بالرغم من قرار محافظ الأقصر، منذ توليه منصبه بمنع فتح عيادات الأطباء الخاصة قبل الساعة الثالثة عصراً لضمان تواجد الأطباء في مواقعهم الوظيفية إلا أن هذا القرار ذهب أدراج الرياح ولم يلتزم به أحد من الأطباء سوى القليل منهم في حين يقوم الكثير من الأطباء بالتهرب من مستشفياتهم للذهاب إلى عياداتهم الخاصة.
وشأنها شأن كل السلع فقد زادت أسعار الكشف الأطباء في العيادات الخاصة خلال الفترة الأخيرة مما شكل عبئا جديدا على المواطن حيث تتراوح أسعار الكشف في بعض العيادات الخاصة بالأقصر ما بين 50 إلى 130 جنيه، الأمر الذي يعد "انتحارا" بالنسبة للمواطنين محدودي الدخل والفقراء منهم.
بداية روت نهلة القاضي مرشدة سياحية، واقعة في ذلك السياق، قائلة "معانا سائق سياحة عمل حادثه على طريق الأقصر أسوان ودخل "مستشفى الأقصر الدولي" مصاب بكسور في الزراع والقدم وكسر مضاعف في الترقوة والأطباء أكدوا له إنه محتاج شرائح قالهم "طيب إيه عالجوني" ردوا قائلين "لا للأسف مينفعش إنت لازم تنتظر الدور في العمليات بعد 5 أيام أصل دا جدول والأطباء ماشيين عليه والدكتور اللي حالتك معاه هيشتغل حسب الجدول يوم الخميس "، قالهم "يعنى أنا أفضل مرمى كده بموت من الألم، قالوله هو ده نظام المستشفى ولو مستعجل كلم الدكتور اللي معاه حالتك يعملهالك خاص في عيادته جنب المستشفى بس هتدفع 6 آلاف جنيه ووافق السائق بالفعل لإنقاذ حالته "وناشدت نهلة محافظ الأقصر ووزير الصحة ونقابة الأطباء بالتدخل لإنقاذ المواطنين مما أسمته بـ "بيزنس الأطباء".
وهناك أمام مستشفى إسنا المركزي حيث يتواجد عدد كبير من عيادات الأطباء الخاصة، حيث تقول سمية بكري، مدرسة، "مرضت يوما وذهبت للمستشفى لأخذ العلاج المناسب أملا في الشفاء ولكن لم أجد الطبيب المختص وعندما سألت عنه وجدت أنه متواجدا في عيادته خارج المستشفى وهنا أصبح لدي يقين أني لو ذهبت إلى العيادة الخاصة للطبيب سيكون اهتمامه أفضل، ولكن أنا ربما يكون لدي مال للذهاب إلى تلك العيادات ولكنها هناك أشخاص لا يملكون فائضا من المال لينفقوا على أسعار الكشف في العيادات الخاصة".
وقال عبد الراضي أحمد، موظف، أن الأطباء في المستشفيات الحكومية لا يهتمون بالمرضى لأنهم يكشفون على أكثر من مريض في اليوم الواحد، وبالتالي لا يوجد أمامه سوى أن يكشف عليهم بسرعة جدا، حتى أن المريض لا يستطيع أن يخبره بما تشعر به من ألم أو مرض بشكل كاف مضيفا "أن عدم توافر أبسط أساليب الرعاية داخل المستشفيات الحكومية يدفع المواطنين إلى شراء صحتهم والتوجه إلى أقرب عيادة خاصة والتي عادة تكون موجودة أمام المستشفيات ولافتتها منورة حتى لا يتوه المريض عنهم" – بحسب وصفه -.
فيما وجه إبراهيم جابر، رسالة إلى الأطباء قائلاً: "ارحمونا يرحمكم الله"، مشيرا إلى أنه يضطر للذهاب إلى الأطباء في العيادات الخاصة للكشف على أطفاله لأنهم يهتمون أكثر ويكون لديهم وقت أكثر للكشف والفحص، إلا أنه لا يستطيع في بعض الأحيان الذهاب إلى عيادة خاصة فيضطر للذهاب لمستشفى حكومي حيث يعاني هناك الأمرين لأن الأطباء يستغلون المرضى أسوأ استغلال، مؤكدا أن جشع الأطباء يدفع بعض المرضى لإهمال صحتهم وعدم الذهاب للطبيب.
فيما طالب أحد الأطباء – فضل عدم ذكر اسمه -، إنه يجب على نقابة الأطباء التدخل لحل هذه الأزمة عن طريق وضع حد أقصى لأسعار الكشف في العيادات الخاصة، وأن يعمل الطبيب في جهة واحدة بشرط أن يكون أجره كافيا، بحيث لا يفكر في العمل بمكان آخر وطرح قانون يحظر على الأطباء ازدواجية العمل، أي أنه لا يحق للطبيب الذي يعمل في مستشفى حكومي أن يفتح عيادة خاصة به مع تعويضهم ماديًا مثلما يجرى من القضاة الذين يتقاضون مرتبات تغنيهم عن عمل آخر لتحقيق الشفافية والعدالة.
وشدد الطبيب، على أنه يجب الوقوف ضد هذه الشريحة من الأطباء التي تغالي في أسعار الكشف وتستنزف المريض لأنهم يسيئون لسمعة باقي الأطباء مؤكدا أن تدهور المنظومة الصحية في مصر تسبب في إهدار حق المريض في الرعاية وبالتالي يضطره للذهاب إلى العيادات الخاصة مطالبا بضرورة تفعيل قانون النقابة الذي تنص المادة 23 منه على أنه "يجب على الطبيب عدم المغالاة في تقدير أتعابه، وأن يقدر حالة المريض المالية والاجتماعية، وأن يلتزم بالأدوية الضرورية مع مراعاة أن تكون الأولوية للدواء الوطني والأقل سعرًا بشرط الفاعلية والأمان، وأن يقتصر على طلب التحاليل المعملية أو وسائل التشخيص الضرورية".
وفي سياق متصل، كان محمد بدر محافظ الأقصر قد قرر في وقت سابق منع فتح عيادات الأطباء الخاصة قبل الساعة الثالثة عصراً لضمان تواجد الأطباء في مواقعهم الوظيفية واستثنى من ذلك القرار الأطباء البالغين سن التقاعد ، والحاصلين على أجازة بدون راتب وغير المدرجين ضمن طاقم وزارة الصحة بالمحافظة وهو الأمر الذي لاقى رفضا كبيرا وقتها.
كما قرر المحافظ تشكيل لجنة تكون مهمتها المرور الميداني بصفة دورية ومنتظمة على المنشآت الطبية الحكومية لمراعاة التزام الفريق الطبي بمواعيد العمل الرسمية أو أثناء النوبتجيات المكلفين بها ومتابعة الأطباء العاملين بالقطاع الحكومي بالمحافظة والتأكيد علي عدم تواجد الأطباء بعياداتهم أثناء فترات العمل الرسمية وإعداد كشف بالأطباء المخالفين لقرار محافظ الأقصر بعدم فتح الأطباء لعياداتهم الخاصة أثناء وقت العمل الرسمي بالمنشآت الطبية الحكومية واتخاذ الإجراءات اللازمة ضدهم.
وفي المقابل، دشن عدد من أطباء محافظة الأقصر حملة تحت شعار "هنعالج مرضانا" بهدف توفير الفحوصات الطبية للمرضي بالعيادات الخارجية بأسعار رمزية تصل إلى 35 جنيها، وذلك بالتزامن مع قيام بعض الأطباء برفع تكلفة الفحوصات الطبية لديهم، ما يمثل أعباء على المرضى.
وقالت الدكتورة رويدا عبدالعال، مؤسسة الحملة: إن الحملة تهدف لمساعدة المرضى من محدودي الدخل الذين باتوا يعانون أشد المعاناة من ارتفاع الأسعار لاسيما أسعار الأدوية، مناشدة جميع أطباء المحافظة بالمساهمة في الحملة والانخراط بها ومراعاة أحوال المرضى وظروفهم الاقتصادية، حيث تضم الحملة 3 أطباء حتى الآن.
وأضافت رويدا أن الحملة تقوم على توفير الفحص الطبي المدعم من جانب عدد من الأطباء، وكذلك توفير الأدوية من خلال الصيادلة المشاركين بالحملة والذين تطوعوا بالتبرع بأرباح البيع، مشيرة إلى أن الفحص المدعم يتم من خلال توفير أحدث الأجهزة الطبية المتوافرة حاليا، وعلى درجة كبيرة من العناية والاهتمام من جانب الأطباء.
