السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

بروفايل

فريد أبوسعدة.. قصيدة عَصِيّة على الحزن

فريد أبوسعدة
فريد أبوسعدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
صاحب قدرة مدهشة على التأمل، فبإمكانه أن يغرق فى لحظة عابرة ليخلق منها عالمًا بكامله، ومن يتتبع مسيرة طفولته التى ذهب معظمها للرسم، سيعرف أننا نتعامل مع روح فنان، يعترف أنه يحب الدهشة.. يقول فى أحد حواراته: دائمًا كنت فى صباى ما أهوى تأمل السحب وتحولاتها المدهشة، كيف تنحل سحابة لها شكل شيخ جليل وتأخذ شيئًا فشيئًا شكل حصان جامح ما يلبث أن يتحول إلى قافلة من الجمال». إنه الشاعر الكبير فريد أبوسعدة.
يميز أبوسعدة وجه طفولى يطل علينا بفرحة وابتسامة لا تفارقه.. يحبه أصدقاؤه كقديس هارب من زحمة الحياة وكآبتها، لذا طول الوقت يحفظ المسافة جيدًا بين الاستمتاع بالحياة وبين مزاج الشاعر.. لا يترك لمزاجه المتعكر أن يطغى على حياته اليومية فيتركه فى البؤس، بل يهذبه قدر الإمكان ليستمتع بحياته، لذا يستقبله أصدقاؤه بفرحة طاغية، وربما يحسدونه على هذا التفاؤل الذى يميز شخصيته التواقة للحرية والتجريب، يرقص مثل الفراشة فى الشعر ويجدد ألوانه دائمًا؛ لأنه يكره أن يموت شعره بالاستغراق فى تجربة واحدة.
يعلمنا شاعر «المحبة» كيف ننسل للتجارب بكامل قوتنا، وعند الخسارة نضحك بكل قوتنا، ولهذا لن تجد من يكره «أبوسعدة»، فالأعداء إن وجدوا ينهزمون تحت طيبته وعفويته الأخاذة، فالجميع ملتف حوله، ينظر بعينين لامعتين لكلماته المنطلقة ووجهه الباسم فى مرح ورشاقة، ولا سيما خلال سهراته وجلساته الودودة مع الأصدقاء.
جرب القصيدة العمودية ثم سرعان ما انقلب عليها، ليذهب بشغف إلى قصيدة التفعيلة، ثم يرتمى أخيرًا فى أحضان قصيدة النثر، ويدافع عنها بشراسة فى مواجهة من يقلل من إدراكها، وهو يؤكد أن كلًا من الفيلسوف والفلاح يفهمها.
فى تجاربه المتعدة فى الشعر كان يرقص مثل فراشة مميزة تكره أن تسقط فى الغرور الشعرى ولا تلتفت للموسيقى، جعل من قصيدة النثر سيمفونية متفردة قائمة بذاتها، وهو يؤكد أنه دائمًا ما يتمرد على الجمود ليتحرر باللغة. منذ ديوانه الأول «السفر إلى منابت الأنهار»، سنعرف أننا أمام موسيقار يعرف جيدا كيف يؤجج ذائقة جمهوره، ثم يتبعه بديوانه الثانى «طائر الكحول» لتهيمن بعد ذلك عليه اللغة الصوفية فى ديوانه الثالث «ذاكرة الوعل».
يرى أبوسعدة أن مهمة الشعر هى التخلص من الوجع بالكتابة، فلا شعر خرج ولا يخرج من رحم السعادة والعيش الهنيء، بل بالألم يخلق الشعراء، وعندما يتحدث عن الثورة يرى أنه وجيله يبدون فى برامج التوك شو حكماء أكثر مما يجب، وأن عليهم الاعتراف أن الشباب هم من قاموا بالثورة رغم أنه تنبأ بها فى ديوانه «وردة القيظ».