الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

آراء حرة

30 يونيو.. سنة من عمر مصر

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
توقفنا فى المقال السابق عند دعوة المجلس الأعلى للقوات المسلحة جميع الأطراف إلى جلسة حوار وطنى للخروج من الأزمة التى أعقبت صدور الإعلان الدستورى المشئوم فى نوفمبر ٢٠١٢، والتى جعلتنا على مشارف حرب أهلية، ولم يكن للجيش أن يصمت طويلًا حيال ما يحدث، فمهمته الأساسية هى الحفاظ على أمن مصر وشعبها، ولذا صدرت الدعوة التى صاغ بيانها الفريق أول عبدالفتاح السيسى بنفسه، والذى جاء فيه «تتابع القوات المسلحة بمزيد من الأسى والقلق تطورات الموقف الحالى، وما آلت إليه من انقسامات وما نتج عن ذلك من أحداث مؤسفة كان من نتيجتها ضحايا ومصابون بما ينذر بمخاطر شديدة مع استمرار مثل هذه الانقسامات التى تهدد أركان الدولة المصرية وتعصف بأمنها القومى، وتؤكد القوات المسلحة أن منهج الحوار هو الأسلوب الأمثل والوحيد للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن، وإن عكس ذلك سيدخلنا فى نفق مظلم نتائجه كارثية، وهو أمر لن تسمح القوات المسلحة المصرية به. وتحذر القوات المسلحة من أن عدم الوصول إلى توافق واستمرار الصراع الجارى لن يكون فى صالح أي من الأطراف وسيدفع ثمن ذلك الوطن بأكمله». وفى نهاية البيان دعت القوات المسلحة إلى عقد اجتماع عاجل بحضور جميع الأطراف، للنقاش فى إطار الأسرة المصرية الواحدة.. ولا شك أن هذا البيان سبب انزعاجًا شديدًا لمرسى وجماعته، وقد ظهر ذلك جليًا فى مكالمة هاتفية أجراها مرسى مع وزير الدفاع، والذى أبدى فيها رفضه تدخل القوات المسلحة فى الشئون السياسية، لكن السيسى أقنع مرسى بأن هذا ليس تدخلًا بقدر ما هو محاولة للخروج من المأزق والوصول إلى صيغة توافقية بين جميع الأطراف، وذلك بحضور رئيس الجمهورية نفسه لمائدة غداء يستمع فيها لوجهات النظر المختلفة لينهى حالة العنف التى تسود البلاد، واقتنع مرسى بما طرحه الفريق أول عبدالفتاح السيسى وطلب من مساعديه سرعة توجيه الإعلام بأن البيان الذى صدر عن القوات المسلحة قد جاء بتنسيق مع مؤسسة الرئاسة، وأنها سترعى هذا الاجتماع الوطنى، وبالفعل قام ياسر على بإبلاغ وسائل الإعلام بهذا، وقامت إدارة المراسم بتوجيه الدعوة إلى قادة وأعضاء جبهة الإنقاذ الوطنى، وإلى عدد من قادة جماعة الإخوان، وفى مساء نفس اليوم اجتمع مكتب الإرشاد برئاسة محمد بديع المرشد العام للجماعة، والذى ردد كلامًا أعاده على الملأ فى مؤتمر عقده فى ٢٠ ديسمبر ٢٠١٢ حيث قال بالحرف الواحد «إن جنود مصر طيعون، لكنهم يحتاجون إلى قيادة رشيدة توعيهم بعد أن تولى أمرهم قيادات فاسدة»، وانتهى اجتماع مكتب الإرشاد إلى ضرورة إلغاء هذه الدعوة، لأن نجاحها يعنى أن الجيش هو الذى أخرج البلاد من الأزمة، مما قد يسبب تقاربًا بين الشعب وقادة هذا الجيش، كما أنه من الضرورى إقصاء الجيش عن أى دور سياسى، والموافقة على هذا المؤتمر معناها فتح الباب للجيش لكى يدخل منه للحياة السياسية، وقام بديع بالاتصال الهاتفى بمرسى وأبلغه بما آل إليه اجتماع مكتب الإرشاد، وفى صباح اليوم التالى فوجئ الفريق أول عبدالفتاح السيسى باتصال من مكتب الرئيس، لإبلاغه بأن الدكتور مرسى قد عدل عن قراره بالمشاركة فى هذا الاجتماع، وأنه يرى أن خطورة فشله أهم من تداعيات نجاحه، ولذا فهو يوصى بإلغاء هذا الاجتماع، ويبدو أن مرسى قد تجنب إبلاغ السيسى هذا القرار مباشرة، فطلب من أحمد عبدالعاطى أن يتولى هو الاتصال بمكتب الوزير لإبلاغه، وبينما كان أعضاء جبهة الإنقاذ يستعدون للتحرك نحو فندق الماسة وهو المكان الذى حدد لإقامة الاجتماع فى الثانية ظهرًا، إذ بإدارة المراسم تبلغهم هاتفيًا بإلغاء الاجتماع بناء على طلب الرئيس، أما الإعلام فكانت أخباره متضاربة، فثمة من صرح بأن الدعوة قائمة وأن المدعوين فى الطريق وثمة من قال بأن الدعوة قد تم إرجاء موعدها، وسوف تعقد فيما بعد داخل مؤسسة الرئاسة، وفى الواحدة ظهرًا اجتمع القائد العام بقادة الجيش لبحث ومناقشة الموقف، ورأى السيسى خلال هذا الاجتماع عدم تصعيد الموقف، فرسالة الجيش وصلت لكل الأطراف، وبلا شك فإن مرسى قد تداركها وسوف يدفعه الانزعاج من هذه الرسالة إلى إطفاء النيران المشتعلة فى البلاد، وهذا هو هدف القوات المسلحة، فهى لا ترغب ولا تطمع فى لعب أى دور سياسى، بعدما أدارت شئون البلاد قرابة عام ونصف العام قبل أن تسلمها طواعية إلى رئيس تم انتخابه فى ظل وجودها فى الحكم ولم تتدخل بالتزوير أو التدليس لصالح أحد المرشحين، علمًا بأن واحدًا من أبنائها كان مرشحًا، ولكنها وقفت على الحياد، وكانت تريد الابتعاد عن المشهد السياسى بأسرع وقت، والآن هى تقف أمام رئيس لا تنبع قراراته من عقله، ويتراجع دائمًا عما يتم الاتفاق عليه بمجرد عودته إلى مكتب الإرشاد، والذى عقد مرشده مؤتمرًا أهان فيه الجيش كما ذكرنا فقام وزير الدفاع بإبلاغ الرئيس رفض القوات المسلحة تصريحات المرشد العام وطالبه بالاعتذار العلنى والفورى، وهو ما اضطر أن يفعله مرسى بنفسه فى حديث تليفزيونى أشاد فيه بالقوات المسلحة وقادتها وقال إنه لن يسمح بإهانة الجيش أو قادته، وأما الأزمة التى أحدثها الإعلان الدستورى، فظلت قائمة وازدادت بأحداث بورسعيد والتى نشبت عقب صدور الحكم بإعدام أكثر من عشرين متهمًا فى قضية استاد بورسعيد.. وللحديث بقية.