الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

لأول مرة قطاع غزة تحت إدارة "عسكري".. قريب من طهران

حماس
حماس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
تستعد حركة "حماس"، فرع جماعة الإخوان في قطاع غزة، للارتداد على التوجه الذي تبنته منذ 2012 حين فتحت مساحة للعمل السياسي إلى جوار العسكري.
وانتهت الحركة، هذه الأيام، مما أسمته بـ"انتخابات داخلية" أسفرت عن وصول القيادي العسكري القريب من إيران يحيى السنوار إلى رأي الحركة، إذ يرى المراقبون في وصول "السنوار" وفريقه من محمود الزهار، وفتحي حماد، وياسر حرب، وأحمد الكرد المحسوبين على الجناح الإيراني تغليبًا لخيار المقاومة على العمل السياسي الذي بدأته الحركة في أعقاب الانتخابات التي أجرتها في 2012 تحت رعاية الإخوان المصريين.
وتعتمد الحركة على جناحين هما الجناح العسكري "كتائب عز الدين القسام" الممول من إيران ويرفض المهادنة مع إسرائيل، وآخر تتولى قطر تمويله ويغلّب العمل السياسي.
اعتلي الأخير إدارة الحركة بضوء أخضر من إخوان مصر، حيث عُقدت انتخابات سرية في 2012 بالقاهرة برعاية (قطرية مصري تركية) رغب فيها الثلاثة تغليب العمل السياسي على المسلح لتبييض وجه الإخوان ورئيسهم محمد مرسي أمام العالم؛ تمهيدًا لإحداث تقدم ملحوظ يحسب له على مستوى الأزمة الفلسطينية؛ فاستقر الأمر على تنحية الخيار المسلح مؤقتًا لإفساح فرصة لـ"حماس" بوجه سياسي تجد من خلاله مخرجًا لأزمتها مع الاحتلال يحسب كأحد إنجازات الإخوان.
تزامنًا مع ذلك، وقعت التوترات بين النظام السوري من ناحية و"حماس" من الناحية الأخرى على خلفية الأزمة السورية، ما ترجم في مهاجمة قادة "حماس" للرئيس السوري بشار الأسد، وقطعت إيران الداعمة لـ"بشار" تمويلها بالتبعية عن الحركة، فنقلت الأخيرة مقراتها من دمشق إلى الدوحة، وتولت قطر تمويل الحركة، وتوفير الحد الأدنى من الحياة لسكان القطاع.
وبتولي "السنوار" الخمسيني النحيل إدارة الحركة في القطاع، من المتوقع تراجعًا محتملا عن الخيار السياسي، ومن ثم بُعد نسبي عن قطر مقابل اقتراب من المشروع الإيراني في القطاع، خاصة أن أغلب الأسماء التي استقروا عليها في معاونة "السنوار" تحمل نفس التوجه الإيراني، أبرزهم محمود الزهار الذي سافر في أعقاب سقوط الإخوان في مصر إلى لبنان، وأعلن من هناك أنه لا تراجع عن الجهاد، ووجه الشكر لإيران ولمرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، وهو التصريح الذي اعتبره مراقبون وقتها أن "الزهار" يرفض التوجه السياسي الذي فرضه الإخوان المصريون عليهم، مشددًا على أهمية المقاومة، في نفس التوجه كان فتحي حماد القيادي الحمساوي المحسوب على إيران، الذي تعهد، في نفس التوقيت تقريبًا، بقرب تأسيس وزارة للدفاع خاصة بحماس تحت رعاية إيرانية، وأطلق عليها "وزارة دفاع الخلافة الإسلامية".
"السنوار"..الجناح الإيراني يتمكن
بحكم الخلفية العسكرية لـ"السنوار" الذي عرفته الصحافة الإسرائيلية بـ"وزير دفاع حماس"، يعتبر أبرز الداعمين للتقارب الحمساوي الإيراني، رافضًا الفتور الذي سيطر عليها في أعقاب الأزمة السورية، إذ أعلن في أكثر من موقف رفضه للمهادنة والتفاوض مع إسرائيل، متعاملًا معها كأنها اعتراف ضمني من "حماس" بمعاهدة "أوسلو".
واعتقل على خلفية عمله العسكرية أكثر من مرة من قبل إسرائيل، كان آخرها تلك التي أفرج عنه في صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، ليخرج ويتولى مسئولية التنسيق بين المكتب السياسي للحركة والجناح العسكري، كما عينته الحركة في يوليو 2015 مسئولا عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها، لكي يقود أي مفاوضات بشأن صفقات تبادل محتملة.
ولم تستطع الحركة اتخاذ اتجاهه موقف استبعاد على خلاف محمود الزهار، أحد رجال إيران في القطاع، الذي تم الإطاحة به في انتخابات 2012 بعد وقوفه على النقيض من الرغبة الإخوانية وهجومه علنًا لقادة "حماس" على خلفية مواقفهم الموالية للإخوان في مصر، لاسيما رفضه التام لإتمام ملف المصالحة الفلسطينية مع حركة فتح، ومعارضته لاتفاق الهدنة مع إسرائيل، الذي تم بواسطة مصرية.
ورأى مراقبون وقتها أن الإطاحة به كانت بمباركة إخوانية مصرية، بالإضافة إلى الرغبة التركية القطرية التي كانت ترمي نحو تبييض وجه حماس دوليًا، سعيًا لشطبها من لائحة المنظمات الداعمة للإرهاب، عبر تحويل القيادة في الحركة إلى وجهة معتدلة (ظاهريًا).
ومع عودة "الزهار" إلى إدارة الجماعة عبر الانتخابات الأخيرة، يرجح إنه سينفذ الآراء التي كان يتبناها قبل أربعة أعوام من ابتعاد عن خيار التفاوض الذي فرضته عليهم قطر وتركيا وإخوان مصر الذين فقدوا قبضتهم على الجماعة منذ الإطاحة بهم في القاهرة.
وبدأ الصراع يحتدم بين الجناحين "القطري، الإيراني" في أعقاب سقوط الإخوان في مصر، حيث ارتفعت أصوات المنادين بالمقاومة والتقرب من طهران وفقد الفريق الثاني أسباب قوته بعدما انسحب الإخوان من المشهد، ليعتمدوا وقتها على قطر وتركيا فقط دون الجماعة في مصر، ومع ثبوت فشل المشروع الإخواني وانشغال قطر وتركيا في الأزمة السورية زادت قوة الجناح الإيراني مع بعض التحولات في المنطقة لتعود "حماس" إلى إيران عبر انتخابات داخلية وصّلت رجل بخلفية عسكرية على غير العادة إلى إدارة القطاع.
جدير بالذكر، أن إيران لم تعلق على الانتخابات الداخلية لـ"حماس" حتى الآن رغم كل الترجيحات المشيرة إلى التقرب منها، فيما أفادت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية في تقرير لها إلى مساعٍ إيرانية بقيادة قائد فيلق القدس، قاسم سليماني؛ لاستثمار نتائج الانتخابات لصالحها.
وتأتي نتائج الانتخابات بعد زيارة من إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" برفقة وفد، للقاهرة نهاية يناير الماضي، ما يعكس رضى مصريًّا على الابتعاد "الحمساوي" عن قطر التي تدخل في علاقات سيئة مع النظام المصري، دفع الأخير لاتهامها بالتورط في إدخال الإرهابيين إلى شبه جزيرة سيناء.
وفي كلمة له ألقاها السبت الماضي في حفل توزيع شقق سكنية، قال "هنية" إن "حماس" فتحت صفحة جديدة في العلاقات مع مصر، بعد توتر دام ما يزيد على ثلاث سنوات، متابعًا: "حماس حريصة على بناء علاقات متطورة مع القاهرة، وإنها لن تتدخل في الشأن الداخلي لمصر، ولن تكون على علاقة بما يجري في سيناء".
لماذا البُعد عن قطر؟
وفي هذا الشأن تتأرجح مبررات الابتعاد بين نقص التمويل القطري إلى الفرع الإخواني في فلسطين، بعد انشغال قطر بالأزمة السورية ومصير بشار الأسد لا سميا تقديمها لدعم لجماعة الإخوان في مصر لتقويتها على مهاجمة النظام المصري.
في الوقت نفسه ترددت اتهامات مؤخرًا في الأوساط "الحمساوية" تشير إلى تورط الدوحة في استهداف بعض القيادات العسكرية لـ"حماس" بوشاية من قطر.
ويعتمد أصحاب هذا الرأي على حادث اغتيال الكيان الصهويني للقائد العسكري الحمساوي أحمد الجعبري في نوفمبر 2012 في سيارة كانت مقدمة هدية من الدوحة، وتوجهت أصابع الاتهام إلى قطر وقتها بأنها منحت "حماس" سيارات مراقبة من قبل إسرائيل يسهل بها استهداف قيادات ورموز الحركة.
ويبدو هذا الرأي منطقيًّا في ضوء تفاهم قطري إسرائيلي ملحوظ وسعي الكيان الصهيوني لاستهداف "الجعبري" عشرات المرات لكنه فشل في كل مرة إلا حين استقل القائد العسكري سيارة مقدمة من قطر.
وفي أعقاب الحادث تحفظت "حماس" رسميًّا على اتهام قطر، لكن كتائب عز الدين القسام توعدت إسرائيل في بيان مقتضب بـ"فتح أبواب جهنم".
سبب آخر يبرر "التقارب الإيراني- الحمساوي" هو اختفاء عنصر الإخوان المصريين من المعادلة الذين كانوا يدفعون نحو التقارب "القطري- الحمساوي"، ومع الإطاحة بالإخوان في مصر فقدت الجماعة قوتها التي كانت تتيح لها التحكم وفرض رؤيتها على أفرعها العربية بما فيهم الفرع الفلسطيني.
يضاف إلى ذلك انشغال الجماعة بأزماتها الداخلية التي أسفرت عن كيان إخواني موزٍ للكيان الأصلي الذي يديره القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان هو كيان الشباب والحاملين لما يعرف بـ"التأسيس الثالث للتنظيم".
وبخلاف الغياب الإخواني من المشهد تضاف متغيرات أخرى طرأت على المنطقة في 2017 لم تكن متوفرة في 2012، هو موقع إيران من المشهد الإقليمي بعد قدرتها على دعم النظام السوري في وجه كل محاولات خلعه، إذ تمكنت طهران من المحاربة إلى جانب النظام السوري، وتوفير له الدعم المادي واللوجستي ما قوى موقفه وساعده على إحكام سيطرته على الدولة السورية، وفي إحصائية في نهاية العام الماضي للدولة السورية قدرت سيطرة النظام على الدولة بنسبة 98%. 
وترى إيران أنه بفرضها لوجهة نظرها في الإبقاء على النظام السوري رغم كل المحاولات الخليجية والغربية لخلعه زودتها قوى وساعدتها في الإبقاء على نفوذها إما على مستوى القضية الفلسطينية أو مشروعها النووي.