الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

حوارات

مستشار المفتي لـ"البوابة نيوز": قدمنا 1000 فتوى مترجمة إلى 5 لغات أوروبية.. "نجم": يصلنا 3277 حالة طلاق يوميًا لا يقع منها سوى 3 حالات

الدكتور إبراهيم نجم
الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
التراث الإسلامى ليس مقدسًا ودعوات إهماله جريمة.. أئمة الأوقاف لا يحق لهم الإفتاء

هيئة دار الإفتاء المصرية واحدة من المؤسسات الدينية النشطة فى الوقت الحالى الذى يمر على مصر، فيأتيها يوميا أكثر من ٣٢٧٧ حالة طلاق على مدار اليوم، الأمر الذى يحتاج جهدًا كبيرًا من القائمين بالدار لاتخاذ اللازم والعمل على حل المشكلات القائمة بين الزوجين بالشقين «الوقائى والعلاجى».
وأكد الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتى الجمهورية، أن قضية تجديد الخطاب الدينى أمر ليس بالمستحدث، فهى دعوات للناس عمومًا، وأن دعوات الرئيس عبدالفتاح السيسى فى جميع المناسبات التى يلتقى فيها بالقيادات الدينية، تعد من باب التذكرة، مشيرا، إلى أن التجديد يركز على استقرار المجتمعات التى تدعو للسلام الحقيقى، على أن تكون دار الإفتاء المصرية هى المظلة الرسمية لجميع دور وهيئات الإفتاء حول العالم
■ بداية كيف ينظر مسئولو الدار لقضية الخطاب الديني؟
- التجديد دعوة للناس، وهى قضية قديمة، موجودة فى التراث الإسلامى، سبق للعلماء الكبار أن أدوا دورهم فى معالجتها عن طريق نشر المؤلفات، وتهذيب الكتب، ونقد كتب سابقة، ونحن فى دار الإفتاء نعى أننا فى العقد الثانى من القرن الحادى والعشرين أمام تحديات كبرى وكثيرة.
■ ما أبرز تلك التحديات من وجهة نظرك، وكيف نعالجها؟
- تتمثل التحديات من وجهة نظرى فى الأمية الدينية التى تنتشر بين شرائح ليست بالقليلة من الشباب، إلى جانب نزاعات التطرف، وما ترتب عليها من جرائم إرهابية تشوه صورة الإسلام، ونزاعات الإلحاد، وما خلفته ثورة الاتصالات، والمواصلات من انتشار نزاعات وافدة مثل «السينجل مازر» وغيرها من الأمور التى تهدد استقرار المجتمعات، وتصدى غير المختصين للفتوى ما أدى لـ «فوضى الفتاوي» التى نشتكى منها الآن.
والمعالجة المثلى لمسألة التجديد، تكون بالبحث فيما نواجه من التحديات التى ذكرتها، وإيجاد إطار للتعامل معها وفقًا للشرع الشريف، الذى يدعو للرحمة والتعايش، واستقرار المجتمعات، خاصة وأننا للأسف الشديد نجد أن الخطاب اليمينى المتشدد يركز على الإرهاب، وتصدير الصورة بأن الإسلام يهدد استقرار المجتمعات وأنه ليس مناسبا للوقت الراهن.
■ ما التجديد من وجهة نظر دار الإفتاء؟ 
- الإسلام منظومة قيم، يركز على استقرار المجتمعات ويدعو للسلام الحقيقى، ما يمثل إحياء هذه القيم، الأمن، والترابط، والتعايش، التى فتحت بلاد الأرض بالرحمة والتعايش، وتقديم النموذج الحسن للمسلم المتسامح البناء، إلى جانب تقديم قراءة جديدة للتراث الثرى والغنى الذى تركه الأسلاف والجزم بأنه ليس مقدسا وأنه لا يمكن بالمقابل تجاهله، بل نبحث عن الاستفادة من مناهجه ولا نغوص فى مسائله، أى لا نتركه بالكلية ولا نقبله بالكلية بل فحصه والاستفادة منه، وخلاصة القول أنه إيجاد التعامل الأمثل مع التحديات والتراث على حد سواء.
■ ماذا عن الأمانة العامة لدور الإفتاء؟
- الهدف أن تكون دار الإفتاء المصرية هى المظلة الرسمية لكل دور وهيئات الإفتاء حول العالم ونعمل على تفعيلها عما قريب، انطلاقا من المسئولية الجسيمة التى تحملها مصر باعتبارها كعبة العلم وبلد الأزهر الشريف، تحديات كثيرة، قصرنا فى التواصل مع العالم ونحاول استباق الخطى من أجل درء الفجوة.
■ ما مدى أهمية الفتوى من وجهة نظرك، وإشكالياتها؟
- الفتوى تعد حلقة الوصل بين أحكام الشريعة من جهة، وواقع الناس من جهة أخرى، لإقامة أمور معاشهم وفق أحكام الشريعة، لتحصيل الخير لهم، فالشريعة ما جاءت إلا لتحصيل المنافع والمصالح للبشر، ووظيفة الإفتاء بدأ يشوبها كثير من الخلل، والانحراف عن مسارها من خلال عدة أمور أهمها، أن الفتوى أصبحت سلاحًا مشهرًا فى تبرير العنف وإراقة الدماء وزعزعة استقرار المجتمعات، حتى رصدنا، وشاع بيننا ظاهرة يكثر الكلام عنها فى الإفتاء المعاصر وهى ظاهرة «فوضى الفتاوى» التى أثبت الواقع أن لها آثارًا سلبية وخطيرة على الأفراد والدول.
وتكمن إشكاليات الفتوى فى شيئين أساسيين، تصدى غير المختصين للفتوى وتكلمهم بشأنها، حيث تطل فتاواهم برأسها على المجتمع وتسبب بلبلة وزعزعة للاستقرار والأفكار، حيث يكيفون الأشياء بصورة مختلفة، فمنهم من قال إنّ شهادات الاستثمار فى قناة السويس ربا، وذلك لأن تكييفه مخالف عن الواقع فلا بد أن تراعى الفتوى الواقع المعيشى، وتدرك إدراكًا تامًا فى المسائل الاقتصادية والاجتماعية حتى يتمكن الشخص من إصدار الفتوى المنضبطة الصحيحة وأخيرًا، الجمود الذى أصاب الفتوى وسحب مسائل الماضى على الحاضر، لأن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص.
■ ما تعليقك على إسناد فرنسا للمملكة المغربية مهام تدريب الأئمة، وهل فى ذلك إشارة إلى تراجع دور الأزهر؟
- فرنسا تعوّل كثيرًا على المؤسسات الدينية فى مصر، وكان لنا شرف لقاء وزير الداخلية السابق ورئيس الوزراء الحالى وقدمنا له ألف فتوى، لكن هناك وعيا جغرافيا من قبل المسئولين لطبيعة السكان الذين أتى أغلبهم من دول المغرب العربى وهو ليس تقليلا للأزهر الشريف ودوره.
■ ماذا الذى قدمته دار الإفتاء بعد اختيارها مرجعية للفتوى بالبرلمان الأوروبي؟
- منذ اعتماد دار الإفتاء لدى البرلمان الأوروبى، قدمت ألف فتوى مترجمة إلى ٥ لغات أوروبية كى تكون نواة ودعوة لاستقرار المجتمعات والإسلام الصحيح الذى يتم تشويهه فى الإعلام الغربى، والأسبوع الجارى سيشهد حضورى احتفالية البرلمان، ومناقشة إستراتيجية جديدة للتعامل مع الفتاوى المغلوطة وتدريب الكوادر القادرة على مواجهة التشدد والتطرف.
■ كثر الحديث عن الطلاق، كيف نعالجها كظاهرة بعيدًا عن الحكم الشرعي؟
- لاشك أن قضية الطلاق معقدة ونحن فى دار الإفتاء نرى ضرورة أن تتكاتف الجهود بين المؤسسة الدينية وغيرها من الجهات الأخرى، فعلاجها الوحيد يتطلب العمل على وضع حلول متكاملة تتضمن شقيه الوقائى والعلاجى، ونحن فى دار الإفتاء ترِدنا ٣٢٧٧ حالة طلاق يوميا لا يقع منها سوى ٣ حالات، لذا فإننا نركز فى تعاملنا مع المسألة على جوانب متعددة منها دورات للمقبلين على الزواج، ومنها توعية الأسر، حيث تعقد الدورة الخامسة فى هذا الشهر، وكذلك أنشأت الدار لجنة لفض المنازعات التى من ضمنها المنازعات الأسرية التى تتسبب فى حدوث الطلاق، كما أننا نرحب بأى اقتراحات لأن يكون للدار دور فى هذه المسألة الخطيرة، ولكننا نحقق فى الأمر، لأنه ليس كل ما يُقال مثل جملة «عليا الطلاق» يكون طلاقًا، وبعد التحقيق الدقيق يتضح لنا أنَّ ٣ حالات فقط من تقع فيها الطلاق 
■ كيف ينظر مسئولو الدار إلى مواقع التواصل الاجتماعي؟ وهل شكلت لكم تحديات؟
- مواقع التواصل الاجتماعى منصة ووسيلة مهمة، واستطعنا من خلالها تقديم رؤى تتطور شيئا فشيئا، حيث بدأت الدار بإطلاق صفحات متخصصة لها باللغات المختلفة للتواصل مع مسلمى العالم وغير المسلمين من أجل بيان صحيح الصورة الإسلامية ومواجهة الأفكار المتشددة، وتطور الأمر إلى وضع الفتاوى فى كبسولات صغيرة لا تزيد علي ٣ دقائق كى لا يصاب المتلقى بالملل أو التعقيد، إضافة إلى الفيديو المصور المجيب عن أسئلة المشتركين فيه.
أما بالنسبة للتحديات، فهو عالم افتراضى أوجدته ثورة عالم الاتصالات والتكنولوجيا، وخلق العديد من الثقافات والنزاعات التى تهدد استقرار المجتمعات كانتشار المصطلحات العنصرية غير المرغوب فيها، ويجب أن نستخدم وسائل التواصل الاجتماعى بطريقة فاعلة فنحن نتقن أدواتها، ولذلك حرصنا على تدريب القائمين عليها على أحدث الوسائل الفاعلة لزيادة التفاعل وطوَّرنا من المحتوى، فبدلًا من الفتوى الطويلة التى قد تستغرق ٤ أو ٥ صفحات جعلناها فى سطر أو سطرين، لأن هذه الرسائل القصيرة المقتضبة هى التى تُقرأ بشكل سريع لدى شريحة الشباب وأيضًا طوَّرنا من الأداء أكثر وأصبح لدينا فتاوى مصورة تبث «مباشر» وهى تستغرق دقيقة أو دقيقتين على الأكثر لإيضاح المفاهيم الفقهية والأحكام الشرعية حتى لا تطول المدة خاصة أن الملل ينتشر بين الشباب.
■ هل حديث الرئيس «السيسى» المتكرر إعلاميا للمؤسسات الدينية يعد لومًا؟
- بالطبع الأمر ليس لوما، فالرئيس «السيسى» يذكر فقط، وقد سبق له الإشادة بالمؤسسات الدينية، وأعلن عن محبته وتقديره لشيخ الأزهر، ونظرًا للمرحلة الصعبة التى نعيشها فإن الرئيس يذكر بالقضايا الملحة من أجل سرعة إنجازها، وحديثه دائمًا إن كان عن اللوم فهو من باب التذكير عملا بقوله تعالى «فذكّر إن الذكرى تنفع المؤمنين»، فالرئيس يكن الاحترام للمؤسسة الدينية ويشيد بها، ومؤخرا أراد إيصال الأمر للمتخصصين وهو شيء محمود ولا أعتبره لومًا بل هو تحمل للمسئولية، لأنه يدرك جيدًا مجموعة التحديات التى نواجهها، وهو يحترم الجميع، فنحن فى زمن صعب مليء بالتحديات وما زلنا نتعافى، ونتشافى من تلك المرحلة الصعبة. 
■ أئمة الأوقاف، هل لهم الحق فى إعطاء الفتوى؟
- ليس لهم الحق فى إعطاء الفتوى، فالقضية ليست بالشكل العام، والفتوى تشمل كل من تخرج من الكليات الشرعية بالأزهر، وتتطلب توافر عناصر ثلاثة هى، العلم الشرعى بأن يكون المفتى أو الذى يتصدى للفتوى خريج كلية من الكليات الشرعية من الأزهر الشريف، والمقياس الثانى يكمن فى التدريب، فالفتوى صنعة وليس علمًا فقط، فلا بد أن يتدرب على صناعة ما اصطلح عليه، فمثلًا لدينا فى الدار مركز لتدريب الأشخاص على كيفية صناعة أو إصدار الفتوى وهى مسألة مؤقتة تحتاج إلى مهارات لا بد أنْ يمتلكها الشخص، والأمر الثالث هو أن يملك مجموعة من المهارات فى وصل العلم الشرعى بالواقع المعيشى وهذا يحتاج إلى ضبط ومهارة شديدة الإتقان، لأنه قد يُفتى بشيء ولكن يتغير الحكم حسب الواقع المعيشى، وفق تطورات الطب والهندسة وغيرها التى تغير الفتوى، فمن يتوفر فيه هذه المعايير يصلح أن يتصدى للفتوى ومن يتوفر فيه العلم الشرعى فقط فهو يحتاج إلى تدريب أولًا».