت وأيمن قريبان.. كيف كانت بدايتكما الجهادية؟
- هو قريب لى واعتبر فى مستوى الخال، وبدأت تجربتنا الجهادية فى نفس الوقت عندما انضم لجماعة الجهاد المصرية، ثم انتقل إلى القاعدة فى أفغانستان، فيما انضممت أنا إلى «التكفير والهجرة» التى كانت تكفر كل ما عداها، لذا علاقتى به انقطعت مبكرًا لأننى رأيته كافرًا ضالًا.
■ كيف ترى «الظواهري» كزعيم لـ«القاعدة»؟
- يتمتع أيمن بدرجة عالية من القيادة الحكيمة، وأنا أعتقد أنه كان يدير القاعدة من قبل وفاة أسامة بن لادن الذى مات فى مايو ٢٠١١.
■ لو انتقلنا لجماعة الإخوان باعتبارها المدرسة الأولى فى الإسلام السياسى، كيف تراها؟
- هى جماعة علمانية بغلاف دينى وبراجماتية تبحث عن المصلحة تمثل عبئًا على الإسلام، وأنا أرفض توصيفها بأنها مدرسة الإسلام السياسي، لأنها مدرسة لنفاق النصارى والشيعة واليهود.
■ هل تتحفظ إذًا على علاقة الإخوان بإيران؟
- بالطبع هذه الجماعة متحايلة وتتباكى فى مصر على الدين، لكنها فى لبنان والعراق تبيعه مقابل العلاقات الجيدة مع إيران، وربما نعتبر المهادنة مع طهران خلال حكم الرئيس الإخوانى محمد مرسى مؤشرًا على حرص الجماعة على العلاقات الجيدة بالإيرانيين.
■ لماذا تحمل موقفًا معاديًا للإيرانيين؟
- الشيعة عمومًا وإيران على وجه التحديد، يعتبرون أنفسهم حماة الشيعة فى العالم، ما يبرر لهم التدخل فى شئون البلدان العربية، وفى الوقت نفسه ينخرون فى ثوابت الدين. وأنا أقولها إن الطعن فى الشيعة من الدين والإسلام والربوبية.
■ إذًا أنت معارض لمحاولات تقريب المذاهب؟
- بالطبع.. كل هذا هرج ومرج، تقريب مذاهب كيف ومناظرات وأنت تتعامل مع طرف يأخذ من التقية أى الكذب دينًا له، يمكنكم أن ترجعوا إلى كتبهم وتروا كيف هم يعتبرون التقية ثلاثة أرباع الدين، و«من لا تقية له لا دين له». هم مثلًا يتحدثون عن الدفاع عن القدس فى حين أنهم يعتقدون أن القدس فى السماء، فأى قدس تدافعون عنها.
يقولون: إنهم مسلمون وفى نفس الوقت يحاربون العرب ويؤمنون بأن المهدى المنتظر سيأتى ليحاربهم رغم أن العرب هؤلاء خرج الرسول منهم، أيضًا هم يكرهون العربية التى هى لغة أهل الجنة، كل هذه أمور ومشاهد لا تحتاج إلى حجة للتأكيد على كره الشيعة للعرب.
فصل الخطاب فى هذا الأمر إذا أردنا أن نتحاور مع الشيعة، فعليهم أولًا أن يخرجوا «الكافى» و«بحور الأنوار» وكل الكتب التى تسب الصحابة ويحرقوها أمام أعين العالمين.
■ بخصوص عاصفة الحزم.. كيف تراها؟
- أدعمها تمامًا، وأراها حربًا «مقدسة» لمسلمين ضد مجوس لحماية بلد مسلم وهى اليمن. تجربتنا مع إيران أثبتت احتياجنا للسيف فى وجهها حتى لا تتكرر تجربة لبنان وحزب الله، أو بشار الأسد وأزمة سوريا.
■ كيف ترى أزمة سوريا؟
- النتيجة التى وصلت إليها الأزمة السورية تقول: إن الخروج على بشار الأسد كان بلاء، وكان يتوجب قياس النتائج قبل الإقدام على ذلك، فعندما نقدر شعبًا بـ٢٠ مليونا يشرد منه ٨ أو ١٠ ملايين يكون خرابًا، وعلينا أن نتذكر حجم هذا الخراب عندما نتخيل أن من ضمن هؤلاء المشردين أطفالا ونساءً قد يبيعون أعراضهم. وكلامى هذا استند فيه إلى موقف الإمام أحمد بن حنبل عندما رفض الخروج على الحاكم خوفًا من الضرر، وقال وقتها «حاكم ظلوم خير من فتن تدوم».
■ ماذا كنت ستفعل إذا ما كنت فى سوريا الآن؟
- بعد سقوط الدولة السورية تمامًا وبات المشهد فصائليًا، فبالتأكيد كنت سأقوم بالانضمام لأحد الفصائل، لأنى وقتها سأكون ميتًا ميتًا، وأنا عندما أتحدث عن عدم الخروج على بشار، كنت أقصد ما قبل سقوط الدولة، ولكن بما أنها سقطت فعليًا، فالأمر يستوجب التعامل مع الوضع القائم.