الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ثقافة

الكاتبة نجوى بنشتوان: "زرايب العبيد" تجسد مائة عام من عزلة ليبيا

الكاتبة نجوى بنشتوان
الكاتبة نجوى بنشتوان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
نشر موقع الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر"، حوارا مع الكاتبة الليبية نجوى بنشتوان، التي وصلت روايتها "زرايب العبيد"، إلى القائمة القصيرة التي سيتم إعلانها بشكل رسمي اليوم الخميس بالجزائر.
وجاء نص الحوار كالتالي:

متى بدأت كتابة رواية "زرايب العبيد" ومن أين جاءك الإلهام لها؟
بدأت كتابة رواية "زرايب العبيد" في العام 2006، كتبت منها ما يشبه القصة القصيرة ثم توقفت بعد ذلك وشرعت في التفكير في الانطلاق من تلك القصة نحو عمل أكبر يستمد جذوره من الواقع لكنه لا يخلو من الخيال، أخذت اسم الحي القديم لأحد مناطق مدينة بنغازي وبدأت في تخيله كيف كان منذ قرابة 200 سنة خلت، لا يوجد معلومات تاريخية أو مادة موثقة يمكنني الانطلاق منها، عدا بعض الصور التي التقطت للزرايب إبان دخول ايطاليا لليبيا واهتمامها بالمسح، عثرت على صورة لها عند صديق وبدأت في تأملها، محتويات الصورة كانت فقيرة ولا يوجد بها تفاصيل، أتذكر أنني وضعتها أمامي على شاشة كمبيوتري وبدأت أتأملها وأفكر في تعبئتها بالأشخاص المناسبين وبحكايتهم، لم أكتب خلال هذه الفترة الطويلة التي سكنتني فيها الصورة فقط وانشغلت بأمور أخرى تخص الدراسة والعمل.
وفي سنة 2015 كنت قد أصبحت في روما، أعدت فتح ملف الزرايب على حاسوبي ذات ليلة في شهر فبراير وكانت صاحبة البيت تطلب مني الإخلاء، أصبت بالارتباك والحزن كيف بقي كل شيء معلقًا دون تتمة وأين سأتمه إذا ما كنت لا أعرف لي مكانًا استقر به، شرعت في ترتيب ما وجدته من ملاحظات، ثم انتقلت الي مدينة باليرمو للبحث عن عمل وقررت فتح ملف الزرايب هناك، ثم خلال عام كامل انتهيت منها ووجدت نفسي أعود من جديد بعدها لروما.
والزرايب هكذا تكون قد كتبت في مكانيين متقابلين على ضفاف البحر المتوسط، وهي بحرية وهذا من صدفها الغريبة، كأني ما ذهبت هناك إلا لكي أكتبها، كنت أكتب بوتيرة متواصلة ولساعات طويلة تبدأ من الصباح وتنتهي ما بعد الظهر، كانت في صيف قائض في البلكونة، وكنت بلا مال أو عمل وبقليل من الطعام وكثير من المشاكل المتعلقة بالإقامة. كنت وحيدة ومعزولة رغم إقامتي المشتركة مع أخريات، لكني كنت صامتة معظم الوقت وقد أتكلم بعد يومين أو ثلاثة اضطرارًا.
وكان تفكيري وحديثي مع نفسي وعيشي مع الزرايب ومع أبطالها متواصل، حتى أنني كتبت أجزاء منها ووجدتني أبكي ثم أسير ساعات طويلة لأتخلص من تأثيرها الغامض على روحي.
وخلال سنة الكتابة الأخيرة لم أشاهد الصورة التي انطلقت منها وبدأت أرى الشخصيات تتحرك فعليًا أمامي.
وأنهيتها وأرسلت المسودة للناشر فجاءتني الموافقة بعد شهرين وكانت هي الفرحة الوحيدة لي في ذلك الوقت الحزين جدًا.

كيف استقبلها القراء والنقاد؟
هناك أصدقاء عرضت عليهم مخطوطة الرواية، كمقياس، أعجبوا بها أيما إعجاب بل أن واحدة من بين الثلاثة كانت تصر على أنها الرواية التي ترصد مائة عام من العزلة الليبية، وبالطبع راقني الربط الماركيزي الرائع.
وبعد صدور الرواية بدأت تصلني ردود أفعال القراء بمختلف أنماطهم. كثيرها مملوء بالإعجاب والدهشة بقدرة الرواية على شدهم لقراءتها حتى النهاية، لقد انتبهت إلى أنني كتبت ثلاث مائة صفحة ومن الصعب أن أحتفظ بقارئ لها في أسبوع، فإذ بالقراء عندما أسألهم عن الزمن الذي استغرقوه في قراءتها يقولون لي (يومين بس) إنها وتيرة عالية ومشجعة بالنسبة لي، على عكس زمن كتابتها، فقد كان ثقيلًا بكل معنى الكلمة.

ما هو مشروعك الأدبي بعد هذه الرواية؟
مشروعي الأدبي المستمر بعد زرايب العبيد، هو الكتابة فقط، أتمنى التفرغ لها ومغادرة العالم الأكاديمي نهائيًا. الكتابة مثلما بدأتها لا لشيء أحب الاستمرار فيها كأنها كل شيء. بدليل أنه لدي مشروع رواية جديدة مختلفة مضمونًا وطرحًا، بل لقد بدأت فعليًا وربما ما ينقصني الآن هو الوقت والاستقرار في مكان والتوقف عن الترحال.
تستهويني معتقلات الهولوكست الإيطالي في ليبيا وأفكر في كتابتها روائيًا، أعرف نفسي سأفعل ذلك يومًا ما لأنني جمعت بعض الصور وبدأت في تأملها، لكني آمل ألا يستغرق تأملها ما استغرقته تلك الصورة التي ولدت منها "زرايب العبيد".