الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

بطرس غالى.. مايسترو إدارة الأزمات الدولية

بطرس غالى
بطرس غالى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تحل اليوم ذكرى الأولى لرحيل الدكتور بطرس بطرس غالي، وهو أول مصرى وعربى وأفريقى يتقلد بمنصب الأمين العام للأمم المتحدة ليكون صوت الدول الأفقر والأقل قوة في الأسرة البشرية.
ولد "غالي" بالقاهرة فى 14 نوفمبر 1922 في عائلة كبيرة تمتلك سجلًا طويلًا من المناصب السياسية فبدا مع جده بطرس باشا غالى رئيس الوزراء في عهد الاحتلال البريطاني والذي تم اغتياله عام 1910 بجانب أن والده تولي منصب وزارة المالية وهو عم يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق في عهد الرئيس السابق مبارك وتقلد في منصب وزير الخارجية في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات والرئيس السابق حسني مبارك وتزوج بطرس غالي من يهودية مصرية تدعى ليا نادلر.
حصل على الدكتوراه فى القانون الدولي من جامعة باريس عام 1949، وعمل أستاذا للقانون الدولي فى الفترة بين عامي 1947 و1977 بجامعة القاهرة، والتي حصل منها على بكالوريوس فى الحقوق عام 1946، بالإضافة إلى دبلومة فى الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة باريس، كما شغل منصب عضوا باللجنة السياسية والمكتب المركزي للاتحاد الاشتراكي العربي، وفي عام 1987 كان عضوا فى البرلمان المصرى وفي عام 1980 كان عضوا بالأمانة العامة للحزب الوطنى حتى توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة ليمتلك تاريخا طويلا مع الشئون الدبلوماسية.
شهدت فترة ولاية الراحل منصب الأمين العام للأمم المتحدة العديد من المواجهات مع إسرائيل والولايات المتحدة،كان أهمها قضية مجزرة قانا، التى أسفرت عن مصرع أكثر من 100 شخص في لبنان بسبب القصف الإسرائيلي، وتم إجراء تحقيق رسمى فى موقع المجزرة والذى أدان إسرائيل، بل تصدى للقوى الكبرى دفاعا عن الحق الفلسطينى، ولم يتورع عن إدانة إسرائيل فى وثيقة رسمية تقدم بها لمجلس الأمن، ثم اسهم بفكره المستنير فى تطوير النظام الدولى منذ الحرب العالمية الثانية، حتى وإن دفع الثمن خروجه من المنصب الرفيع،كما تفاقمت الأزمة بين بطرس غالى وواشنطن أثناء عمليات للأمم المتحدة فى يوغوسلافيا، وبعد فشل الأمم المتحدة فى وقف مذابح التطهير العرقى فى رواندا فى عام 1994‬م.
مواقفه من الرؤساء عبر تاريخه:
يحمل" بطرس غالى" العديد من المواقف السياسية الواضحة تجاه الأنظمة المتعاقبة في حكم مصر منذ اندلاع ثورة 25يناير ورصدتها "البوابة نيوز" في النقاط الاتية:
فقد وصفته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير نشر عبر رحيله، بأنه كان يسمي حجر الزواية في النظام الدبلوماسي في عهد الرئيس الراحل السادات والرئيس السابق مبارك، فقد أوج احتفال الرئيس الراحل السادات بذكرى أكتوبر وعينه في ذلك الوقت وزيرا للخارجية وصحبه في نوفمبر 1977، فى رحلته إلى القدس ليكون الدبلوماسي الوحيد الذى مثل الحلول فى إتمام مباحثات معاهدة كامب ديفيد، وقد ذكرت "نيويورك تايمز" بالتقرير حين رحيله "كان بطرس غالى يمثل ذوق وهوى السلطة التي تتولى حكم مصر آنذاك، وفى عام1992 أصبح سادس سكرتير عام للأمم المتحدة، وأول شخصية عربية وأفريقية تتولى هذا المنصب قبل جيل كامل من قيام ثورة 25 يناير 2011". 
وفي أبريل 2013، أجرى الراحل بطرس غالي حوارا مع إحدى الصحف المصرية معلقا علي سياسة الاخوان قائلا:" الإخوان ختم حياته بما عاش من أجله وفضل أن يتعامل السيسي مع الإخوان ودعا الجيش إلى إبادة الإخوان"، وأن "السيسي أنقذ مصر من أصولية الإخوان"، وعندما تم سؤاله عن رؤيته لحكم الاخوان فكانت الإجابة بانه "لا يستطيع الحكم على الإخوان حاليا، ويجب أن يحصلوا على وقت كاف لكى نستطيع تقييم تجربتهم".
لم يخف ولم يتراجع "غالى" يوما عن كره لجماعة الإخوان المسلمين، فقد قال الراحل بعد ثورة 30 يونيو: "إن السنة التي حكم فيها الإخوان المسلمين مصر أخروها 20 عامًا للخلف مرة أخرى، خربوا فى البنية السياسية المصرية، وفى تركيبة المصريين قتلوا القضاء المصرى وكانوا عايزين يتخلصوا من الجيش والقانون المدني"، مضيفا أن "الإخوان أخذوا فرصة لم يستحقوها، ولم يعملوا لصالح البلاد وإنما عملوا فقط لصالح الجماعة وكان مرسى هو أحد الأذرع التى جاءت لتخدم مصالحهم". 
وفي حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي تمسك بطرس غالى بالدفاع عنه ووصفه في حين الوقت "بالمخلص" قائلا عنه:" "رجل ذكى، يستمع دائما أكثر مما يتحدث وهو لم يسع وراء السلطة بل على العكس فلقد تردد كثيرا فى قبولها، وانه رفض منصب مستشار الرئيس مبررًا بأنه قد بلغ 93 عاما ولم يعد يوجد لديه مجهود من أجل الاجتماعات واللقاءات".
قالو عنه:
ووصفته مادلين أولبريت، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة فى ذلك الوقت، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، بالرجل الصعب والعنيد فجاء قرار واشنطن" بالفيتو" ضد توليه ولاية ثانية كأمين عام للامم المتحدة.
ووصفه الدكتور نبيل العربى الامين العام لجامعة الدول العربية فى كتابه بعنوان "طابا. كامب ديفيد. والجدار العازل-صراع الدبلوماسية من مجلس الامن الى المحكمة الدولية " سمعته الدولية وعلاقاته القوية بغالبية رؤساء افريقيا كانت عاملا رئيسيا فى حشد التأييد له لشغل منصب الامين العام للأمم المتحدة.
وقد ظهر جليا اهتمام الامم المتحدة به عند وفاته فوقف بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة الأسبق أمام صورة الدكتور بطرس غالى بالقاعة التذكارية بعد قيامه بوضع باقة من الورود حولها وانحنى تحية وتقديرا له، ووصف بان كى مون بطرس غالى بأنه حطم الحواجز عندما أصبح أول أفريقي وعربي يتولى منصب أمين عام الأمم المتحدة.
وتحدث عن رثائه العديد من سفراء الدول وألاعضاء بالأمم المتحدة عن دور الراحل بالمنظمة الدولية داخل قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة التى أدلى فيها بالقسم عند توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة قبل 25 عاما، عن فترة قيادته للمنظمة الدولية ومساهماته فى عمليات حفظ السلام، فى الفترة الصعبة التى تولى فيها بين عامي 1992 و1996، بعد الحرب الباردة التى مثلت خلالها الخلافات بين القوى العظمى قدرة الأمم المتحدة على العمل.
وقال السفير اللبنانى نواف سلام رئيس المجموعة العربية بالامم المتحدة عن رحيله، أن الإرث الذى تركه بطرس غالى كبير فى الأمم المتحدة وبلده مصر والعالم العربى والعالم فهو المثقف الذى لم تثنه تحديات مرحلة ما بعد الحرب الباردة، والمصاعب التى واجهتها الأسرة الدولية عند بدء ولايته، عن طرح مبادرات هامة لا تزال يتردد أصدائها حتى اليوم، ووضع أجندة السلام ودعواته من أجل بناء السلام وحفظ السلام فى العالم بدلا من تفجير وإدارة الأزمات.
د. بطرس غالى وإسهاماته فى الدفاع عن حقوق مصر،سيظل فخرا لمصر كلها ورمزا حيا كمصري عالم مفكر ودبلوماسى نابغة قدم للعالم صورة رائعة لتاريخها وحضارتها وفكرها وعبقرية ابن من أبنائها.