السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي
رئيس مجلسي الإدارة والتحرير
عبدالرحيم علي

تقارير وتحقيقات

لقمة العيش المُر.. وجع تحت جلد عمال المحاجر.. أجور ضعيفة وتأمينات صحية ضائعة.. عامل: نعيش خارج الحسبة الحكومية.. وكبير عمال: "نغرق في الاكتئاب لتجاهلنا"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news
العمل في محجر يساوي القتل البطيء للعامل البسيط الذي لا يجد قوت يومه إلا بتسليم نفسه "حيا" لأقرب محجر مقابل 70 جنيها "يومية"، في محاجر المنيا الموت قريب جدا من أكثر ألف عامل قرروا العمل في تكسير الحجارة والموت خنقا في سبيل لقمة عيش مُرة دون النظر للأبعاد والنتائج الصحية والمضاعفات الصحية بعد كل يوم عمل شاق ومضنٍ وسط أتربة ومخلفات تكسير هالكة. 
خمسة فجرا توقيت الساعة يوميا للحركة واتجاه العمال إلى تكسير الحجارة بالمحاجر المنتشرة بالمحافظة، يستقلون سيارات نصف نقل تحمل كل سيارة أكثر من 20 عاملًا في صندوقها الخلفى، معرضين لحرارة الشمس صيفًا وشدة البرد شتاءً بدون غطاء يقيهم، لتقطع السيارة من 15 إلى 45 كيلو، في طرق غير مرصوفة وغير ممهدة للسير عليها.
المحافظة تحصل شهريًا من تلك المحاجر "1500 محجر" على نحو 12 مليون جنيه، لصالح صندوق الخدمات، دون أن يستفيد العامل منها في أي خدمات صحية ولا اجتماعية.

محمد سيد، عامل في أحد المحاجر، يؤكد أن حياتهم بائسة بشكل كبير لما يتعرضون له من هول وشدة ومتاعب العمل، فلا يوجد كمامات توضع على أنف العامل لحمايته، من الأتربة المتصاعدة، من المحجر نتيجة شق الصخر، واستخراج الطوب الأبيض منه، كما لا يوجد أي أوقية توضع على أذن العامل، لأن صوت الماكينات الصادر منها عال، جدا ما يعرضهم للصمم المهني المزمن وفقد السمع.
وأضاف سيد أن العامل يرتدى جلابية أثناء عمله، وأقل إصابة له هي بتر قدم أو ذراع بكل سهولة من الماكينات "الكسارة" التي يعملون بها لشق الصخر، لافتًا إلى أنهم يعملون بدون أي وسائل أمان تحميهم من مشقة هذه المهنة.
و قال سيد عبد التواب، أحد العاملين بالمحاجر، إن العمال غير مؤمن عليهم اجتماعيًا وصحيًا، ولا يوجد تفتيش على المحاجر من قبل التأمينات ولا مكتب العمل ولا المحافظة، لتوفير وسائل الأمان وجلب حقوق العمال، ما أدى لضياع حقوق العمال، ومن يبتر يده أو ذراعه أو يموت لا يجد أي حقوق، ويعيش بقية حياته عالة على المجتمع، ويضطر بإخراج أبنائه من التعليم ليعملوا وينفقوا على أسرته.
وأشار عبدالتواب إلى أن "الكسارة" بها منشار "أمواس" لتقوم بقطع الصخور بالمحجر لتنتج بلوكات الطوب الأبيض، ويتصاعد منها غبار "بودرة" بيضاء بكم كثيف في هواء المحجر تملأ المنطقة المحيطة بالعمال، الأمر الذي يعرضهم للإصابة بالالتهاب الرئوي، مؤكدًا أن شبكة الكهرباء التي تشغل الماكينات موضوعة على الأرض، وعارية في الهواء الطلق، تخرج منها كابلات توصل بكل "كسارة" وإذا حدث تلامس بين هذه الشبكة أو الكابلات المكشوفة، وأي عامل سيموت في الحال دون ن يتم إسعافه لشدة الكهرباء الخارجة منها وقوتها.
كلام عبد الرحمن، أحد عمال المحاجر لا يختلف كثيرًا عن زملائه، بدأ الحديث مغلوبا على أمره قائلًا: "أكل عيشنا ومفيش غيرها هنأكل عيالنا منين؟"، لافتًا إلى أنه أصيب عدة مرات بإصابات في قدمه ويديه من الأمواس الموجودة في الكسارة أثناء قطع الصخر.
وقال عبدالرحمن: "خدت 25 غرزة في رجلي ومفيش شغل غيرها"، مؤكدًا أن المحاجر يعمل بها أكثر من ثلاثة آلاف طفل يقومون بتحميل الطوب على السيارات النقل ونصف نقل، وأن العامل يتقاضى يومية في حدود من 50 إلى 80 جنيها يوميًا.

وأكد سمير طوسة، نائب رئيس نقابة العاملين بالمحاجر بالمنيا، أنه لديه العديد من المشاكل أبرزها الأمراض المزمنة، التي يعانى منها العمال وعدم وجود تأمين اجتماعى وتأمين صحى على العمال، إضافة إلى وجود صدام دائم ما بين الحكومة وأصحاب المحاجر على تفعيل قانون الثروة التعدينية، والذي يتطلب مبلغا عاليا للإيجار من أصحاب المحاجر، ما يؤدى إلى قيام أصحاب المحاجر كل فترة بإيقاف الشغل بالمحاجر والمصانع يعقبها تشريد العاملين بها، لأنهم يعملون باليومية.
وطالب طوسة بحوار بين الحكومة وجمعية أصحاب المحاجر لتشغيل المصانع حتى يعود العمال إلى عملهم، لافتًا إلى أن هناك تهميشا للعمال بشكل واضح فهم غير مؤمن عليهم اجتماعيا ولا صحيًا، فالعامل الذي يصاب أو يتوفى ليس له أي حقوق أو معاش حتى ينفق على أبنائه، وعلل سبب عدم التأمين الاجتماعي على العمال، أن التأمينات الاجتماعية، تضع شرطًا للتأمين أنه لابد أن يعمل العمال في مصنع محدد بأربع جدران بمعنى أن يكونوا داخل منشأة لها جدران، وأبواب.
وأشار نائب رئيس نقابة العاملين بالمحاجر بالمنيا إلى أن العمال يعملون في الجبل وفى الهواء الطلق، وهم عمالة غير منتظمة متنقلة من مصنع إلى آخر، مطالبًا التأمينات أن تستجيب وتؤمن على العمال وتجبر أصحاب المحاجر والمصنع على التأمين عليهم، مؤكدًا أن عدد المحاجر والمصانع يتخطى 1500 مصنع بجبل المنيا، وعدد العاملين 45 ألف عامل من المنيا ومحافظات أخرى.
وأكد طوسة أنه لا يوجد سيارات إسعاف دوارة في مناطق العمل، كما لا يوجد وحدة إسعاف في مناطق قريبة، من المصانع، مضيفًا أن المحافظة تحصل من المحاجر شهريًا مبالغ تصل لأكثر من 90 مليون جنيه، في العام وهى عبارة عن حق انتفاع لكل المصانع الموجودة، ومن الكارتة على كل ألف طوبة 35 جنيهًا، وكل مصنع ينتج 30 ألف طوبة في اليوم على الأقل.
وأضاف نائب رئيس نقابة العاملين بالمحاجر بالمنيا أن صاحب المصنع ينقل العمال من القرى في سيارة نصف نقل، وعندما يصاب عامل في مصنع أو محجر لا يجد أي خدمة صحية في محافظة المنيا، ولكن ينقلونه إلى مستشفى الجامعة في محافظة أسيوط والعامل ينزف، وعندما نذهب لمستشفيات المنيا سواء العام أو الجامعي تقوم بتحويلنا إلى مستشفى أسيوط الجامعي مؤكدين أن الإمكانيات لا تسمح.