الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

ملفات خاصة

صقور طهران يصعدون.. وقيادات القسام يسيطرون

كارت «حماس» الحائر بعد انتخابات الحركة الأخيرة

خالد مشعل
خالد مشعل
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
مراقبون: تصدر «السنوار» لرئاسة المكتب السياسى لغزة انقلاب داخلى
أمير قطر لوفد الحركة: السقوط مصير بشار الأسد مهما فعل.. وعندما يسقط تسقطون
«موسى أبومرزوق»: إلغاء الحكم المصرى باعتبارها حركة منظمة إرهابية غيّر الأمور
ما يجرى بحماس الآن، من صعود قيادات القسام، لتولى مناصب قيادية، يعد تطورًا كبيرًا جدًا، ففى الانتخابات التى تجرى الآن، فاز «السنوار»، وأصبح رئيسًا للحركة بقطاع غزة، ومن المتوقع أن يخلف مشعل موسى أبومرزوق، أو إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي، أو عضو المكتب السياسى عماد العلمي.
يلاحظ فى هذه الانتخابات أن أبرز المرشحين لتولى رئاسة المكتب السياسى جميعهم من قطاع غزة، فيما رأى مراقبون أن تصدر «السنوار» لرئاسة المكتب السياسى لغزة نقلة نوعية أو انقلاب داخلى فى حركة حماس، وفى ذلك تطور طبيعى فى ظل الحراك والتململ الواضح داخل الحركة، بسبب عدم رضا الكثير من أبناء وكوادر الحركة عن أداء القيادة السياسية السابقة فيما يتعلق بمعالجاتها لعدد من القضايا، وثقة مجمل القاعدة بالجناح العسكرى للحركة.

صراع بين تيارين في حماس
من المعروف أن حماس يتنازعها فريقان، هما الفريق المؤيد لقطر، وعلى رأسه خالد مشعل، والفريق الآخر المؤيد لطهران، وغالبية الأخير من قيادات عز الدين القسام، وكانت رسالة تناقلتها وسائل إعلامية، أن أمير قطر تحدث مع وفد من حماس، وقال لهم: بشار الأسد مهما يفعل سيسقط، وإيران سيتم تحجيمها، وعندما يسقط ستسقطون معه، وستخسرون، ونحن جاهزون لمساعدتكم، أمريكيًا وأوروبيًا وحتى مع إسرائيل لضمان وجودكم وفرضكم على الطاولة إذا ما تعاملتم بإيجابية بما نطرحه عليكم.
هذا الموضوع هدد وحدة حماس كمشروع سياسي، وانشق مجلس الشورى للحركة، ولم يحسم الصراع، وأفرز ذلك تيارين قويين ومتناقضين، وحدث بالفعل انشقاق حقيقى فى حماس، بين مشعل، ومعه هنية، وأسامة حمدان، وعماد العلمي، ومحمود الزهار.
«مصر» فى المقابل فى الفترة الأخيرة، لم تعد القناة الوحيدة للاتصال ما بين حماس وإسرائيل، لأن الوضع الداخلى فى حماس شائك ومعقد، خاصة أن غالبية العناصر الحمساوية، تدعشنت، لأسباب أولها، أن المشروع الحالم لمنظمة حماس لم يتحقق، وحتى لما حكموا غزة، لم يطبقوا ما وعدوا به، من إقامة إمارة إسلامية، بل أوقفوا كل صواريخهم تجاه إسرائيل، وأصبحوا كحارس أمن لحمايتها، وهذا ما جعل هذه العناصر تندفع لاعتناق أفكار السلفية الداعشية، ومن خلال عملهم فى كتائب القسام استخدموا مجموعات بنفس الأفكار تقيم فى سيناء، ولها امتداد محدود فى قطاع غزة، فبدأوا يدربونها ويدعمونها للقيام بالكثير من العمليات فى سيناء، وهؤلاء هم من يعتقدون فى ذات الوقت، أن استبدال الدعم والاحتضان من حضن إلى حضن قد فشل، ومحور قطر والخليج العربى بالنسبة لكتائب القسام لن يكون أبدًا مع المقاومة، بل بالعكس سيكون خصمًا لها وهو بكل تأكيد يعمل بالمحور الأمريكي.
لذا فإنه يلاحظ فى الفترة الأخيرة أن انفتاحًا واسعًا قد بدأ بين كتائب القسام وسرايا القدس من حركة الجهاد الإسلامي، وأن كتائب القسام عادت إلى العمل بقوة داخل المخيمات الفلسطينية فى سوريا ولبنان، رغمًا عن أنف مشعل وهنية.

دعشنة حماس
نقل موقع «المصدر» الإسرائيلي، عن مصادر، أن قيادة تنظيم الدولة الإسلامية، «داعش»، طالبت فى رسالة رسمية من قيادة فرع التنظيم بسيناء، التابعة لها، توضيحات كاملة حول ما يتم تداوله بشأن العلاقة مع حماس، وحول علاقة مسئولين مع حركة حماس التى تبسط سيطرتها على غزة وتهريب الأسلحة والصواريخ إليها فى الوقت الذى تحارب فيه الحركة عناصر جهادية تناصر «داعش» فى غزة.
الرسالة اعتبرت أن ما يفعله قادة التنظيم فى ولاية سيناء لا يجانب الشريعة الإسلامية الصحيحة بالتعامل مع حركة حماس كجهة «مرتدة عن الدين»!!.
التنظيم الأم فى «الرقة»، صدق بيان الداخلية المصرية، بشأن الخلية التى تعاونت مع حماس واغتالت النائب العام، فى الوقت الذى نفى فيه الإخوان عن عمد وقصد هذا الأمر، مدعين أن مصر تكذب!!.
من ناحية أخرى، وقبل يومين فقط، وصل وفد من حماس فى زيارة قصيرة للقاهرة، والتقوا مسئولين مصريين، نافين أى علاقة بالقيادة الحمساوية مع العناصر السيناوية، ومبدين حسن النية فى التعاون مع الجانب المصري، الذى التقاهم، حرصًا على أن تظل مصر طوال الوقت لها علاقة مباشرة بإدارة الملفات التى تتعلق بالقضية الفلسطينية، وألا تترك ذلك لقطر أو لإيران.
أصدرت جماعة أنصار الخلافة التابعة لتنظيم داعش الإرهابى بغزة بيانًا أمس، أشارت فيه لاتفاق زعمت إبرامه بين الأجهزة الأمنية المصرية وحركة «حماس» الفلسطينية، يقتضى بموجبه تسليم الحركة للعناصر الإرهابية المتطرفة من عناصر أنصار بيت المقدس الإرهابي، ومحاصرتها، وتقديم كل المعلومات عن أماكن وجود العناصر التكفيرية بسيناء.
وأوضحت «أنصار الخلافة» أن هذا الاتفاق جاء بعد رفع الحكومة المصرية اسم «حماس» من لائحة التنظيمات الإرهابية، وأنها تعهدت لأجهزة الأمن المصرية بتسليم المطلوبين لـ«مصر» من عناصر بيت المقدس وأنصار الخلافة فى غزة وشمال سيناء حفاظا على بقائها فى السيطرة على القطاع.
فى ذات اليوم الذى صدر فيه بيان «داعش» غزة، توجهت حركة حماس بالشكر للحكومة المصرية لإلغائها قرار اعتبارها منظمة إرهابية، مؤكدة على لسان سامى أبوزهرى، أنها ستعمل على رد الجميل للحكومة المصرية عن طريق تقديم معلومات وخرائط كاملة عن التنظيمات الإرهابية فى سيناء.
أبوزهرى تبرأ من كل الاتهامات التى وجهت لحماس فى وقت سابق، بأنها تدعم الإرهاب فى سيناء مؤكدًا أن أمن حدود مصر يؤمن الفلسطينيين فى قطاع غزة وهو هدف يسعى قيادات الحركة إلى تحقيقه.
الدكتور موسى أبومرزوق، عضو المكتب السياسى لـ«حماس» أكد على صفحته بـ«الفيس بوك» أن موقف الحكومة المصرية بالاستئناف الأخير، والحكم الذى صدر بإلغاء الحكم السابق باعتبار حماس منظمة إرهابية، غيّر الأمور.
وقال القيادى البارز فى الحركة «أسامة حمدان»، خلال لقاء تليفزيونى عبر قناة الأقصى الفضائية، إن حركته تلقت إشارات إيجابية لتحسين علاقتها مع مصر، والتقت مؤخرًا بمسئول مصرى رفيع المستوى، وأكد الطرفان ضرورة تحسين العلاقة الثنائية بينهما.

السعودية على الخط الحمساوي
هناك توجه بالفعل من بعض القيادات ناحية إيران، وآخرون رأوا أن التحول ناحية الخليج، خاصة المملكة هو الأنجح فى هذه الظروف، ومنهم خالد مشعل، الذى يقيم فى قطر، الذى رأى أن الفرصة سانحة الآن، عقب الحرب مع الحوثيين، وحاجة السعودية لحزب جبهة الإصلاح الإخوانى، فاصطحب وفدًا منهم للرياض، وبدأت من لحظتها الحوارات، حول دور الإخوان فى اليمن، والتدخل لدى الجانب المصري، لحل المشكلة مع الحركة.
حاولت المملكة تلطيف الأجواء بين الحركة ومصر، وجاء قرار المحكمة بعدم اعتبار حماس إرهابية، ليؤكد أن مصر لا بد أن تلعب دورًا إقليميًا فى القضية الفلسطينية، وأنه لا ينفع بأى حال من الأحوال التغاضى عمن يحكمون غزة، فعندما توصد الأبواب العربية أمام حماس، سوف يدفعها ذلك إلى التعاون مع إيران، وهو أمر لا تريده مصر ولا دول الخليج.
انطلاقا من «الأمر الواقع»، الذى يفرضه وجود حكومة حماس فى قطاع غزة، رأت مصر أنه ليس من مصلحتها استعداء حماس، وبدأت حوارات بالفعل مع بعض قادة الحركة، ومنهم موسى أبومرزوق، فى مقابل أن تقطع حماس صلتها بالجماعة الأم فى مصر نظير قرار الحكومة.
«السعودية» وفق مصادر إعلامية، تحاول بكل السبل إيجاد نقاط تقارب بين الطرفين، بحيث يتم تخفيف شدة الاتهامات والاتهامات المتبادلة إعلاميا بشكل أساسي، وتخفيف حالة الحصار من خلال إيجاد صيغة تشارك بها بعض الأطراف المقبولة، وهذا يأتى فى محاولة لعدم حدوث حالة الانفجار داخل قطاع غزة تجاه الاحتلال، ومحاولة التنفيس عن أى حالة احتقان من شأنها توتير الوضع فى القطاع.
هنا يتضح الموقف كاملًا، وهو أن حماس تدرك أن هناك تحولات كبيرة فى المنطقة، التى ستشهد تمددا سعوديا على حساب إيران، وهذا ما يدفعها للتحول أيضا فى الفكر وفى الممارسة، والتضحية بعلاقات داخلية وإقليمية كبيرة ومهمة مثل إيران التى كانت لوقت قريب تدفع مرتبات موظفى حماس بغزة.
بشكل كبير فالعلاقة بين حماس والسعودية، تاريخية، وقد بدأت بعد انطلاقة الحركة، حيث وجهت الاستخبارات السعودية دعوة رسمية للدكتور موسى أبومرزوق لزيارة المملكة ولقاء رئيسها الأمير تركى الفيصل، وكان ذلك فى عام ١٩٨٨ بمدينة جدة، رغم أن المملكة تربطها علاقات متينة بمنظمة التحرير الفلسطينية إلا أن موقف المنظمة من حرب الخليج المؤيد لصدام حسين واحتلاله للكويت، ورفض حماس للغزو، دفع السعودية لتوفير دعم مالى كبير للحركة ما انعكس عليها بشكل تام.
تكررت اللقاءات بين الاستخبارات السعودية وحركة حماس، وتطورت العلاقات حتى وصلت للسماح بفتح مكتب اتصال لحركة حماس داخل المملكة.
بالطبع حماس تعنى للسعودية الكثير، وتحديدًا بعد وصول الملك سلمان لسدة الحكم، الذى يريد لعب دور ريادى للمملكة على حساب التمدد الإيرانى، والقضية الفلسطينية هى أيقونة هذا الدور، وعليه فحماس ستمنح المملكة أوراق قوة تعزز من مكانتها ودورها الإقليمى مثل ملف المصالحة.
السعودية أيضا تريد سحب البساط من إيران فى منطقة ومحور مهم جدا هو محور القضية الفلسطينية، وتريد لعب دور إقليمى جديد يتعلق بالتسوية السلمية، ويتعلق بالتقدم صوب هذا الملف على حساب مصر، والتى تدير الملف الفلسطينى تاريخيا، كما تريد أن تقدم نفسها للغرب أنه بإمكانها ترويض المقاومة وترويض الجماعات الإسلامية المسلحة لاحقا فى المنطقة.
حماس التقطت الخيط، وأعلنت على الفور تأييدها لعاصفة الحزم، لأنها تدرك أهمية السعودية ومكانتها، وتدرك كذلك أن المنطقة مقبلة على تحولات مهمة، وتعلم أن خارطة إقليمية بدأت بالتشكل، وعليه فهى تريد أن تلحق بالقطار.
كما أن حماس تعانى من أزمة مالية خانقة، حيث توقف الدعم الإيرانى للحركة بعد موقفها من الأزمة السورية، وسيتأثر أكثر بعد بيان عاصفة الحزم، كما أنها تريد وسيطا لترميم علاقتها بمصر، وهذا هو المتوقع مستقبلًا «لاحظوا كيف استأنفت الحكومة المصرية على الحكم القضائى باعتبار حماس منظمة إرهابية».
على هذا أعلنت حماس أنها لا تمانع فى اتفاق مكة ٢، «هل يختلف اتفاق ٢ عن اتفاق ١؟»، أوليس اتفاق مكة ٢ إلغاء لكل الاتفاقات السابقة بما فيها اتفاق الشاطئ الذى أفضى لحكومة وفاق وطني؟ هل مقتضيات الدور السعودى تتطلب من حماس قلب الطاولة داخليا من أجل توفير مساحة للتدخل السعودي؟.
بالطبع لا يمكن الجزم أن كل قيادات حماس السياسية والعسكرية تؤيد التقارب مع السعودية ومستعدة لتحمل مقتضياته، فحماس ليست واحد، فبها جناح خليجى، وآخر إيراني، وكلاهما متصارعان على طول الخط.
لكن ما يلوح فى الأفق الآن، هو الأخطر، إذ إن هناك صراعا بين حماس وداعش غزة، وحالة من الارتداد للسلفية الجهادية وجماعات التكفير للعودة إلى غزة، بعد أن طردوا منها، إلى سيناء، وها هو طريق العودة يبدأ من جديد، ليشعل صراعًا دينيًا بشكل مختلف، على حدود مصر.

مصر وحماس
لعل ضرورات المصالح، هى ما دفعت النظام المصرى وحركة حماس إلى تغيير نمط التعامل فيما بينهما، خاصة بعد ظهور خطر داعش فى مواجهة حماس فى غزة، فضلًا عن التغير الإقليمى، ورؤية المملكة الجديدة المتمثلة فى عمل محور كبير فى مواجهة إيران، ودورها فى الضغط على المصريين لتغيير مواقفهم، والقبول بحماس، واعتبارها منظمة تحرر وطنى، فى مقابل تعهد الحركة بفصل علاقاتها بالإخوان.
الصفقة التى تمت بين حركة حماس والنظام المصري، لم يعلن عنها بشكل رسمي، إلا أنها جاءت عبر تصريحات وإشارات من غزة، وأعتقد أن العلاقة مرشحة للزيادة، وأننا يمكن أن نشهد وفودًا رسمية حمساوية فى القاهرة قريبًا، لكن المهم هو السؤال الذى ننتظر له إجابة، هل سيكون لحماس دور فى إنقاذ جماعة الإخوان فى مصر من مأزقها، أم أن المصلحة تجعل مشعل ورفاقه يبيعون أى شيء، حتى لو كان محمد بديع ومكتب الإرشاد؟.
فى الختام، فإن المشهد ملخصه، أن الموالين لإيران يصعدون فى أروقة الحركة، وأن قيادات القسام العسكريين يسيطرون.