الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

دوائر الراحة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
الشعور بالأمان أمر نسبى، فهو يختلف من شخص لآخر، تتداخل فيه عوامل كثيرة كالتعود والثقافة والعادات والتقاليد، وما ننشأ عليه.
كثير منا يضع نفسه داخل دائرة يرتاح لوجوده بها، تشعره بالراحة والاطمئنان، ولكنها فى واقع الأمر تضعفه ولا تزيد من نموه داخل مجتمع فى أشد الحاجة لأناس يرغبون فى تكسير حواجز ثقافة مغلوطة، ويبحثون عن تطور ونمو وازدهار، فلن تزدهر الأمة إلا بازدهار أفرادها.
نجد أن نوعًا من أنواع الإدمان للأشياء أن نعود أنفسنا على شيء، ويكون الخوف من التغيير حاجزا لنا يمنعنا أن نجرب أشياء أخرى، فلو كنا متعودين على مطعم ما نحب أن نأكل فيه، نجد أن الكثير يخافون أن يجربوا مطعمًا آخر، وأنهم داخل دائرة الراحة والتعود لذلك المطعم، ويمتد التعود لوجبة معينة داخل ذلك المطعم، فلا يجرؤ الكثير لتغيير تلك الوجبة حتى لا يغامروا فى ذلك الشيء الصغير، فما بالك بباقى شئون الحياة؟
وتمتد دوائر الخوف لتصيبنا فى تغيرات تحدث حولنا، ولمجرد الخوف من أن تصيبنا نستعد لمحاربتها ونأخذ أوضاع المدافعين عما نعرفه، ونغلق العقول لتلقى ما هو جديد، ومن هنا تمت عملية غزونا من مجتمعات أخرى، فقد بادروا وحطموا أوثان التعود، واستطاعوا أن يقودوا العالم للتغيير، وكنا نحن التروس التى يجربون بها، والشعوب التى تستهلك ما يصدرون لنا داخل دوائر الراحة الخاصة بنا، وهذا ليس لتفوقهم علينا ولكن لتمسكنا بما قد شاخ وهرم.
مجموعة من العلماء وضعوا ٥ قرود فى قفص واحد، وفى وسط القفص يوجد سلم، وفى أعلى السلم هناك بعض الموز.
فى كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز، يلقى العلماء على باقى القرود ماء باردا.
بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يتسلق السلم لأخذ الموز يقوم الباقون بمنعه وضربه حتى يبتعدوا عن الماء البارد الذى يلقى عليهم.
بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أى قرد على صعود السلم لأخذ الموز، على الرغم من كل الإغراءات، خوفا من الماء.
بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة، ليضعوا مكانه قردًا جديدا.
فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز.
ولكن فورا الأربعة الباقون يضربونه ويجبرونه على النزول.
بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه ألا يصعد السلم مع أنه لا يدرى ما السبب.
قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد.
وحل به ما حل بالقرد البديل الأول. حتى إن القرد البديل الأول شارك زملاءه بالضرب، وهو لا يدرى لماذا يضرب.
وهكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة، حتى صار فى القفص خمسة قرود لم تعرف شيئا عن الماء البارد أبدا الذى كان يلقى على أقرانها.
ومع ذلك يضربون أى قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب.
لو فرضنا..
وسألنا القرود لماذا يضربون القرد الذى يصعد السلم؟
أكيد سيكون الجواب: لا ندرى، ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا له ضاربين.
كثير من العادات والتقاليد نمارسها فى حياتنا اليومية، ولا نعلم سببها أو ما صحتها، فبالتالى لدينا كثير من الأخطاء فى حياتنا بسبب عادات وتقاليد ورثناها عبر الأجيال.